مجلة الرسالة/العدد 505/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 505/البريد الأدبي

ملاحظات: بتاريخ: 08 - 03 - 1943



من جنايات المذاهب الصوفية

قرأت في باب البريد الأدبي رقم 504 كلمة عن المذاهب الصوفية وتنكب بعض رجالها وأتباعها الطريق السوي، ذكر فيها كاتبها الفاضل عن تفسير المنار بعض ما كان للحلاج من مواطآت كان الغرض منها أن يلقي في ورع العمة وأشباه العامة أنه ممن آثرهم الله بعلم الغيب والقدرة على المعجز من الأمور

وقد بعثني ما قرأت إلى كتابة هذه الكلمة الموجزة عن هؤلاء الذين يزعمون أنفسهم متصوفين ومشايخ الطريق، الذين بما لبسوا على العامة وأشباه العامة وبما اندس بينهم من الحال بالشرع والحق، صاروا غير أهل لشيء مما يتمتعون به من تشريف وتكريم

محي الدين بن عربي من أساطين المتصوفة، وممن لا يزال لهم أتباع كثر في البلاد الإسلامية، على بعد فلسفته النظرية والأخلاقية عن الدين، ويكفي أن نشير إلى بعض ما يرى في الأخلاق

1 - انه بما ذهب إليه من القول (بوحدة الوجود) وما يستلزمه هذا القول من اعتبار العالم كله صوراً ومجالي ومظاهر لله الذي هو وحده الموجود، قد أتى الأخلاق من قواعدها، إذ لا معنى للمسؤولية الأخلاقية التي هي مناط الثواب والعقاب؛ لان للآثم أخلاقياً أن يقول: ما دام الله الذي اتخذني مظهراً له هو الذي فعل حقيقة ما يظن انه فعل لي، كيف يستقيم أن أكون أنا المسؤول!

2 - ويظهر أن الشيخ الأكبر (كما ينعته أتباعه) لا يتهيب أن يصل به مذهبه إلى هذا الحد فيما يتصل بالأخلاق. أنه يرى أن الذي وصل إلى درجة المحبة الحق يباح له أن يتجاوز حدود ما أنزل الله، بعد أن لازم زمناً طويلاً حفظها؛ لان من أحكام المحب أو من صفاته أنه كالدابة جرحه جبار! بل أنه ليرى أن هذا الصنيع من المحب لا يعتبر مجاوزة للحدود إلا في نظرنا نحن، أما بالنسبة إليه فهو كأهل بدر الذين أباح لهم أن يفعلوا ما يشاءون فقد غفر لهم، وإذاً فتصرف المحب هو تصرف فيما أبيح له! وإذا تركنا هذا القياس الخاطئ للمحب على أهل بدر، رأينا ابن عربي يذكر تعلة أخرى لما جاز من تعدي المحب حدود ما أنزل الله؛ إذ يرى أن هذا المحب - وهو ولهان مدله العقل لا تدبير له في رأيه - غ مؤاخذة فيما يصدر عنه، وغير مطالب بالآداب التي لا يطالب بها إلا من كان له عقل

وبعد: فهل لنا بعد هذا أن نعالج في جد مشكلة هؤلاء المتصوفة، أعني الذين عرفوا منهم بالإلحاد

في العقيدة، والضلال في الأخلاق، وأكل أموال أتباعهم الجهال بالباطل!

محمد يوسف موسى

المدرس بكلية أصول الدين

العالم العربي

أهاب الأستاذ محمد عوض محمد في مجلة الثقافة بزعماء المسلمين لإعداد الخطط التي تؤول إلى ما فيه اليمن والفلاح. ومن واجبات المصلحين حث القادة على العمل المثمر لوضع الدعائم التي يقوم عليها صرح الوحدة العربية وتوجيه آراء الأمة نحو المثل العليا والسير بالشعب نحو المحجة السامية.

