مجلة الرسالة/العدد 502/هل أدت الجامعة رسالتها؟

مجلة الرسالة/العدد 502/هل أدت الجامعة رسالتها؟

ملاحظات: بتاريخ: 15 - 02 - 1943


للدكتور زكي مبارك

(تتمة ما نشر في العدد الماضي)

إن الجامعة التي أنشئت لمقاومة الاحتلال، هي الدار التي ارتفع فيها صوت الاستقلال.

فما السر في أن يكون للجامعة هذا السلطان؟ ما السر في أن تصنع في الأيام القصار ما عجز عنه غيرها في الأعوام الطوال؟

لا تسألوها ولا تسألوني، فقد تواصينا على الكتمان، وسر المجد لا يذاع

ليست الجامعة حجرات، ولا غرفات، ولا مدرجات، ولا وظائف، وإنما هي: روح وفكر وعقل وبيان

ثم أواجه العهد الثاني فأقول:

في صيف سنة 1925 أخذت الحكومة في التأهب لتنفيذ مشروع ترددت في تنفيذه سنتين (فإن الاتفاق بينها وبين الجامعة

عقد في سنة 1923، يوم كان الرجل العظيم زكي باشا أبو السعود وزيرا للمعارف) وكان مصدر التردد أن الحكومة لا تعرف بالتحديد كيف يكون نظام الجامعة في عهدها الجديد

ثم بدا للجامعة الجديدة أن تراعي تقاليد الجامعة القديمة فتستشير أقطاب الجامعات الأوربية في الأوضاع التي تحمي تنفيذ

المشروع من الإخفاق

وما هي إلا أيام حتى اّستطاعت أن تستقدم كبار الأساتذة من الجامعات الفرنسية والبلجيكية والإنجليزية

ولأول مرة في تاريخ مصر الحديث أنشئت كلية جديدة اسمها كلية العلوم، وهي الكلية التي عجزت الجامعة عن إنشائها في عهدها الأول، بحجة أن كلية العلوم لا ترتجل، كما صرح المسيو بوفيليه، وكان أحد خطباء حفلة الافتتاح في ديسمبر

سنة 1908 إذ قال:

'

كان إنشاء كلية العلوم أداء لرسالة جديدة من رسالات الجامعة المصرية، ولكن مزدوجة، لأنها أرادت أن تضع حجرا جديدا في بناء كلية الطب، حيث فرضت أن لا يدخل الطالب كلية الطب إلا بعد أن يأخذ زاده العلمي من كلية العلوم، وهو تقليد جميل، لا يمتري في جماله غير الجهلاء

ثم رأت الجامعة أيضا أن لا يدخل طالب كلية الحقوق إلا بعد أن يمضي سنتين في كلية الآداب، ليتزود بالحقائق الأدبية والفلسفية، عساه يصير فيما بعد من أئمة التشريع

والطلبة الذين انتفعوا بذلك النظام هم المرجع في هذه الأيام لدراسة القوانين

أيها السادة:

كانت المشكلة في العهد الجديد أن تعرف الجامعة كيف تقنع الحكومة بقيمتها الذاتية، وكان الرأي أن تسير الجامعة على النظام الفرنسي، وهو يقضي على قصر التعليم الجامعي على أربع كليات: الآداب والعلوم والطب والحقوق، ثم رأت أن تسير على النظام الإنجليزي فترفع رايتها على جميع المعاهد العالية، ولي على هذا النظام اعتراضات لا يتسع لها المجال

والمهم هو النص على أن الجامعة استطاعت أن تسيطر على جميع الفروع بالتعليم العالي، أن تعلن استقلالها عن وزارة المعارف، وهذا مغنم ليس بالقليل، وهل من القليل أن تكون الجامعة دولة في جبين الدولة، وأن يكون التعرض لأحد مدرسيها مما يفتح باب الجدال في مجلس البرلمان؟

عندنا جامعة بالفعل، لا بالقول، وعندنا جامعيون لا يقبلون وظائف الحكومة إلا متفضلين، لأن الجامعة أعدتهم للجهاد في الحياة بلا سناد من هذا الوزير أو ذاك

رسالة الجامعة هي نصر الحياة على الموت، وقد نصرنا الحياة على الموت، فليجرب خصومنا حظوظهم في محاربتنا أن استطاعوا وأنا أخشى أن يستطيعوا، فقد سمعت أنهم يملكون بلايين ودشالين من القبور التي ترجع إلى عهد أدم وحواء!

