مجلة الرسالة/العدد 541/ الشعر المرسل،

مجلة الرسالة/العدد 541/ الشعر المرسل،

ملاحظات: بتاريخ: 15 - 11 - 1943


4 - الشعر المرسل

درامات الأستاذ أبي حديد وملحمته

للأستاذ دريني خشبة

قبل أن أعرض على القراء الأفاضل، وأصدقائي الشعراء منهم خاصة، نماذج مما نظم روادنا الأوائل في الشعر المرسل، وفي مقدمتهم الثائر الأول الأستاذ محمد فريد أبو حديد، ثم الأساتذة: علي أحمد باكثير، وأحمد فريد أبو شادي، وخليل شيبوب، ومن عسينا أن نعرض لهم من شعرائنا فيما بعد. . . قبل أن أعرض هذه النماذج أرجو أن أذكر القراء والشعراء على السواء أن الشعر المرسل لا يستعمل إلا في الروايات التمثيلية والملاحم والقصص الطويلة بأنواعها، وأرجو أن أذكرهم أنهم حينما يتفضلون بقراءته فواجب ألا يقفوا عند آخر البيت أو السطر يتلمسون الفقيد العزيز الذي ضحى به في هذا الشعر. . . هذا الفقيد الذي ما اخترع الشعر المرسل إلا لتخلص من شره. . . هذا الفقيد هو القافية

يجب ألا يقف القراء عند آخر كل سطر يتلمسون هذا الفقيد الذي يحسن ألا يعز عليهم مغيبه، بل يجب أن يقرأوا هذا الشعر المرسل على أنه كلام موزون لا ينتهي عند آخر البيت أو السطر، ولكنه ينتهي عندما ينتهي الغرض من الكلام أو الغرض من الحوار. . . فالكلام جارٍ ما جرى الحوار ولا يقف إلا عند نهاية المنظر، وليس يقف أجزاء أجزاء عند القافية كما هي الحال في الشعر الغنائي

وقد اتخذ الأستاذ أبو حديد - الشطر - وحدة له في شعره المرسل، وكذلك الأستاذ باكثير؛ أما الأستاذ أبو شادي فقد جعل البيت كله وحدته في أكثر ما نظم، ولذلك يضطر قارئ شعره إلى الوقوف آخر كل بيت، وعند ذلك يشعر القارئ أنه يبحث عن الفقيد العزيز أو الغير العزيز، وهو القافية، وعند ذلك أيضاً يشعر القارئ بخيبة أمل شديدة لاختلال الموسيقى واضطرابها. . . أما الأستاذ شيبوب فقد سلك طريق الشعر الحر، وذلك بعدم ارتباط بعدد التفعيلات في كل سطر، لكنه بالغ في تعدد البحور مبالغة شديدة، وفي ذلك من التنافر ما فيه، مما سوف نعرض له في فرصة أخرى إن شاء الله

مقتل سيدنا عثمان

ذكرنا في الكلمة السابقة أن الأستاذ أبا حديد نظم هذه الدرامة سنة 1918 وإنها لذلك أو أثر عربي كبير كامل في الأدب العربي - أو الأدب المصري - بالشعر المرسل، وأنها لهذا السبب جديرة بالدراسة وجديرة بحسن الالتفات. وموضوع الدرامة يتناول تلك المأساة الباكية التي يدمى لها فؤاد كل مسلم. . . المأساة التي غيرت وجه الإسلام وذهبت بحرية الشورى التي بشر بها محمد. . . المأساة التي قسمت المعسكر الإسلامي وشقت وحدة المسلمين، وجعلت من أعظم صحابة أعظم نبي فرقاً ممزقة، ولبستهم شيعاً وأحزاباً، وأذاقت بعضهم بأس بعض. . . فأغمد المسلم سيفه في صدر أخيه المسلم، وانتهى الأمر بأن أصبحت إمارة المؤمنين ملكاً عضوضاً وعهداً مفروصاً لا رأي فيه لأحد إلا ما تنتزعه القوة من بيعة تفرضها السيوف المصلتة، ويرفضها الدين المختنق، وتأباها الضمائر المكبوتة، ولا تباركها السماء