وما نخال مقال الأستاذ إلا توطئة لمقالات أخر ودراسات شاملة نأمل منه ومن حضرات المفكرين أمثاله أن يمهروا بها العالم العربي، ولا أقول الإسلامي

فالوطنية الحق ليست وقفا على دين من الاديان؛ وان في مسيحي الشرق العربي من الشباب الطامحين المثقفين الأحرار من يدلون على الملأ: قاصيه ودانيه بعروبتهم ويفخرون بقوميتهم، ويتعصبون لها كأشد المسلمين اعتزازاً بالوطنية وتعلقاً بالعروبة. وأني أرى أن يعدل كتابنا عن اسم (العالم الإسلامي) إلى (العالم العربي) عند ما يعرضون للوطنية وللاستقلال بالدراسة والبحث لأنه أدل تسمية وأدق تعبيراً.

وبعد، فما أنا من يتحرج بالاسم الديني هذا يطلق على البلاد العربية الغالية، والمسلمون أخوان لي أثيرون على قلبي، ولهم في نفسي - كما لهم في كل نفس تؤمن بالعروبة - مكانة لا تعد لها المكانات، وإنما أود أن نجرد نحن الشرقيين معنى الوطنية من الطائفية، فالطائفية كما نعلم جميعاً لم تكن إلا بلاء في وطن كثرت فيه الملل وتعددت فيه المذاهب والنحل.

والطائفية كانت - لنكد الطالع وشؤمه - الثغرة التي نفذ منها دعاة السوء إلى بنياننا القومي فصدعوه، وما فينا على ما أعتقد من ينكر هذه الحقيقة إلا من أضله التعصب سواء السبيل وغشت على بصيرته نوازع الأهواء.

نحن اليوم أشد ما نكون حاجة إلى التكاتف والتساند وتوحيد الجهود لدرء ما قد يهدد الكيان العربي من أخطار. وعرب نحن سواء كنا مسلمين أم نصارى، وحرى بنا أن فرقت بيننا المذاهب أن تجمعنا العروبة فهي خير آصرة تتآلف عليها القلوب وتتوثق بها العرى، فللعروبة يجب أن تهفو النفوس وباسمها فلتنطق الأفواه

(بيروت)

جورج سلستي

تراث بني إسرائيل

يخطئ المفسرين الأستاذ الصعيدي فيما ذهبوا إليه من أن الله عز وجل رد بني إسرائيل إلى مصر بعد هلاك فرعون وقومه، فأعطاهم جميع ما تركوا من جنات وعيون وكنوز ومقام كريم؛ معتمداً على أن تاريخ مصر وتاريخ بني إسرائيل لا يثبتان عودة الإسرائيليين إلى مصر ولا قيام ملك لهم فيها قبل ظهور الإسلام؛ ثم يقول: والحق أن الله تعالى يشير إلى بساتين وعيون كانت لهم في فلسطين، وأن الضمير في (أورثناها) يعود إلى مطلق الجنات والعيون؛ لا إلى خصوص ما كان في مصر على ذلك العهد، وهذا من أسلوب الاستخدام المألوف في لغة العرب

ومقال الأستاذ صريح؛ أو ظاهر - على لغة الأزهريين - في خمس دعاوي، إن المفسرين قاطبة على هذه الرأي، وأنهم جميعا مخطئون؛ وأن التاريخ ينفي عودة بني إسرائيل لأنه لم يثبتها، وأن الأستاذ وحده مبتكر هذا الرأي، وأنه الحق.

ولكن ما قول الأستاذ في أن ما نقله المفسرين إنما هو رأي جمهورهم - لا رأي جميعهم - بناء على الظاهر كما يقول الأزهريون إلا بقاطع. ولا قاطع، وأن التاريخ إذا سكت عن إثبات شئ لا يكون حجة على نفيه، ومن القضايا الأزهرية (عدم الدليل ليس دليلاً على العدم).

