مجلة الرسالة/العدد 497/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 497/البريد الأدبي

ملاحظات: بتاريخ: 11 - 01 - 1943



التوأمان

قيض لي أن أزور توأمين ذكرين في العشرين من العمر متماثلين من جهة الصورة والأخلاق والوجدان والذكاء.

ومن طريف ما يذكر أن الأم تعرف أول من رأى منهما النور، وقد أخبرتني أن ولادتهما كانت يسيرة وأن الفرق بين عمريهما خمس دقائق.

مات أبوهما منذ بضع سنوات وقامت بأودهما أختهما التي تكبرهما بنحو خمس سنوات. وتحدب أمهما عليهما وتعاملهما على قدم المساواة. وقد علمت أنهما نشآ في بيئة واحدة وعاشا في ظل ظروف واحدة. وما زالا يتعلمان حرفة واحدة هي البرادة.

والعجيب أنهما يخطئان في نفس المسائل التي يطلب إليهما حلها. وقد اتفق أن رسب أحدهما في الامتحان لمرضه بينما نجح الآخر، ولعدم معرفة تميز أحدهما من الآخر في المدرسة أعيد امتحان الناجح منهما على اعتبار أنه الراسب فنجح للمرة الثانية في نفس السنة.

قالت لي أمهما: إنهما عندما كانا رضيعين كانا يستيقضان في نفس الوقت تقريباً أثناء الليل فترضعهما معاً.

ومما ذكرته لي أختهما: أن أحدهما حضر على عجل إلى المنزل فلم يجد أخاه فترك المنزل حالاً بحثاً عن أخيه، وفي هذه الأثناء حضر أخوه باحثاً عنه فلم يجده فترك المنزل على الفور، وتكرر هذا الأمر مرات عديدة إذ لم يملك أحدهما الصبر لينتظر أخاه ريثما يحضر.

وعلى الرغم من أن هذين التوأمين يحب أحدهما الآخر حباً جماً، فقد انتابت أحدهما نوبة هستيرية دلت على ما يخالج عقله الباطن من الغيرة الشديدة من أخيه. وفي هذه النوبة فقد قوة معرفته لأفراد العائلة، ولكن أول عمل قام به أثناء هذه النوبة ضربه أخاه ضرباً مبرحاً وهو لا يدري أنه أخوه، ولكن عقله الباطن كان بذلك بصيراً، على أن عقل أخيه الباطن لم يكن خالياً من هذه العقدة فكان لا بد لهذه العقدة من أن تعبر عن نفسها على الصورة التي عبرت بها عقدة الأخ المريض.

وقد أمكن بالتحليل النفسي شفاء المريض وإنقاذ الأخ من الاستسلام لنوبة هستيرية مماثلة.

محمد حسني ولاية

طبيب بصحة بلدية الإسكندرية

قصيدة حافظ النونية

. . . قال صديقنا الدكتور زكي مبارك في العدد السابق من الرسالة: (ونحن في مقام التأريخ وهو مقام يوجب الصدق. فلينظر المتسابقون في ص87 بالجزء الثاني من ديوان حافظ، ليروا أن قصيدته التي نظمها عن مظاهرة السيدات في سنة 1919 لم تنشر إلا في سنة 1929، ومعنى ذلك أنها كتمت نحو عشر سنوات) ثم قال مخاطباً الطلبة: (أتريدون الحق؟ لقد نسبت تلك القصيدة في ذلك الوقت إلى جماعة من الشعراء منهم الأستاذ محمد الهراوي، ولم ير حافظ أن يصحح النسب لئلا يقال أو يقال!)

والحقيقة التي أعرفها عن هذه القصيدة بالذات هي ما يأتي:

كنت في مجلس من مجالس السياسة والأدب، ولم تكن المجالس على أنواعها في ذلك العام السعيد سوى مجالس للثورة والحياة، وإذا بالمرحوم سليم سركيس مقبل علينا بوجه مشرق ولهفة بادية المعاني وقال: أخبار اليوم هي أخبار حافظ، ومد يده إلى جيبه فأخرج منها ورقات وأخذ يتلو علينا القصيدة النووية التي نحن في صددها، ومطلعها:

خرج الغواني يحتججن ... ورحت أرقب جمعهن

نسخت القصيدة، وهي بخط المرحوم حافظ إبراهيم وبعثت بها إلى الصحف السورية التي كنت أراسلها آنذاك، وقد نشرها المرحوم سركيس بمجلته المعروفة باسمه

فلا يعقل والحالة كما ذكرت أن تنسب تلك القصيدة إلى غير ناظمها، وقد سمعته ينشدها في أحد المجالس، ولا أن يقال إنها كتمت عشر سنوات.

