مجلة الرسالة/العدد 479/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 479/البريد الأدبي

ملاحظات: بتاريخ: 07 - 09 - 1942



مسابقة كتب الدين للمدارس الابتدائية

إلى الأستاذ (قاف)

كتبت في عدد الثقافة الأخير كلمة عن المسابقة التي أذاعتها وزارة المعارف بشأن كتاب في الدين للمدارس الابتدائية. وقد قرأت كلمتك هذه بعجب وإعجاب. أما العجب فمن أنك تنعى على الوزارة اليوم ما كنت تتمناه عليها بالأمس؛ فلعلك تذكر - وما أظنك إلا ذاكراً - مجلسنا في أحد النوادي العلمية منذ قريب، وما كنا نتناوله فيه من أحاديث شتى أسلمتنا إلى تقرير الكتب وكيف تقرر لا لجودتها ولا لرسوخ قدم مؤلفها في مادتها بل لجاهه ونفوذه حتى احتكرها أصحاب الجاه والنفوذ وصارت وقفاً أهلياً عليهم - على حد تعبيرك - لا يغل إلا لكبار موظفي الديوان العام ومن إليهم من المراقبين والمفتشين الأوائل: ولعلك لم تنس كذلك ما قلته أنت في تلك في تلك الليلة - بل ما كتبته في الثقافة منذ شهر أو يزيد قليلاً من أن أولئك المؤلفين الكبار أو كبار المؤلفين لم يكن لهم في الحق والواقع من التأليف إلا تشريف الكتاب باسمهم ومداليد لتناول نصيبهم والوقوف في الميدان لمطاردة من تحدثه نفسه باقتحامه واتخاذ كل وسيلة شريفة وغير شريفة لإقصائه. لقد كنا سبعة نتعاور الكلام في هذا الموضوع وكنت - أنت - أصرحنا كلاماً وأبسطنا لساناً وأغزرنا استشهاداً حتى لقد ضربت بنفسك المثل وذكرت أنه قد طلب إليك أن تكون جندياً مجهولاً يصرع في الميدان ليرتفع القائد على أشلائه، فتأبيت على المريد. كل هذا عجيب، وأعجب منه أن تقترح على الوزارة في كلمتك الأخيرة ترك المدارس أحرارا في التأليف وفي اختيار ما يشاءون من الكتب لتلاميذهم. يا لله! أي حرية أو في من أن تدعو الوزارة رجالها جميعاً للتباري وتكافئ السباقين فيهم ولا تجعل الأمر احتكاراً أو وقفاً أهلياً على جماعة منهم؟ وأي حرية أسمى من أن تسوى في هذا الميدان بين المتسابقين جميعاً ولا تنظر إليهم من حيث الجاه والمنصب، وإنما تنظر إليهم من حيث البراعة والمقدرة والكفاية، وبهذا ترد إلى رجال التعليم اعتبارهم العلمي وتشجعهم على الإنتاج وتثبت فيهم روح الإقدام على التأليف الذي يهابونه لذاته أو للمحتكرين له! على أن للمسابقة فضلاً آخر أرشدت إليه المسابقات الماضية هي أنها تكشف عن بعض الأفذاذ المجلين الذين يعملون في وزارات أخرى غ وزارة المعارف، فليست الكفاية والبراعة والمقدرة وقفاً على هذه الوزارة

الحق أنه ليس لمنصف نزيه حصيف الرأي أن ينقد هذه الطريقة المثلى العادلة التي تقضي على القالة والقيل وتسد الطريق أمام الريب والشكوك. على أن الوزارة لم تلجأ إليها إلا بعد دراسة وبحوث وعقد لجان واستشارة مجربين فانتهى الأمر بهم جميعاً إليها

وأما ما يقوله الأستاذ (قاف) من ترك المدارس والمدرسين أحراراً في اختيار ما يشاءون من الكتب لتلاميذهم فحسبي في الرد عليه أن أردد له ما كان يقوله تلك الليلة من أنه جريمة رسمية تفسد الخلق والعلم، وأن المدارس - بالرغم من تحريمه ومحاربة الوزارة إياه محاربة لا هوادة فيها ولا لين - كانوا يتخذونه وسيلة دنيئة تقرب إلى ذوي الجاه من المؤلفين الرسميين وهؤلاء يستغلونه استغلال وضيعاً تأباه كرائم النفوس، فقضت على هذه المفاسد كلها طريقة المسابقات. ذلك عجبي. أما إعجابي فبقدرة الإنسان - وهو الذي حارت البرية فيه - على الدفاع عن رأيين متناقضين يدلي بأحدهما وهو يعمل في المدارس، وبالآخر وهو يعمل في الديوان حيث اختيار الأعضاء للجان التأليف.