أفي نيف وثلاثين عاما تصنع الجامعة هذا الصنيع، فتعز الذاتية الأدبية والعلمية، وتقول للرجل المفكر كن وجودا ذاتيا فيكون؟

كان ذلك لأنها أسست على التقوى، والتقوى هي الخوف، وكانت الجامعة تخاف أن ينهزم السلطان الأدبي والعلمي في هذه البلاد، وقد انتصرت لأن الخوف هو باب الأمان أيها السادة:

إن تاريخ الجامعة في عهدها الجديد لا يتجاوز سبعة عشر عاما، وتلك مدة لا تكفي لإيجاد محصول تباهي به الجامعات التي طال عهدها بالوجود، فكيف اصل إلى إقناعكم بأنها أدت رسالات لم تؤد من قبل؟

أمامي مصاعب ترجع إلى أن الجامعة في عهدها الجديد قد انتظمت معاهد لها تواريخ، فكلية الطب حلت محل مدرسة الطب، ومدرسة الطب المصرية (مدرسة قصر العيني) قامت بخدمات كبار في أزمان طوال، وقد كتب عنها في اللغات الأوربية عشرات المؤلفات والبحوث، ولقد كان مجدها يهزني هزة الازدهاء حين أرى ما كتب عنها في المكتبة الطبية بحي السوريون

ومع ذلك فمن السهل أن اقرر أن مدرسة الطب قد ازدهرت ازدهارا ملحوظا حين انضمت إلى الجامعة في عهدها الجديد، فقد ضخمت ميزانيتها، واتسعت مبانيها، ومضت إلى آفاق لم يفكر فيها أبناؤها الأولون

استطاعت كلية الطب بفضل أساتذتها وخريجيها أن تقوم بعقد مؤتمرات سنوية في مختلف البلاد العربية، وهي مؤتمرات تعرف فيها أطباء العرب بعضهم إلى بعض، وتلاقت فيها قلوب لم يتيسر لها التلاقي قبل تلك المؤتمرات، وان وجد حلف عربي بعد زمن قصير أو طويل فسيذكر التاريخ أن لأعضاء الجمعية الطبية المصرية يدا مباركة في إيجاد الحلف المنشود، ولعله قريب!

فان كنتم في ريب من أحياء مدرسة الطب بعد أن صارت كلية فتذكروا اسم الدكتور علي باشا إبراهيم، فاعظم منصب كان يصل إليه مثل هذا الرجل العظيم هو أن يكون وزيرا، وقد كان، ولكنه ما كان يصل إلى منصب مدير الجامعة المصرية لو ظلت تلك المدرسة بمنأى عن الحرم الجامعي، وخلق الوزراء سهل جدا في العهود البرلمانية، أما خلق شخصية تتولى إدارة الجامعة فهو رهين بالأهلية الجامعية

وهنا أعقب على معالي الدكتور علي باشا إبراهيم بمناسبة الجواب الذي قدمه إلى مجلة الاثنين وقد سألته عما يختار من ألقابه الكثيرة فاختار لقب (الجراح)

وإنما اوجه إليه هذا العتب، لان براعته في الجراحة لم تكن المؤهل الوحيد لصلاحيته لأدارة الجامعة المصرية، وإنما أهلته لهذا المنصب مزايا كثيرة، منها انه من كبار مفكرينا ومنها انه من أحد الرجال القلال الذين يعنون بتربية الأذواق، ومنها انه منوع الثقافة بحيث يستطيع أن يشترك في الأحاديث التي تتصل بجميع الكليات

ثم اذكر أن معالي الدكتور عبد الواحد الوكيل لم يترك دروسه في كلية الطب بعد أن صار وزير الصحة العمومية، فهل يقع هذا إلا من رجل صقلته الروح الجامعية؟

قولوا الحق واعترفوا بان لكلية الطب مذاقا غير مذاق مدرسة الطب، مع الاعتراف بما لمدرسة الطب القديمة من أمجاد سيحفظها التاريخ

