مجلة الرسالة/العدد 495/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 495/البريد الأدبي

ملاحظات: بتاريخ: 28 - 12 - 1942



حول التلباثي

قرأت بإعجاب كبير مقال الأستاذ الكبير عباس محمود العقاد عن (التلباثي) وأنا أورد هنا - تأييداً لما جاء في مقال لأستاذ الكبير - حادثة ذكرها المرحوم الشيخ رشيد رضا صاحب المنار في تعليقاته القيمة على رسالة التوحيد للإمام محمد عبده قال الشيخ: (. . . ثبت بتجارب الأطباء حتى الماديين منهم أن بعض هؤلاء المرضى - يعني المرضى بأمراض خاصة - يخبر ببعض المغيبات وبالأمور قبل وقوعها فيصدق. قال مريض منهم كثرت أخباره في ذلك وكان بمصر: إن فلاناً من أقربائه في الإسكندرية خرج من داره إلى محطتها قاصداً السفر إلى مصر لعيادتي. . . ثم أخبر أنه وصل إلى محطتها ودخل القطار؛ ثم شغله الطبيب بأمور تهمه، حتى إذا ما جاء موعد وصول قطار الإسكندرية إلى مصر قال المريض: قد وصل القطار ونزل فلان منه. هاهو ذا خرج من المحطة وركب مركبة تحمله إلى هنا. ثم قال: هاهو ذا قد وصل، فإذا هو بالباب وقد دخل، فالروح التي تدرك مثل هذا وهو غائب عنها تعطينا دليلاً حسياً على إمكان إدراك روح أكمل منها لعلوم من الغيب أعلى مما أدركته هي)

وللأستاذ الكبير إعجابي الكبير، وتحيتي الخالصة.

إبراهيم محمد نجا

حول كتاب ديكارت

1 - أورد الأستاذ صفاء خلوصي في العدد 439 من (الرسالة) فقرات من كتابي (ديكارت) زعم أنها منقولة عن كتاب (آراء غربية في مسائل شرقية) تعريب الأستاذ عمر فاخوري. والحقيقة أنني لم أنقل شيئاً عن ذلك التعريب إذ لم يكن لي علم بوجوده - وإنما اقتبست عن الأصل وهو بحث كتبه شارل سومان، وكنت قرأته في باريس منذ عهد بعيد، فأعجبني واستنسخته واحتفظت به في لغته الأصلية التي كتب بها. وبقي في أوراقي، إلى أن عدت إلى ديكارت فتذكرته واقتبست منه، وأحببت الإشارة إليه في المراجع، تبعا للخطة التي رسمتها في كتابي كله. ولكن حال دون القيام بهذا الواجب، أنه كان قد فاتني حين احتفظت بالبحث أن أقيد على وجه التدقيق عنوانه الكامل والموضع الذي نشر فيه وتاريخ نشره وترقيم صفحاته وما إلى ذلك مما ينبغي استيفاؤه في كل عمل من هذا القبيل يتم وفقاً للطريقة العلمية في سرد المظان وبيان المراجع. فكان لابد أذن من إغفال اسم ذلك المصدر والاكتفاء بإيراد النصوص والشواهد من الغزالي ومن ديكارت، مع ذكر مواقعها من مؤلفات هذين الفيلسوفين. ولم أشك في أن ما صنعت من الإحالة إلى الفيلسوفين مباشرة أقوى حجة وأجدى على القراء من الإشارة - دون تثبيت ويقين - إلى ذكرياتي عما كتب عنهما

هذا ولست أدري ما مراد الأستاذ خلوصي من قوله - بعد أن أورد بعض الفقرات المتشابهة في كتابي وفي البحث الذي كتبه سومان -: (وقد أخذ الأستاذ عثمان أمين كذلك مقارنة بين فقرة من كتاب المنقذ من الضلال للغزالي وفقرة من كتاب التأملات لديكارت). وإني أتساءل ما وجه الغرابة في هذا؟ وأي عيب فيه؟ أليس الأجدر بنا في مثل هذه الشؤون أن تعمد إلى النصوص الواضحة نستفتيها، بدلاً من الالتجاء إلى الأقوال المبهمة والفروض العامة؟