ويبدأ الفصل الأول من المأساة بحوار بين جماعة من المسلمين الحانقين على سياسة عثمان - رضي الله عن وغفر له - يشكون مما وصلت إليه الحال من استعمال أمير المؤمنين أهله وأقاربه على الولايات، وعزله عمال عمر وأبي بكر، ثم نزوله عن خمس مغانم الحرب لبعض الأفراد من بني أمية، نزولاً قال عنه عثمان أنه بيع وليس نزولاً. . . ثم يقبل مروان بن الحكم - هذا الداهية المسلط على عثمان - مع الشاعر عدي الأموي، فيدور بينهما حوار يغريه فيه مروان بإثارة العصبية القبلية الجاهلية التي محقها الإسلام وعفى على آثارها، ويمنيه مروان الأماني، فيعده عدي خيراً وينطلق، ويقول مروان:

أصبح الناس يداً واحدةً

كلهم يرمي إلى قلب أميةْ

إن للحاسد قلباً قلقاً

لا يرى الراحة ما دام يرى

أثراً للخير في كف سواه

ما يودون؟ أكنا هملا

ثم أصبحنا سراةً في قريش؟

فلئن بات لنا الأمر فقد

كان فينا مثله في الجاهلية إنما يسعون فينا عبثاً

وسيبقى مجدنا ما دام سيف

ثم يقدم خادم فيعطيه مروان بدرة من المال لينطلق بها إلى الشاعر عدي كي يمدح بني أمية في (نادي أسد)، ثم يقدم عثمان في بعض أصحابه ومنهم علي والزبير فيدور حوار نعرف منه أن علياً خبير بما كان يدبره مروان بن الحكم من حصر السلطة في أيدي الأمويين مستعيناً على ذلك (بسلامة نية!) عثمان، ويزجي علي النصح لعثمان، وينهي إليه خبر الشكاوي التي جأرت بها بعض الوفود القادمة من أطراف الإمبراطورية الإسلامية الناشئة فيعد عثمان بتدارك الحال، وينطلق علي والصحابة ويخلو مروان إلى نفسه فيبدي حنقه على إصغاء عثمان لعلي. . . ثم يأتي البشير بالفتح وقرب وصول خمس المغانم، ثم يلي هذا حوار بين نفر من الناقمين على مروان وعلى عثمان وعلى الأمويين أجمعين، وفي الحوار غمز شديد لاستسلام عثمان لمروان

وفي الفصل الثاني يحاول مروان إيغار صدر عثمان على علي والزبير وعبد الرحمن بن عوف لما رأى من إقبال الشاكين من عمال عثمان الأمويين عليهم وتدخل علي والزبير وابن عوف عند عثمان فيما زعم مروان أنه لا شأن لهم فيه، وتؤثر وقيعة مروان في نفس عثمان، فهو يقول بعد ذهاب مروان:

إن في القول لحقاً ظاهراً

كان من قبلي على الناس عُمَر

فتولاهم بعنف، ورضوا

مثلما يسلس للحادي البعير

ولقد كنا نرى الرأي فلا

نحمل القول على غير المشورهْ

وأرى قومي مضوا في غير هذا

فيسير الناس بالشكوى إليهم

فيجيئون بشكوى وبلومْ

ولعمري إن من لان تدنّى ثم تصل جماعة من مصر تشكو عبد الله بن أبي السرح ومعهم علي بن أبي طالب الذي يظهر تبرمه لما ساد النواحي من ظلم عمال عثمان من بني قرابته، ويثور عثمان على علي الذي يشتد في نقده له:

كل يوم وافد من ناحيهْ

فبمصر أفسد الظلم البلاد

وعلى الشام أمير كخليفهْ

ويضج الناس من حكم العراقْ

وهنا دب الهوى وسط المدينهْ

فيقول عثمان:

ما الذي أسمع؟ هل كنت ترى

لك هذا الحق أيام عمر؟

فيقول علي:

أيّ حق؟ أتظن النصح حقاً؟

ما الذي أجنيه إلا نصبا

إنما أقصد خيراً، فإذا

كنت تأباه فلن أذكر شيئاً

فيضعف عثمان ويغلب عليه عامل الخير والوفاء والإيمان فيقول:

