مجلة الرسالة/العدد 451/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 451/البريد الأدبي

مجلة الرسالة - العدد 451
البريد الأدبي
ملاحظات: بتاريخ: 23 - 02 - 1942



إلى الدكتور زكي مبارك

في أي عصر نحن حتى توجه هذه الكلمات المخزية إلى شخص المرأة وهي التي ولدت العباقر وساعدت على قيام الحضارة؟ وكيف تستطيع هذه المرأة التي وصفتها بهذا الوصف ورميتها بهذا الخلق أن تنشئ طفلاً على الكرامة، أو تطبع أمة على الاستقلال؟ ثق يا أستاذ أن الأمم الشرقية ما سهل عليها تحمل الاستعباد والذل الجيل بعد الجيل إلا لأن الزوجات كن مستعبدات مستذلات. وهل تراني في حاجة إلى أن أذكرك بهند أم معاوية التي لم تخضع لزوجها أبي سفيان زعيم مكة وسيد قريش بل رمته بالحصباء وأغلظت له القول وعيرته وطردته حين آتاها يزف إليها البشرى يوم الفتح أن من دخل بيته فهو آمن. هل تجهل أنها أنجبت خير ملوك المسلمين سياسة، وأكيسهم معاملة: معاوية الذي أنشأ دولة وحكم عشرين سنة استطاع بعدها أن يبايع لابنه الفاسق دون أن يعارض معارض؟ حسبي ما ذكرت؛ ولعلك راجع عما كتب

(سوهاج)

(بثينة)

(الرسالة):

جاءنا في هذا الموضوع كلمات أخرى لبعض السيدات الفضليات فيها كثير من القسوة والعنف. وقد لامت إحداهن الرسالة على أن نشرت هذه الكلمة؛ والرسالة التي تسجل ألوان الأدب الحديث لا تؤدي واجبها لتاريخ الأدب إذا مثل هذا الرأي من آراء كاتب معروف

في المجتمع اللغوي

أجتمع مجلس المجمع اللغوي في الأسبوع الماضي، ونظر في. كثير من الأعمال، وكان في مقدمة ما تناوله بالبحث مسألة الأعضاء الشرقيين والمستشرقين، وهل يمكن دعوتهم هذا العام، ليتسنى عقد المؤثر السنوي، فعرض المجلس ما يقوم في سبيل ذلك من العقبات، واستقر رأيه على أن يصرف النظر عن عقد المؤتمر، وأن يحاول المجمع ما أمكن لتوثيق الصلات بينه وبين الأعضاء غير المقيمين بالقطر المصري، كل في مكانه، وذلك باطلاعهم على قرارات المجمع ومصطلحاته وسائر أعماله، والرغبة إليهم أن يوافوا إدارة المجمع بنقداتهم واقتراحاتهم فيما يعود بالفائدة على اللغة العربية، حتى يكون في هذه الصلة بعض العوض عن المؤتمر المتعذر عقده بسبب الظروف الدولية الراهنة

وقد تقرر أن يعقد مجلس المجمع في الثاني والعشرين من فبراير الحاضر ليوالي النظر في الأعمال المطروحة عليه، وفي طليعتها ما أنتجته لجان المجمع المختلفة من المصطلحات في ضروب العلوم والفنون والآداب.

وينتظر أن يفتتح المجلس درسه للمصطلحات بما أتمته اللجنة الطبية من أشتات الكلمات في فروع الطب، وسيتابع المجلس عقد جلساته مرتين في كل شهر.

في مطالعاتي

كثيراً ما يمر القارئ في كتبنا على أغلاط فلا يلقي لها بالاً وهي ذات شأن، ولقد كنت جمعت من ذلك مجموعة ثم أهملتها فما انتفعت بها ولا انتفع الناس، لذلك رأيت أن أبادر بنشر كل ما أعثر عليه من ذلك:

1 - يروى كثيرون هذا البيت المشهور هكذا:

وعدت وكان الخلف منك سجية ... مواعيد عرقوب أخاه (بيثرب)

و (يثرب) هي مدينة الرسول ، ولكن جاء في القاموس في مادة ترب ما نصبه: (ويترب كيمنع موضع قرب اليمامة وهو المراد بقوله: مواعيد عرقوب أخاه بيترب)؛ وإذن فالكلمة بالتاء المثناة لا بالثاء

وفي لسان العرب ج1 ص224 قوله: (ويترب بفتح الراء موضع قرب اليمامة؛ قال الأشجعي (وذكر البيت السابق)؛ ثم قال: هكذا رواه أبو عبيدة (بيترب) وأنكر (يثرب)؛ وقال عرقوب من العماليق: ويترب من بلادهم ولم تسكن العماليق (يثرب)).