حبيب الزحلاوي

إجابة

الكيك والكيكة في اللسان العربي مثل البيض والبيضة وزناً ومعنىً، ولهذا أرى أن منه المأكول المعروف الذي يقال له (كيك) طلاء - بالضم - الزكام

(وحيد)

أصدقاء. . .!

قيل إنني كتبت كلمة في مجلة الثقافة أحد بها من استطراد الباحثين في (لغوية) شغلت أذهان رهط من فضلاء الباحثين عدة أسابيع، متعلياً بهم أن يجرهم التحمس لآرائهم في هذه الهاجسة إلى المنابذة. وقيل إن الكلمة كانت غذاء متخماً لشهوة الخلاف، حين التهمها الاستغلال الصحفي (لقاف الثقافة) الأستاذ محمد سعيد العريان، فخدش أمانة القلم فيها. . . وعرضها بالطريقة التي كان من آثارها أن يرمد شعور الصداقة بيني وبين صديقي الكاتب البليغ الأستاذ (محمود شاكر) حتى خدزته شائعة الألم؛ فقال في كلمته بالعدد الماضي من الرسالة (عقل المرء مخبوء تحت لسانه) وأورد بيتاً من الشعر خانه ترويض غضبه به. . . وما لي بهذا شأن فهو انتقال من موضوع واضح إلى غبار مجرد لا أجيد التطارح به ولا سيما مع من له في رأيي ونفسي ما لمحمود شاكر

وأنا أقول إني عند رأيي في فكرة الموضوع، على غير قصد شائك لحضرات الأدباء الذين ورد ذكرهم. أما صداقتي بالأستاذ شاكر فهي اعتي من أن يوهنها نمل الصحافة، أو يسكر بصدعها (قاف الثقافة). . .!

محمود إسماعيل

إلى الأستاذ عبد المتعال الصعيدي

تعجبني أفكارك يا سيدي، ويسرني منهاجك المستقيم في البحث والنقاش؛ ولكني لم أستسغ أن تتهمني في كلمتك الأخيرة على غير أساس، بتهمة وجهتها إليك على أساس. . .

كنت قد قلتُ إنك تشايع بعض المستشرقين القائلين بنزول القرآن بمعانيه دون ألفاظه، حين تزعم أن الرسول عليه الصلوات كان ممن يبدلون لفظاً بلفظ آخر يغايره في معناه، لمجرد التشابه بين حروف اللفظيين والتباسهما على القارئ بطريق ما. وقد جعلت هذا دون غيره أساساً لتهمتي؛ ولم أضف إليه وقتذاك ما زعمته أيضاً في كلمتك من أن هذا التبديل كان من حق كل مسلم عربي دون رجوع فيه إلى الرسول حين (يكون بعيداً عنه فيتعذر رجوعه إليه. . . ثقة بملكة العربي في ذلك الوقت)!

وهذا نص تعبيرٍ لك لم أرد أن ألح عليك بالإشارة إليه ثقةً مني بأن صدوره لم يكن إلا نتيجة سرعة تحريرك، وسبق قلمك لمجرى تفكيرك، ولكنك تأبى يا سيدي وقد تبرأت من تهمة الأخذ برأي أولئك المستشرقين - في غير حجاج مقنع - إلا أن تعود فتنسبها إلي، لأني كما تزعم (حملت كل مالا يدخل من القراءات في باب اختلاف اللهجات على التصحيف، ولم أفرق في ذلك بين قراءات شاذة ومتواترة). وأنت تعرف أني لم أزد في كلامي عن هذا التصحيف على ما أورده السيوطي؛ بل لقد أتيت بما يشكك في قوله حين ذكرت أن صاحب الكشاف مع أكثر المفسرين يعتبرون هذا النوع من الكلام قراءة صحيحة لا تصحيفاً

فما كان أجراك يا سيدي وقد نفيت التهمة عن نفسك ألا تعود فتلصقها بمن لوح إليك بها في تأدب مع إقناع، لأن من دأب الفضلاء وأنت أحدهم، أن يميطوا الأذى عن طريقهم - إذا شاءوا - لا ليطرحوه مرة أخرى في طريق الناس.