ثم يجيء القول عن مدرسة الهندسة بعد أن صارت كلية، ومعلوماتي عن هذه الكلية قليلة، لأني مهندس معاني، لا مهندس مباني

ومع هذا يصح الحكم بان الجامعة خلقت كلية الهندسة خلقا جديدا، فقد وجهتها إلى مرامي جديدة، حين أوحت إلى أبناءها أن يشتركوا اشتراكا فعليا في اكثر الأعمال الهندسية، وكانت من قبل وقفا على خلائق ليس لها في هذه الديار انساب

ولنفرض أن كلية الهندسة لم تأت بجديد، فهل تنسون أنها تبالغ في اختيار الطلاب؟

ألم تسمعوا أن صدقي باشا عجز عن إلحاق أحد أبنائه بكلية الهندسة مع انه استطاع حل البرلمان؟

وسلطان الجامعة من هذه الناحية ليس اعتسافا، وإنما هو تعبير عن القوة الذاتية المصرية

ثم يجيء القول عن كلية الحقوق، وهي وريثة مدرسة الحقوق، ولطلبة مدرسة الحقوق القديمة تاريخ صوره شاعرنا حافظ إبراهيم حين قال:

وكيف يضيع للطلاب حقٌ ... وهم في مصر طُلاّب الحقوق

وما كادت مدرسة الحقوق تصبح كلية حتى اهتدت إلى أن لها غرضين أساسيين هما جملة الرأي فيما تتسامى إليه من كرائم الأغراض

الغرض الأول هو البرهنة على أن اللغة العربية قديرة على الإفصاح عن دقائق القوانين. وأنا لا أتحيز لوطني أن قررت إننا سبقنا جميع البلاد العربية إلى التأليف الجيد في مختلف فنون التشريع

أما الغرض الثاني فهو معاونة الشعوب العربية على استرداد الثقة بالفقه الإسلامي، وهو اخصب من الفقه الروماني بمراحل طوال. . .

وفي هذا المقام تلوح الفرصة للكلام عن الدكتور السنهوري فقد نهض بعبء في تلقيح القوانين الوضعية بالشريعة الإسلامية، وهو جامعي قديم، لأنه كان من طلبة قسم الحقوق بالجامعة المصرية في عهدها الأول، ولأنه كان عميد كلية الحقوق بالجامعة المصرية في عهدها الجديد. ولو أن الدكتور السنهوري أعفى نفسه من السياسة وتقلبات السياسة لأدى لوطنه خدمات اعظم وانفع، فقد دعي لوضع القانون المدني العراقي، ولكن منصب وكيل وزارة المعارف أغراه بالاعتذار، مع أنني ألححت عليه في أن يترك ذلك المنصب الخداع ليؤدي لسمعة مصر العلمية خدمة مأثورة في العراق الشقيق

ويضاف إلى هذين الغرضين غرض ثالث: هو الرغبة الشريفة في معاونة الأمم العربية على التعمق في الدراسات القانونية، ولن ننسى فضل العراق في إظهار ثقته النبيلة بكلية الحقوق المصرية، فقد رأى أن يستأنس بها في تقوية كلية

الحقوق العراقية. وهذه الالتفاته من جانب العراق تقوى ثقتنا بالكلية المصرية، وتدعونا إلى تأييدها بجميع ما نملك من

فنون التأييد.

هل أحتاج إلى القول بأن كلية الحقوق غير مدرسة الحقوق؟

لقد نشأت فيها أقسام جديدة بعد الليسانس، نشأت فيها دراسات لم تكن معروفة قبل عهد الأنظمة الجامعية، وبهذا استطاعت أن تقدم ألوانا جديدة من فقه التشريع، وما أحب أن أزيد

وهنالك كلية مجهولة هي كلية الزراعة، فهل تظنونها صورة من مدرسة الزراعة؟

ابحثوا تعرفوا أن كلية الزراعة أمدت أبناءها بأفكار وآراء لم تعرفها مدرسة الزراعة، فقد حاولوا وسيحاولون الاستيلاء على الأراضي التي لم تجد من يحسن استغلالها على الوجه الصحيح، وقد كان من أثار جهودهم في تنمية الثروة الزراعية أن أعلن أصحاب البساتين شكواهم من رخص الفواكه قبل أن تغليها أعوام الحرب

