مجلة الرسالة/العدد 506/غروب. . .!
مجلة الرسالة/العدد 506/غروب. . .!
للأستاذ محمود حسن إسماعيل
مَاليِ أَحِسُّ كأَنَّ عُمْرِيَ في يَدِ الأَحْزَانِ يُطْوَى؟!
نَفْسِي تَنَاهَبَهَا الشَّقَاءُ وَلَمْ تَجِدْ فيِ الْجِسْم مَأْوَى
قَلْبِي أَذَلَّتْهُ الْجِرَاحُ فمَا يُطِيقُ بِهِنَّ شَكْوَى
حُبِّي اسْتَحَالَ رِوَايَةٍ لِلدَّمْعِ يَعْصِرُهَا فَتُرْوَى
وَصِبَا غَرَامِيَ صَارَ أَبْعَدَ مِن مَشِيبِ الغَيْبِ شَأْوَا
أَغْدُو، وأُمْسِي. . . وَالأَسَى نَارٌ أُذَابُ بِها وَأُكْوَى!
رَبَّاهُ! مَا أَنَا؟. . . هَلْ وُجِدْتُ عَلَى زَمَانِ النّاَسِ سَهْوَا!
سَوَّيْتَنيِ رُوحاً. . . تَمَرَّدَ أَنْ يَرَى الأَرْضَ مَثْوَى
وَأَنَا التُّرَابُ! فَكَيْفَ صِرْتُ هَوًى، وَتَعذِيِباً، وَشَجْوا!
شُرُفَاتُ غَيْبِكَ لا يُتِحْنَ لِغَيْرِ مَنْ يَبْكِي دُنُوَّا
وَأَنَا إليك ذَرَفْتُ أيامي فَزَادَ دَمِي عُتُوَّا
وَرَأَيْتُ سِحْرَكَ فيِ الُوجُودِ أَضَلَّ إِحْسَاسِي وَأَغْوَى!
النَّهْرُ جَبَّارٌ عَصَاكَ فَلاَحَ مَحْمُوماً تَلَوَّى
وًالعِطْرُ زِنْديِقٌ يُذِيعُ عَذَابَهُ. . . وَيَقُوُلُ: سَلْوى!
وَالطَّيْرُ مَجْرُوحُ الغِنَاءِ وًيْلبِسُ الآهَاتِ صَفْوَا
وَالرَّيحُ جِنٌّ آثِمٌ وَخَزَتْهُ زَلَّتُهُ فَدَوَّى. . .
. . . وَطَوَى الفَضاءَ مُزَمْجِراً مُتَضَرِعاُ يَسْتَلُّ عَفْوَا!
وَالشَّمسُ مَسْلُولٌ تَلَفَّعَ بِالْغُيُومِ وَدَسَّ بَلْوَى. . .
. . . قَلِقَتْ عَلَى شَفَقِ الْمَغِيبِ كأَنَّهَا في النَّار تُشْوَى!
وَاللَّيْلُ أَقْبَلَ يَمْلأُ الْقيِعَانَ أَسْراراً وَنَجْوَى. . .
وَأَنَا الْغَرِيبُ شَرِبْتُ أَحْزَانيِ فَقِيلَ: شَرِبْتُ لَهْوَا
وَبَكَيْتُ حَتَّى خِلْتُ أَجْفَانِي مُعَذِّبَتِي وَنَشْوَى!
مَاذَا رَجَائِي في الْحَيَاةِ إذا انْتَهَى مَا كُنْتُ أَهْوَى وَوَقَفْتُ أَحْفِرُ لِلْجِرَاحِ طَرِيقَها. . . فَتَعُودُ شَدْوَا!
محمود حسن إسماعيل