فكيف وقد أثبت التاريخ القديم رجوع بني إسرائيل إلى مصر؟ قال الآلوسي: ورأيت في بعض الكتب أنهم رجعوا مع موسى وبقوا معه بمصر عشر سنين. وجاء في كتاب البشرية ص 88 لمؤلفه لينج أن موسى بعد أن هزم فرعون مصر الذي فر إلى الحبشة حكم مصر ثلاث عشر سنة

والمتبادر من قوله تعالى: (ويستخلفكم في الأرض)، ومن قوله (ثم قلنا من بعده لبني إسرائيل اسكنوا الأرض)، ومن قوله سبحانه (وأورثنا بني إسرائيل) انهم رجعوا إلى مصر. وقد حكى الألوسي تأويلا آخر هو عين ما قاله الأستاذ الصعيدي إلى أن قال: وأخذ قوم بقول الحسن وهو رجوع بني إسرائيل إلى مصر وقال لا عبرة بالتواريخ وحسبنا كتاب الله تعالى فهو أصدق القائلين

طه محمد الساكت

المدرس بمعهد القاهرة

من نوادر العرب

نوادر العرب كثيرة، يعثر عليها المرء في تضاعيف الكتب التاريخية، وثنايا المصنفات الإخبارية. وإني لراوٍ لك فينا يلي طرفا مما التقطته من نوادرهم

1 - كان أبو حية النميري جباناً، وكان له سيف ليس بينه وبين الحية فرق، وكان يسميه (لعاب المنية). وذات يوم وقف النميري على باب داره ليلاً، وقد جرد سيفه وهو يقول: (أيها المغتر بنا، والمجترئ علينا، بئس والله ما اخترت لنفسك؛ خير قليل، وسيف صقيل، هو لعاب المنية الذي سمعت به. أخرج بالعفو عنك، وإلا دخلت بالعقوبة عليك)! وظل واقفا لا يجسر على الدخول، مخافة أن يكون فيه لص فاتك. فجاء رجل من أهله، فدفع الباب فانفتح. . . وخرج منه كلب يعدو كالأرنب، فسقط النميري على قفاه وهو يقول: (الحمد لله الذي مسخك كلباً، وكفاني حرباً)!

2 - دخل رجل أعور على معن بن زائدة، فأمر له بجائزة. وكان (معن) جودا؛ ثم دخل عليه رجل آخر، وكان مثل زميله اعور، فأمر له بجائزة. . . فعادا يمشيان جنبا إلى جنب بحيث صارت عيناهما المكفوفتان جوار بعضهما البعض. . . فقال معن (لقد أعطيتكما منفردين، فماذا تريدان؟) فقال أحدهما (بيننا رجل أعمى يستحق الصدقة)، فأعطاهما معن ضعف ما أخذاه، فقال أحدهما:

ألم ترني وعمراً حين نمشي ... نريد السوق ليس لنا نظير

أماشيهِ على يُمْنَى يدْيه ... وفيما بيننا رجل ضرير!

3 - وأما نوادر البخلاء فليس لها حصر، ولذلك نجتزئ بذكر هذه النادرة الطريفة: -

طبخ أحد البخلاء قدراً، وجلس يأكل مع زوجته، فقال: (ما أطيب الطعام لولا كثرة الزحام!) فقالت: (وأي زحام وما ثم إلا أنا وأنت؟) فقال: (كنت أحب أن أكون أنا والقدر)!

زكريا إبراهيم

كليوباترة

منذ أمد بعيد واستديو لاما يعمل عملاً متواصلاً في إنتاج فلم (كيلوباترة)، وقد ابتدأ عرض هذا الفلم الذي اشترك في تمثيله جماعة منتقاة من الممثلين والممثلات نذكر منهم الأساتذة: بدر لاما، منسي فهمي، السيد زيادة، حسن كامل. والآنسة أمينة رزق، وزوزو نبيل. والمطربة درية أحمد وغيرهم. وقد أخرج هذا الفلم التاريخي العظيم المخرج المعروف الأستاذ إبراهيم لاما.

عبد الفتاح متولي غبن