أما كلية التجارة فمكانها معروف، فقد استطاع أبناؤها أن يكونوا السناد المتين لبنك مصر وشركاته المتنوعات، وأنتم تعرفون أن بنك مصر توجيه جديد لأكثر أمم الشرق، فهو أول بنك نزه تحريراته وحساباته عن اللغات الأجنبية، واعتمد كل الاعتماد على اللغة العربية أيها السادة

بقى القول في كلية الآداب، وكلية الآداب لها الصدارة في جميع الجامعات، ومن أجل هذا كانت كلياتنا الغالية على يمين من يدخل حرم الجامعة المصرية

ومع ذلك فكلية الآداب هي صاحبة الحظ الأوفر من الشقاء في جميع الجامعات، لأنها تعالج أمورا دقيقة لا تفطن أليها الجماهير إلا بعد زمن أو أزمان

ألوان المعايش تحتاج في كل يوم إلى مهندس والتاجر والزارع والمحامي والطبيب، وهي تستغني بكل سهولة عن الأديب والمؤرخ والفيلسوف، وهل يحتاج الناس إلى الأدب كما يحتاجون إلى الرغيف

ورقة مرقومة من كلية الطب تمنح حاملها العيش الرغيد، وكذلك يقال في الأوراق التي تمنحها سائر الكليات

أما نحن فلا يعرفنا الجمهور ولا تعرفنا الدولة إلا بعد أن نبالغ في أقذاء العيون تحت أضواء المصابيح

ولهذا أرجوكم السماح بعرض بعض الخدمات التي أدتها كلية الآداب إلى الوطن الحافظ للجميل!!

كلية الآداب هي الكلية المظلومة، وسيلاحقها الظلم إلى أن تستطيع إقناع الأمة بأن الأدب مقدم على الرغيف، فهل تستطيع أقلامنا أن تروض الأمة على الإيمان بأن زاد العقول مقدم على زاد البطون؟

إن جهادنا سيطول ويطول، إلى أن تذكر مصر أنها الأمة التي سبقت جميع الأمم إلى وضع تمثال للكاتب المفكر قبل ألوف السنين

سنرى كيف تستطيع كلية الآداب أن تقنع الأمة بأنها أنفع من كلية الطب، وسنرى كيف يمكن إقناع الأمة بأن احتياجها إلى الأديب أشد من احتياجها من الطبيب. . . يوم ذاك يصح القول بأن الجامعة أدت رسالتها خير أداء

وإلى أن يجيء ذلك اليوم أذكر بإيجاز بعض ما صنعت كلية الآداب، فماذا صنعت كلية الآداب؟

وهل تستطيعون أن تتناسوا جهود الأساتذة والخريجين بكلية الآداب؟ التأليف عندنا، فما رأى هذا العصر أقوى من كتاب الأدب الجاهلي وكتاب النثر الفني، من حيث البلبلة الفكرية في الحياة الأدبية. ونحن الذين غيرنا اتجاه الأدب في مدارس الدولة من حال إلى أحوال

والترجمة عندنا، فأبناء كلية الآداب هم الذين ترجموا دائرة المعارف الإسلامية مع تحقيقات يعترف بقيمتها المؤلفون الأصلاء

والشعر عندنا، فليتقدم لمصاولتي في الشعر من يطيق، ولن يطيق

والمجد القومي عندنا، ففي كليتنا الغالية أقيمت معاهد للدراسات الأثرية من فرعونية وإسلامية، بحيث يستطيع الفتى المصري أن يعرف فضائل الأجداد والآباء

ونحن الذين فكرنا في أن يكون مدرسو اللغات الحية مصريين لا أجانب، ويشرفني أن أكون صاحب هذا الاقتراح، وقد نفذه العدو الصديق طه حسين

ونحن الذين ابتدعنا الرحلات العلمية إلى البلاد العربية، ومن الطريف أن أنص على أن الحج الجامعي إلى بيت الله الحرام هو من ابتكار كلية الآداب، وقد وصلت عدواه إلى طلبة الأزهر الشريف، فتذكروا أن الحج من أركان الدين الحنيف