ولك أزكى تحياتي واحترامي

(جرجا)

محمود عزت عرفة

تاريخ وفاة ياقوت

أورد الأستاذ البحاث محمود عزت عرفة في العدد 494 من مجلة (الرسالة) شبهة في تاريخ وفاة ياقوت الرومي الحموي. والذي يبدو أن وفاته كانت سنة 626 كما أجمع عليه المترجمون له؛ وأما الجملة المقحمة في النسخ المطبوعة من معجمه أثناء كلامه عن الحسن بن الباقلاني، وهي (لقيته ببغداد سنة 637. . .) فالراجح أنها كانت مزيدة في الهامش من صاحب النسخة الأصلية المخطوطة، أو من أحد المطالعين فيها، ثم أدرجها النساخ في الكتاب، كما يقع كذلك كثيراً ولا سيما في كتب التاريخ، فترى نظائره في تاريخ بغداد للخطيب ووفيات الأعيان وفوات الوفيات وحسن المحاضرة وغيرها، فإن فيها وفيات أناس ماتوا بعد المؤلف. وقد أصاب الأستاذ عرفة في الإشارة إلى ما يؤيد أن يكون ذلك مقحماً في المعجم بعد وفاة ياقوت

فنرجو الدكتور أحمد فريد بك رفاعي ناشر المعجم أن يكون محققاً فيما ينشره من آثار السلف.

محمد غسان

غلطة تاريخية

قال الدكتور زكي مبارك في مقالته عن الشوقيات أثناء الكلام عن قصيدة (النيل) ما نصه:

. . . ولم يفته أن ينص على عدالة عمرو بن العاص الذي ضرب ابنه بالسوط حين سمع أنه أهان أحد الأقباط وقال في ذلك كلمته التاريخية: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً

فعزا هذا الضرب إلى عمرو بن العاص مع أن الضارب هو مصري ضرب أبن عمرو بأمر الخليفة عمر، وأسند الكلمة التاريخية إليه مع أن المعروف أن القائل هو عمر الفاروق. أنظر الصفحة الثانية من الجزء الثاني من كتاب (حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة)

وهبي الحاج إسماعيل حقي

مجلة الانتصار

استقبلت زميلتنا (الأنصار) عامها الهجري الثالث فصدرت في أول المحرم حافلة بالأبحاث القيمة والموضوعات الجديدة، متقدمة إلى القراء بأسلوبها الخاص في خدمة الفكرة العربية والثقافة الإسلامية، معتمدة في تناول الثقافة العصرية على أساس البحث العلمي. والعدد الجديد الذي قرأناه من الأنصار يدل على تقدمها خطوة واسعة في سبيل فكرتها فنتمنى لها النجاح والتوفيق.

المفضليات

تناولت كتاب المفضليات للرضى الذي خرج أخيراً للناس بتحقيق وشرح الأستاذين الشيخ أحمد محمد شاكر والسيد عبد السلام محمد هارون، وكنت أظن أني سأجده لا يمتاز من طبعته الأولى إلا ببعض شروح وتحقيقات، ولن ما كدت أقرأه فاتحته حتى رأيتني أمام عمل جليل يستأهل النظر فيه، ويستوجب الإقبال عليه، ذلك أني وجدت الشارحين قد صحت نيتهما على نشر نفائس الشعر العربي في العصور الأولى وما بعدها، وذلك لأن هذا الشعر (ديوان العرب وترجمان أفكارهم وعنوان مفاخرهم ورافع ألوية عظمتهم، ثم هو المرآة الصادقة لحياتهم) ورأيا أن يبدأ بنشر كتب الأئمة المتقدمين التي اختاروا فيها عيون الشعر ومحاسنه

فهذه المفضليات التي ظهرت اليوم إن هي إلا حلقة من تلك السلسلة الذهبية التي سينشرونها من نفيس الشعر؛ وهذا ولا ريب عمل جليل طالما تمنيناه وعدنا إليه. ولو أنك قرأت هذا الكتاب لوجدت فيه بحثاُ قيماً عن أصل المفضليات وتاريخها لا تجد مثله في كتاب آخر

ومما انفرد به شرح هذا الكتاب أنه قد اشتمل على أمرين لم نجدهما في شروح كتب الأدب قبل اليوم أولهما (التخريج) وثانيهما (جو القصيدة) وهذان الأمران قد جاءا من طريقة المحدثين إذ التخريج عندهم هو بيان الكتب التي تخرج الحديث الديني يبين ما فيه من معنى وما كان له من سبب

ولا نطل الكلام عن هذا الشرح وما فيه من الفوائد الجزيلة في اللغة والصرف والنحو والبلاغة وما إلى ذلك، وبحسبنا أن نقول إنه بمثل هذا الشرح الذي أخذ نصيبه من التحميص والتحقيق والاستيعاب يجب أن ينشر تراثنا القديم، حتى يؤدي في هذا العصر ما كان يؤديه شيوخ الرواية من قبل بعد أن أصبحنا ولا سبيل لأخذ اللغة وآدابها إلا من الكتب

وأنا نرجو أن يوفق الله الشارحين في عملهما حتى يخرجاه في أجمل صورة وأكمل وجه.

(المنصورة)

محمود أبو ريه