ليس قصدي كل ما هم بنفسك الخ فيقول علي قولة الحق الذي لا يبالي:

أنت قد أصبحت في بيت أُميهْ

مثلما كان ملوك الجاهليةْ

أفلا تبصر ما كان عمر؟

إنه ما كان يرضى درهما

يتولاه نسيب فوق حقه

ولقد أفسحت آمالاً كباراً

لبني جدك رغم المسلمين أترى هذا صلاحاً للخلافة؟

فيقول عثمان:

ذاك رأي، ولك ما يرى فيقول علي غاضباً:

إنْي لولا حفاظي لقطعتك

ستراني باعداً عن كل أمرك

ثم يخرج ثائراً فيقول عثمان حزيناً:

ساءه ما قلت - والله لقد

هاجني ما قال مروان بشأنه

قبح الله حياة الطامعين الخ. . .

وفي الفصل الثالث تجتمع فرق من الساخطين من كل صقع فيعزمون أمرهم على الشكوى لعبد الرحمن بن عوف، فإذا خرج أكثرهم دخل عثمان ومروان، ويسأل عثمان عن علي ثم يخبره أحد الحاضرين عما تم بنادي أسد من تفاخر كتفاخر الجاهلية وما انتهى إليه هذا التفاخر من إحياء العصبية الجاهلية التي أراد مروان بإحيائها التفاخر الكاذب بأمجاد الأمويين قبل الإسلام وستر تأخرهم في اعتناق الدين الجديد. وينصرف عثمان لزيارة علي. . . ويقبل عبد الرحمن بن عوف في جماعة من المتذمرين الذين يذكرون له أنه كان السبب في اختيار عثمان للخلافة برغم الإجماع على اختيار علي، فيهدئهم حتى يقبل عثمان ومعه مروان أيضاً فيلاحيه ابن عوف، فإذا سأله عثمان أجاب أنه لا يذكر شيئاً حتى تنصرف الجماعة. فإذا انصرفت بقي مروان كالذي لصق بالأرض فيأمره عثمان فينصرف متلكئاً وبعد أن يراوغ، ثم يقول ابن عوف لعثمان مثل الذي قال له علي من الانحراف إلى بني أمية، ويشتد الصاحبان، ثم ينصرف ابن عوف غضبان أسفاً. . . ويتألم عثمان بل يحزن لانصراف صاحبه على هذا الوجه

وفي الفصل الرابع يكون عثمان ومروان في مسجد النبي بالمدينة، ويشير عليه مروان باتخاذ الحيطة واستدعاء بعض الأجناد - أجناد بني أمية - من الشام ليكون له عدة ضد المتألبين - فيرفض عثمان - ثم يصل وفد كبير من مصر يشكو، فيصرفه عثمان بعد أن يعده خيراً، فإذا خرج عثمان لحاجة له عند سعد قال مروان: رب هل هذا أمير الأمم؟

لا! فما للأمر إلا رجل

شائك الحد شديد الساعد

إن عثمان ملاك زاهد

يصلح الأمر له لو أنه

حاكم في أمة من زاهدين

غير أن الناس ما زالو أُناسا

إنه لو ضاع عثمان فلا

يرجع الأمر لنا من بعده

وجب الآن علينا أن يرى

كيف نبقي الأمر في قضيتنا

ويهم بالخروج فيسمع لغطاً وضوضاء، وإذا عثمان يرتد ويذكر لمروان أن المتألبين أخذوا عليه الطرقات هاتفين متصايحين. ثم يدخل علي فجأة فيفرح به عثمان ويوسطه في إرضاء الأحزاب على أن يصلح من الأمر كل ما فسد ويتدارك كل ما يشكون منه