أما كون الفقرتين اللتين أوردتهما في كتابي (هما نفس الفقرتين اللتين أوردهما شرل سومان) فهذا أمر طبيعي، ما دمت - كما قلت - قد اقتبست من البحث المشار إليه ما احتجت إليه في المقارنة بين الغزالي وديكارت؛ ولقد كان بمقدوري أن أورد في المقارنة بينهما أقوالاً وفقرات أخرى كثيرة ذكرها سومان و (ليون جوتييه) وغيرهما من المستشرقين. ولكني لم أرد أن يتشعب البحث فيخرج عما كنت بسبيله، فاقتصرت على إيراد هاتين الفقرتين في الهامش مشيراً إلى موضعهما من (المنقذ) و (التأملات)

وأما قول الكاتب إن (ترجمة الفقرة عن ديكارت هي نفس ترجمة الأستاذ فاخوري) فهو قول لا يخلو من إسراف. ولو كان الكاتب الفاضل موقناً منه لأورد نص الترجمتين ليرى القراء مصداق ما قال. أما أنا فإن كنت لا استبعد مبدئيا أن يكون قد وقع بين الترجمتين بعض شبابه، إلا أنني أستطيع أن اجزم منذ الساعة (أي قبل الاطلاع على كتاب (آراء غريبة). . .) باستحالة انطباق الترجمتين انطباقاً تاماً بحيث تكون الواحدة منهما هي (نفس) الأخرى كما زعم الكاتب. ويحملني على الجزم بهذه الاستحالة ثقتي من أنني إنما قرأت البحث الأصلي دون غيره، وأنني توخيت المنهج العلمي في كتابي، فلم أورد شيئاً إلا ذكرت مظانه ما استطعت إلى ذلك سبيلاً. ولعل الكاتب نفسه لا ينازع في هذا إن كان من المنصفين.

عثمان أمين

2 - ومن كلمة في هذا الموضوع للفاضل زكريا إبراهيم هذه الفقرة:

الواقع أن الأستاذ (عثمان أمين) لم يأخذ هذه العبارة من ترجمة الأستاذ عمر فاخوري، وإنما أورد نصاً لديكارت نفسه، وهو نص معروف يجده قارئ كتاب (مبادئ الفلسفة) لديكارت. واليك هذا النص في الترجمة الفرنسية للكتاب:

. . .) ,. . ' ' , ' '. .) , 1 , 4.)

وترجمة هذا النص هي كما يلي:

(إن حواسنا قد خدعتنا في كثير من الأحيان، ومن قلة الحزم أن نثق تمام الثقة في أولئك الذين خدعونا ولو مرة واحدة)

فالأستاذ عثمان أمين لم يأخذ هذه العبارة إلا عن ديكارت نفسه، ولم يكن بوسعه أن يتصرف في النص الأصلي، لأن واحداً سبقه إلى ترجمته!

(مصر الجديدة)

زكريا إبراهيم

في أزهار الرياض

1 - قصدت في مبحث لي إلى الجزءين المطبوعين حديثاً من (أزهار الرياض) الذي ينشره المعهد الخليفي للأبحاث المغربية فقرأت فيهما بضع صفحات فرأيت أخطاء يجدر بمصححي الكتاب أن ينبهوا عليها، منها في الجزء الأول ص2 في التعليق (وقد ذكر المؤلف هنا على سبيل التورية أسماء طائفة من الكتب للقاضي عياض وغيره وهي. . . الخ). والصواب أن يقولوا: (منها) بدل (وهي) لأنهم لم يذكروا جميع أسماء الكتب التي ذكرت في المقدمة كالإلماع بأصول الرواية والسماع للقاضي عياض، وغيره. وفي ص109: سلامٌ على مولاي مِنْ دار ملكه ... قُسنطينةٍ أكرم بها من مدينة

الصواب:

سلام على مولاي من دارُ ملكه ... قُسنطينةٍ أكرم بها من مدينة

لأن السلام من الأندلس على السلطان أبي يزيد العثماني في القسطنطينة. وفي ص113 (وجنسهم المغلوب في حفظ ديننا) والصواب (وحبسهم المغلوب). وفي ص114:

وساقوا عقود الزور ممن أطاعهم ... ووالله ما نرضى بتلك الشهادة

الصواب (وساقوا شهور الزور). وفي الجزء الثاني ص160: (مرثيته) بتشديد الياء. والصواب (مرثيته) بالتخفيف. وفي ص359: (ولا تعد عيناك عنهم) بضم الياء، وصوابها (عيناك). وفي ص414 في الفهرس (الديباج المذهب في علماء المذهب لابن فرون) الصواب (لابن فرجون) ولم يذكروا رقم الصفحة الموجود فيها اسم هذا الكتاب. وفي ص403 (السلفي 354) وفي ص399: (أبو الطاهر السلفي الأصبهاني 354، 372) وكلا الاسمين لرجل واحد. ولم يذكروا في الفهرس (تاريخ ابن حيان) وقد ورد في هذا الجزء في الصفحة 258 وغيرها

