مجلة الرسالة/العدد 51/من طرائف الشعر

مجلة الرسالة/العدد 51/من طرائف الشعر

ملاحظات: بتاريخ: 25 - 06 - 1934



عطيل

للأستاذ فخري أبو السعود

قليل رقاد الليل نابي المضاجعِ ... يبيت على مضٍّ من الشك لاذعِ

على حُرَقِ: لا الظن قاتلُ حُبِّهِ ... ولا حُبُّهُ للظن عنهُ بِدَافِعِ

دجا عَيْشُهُ جَرّاَء من كان ذكرهُا ... ضياءًَ له في داجيان المعامعِ

أطاع مقالاً للحسود أهاجه ... ولم يك لو قال النصيحُ بِطَائع

يقول: إِذَنْ قد نازعتْها صبابةٌ ... وغَىُّ فألقَتْ قيدَها للنوازع

وأصبحَ عِرضي في بني الرُّوم مُثْلَةً ... وهُزْأةَ مِهْذَارٍ وَمَلْهاةَ صافِع

جَزَائَيِ هذا: إنني كنت غافلا ... فأقحمتُ نفسي في وخيم المراتع

حسبتُ قلوبَ الغيدِ بالبأس تُستَبَي ... وتُملك بالبِيض الخفاف القواطع

جَزَائَيِ عَدْلاَ: مالمِثْليِ وللهوى؟ ... لقد قذفتْ بي في المرامي مطامعي

ولم يك وجهي للحسان بفاتن ... ولا لونُ جلدي في الغرام بشافعي

ألا ليتني لم ألق أشْرَاكَ حُسْنها ... فقد كنتُ في أشراكها شَرَّ واقع

ألا ليتني لم أدِْر أنباَء بغيِها ... وكفَّتْ جفوني دونه ومسامعي

لقد أنكرتْ خَلْقي وضاقت بِكَبْرتي ... ومنظر شَيبْاتٍ برأسي طَوَالع

وماسَرَّها أني بلوْنَي مُعْلَمٌ ... لَدَى الحرب بَطَّاشٌ بكل مُقارع

ولاغُدُوَاتى في البحار زواخراً ... ولا دَلجَاتي في الفَلا والبلاقع

ولا أَوبتى بالغار في كل موكب ... ولاخطرتي بين السيوف السَّوَاطع

فلم يَثْنها عهدٌ وجٌنَّ جنونُها ... بغَضِّ الصِّبا من قومها الصُّفرِ يافع

سباها بطبع منه هَيْنٍ ومنظرٍ ... طَرِيرٍ وخلاَّبٍ من القول رائع

تهيم به دونى وإن يك خادمي ... وتمنحه حقَّي وإن يك تابعي

ولم يَبقَ لي في قلبها اليومَ موضعٌ ... وما كان فيه أمس إلا مَوَاضعي

نعم هي تلقاني بنظرة مُغْرَمِ ... وبسمةِ مفتونٍ وعَطفةِ خاشع

نعم وَهْيَ تسقيني خَدُوعَ رُضابها ... كما مَجَّت الأفعى الخَؤُونُ بناق وتوهمني الطُّهْرَ الذي يدعينه ... وليس سوى آلٍ بصحراَء لامع

وتُوشك - لولا الرشد - أن تَسْتِخَّفنيِ ... ويَسْتَلَّ حقدي سِحرُها من أضالعي

ويوُشك ذاك الحُسْنُ أن يستهزني ... فأنسي لديها كيدَها وهَو فاجعي

أتْبسَمُ لي غِشاَّ ومحضُ ودادها ... لَدَى قاهري في حُبهِّا ومنازعي؟

لَعمَرْىَ ماذا يدعُوَاني إذا خلَعتْ ... إليه بمنأى عن رقيب وسامع؟

أتدعِينَني فَدْماً؟ أتُفُضْيِنَ للفتى ... بشجوِى ولأَوائي وجَمِّ مواجعي؟

أيَضْحك من جهلي؟ أيزعم أنني ... بليدٌ غليظ الحِسِّ غيرُ مُدافع؟

حَنانَيْكُما - قد جُرْ تُما وغلوتما ... ورفقاً بهذا المسْتغَرِّ المخادَع

سيأتيكما أمري فيَدْري كلاكما ... بأنَّ حِمَى الوَحْشِيِّ ليس بضائع

سأنقع ممن خانت العهد غُلتَّي ... وهيهات ما غيرُ الحِمام بِناقع

سأمنحها كأس المنية مُوقفاً ... بأني لتلك الكأْس أوَّلُ جارعُ

سأُسلِمُها للموتِ أوَّلَ نادمِ ... لتلك الحُليَ تَقْضي وتلك البدائع

سأقتل مَن لو أستطيع فديتها ... بِبَتِّ نِيَاطي أو بِقَطْعِ الأخادع

فخري أبو السعود