(سمير)

استدراكان لغويان

في تصحيحات العلامة المحقق الأب الكرملي للجزء الثاني من كتاب الإمتاع والمؤانسة مواضع تحتاج إلى بيان، أعرض على الأب الفاضل منها موضعين في العدد (475) من الرسالة الغراء:

1 - قال: وفي ص 110 ويجعلها (أي الأحجار) ملساء، وضبطت كحمراء؛ والصواب مُلساً بضم الميم. . . (راجع فساد قول القائل صخور ملساء في مجلة المجمع العلمي العربي 233: 17 و 234) اهـ

وقد رجعنا إلى الموضع المذكور فلم نجد للأب مستنداً في إنكاره، لأن نص سيبويه قاصر على بيان أن جمع التكسير لأفعل فعلاء هو فعل بضم العين، وما أظن أن كيفية تكسير هذه الصيغة كانت محل خلاف، وليس فيها شاهد على خطأ قولهم صخور ملساء.

وإنما كان الأب بحاجة إلى نص صريح يستثنى فيه هذه الصيغة من القاعدة العامة التي جرى عليها كلام العرب وذكرها النحاة وهي: أن نعت جمع التكسير يكون بالفرد المؤنث وبالجمع على السواء، فلك أن تقول: أشهر محرمة وأشهر محرمات، و (أياماً معدودة) و (أياماً معدودات) كما في القرآن الكريم وغيره، فما الذي يفرد صيغة واحدة بين جمع صيغ النعت بحكم خاص؟ هذا ما يحوج الأب الإبراه عليه. أما استقراؤه الشخصي وطلبه من مخالفة الإتيان بشاهد فلا يردان حجة، لأن المقيس لا يلزم له شاهد.

2 - وقال: ومن الأغلاط الشائعة في مصر وتستحق أن يشار إليها خصوصية ما يأتي: ص 23 س 18 أصواب هو أم خطأ. . . أم خطاء وزان سحاب لضد الصواب، على ما في كتب اللغة. اهـ

وقد كتب الجمة الأولى بخط عريض مذيل بخط أفقي زيادة في لفت الأنظار. ولم يبين أي كتب اللغة هذه التي حرمت أن يقال خطأ لضد الصواب؛ وقد تصفحت بعض كتب اللغة فإذا هي تتفق جميعاً على أن الأب المفضال مخطئ كل المخطئ في ذلك وإليك الشواهد:

في لسان العرب: الخطأ والخطاء ضد الصواب

تاج العروس: الخطء والخطأ ضد الصواب

المصباح المنير: والخطأ مهموز بفتحتين ضد الصواب، ويقصر ويمد

الصحاح: الخطأ نقيض الصواب وقد يمد. . . الخ

فأنت ترى أن الخطأ قدمت على الخطاء في جميع هذه النقول، وأن أعلى هذه المصادر وهو الصحاح ضعف الحرف الذي ذكر الأب أنه هو الصواب دون غيره.

هذا ما أحببت عرضه على العلامة المحقق المفضال، وله إعجابي وتحيتي.

(دمشق)

سعيد الأفغاني

في الشعر التمثيلي

تعقيباً على ما نشر بالرسالة في عدديها 473 و 477 للأستاذين الأديبين البشبيشي وعبد الرحمن عيسى - لا جدال في أن واضع الحجر الأول في بناء الرواية الشعرية في الأدب العربي الحديث هو المرحوم الشيخ خليل اليازجي في روايته (المروءة والوفاء) وقد طبعت أكثر من مرة بمطبعة المعارف بالفجالة. ومن حق الأدب والتاريخ أن يعرف المتتبعون لهذه الناحية الجميلة من الفن الأدبي أن المرحوم الشيخ نجيب الحداد أول من ترسم خطى خاله المرحوم الشيخ خليل في معالجته الشعر التمثيلي قبل المرحومين شوقي وعبد المطلب في روايته (صدق الوداد) وقد طبعت من زهاء ثلاثين عاماً في مطبعة غرزوزي بالإسكندرية وقل أن يظفر أحد بنسخة منها الآن لكثيرة ما كان من الإقبال عليها ونفادها بمجرد ظهورها. والروايتان لا تقلان عن روايات المرحوم أمير الشعراء بلاغة وروعة وحسن سبك، وشعرهما يتدفق سلاسة وطبعاً وعذوبة

