مجلة الرسالة/العدد 446/الأسطول البريطاني

مجلة الرسالة/العدد 446/الأسطول البريطاني

ملاحظات: بتاريخ: 19 - 01 - 1942



للأستاذ عبد اللطيف النشار

تَخَيَلها ولم يرها جرير ... وزان خياله لفظٌ نضيد

فقال كأنه يصف الجواري ... ونبصرهن نحن فما نزيد

(وسُخِّرت الجبالُ وكنَّ خُرساً ... يُقطَّعُ من مناكبها الحديد)

ترى أي السفائن كان يعني ... ألم يطلع على الدنيا جديد؟

وهل شهد القدامى ما شهدنا ... وشق بحارَهم جبل صلود

تمنى شاعر ضخَم الأماني ... فحققت الذرارى ما يريد

وما كنا لنشهد ما نراه ... إذا حُرمت من الشعر الجدود

حياة الحالمين بلا قيود ... فمن أحلامهم كان الجديد

وهل يعني الطوائرَ أم سواها ... جريرٌ والقصيد هو القصيد

يقول وقوله أبداً غريب: ... أما حَدَّث منازعه الحدود؟

(تصَّيدن القلوب بنبل جن ... ونرمي بعضهن فما نصيد)

هل امتدت نُبوءته إلينا ... لعمري إنه نظرٌ بعيد

فقال وليل مصر كما نراه ... وقد شملت إضاءتها القيود

(نظرنا نار جعدةَ هل نراها ... أبُعدٌ غال ضوءك أم همود)

أطلتُ أطلتُ لا أعني جريراً ... وضلَّل منْطقي فكرٌ شرود

أرى الأسطول أم أهرام مصر ... ولكن أم (خفرعه) ولود

أرى الأهرامَ فوق الماء تجري ... لماذا ذلك العدد العديد

وعند ذويه لو شاءوا مزيد ... لعمري إنه شعب سعيد

أرى الأسطول عند جدار داري ... ألا شعرٌ لديَّ؟ ألا نشيد

وأبغضُ ما تكون الحرب عندي ... ولكن كيف عن وطني أذود

أُحب سكينة الراضي بحال ... فهل ترضى عن الراضي الحُقْود

فأفٍ للسكينة حيث كانت ... هي الذلُّ المهين، هي الجمود

على الكأس السلام فقد تولت ... محبتها وقد صدق الوعيد وأنظر لا أرى إلا سفيناً ... وإلا البحر تحميه الأسود

ضراغم من أراهم أم جنود ... وطارفهم أجل أم التليد

وما الماضي بمنسيٍّ ولكن ... مضى الماضي وليس له معيد

ونحن ونبتنا البردي ادري ... بما تعنى المواثق والعهود

سبقنا بالكتابة كل شعب ... ولسنا عن مواثقنا نحيد

وتعجبني الروائع إذ أراها ... وصاحبها هو الخصم اللدود

بلادي ما أعزك يا بلادي ... أمالك عن مسالمة محيد

أمالك مثل ما لهمو سفين ... ولا في الجو أجنحة ترود

أرى الذهب الحبيب إلى أناس ... بغيضاً والحبيبُ هو الحديد

فليت جدودنا كانوا قيوناً ... فيحمي مُلكَنا ركن شديد

فَرِحتُ بقصة وببيت شعر ... ويحميني المحالف والعقيد

وعندي ما أقول وعند غيري ... ولكني سكتُّ فما أزيد

عبد اللطيف النشار