والميداني في كتابه (مجمع الأمثال) روى البيت بالتاء وذكر بيتاً آخر بالتاء، وقال يروى: (يعني البيت الأول) (بيثرب)

2 - ذكر الكتاب الكبير المرحوم جورجي زيدان في كتابه (تاريخ آداب العرب) الشاعر عبد الله بن الدَّمَيْنة في الشعراء الجاهليين في غير موضع من كتابه، وعند الترجمة له قال: (وبقي جماعة منهم - بعثي الشعراء الجاهليين - لا يجتمعون في باب وهم كثيرون نكتفي بذكر أشهرهم)

ثم ذكر ابن الدمينة، وهذا الكلام خطأ من وجهتين: الأول أن ابن الدمينة شاعر أموي لا جاهلي؛ والثاني أنه من أكبر شعراء الغزل الرقيق

3 - قال الأستاذ الرافعي في كتابه (تاريخ آداب العرب) عند الكلام على أسواق العرب: (أما عكاظ فهي أعظم أسواقهم اتخذت سوقاً بعد عام الفيل بخمس عشرة سنة (540 للميلاد)) وكنت أظن أن هذا الرقم خطأ مطبعي حتى رجعت إلى دائرة معارف القرن العشرين للأستاذ وجدي فوجدته بنصه

ومعرف أن عام الفيل هو العام الذي ولد فيه النبي ، وهو عام 570 للميلاد، كما في تاريخ الطبري وأبي الفداء وكتاب الكامل لأبن الأثير، وكتاب أخبار الدول وآثار الأول وفي العقد الفريد؛ قالوا: ولد عام الفيل لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول وقال بعضهم لليلتين خلتا منه؛ وقال بعضهم بعد الفيل بثلاثين يوماً؛ فهذا جمع ما اختلفوا في مولده

وهذه العبارة الأخيرة من صاحب العقد خطأ، فإنهم اختلفوا في مولده على أقوال كثيرة

وبعد، فجمهرة الكتب على أن النبي ولد عام الفيل، وعلى أن عكاظ قامت بعد الفيل بخمس عشرة سنة، فتكون أقيمت في سنة 585 للميلاد

علي محمد حسن

حول مقال

كنت كتبت في العدد (438) من (الرسالة) الزهراء كلمة صريحة بعنوان: (بين الأدبين المصري والسوري) وبتوقيع (كاتب لبناني) أنعى فيها على الأدباء السوريين واللبنانيين غرورهم وزهوهم اللذين كانا السبب الأول في اقتصارهم على إنتاج ضئيل هيهات أن يقاس بإنتاج المصريين الغزير

ولم يكن من عجب أن تنبري جريدة (المكشوف) الغراء دفاعاً عن الأدب اللبناني من أن يخدش أو يُمس. فكان أن نشرت المقال لتطلعَ عليه القراء اللبنانيين، ولمُ تُعلق علي الكلمة إلا بقولها:

(على أننا نشك في أن يكون هذا الكاتب لبنانياً على الرغم من توقيعه؛ فإن بعض تعابيره (ك) يقرزم وغيرها لا تمتُ إلى الذوق بصلة، ونلاحظ أن الكمية عنده تفضل القيمة. . .)

وكل ما أملك من قول، هو أنني لن أقسم أنن لبناني، فبحسب (المكشوف) أن ترجع إلى غير عددٍ من أعدادها لترى أسمي الكامل، وبحسبها كذلك أن تعود إلى المقال فتروَّى فيه لتتبين خطأ (ملاحظتها). . .

بيد أن الذي سرني هو أن (المكشوف) الغراء لم ترفع علم النكير في هذه المرة، فقد أيقنت أن الكلمة التي نشرتها لم تعدُ الحقيقة

(بيروت)

سهيل إدريس

إلى الأستاذ ناجي الطنطاوي

كنت أقرأ في كتاب (كشف الحجاب والران، عن وجه أسئلة الجان) للشعراني، حتى وصلت إلى السؤال (56) وهو:

ما أقرب الطرق إلى دخول حضرة الله تعالى؟ فأجاب بما ملخصه أقرب الطرق كثرة ذكر الله تعالى، فلا يزال العبد يذكر ربه، والحجب تتمزق عنه شيئاً بعد شيء؛ حتى يقع (الشهود القلبي) فإذا حصل الشهود، استغنى عن الذكر بمشاهدة المذكور، فلو ذكر العبد ربه في تلك الحضرة، كان غير لائق بالأدب.