ولعلي أوفَّق في فرصةٍ أخرى إلى نشر شواهد من شعر الروايتين إذا اتسعت له صفحات (الرسالة) الغراء وآنست من قرائها الأدباء ترقباً وارتياحاً

يوسف كركور

تعقيب

جاء في بريد (الرسالة) الأدبي من العدد الـ (476) للأب الفاضل أنستاس الكرملي في بحث السوبية ما نصه: قال ابن دريد في الجمهرة: (وبالصاد (أي الخِص) أحسبها لغة لبني تميم، وهي لغة ابن الغبر خاصة) كذا في تاج العروس. وهو خطأ أيضاً والصواب: (وهي لغة بني العنبر، إذ لا وجود لابن الغبر) اهـ

وقد يقال: عدم الجزم بهذه التخطئة أولى، فبنو الغُبَّر لهم وجود. جاء في القاموس المحيط في (فصل الطاء وباب اللام): وككتاب (أي طحال) كلب وع لبني الغبر. راجع القاموس المحيط ففيه شاهد يليق ذكره

(اللد - فلسطين)

داود حمدان

حوائج

رداً على الكاتبة الفاضلة (بثينة) أقول إن هذه الكلمة (حوائج) وردت في الحديث الصحيح والشعر الفصيح. فقد روى عن رسول الله صلوات الله وسلامه عليه أنه قال: (إن الله عباداً خلقهم لحوائج الناس يفزع الناس إليهم في حوائجهم أولئك الآمنون يوم القيامة) وقال الشماخ:

تقطع بيننا الحاجات إلا ... حوائج يعتسفن مع الجري

وقال الفرزدق:

ولي ببلاد السند عند أميرها ... حوائج جمات وعندي ثوابها

إبراهيم السعيد عجلان

على هامش السيرة

لفت نظري وأنا أقرأ الجزء الثاني من كتاب (على هامش السيرة) للمرة الثالثة عبارة وردت في الحديث عن (راعي الغنم) ص 185 هذا نصها: (والغريب أن الخواطر التي كانت تملأ نفسها - يعني أبا طالب وخديجة - همَّاً وحزناً وتفعم قلبهما خوفاً وقلقلاً، هي بعينها تلك الخواطر التي كانت تملأ نفس عبد المطلب بن هاشم وآمنة بنت وهب، وتشغل قلبيهما منذ ستة عشر عاماً حين سافر عبد الله مع العير إلى الشام في التجارة لأول مرة ولآخر مرة أيضاً)

وهذا القول يناقض الحقيقة ويتعارض مع عبارة أخرى وردت في ص 161 وفيها يقول الدكتور: (ولكنه - يعني أبا طالب - كان يستحي أن تقول قريش: ضعف أبو طالب وجزع على فتى قد بلغ الخامسة والعشرين من عمره)

والمعلوم أن رحلة عبد الله كانت بعد زواجه بأيام وكان محمد عليه السلام لا يزال جنيناً في بطن أمه، في حين أن الرسول صلوات الله عليه كان قد أوفى على الخامسة والعشرين أو كاد يوم أن رغبت إليه خديجة في أن يصحب تجارتها إلى الشام. وإذن تكون الفترة بين رحلة عبد الله ورحلة محمد عليه السلام حوالي خمسة وعشرين عاماً لا ستة عشر كما ذكر الدكتور، ولعله يكون أقرب إلى الصواب لو أنه قال ستة وعشرين عاماً

وذلك ما تكاد تجمع عليه كتب السيرة

عوض الدحة

استدراك في الحلقة السابقة من ترجمة كتاب (المصريون المحدثون)، وقع تحريف في الآية الكريمة: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله، إن الله يغفر الذنوب جميعاً، إنه هو الغفور الرحيم). فوجب نشرها صحيحة

عدلي طاهر نور