ابن الفتح

2 - ومما أخذه على التصحيح الأديب عبد الله الصادق قوله:

(1) في صفحة 16س9 (ومن تنديداته على أبي الحسن) الصواب (تنديراته) كما في نفح الطيب الذي يرجعون إليه ويصححون عليه وهو من قولهم: فلان يتنادر علينا (الأساس) ولو كان من التنديد لعديت بالباء إذ يقال ندد به، لا عليه (القاموس)

(2) في ص39 س2

إن لوحقوا في المعلوات فإنهم ... طلعوا بآفاق العلاء بدورا

قالوا في الهامش: المعلوات جمع معلوة كمكرمة يريد بها المعالي، ولم نجد المعلوة بوزن المكرمة في المعاجم التي بين أيدينا.

أقول: هي جمع معلاة وهي كسب الشرف كما في القاموس، وأصل المعلاة معلوة تحركت الواو وانفتح ما قبلها قبلت ألفاً. وقد أرجعها الشاعر إلى الأصل ضرورة. فعدم ورودها في المعاجم ليس تقصيراً لأنها من القواعد المشهورة (3) في ص207 س3 وكان المخترع لها - أي الموشحات - بجزيرة الأندلس مقدم بن معافى القبري). وأطالوا في الهامش ليصححوا تحريفاتهم فضلوا الصواب لأن (معافى) محرفة عن (معافر) أنظر مقدمة ابن خلدون ص305 طبع بولاق. و (القبري) محرفة أيضاً عن (الفريري) نسبة إلى فريرة قرية بالأندلس كما في معجم البلدان لياقوت. وقد غلط مصحح مقدمة ابن خلدون فرسمها (الفريري) بالباء، والصواب بالياء.

بنو أمية وحلم الشورى والعدل

كتب الأديب أحمد البديني سطوراً في العدد الماضي من الرسالة قال فيها عني: (إنه قد غالى كثيراً في قوله إن البناء الإسلامي قد تصدع، وإن اليأس اخذ يدب في جسم الدول الإسلامية في عهد بني أمية). وإني أنتهز هذه الفرصة لأصحح لفظة من كلمتي التي نشرتها عن كتاب (عبقرية عمر) قد حرفتها المطبعة فجاءت على غير حقيقتها وقراها الأديب البديني على تحريفها ثم كتب ما كتب على ما أخذه فهمه منها

ذكرت في هذه الكلمة، أنه لما استحوذ بنو أمية على الملك (قام الأمر منذ يومئذ على قوة العصبية والغلب وتصدع البناء الإسلامي الذي كان قد أقيم على (الشورى والعدل)، وكذلك أخذ داء التفرق الديني والسياسي (لا اليأس كما نشر خطأ) يدب في جسم الأمة الإسلامية حتى أنهك قواها وأذهب ريحها).

ولقد كنا سكتنا عن تصحيح هذه اللفظة لأن السياق كما ترى يدل عليها، وفطنة قارئ الرسالة المثقف لا تلبث أن تلمحها وتنفذ إليها

محمود أبو ريه

هل الأنصار من قريش؟

ستشغل المكتبة العربية حيناً من الدهر بالكتابين الكريمين اللذين أخرجهما أخيراً الأستاذ الكبير عباس محمود العقاد. ففي كليهما اتجاهات فذة تفصح عن نواحي العظمة في أستاذنا الجليل

ولقد أجمع النقاد على إكبار عبقرية محمد، ولم يكن حظ عبقرية عمر من الإجلال والتقدير بأقل من حظ الأول على أننا في قراءتنا لعبقرية عمر بالصفحة 319 استوقف نظرنا قول المؤلف في صدد النزاع الذي نجم على الخلافة عقب موت الرسول ما نصه:

(فالأنصار يقولون انهم أحق بالخلافة من المهاجرين لأنهم كثرة والمهاجرون قلة، ولأنهم في ديارهم والمهاجرون طارئون عليهم، ولأنهم جميعاً من قريش ولهم فضل التأييد والإيواء)

والعبارة على هذه الصورة توهم أن الأنصار من قريش وهم بالطبع ليسوا كذلك

(المنصورة)

خالد عبد المنعم