مجلة الرسالة/العدد 499/أشواق. . .!
مجلة الرسالة/العدد 499/أشواق. . .!
إلَيكِ تَسَامَي هَائِماً رُوحُ شَاعِرِ ... وَفِيكِ تَغَنَّى ضَارِعاً لَحْنُ سَاحِرِ!
عَلَىَ لَهَوَابِ الطَّيْرِ مِنَّي تَحِيَّةٌ ... إِلَى كلِّ قَلْبٍ بالصَّبَاباتِ عَامِرِ
وَفِي صَبَوَاتِ الغِيِدِ عَنِّى رِوَايةٌ ... تُرَدِّدْهَا الأَنْسَامُ في كلِّ سَامِرِ!
ضَرَاعًةَ مُشْتَاقٍ إِلى رُوحِ فَاتِنٍ ... وَدَعْوةَ مهجورٍ إِلى قَلْبِ هَاجِرِ!
دَعًينًي أَرَى الدُّنْيَا كما يُبْصِرُ الْوَرَى ... فَقَدْ كادَ نُورُ الْحُبِّ يُعشِي نَوَاظِرِي!
أَرَاكِ فما أَدْري إِلى أَيِّ سِدْرَةٍ ... مِنَ الْمَلإ الأَعْلَى تَنَاهَتْ خَوَاطرِيِ
صبَابْةُ وَلْهَانٍ وَأَلْحَانُ ضَارِعٍ ... وَأَوْهَامُ مُشْتَاقٍ وَأَحْلاَمُ شِاعِر
فَلا تَتْرُكِينِي لِلأَسَى. . . أَنْتِ فَرْحَةٌ ... مِنَ الْحُسْنِ تَهْدِي بِالْهَوَى كلَّ حَائِر
وَلاَ تَجْحَديِنِي. . . إِنَّ لي قَلْبَ مُؤْمنٍ ... وَلِي رُوحُ صَدَّاحٍ وَلِي نَفْسُ طَاهِر!
لِعَيْنَيِكِ أَحْيَا فِكْرَةً لاَ يَحُدُّهَا ... زَمَانٌ وَلاَ يَرْقَى لَهَا وَهْمُ خَاطِر
إِذَا كانَ لِي فِي الْحُبِّ طَاعَةَ عَاجِزٍ ... فَقَدْ كانَ لِي بِالْحُبِّ صَوْلةُ قَادِر
نَسِيتُ بكِ الْمَاضِي. . . وَلَوْلاَ بَقِيَّةٌ ... مِنَ الرُّشْدِ تَهْديِني لأُنْسِيتُ حَاضِرِي
إذَا سَئِمَتْ رُوحِي مِنَ الْعُمْرِ وَحْدَتِي ... فَطَيْفُكِ أُنْسِى فِي حَيَاتِي وَسَامِرِي!
فَيَا أَيُّهَا الطَّيْفُ الْحَبِيِبُ بَعَثْتَنِي ... فَغَنَّتْ بِأَلْحَانِ الأَمَانِي مَزَاهِري
وَأَنْسَيْتَنِي مَا كانَ مِنْ طُولِ شِقْوَتي ... كأَنَّ الأَسَى مَا طَافَ يَوْماً بِخَاطِرِي!
فَهَبْنِي مَعَ الأَطْيَارِ بُلبلَ أَيْكةٍ ... يَلَقِّنُ أَسْرَارَ الْهَوى كلِّ عَابِر
وَخُذْ كَبَدِي لِلنَّارِ زَاداً فَرُبَّمَا ... هَدَى نُورُهَا حَيْرَانَ بَيْنَ الدَّياجِر
طَوَيْتُ عَلَى نَجَواكِ نَشْوَانَ أَضْلُعِي ... فَكُنْ عِنْدَهَا يا طَيْفُ بالْحُبِّ ذَاكِري
تَرُومُ لِيَ السُّلْوانَ. . . يا مَنْ لِطَائِرٍ ... جَريح غَريبَ الرُّوح في كَف آسِر!
هِجِيرُ الصَّحَارَى لَمْ يَزَلْ فِي جَوَانِحي ... وَصَمْتُ الْحَيَارَى لَمْ يَزَلْ فِي نَوَاظِرِي
عَلَى شَفَتِي سِحرُ مِنَ اللهِ فَاطْرَبي ... فَما كلُّ مَنْ غَنَّاكِ لحناً بِسَاحِر
بَدَأْتُ وُجُوِدِي مِنْكِ لَحْناً مِنَ الْهَوَى ... لَهُ أَوَّلٌ يَسْعَى إِلَى غَيْرِ آخِر!
خَلَودُ عَلَى رَغْمِِ الْبِلَي لاَ تَمُسُّهُ ... مَعَ الزَّمَنِ الْفَاني حُتُوفُ المقَادِر
طَوَيْتُ عَلَى الصَّبْر الْجَمِيلِ جَوَانِحي ... ومَا كَنْتُ عَنْ نَجْوَاك يَوْماً بِصَابرِ
وِكِدْتُّ أَرَى حُبِّي وَأَسْمَعُ هَمْسَهُ ... هُنَا فِي دَمِي. فِي مَسْمَعِي. فِي خَوَاطِري وَقُلْتُ: وَدَاعاً!. . . فِي غَدٍ سَوْفَ نَلْتَقِي ... فَكانَ الْغَدُ الْمَأْمُولُ أَوْهَامَ شَاعِر. . .!
(القاهرة)
محمود السيد شعبان