كليتنا عظيمة التأثير في الجيل الجديد، ولا ينكر فضلها إلا مكابر أو جحود

أيها السادة

لكليتنا الغالية أمجاد جديرة بالتسجيل، وأخص تلك الأمجاد حرية الفتاة في ارتياد المعاهد العالية، وهذا لم يقع بمصر لأول مرة إلا في كلية الآداب

كانت رفيقتي في دروس الأدب والفلسفة والتاريخ فتاة لطيفة الروح، وهي الآنسة مي ربيبة الجامعة المصرية، وعنوان الكاتبة الموهوبة في اللغة العربية

وأنا لم اشترك في رثاء هذه الكاتبة، لأني لا أزال أراها رأي القلب، ولاني لا احب أن اصدق أن الفناء يجوز على شبابها الجميل، وكان من بسمات الوجود

وقبل أن تموت مي رأيت تأثير كلية الآداب حين زرت الموصل في ربيع سنة 1938، فقد رأيت المدينة كلها مشغولة بكتاب أخرجته فتاة من طالبات كلية الحقوق

كلية الآداب هي أول معهد مصري أباح اختلاط الجنسين في المعاهد العالية، وهو مبدأ يرضى عنه قوم ويغضب عليه أقوام ولكنه مبدأ، وللمبادئ قيمة، ولو أقيمت أساسها على ضلال

وكلية الآداب هي أول معهد مصري فكر في إمداد الصحافة بقوى جديدة مزودة بأهم أقوات الأذواق والعقول، وسيكون لأبناء معهد الصحافة تأثير جميل في صحافة الجيل الجديد

أيها السادة

ستسمعون في هذه الليلة كلاما في تجريح الجامعة، من أبناء الجامعة أنفسهم فلا تظنوا ذلك التجريح من صور العقوق وإنما يجب أن تعدوه من صور الوفاء، لأنه من أقوى البراهين على أن الجامعة أدت رسالتها خير أداء

أهم رسالة من رسالات الجامعة هي خلق القلق الروحي والعقلي، فان غلبني مناظري في هذا المساء فسيكون فوزهم تأييدا لحجتي. وهل تنسون أن الأشبال لا يصاولون آباءهم إلا بعد أن يصبحوا من الأسود؟

لا اعرف ما الذي سيقول مناظري الفضلاء، ولكني أخشى أن يفوتهم مقتل هو اضعف مقاتل الجامعة المصرية، وهو عجزها الفاضح عن أن تجعل اللغة العربية لغة التدريس في جميع المواد بجميع الكليات

لقد قضيت عشر سنين في الدعوة إلى هذا المبدأ القومي، فما استمع مستمع ولا استجاب مستجيب، فليلتفت مناظري إلى هذا المقتل، وليقولوا لرجال الجامعة أن السبات قد يفضي إلى الموت ثم إلى الفناء

لا يجوز في أية جامعة أوربية أو أمريكية أن يودي امتحان بغير اللغة القومية، إلا أن يكون امتحانا في إحدى اللغات الأجنبية، أما الجامعة المصرية فتسمح بان يؤدي الامتحان بغير اللغة العربية في المباحث الإسلامية، وهذا هو الكفر بعد الإيمان!

جرحوا الجامعة، جرحوها بعنف، لتستيقظ فتثور على الغفلة والجهل. . .

قولوا وأطنبوا، فإن لم تفعلوا - وستفعلون - فسآخذ الكلمة من أفواهكم لأسمع الجامعة ما تحب أن تسمع، فرضاها عن هذه الحال رضا اليأس، لا فرح التحليق في أعالي الأجواء.

جولوا وصولوا، يا بني الأم الروحية، وقاتلوها وقاتلوني، لأرى أنكم وهبتم العزائم الفواتك، والأرواح الصحاح

أنا أثنيت على الجامعة بالحق، فجرحوها بالحق، لتأمنوا صيالي في ردكم إلى شرعة العدل والإنصاف

وإلى اللقاء بعد أن أسمع ما عندكم من حجج وبراهين، فلن تضام الجامعة وفي الوجود رجل هو أصدق أبنائها الأوفياء

زكي مبارك