إلى أن قال: وقد أنشدوا في حضرة المشهود:

بذكر الله تزداد الذنوب ... وتنكشف الرذائل والغيوب

وترك الذكر أفضل كل شيء ... وشمس الذات ليس لها مغيب

وختم جوابه بقوله: وأنشدوا في ترك الذكر في حضرة الشهود

فترك الذكر أولى بالشهود ... وذكر الله أولي بالوجود

فكن إن شئت في وجد الشهود ... وكن إن شئت في فضل الوجود عند ذلك وضح لي معنى البيتين الأوليين وضوحاً لا يحتاج إلى تبيان، وتذكرت ما دار في مجلتنا المحبوبة (الرسالة) حول هذين البيتين في الأعداد 375، 378، 382 بحالة تغاير ما هو مذكور هنا، اضطرت الأستاذ سعيد جمعة إلى تأويل معناهما. ولو أنه شرحهما بحالتهما الراهنة لما احتاج إلى تأويل وعناء وشرح حال.

هذا ما عن لي أن أذكره وفاء لمجلتنا الرشيدة المحبوبة.

(شطانوف)

محمد منصور خضر

نسبة شعر

في أثناء مطالعاتي ما يختص بالأدب العباسي رأيت الكامل للمبرد (ج2 ص254) يورد هذه القصة: (دخل شبل بن عبد الله مولى بن هاشم على عبد الله بن علي وقد أجلس ثمانين رجلاً من بني أمية على سُمُطِ الطعام فمثل بين يديه فقال:

أصبح الملك ثابت الآساس ... بالبهاليل من بني العباس

طلبوا وتر هاشم فشفوها ... بعد ميْل من الزمان وياس

لا تقيلن عبد شمس عثاراً ... واقطعن كل رَقْلَةِ وعراس

خوفها أظهر التودد منها ... وبها منكم كحز المواسي

إلى أن قال:

نعم شبل الهراش مولاك شبل ... لو نجا من حبائل الإفلاس

فأمر بهم عبد الله فشدخوا بالعمد، وبسطت عليهم البسط، وجلس عليها ودعا بالطعام وإنه ليسمع أنين بعضهم حتى ماتوا جميعاً. وقال لشبل لولا أنك خلطت كلامك بالمسألة لأغنمتك جميع أموالهم). وقد عجبت كثيراً بعد أن فرغت من تلاوة هذه القصة؛ إذ أنني أحفظ من قديم هذا الشعر منسوباً إلى رجل آخر غير شبل يخاطب به رجلاً آخر غير (عبد الله). . . فرجعت بالذاكرة حتى اهتديت إلى الكتاب الذي أخذت عنه، وهو (الأغاني) فصاحبة أبو الفرج الذي ينتسب إلى بني أمية يعنون فصلاً في (ج4 ص92 - 96) بقوله (ذكر من قتل أبو العباس السفاح من بني أمية) ويدير أبو الفرج فصله هذا على قصة سديف بن ميمون الشاعر فيزعم أنه دخل على أبي العباس بالحيرة وعنده بنو هاشم وبنو أمية فأنشده قصيدته:

أصبح الملك ثابت الآساس ... بالبهاليل من بني العباس. . . الخ

ثم قال بعد أن روى الشعر: (فتغير لون أبي العباس وأمر بمن في مجلسه من الأمويين فأهمدوا)

قلت لنفس بعد أن تلوت هذا وذاك. . . إنه لو صحت الرواية الأولى (وهذا ما نعتقده) لوجب أن يغير الحكم على أبي العباس بأنه كان سفاكا للدماء بهذه الصورة المرعبة التي يصوره بها المؤرخون فإنهم لا يكادون يستدلون على فظاعته وقساوته إلا بهذه الرواية

ثم قلت لنفسي أيضاً وأنا حائر بين هذا وذاك: ما أحْوجَ أدبنا العربي إلى غربال دقيق

عبد العليم عيسى

(الرسالة):

لقد نشرت الرسالة في تحقيق هذا الموضوع مالا مزيد عليه، مما كتبه الأساتذة: عبد الحميد العبادي، ومحمود شاكر، وعبد المتعال الصعيدي، فارجع إليه