وفي الفصل الأخير تتم المأساة. فذان هما الحسن والحسين ابنا علي يذودان عن دار عثمان بسيفهما، وذلك وفد يجادل عثمان في أمر خطاب زائف ضبطه الثوار مع رسول الخليفة يأمر والي مصر بقتل رؤوس المتألبين وعلى الخطاب خاتم عثمان. . . لكن عثمان ينكر الخطاب ويخبرهم أنه إنما أمر بعكس هذا، فإذا أقنع رجال الوفد بأن هذا المنكر من صنع مروان وأنه لا بد من تسليمه إليهم رفض أمير المؤمنين رفقاً بمروان الذي لم يكن يستأهل ذرة من هذا الرفق - ثم هذا مروان يشير على الخليفة باستعمال الأناة والمكر حتى يقدم جيش الأمويين من الشام فيقضي به على جميع المتألبين فيرفض عثمان أن يقتتل المسلمون في عهده. ثم هذا نبل يسقط قريباً من عثمان فلا ينخلع قلبه. ثم هذا محمد بن أبي بكر صديق الرسول يقبل وقد قبض على سيفه يريد قتل عثمان، فإذا أخذ بلحية الأمير الشيخ ناقماً مستهزئاً ذكره بمقامه من أبيه أبي بكر فيرتعد فؤاد محمد، ثم يولي هارباً. ثم يدخل متآمر ثان فيهم بقتل عثمان وتدخل نائلة (زوج عثمان) فتحاول الدفاع عن أمير المؤمنين فيأمرها أن تكف، ثم يرفع كتاب الله. . . القرآن الكريم. . . في وجه الثائر ويقول له:

إن عندي شاهداً لا يكذبُ

أترى هذا الكتاب؟!

فترتعد فرائص الرجل ويولي الأدبار. . . ثم يدخل متآمر ثالث قائلاً:

لن أضيع الوقت في قول طويل

خوف أن تسحر قلبي بحديثك

ثم يهوي بسيفه فيتلقاه عثمان بيده فيقطعها، ثم يهوي عليه فيقتله غير حافل بدفاع نائلة. . . ثم يحاول قطع رأسه فتدفعه نائلة، فيمضي لشأنه، وتقف نائلة تبكي زوجها وترثي أمير المؤمنين هذه هي مأساة عثمان صفي رسول الله الذي جاهد في الله بماله وجاهه وروحه ويده. . . اختارها أبو حديد الشاب سنة 1918 ليفتح بها ثورته على تقاليد ألفين من السنين. . . أو عشرين قرناً من السنن العتيقة التي فرضها علينا القوافي العربية الصارمة. فهل وفق أبو الحديد في هذه المحاولة؟

لقد اختار أن ينظم من (الرمل): فاعلاتن فاعلاتن فاعلن - وهي التفعيلات السائدة في الشطر الأول لهذا البحر، ثم هو لم يستغن عن تفعيلات الشطر الثاني (العجز)، فكان يأتي في مكان فاعلن الأخيرة بكل التفعيلات التي يبيحها عروض هذا البحر، فهو يستعمل فاعلاتن وفاعلان وغيرهما مما لا يتنافر وموسيقى الرمل السهلة اللينة التي تيسر للناظم عمله في غير التواء ولا تعقيد. وسنرى عند عرض درامتيه الأخيرتين، ميسون - وخسرو وشيرين - أنه ترك هذا البحر ونظم من (الخفيف) =فاعلاتن مستفعلن فاعلاتن: وسنرى كذلك إلى أي حد وفق في استبدال هذا البحر بذاك. على أننا نتساءل ما الذي منع أبا حديد من أن يلون في استعمال البحور العربية الأخرى. لماذا لم يستعمل المتقارب الموسيقي الجميل، ولماذا لم يجرب الطويل السهل الذي هو أقرب البحور إلى النثر مع امتيازه بطول النفس؛ ولماذا غض من قيمة الوافر والكامل والبسيط والسريع وغيرها من بحور عروضنا الفنية الموسيقية ذات الطنين وذات الرنين. إن الشعر المرسل في حاجة ماسة إلى ما يعوضه عن القافية موسيقى بموسيقى، وأنغاماً بأنغام

للأستاذ رأيه على كل حال، وإن كنت أوثر ألا يقطع شاعر في بحر برأيي حتى يجرب النظم منه، لا مرة واحدة، ولكن مرات متعددات، أما أن نقطع بأن هذا البحر خير من ذاك لأغراض الشعر المرسل دون أن نجري من التجارب ما يؤيد ما ذهبنا إليه فتصرف قد يضيع على الأدب المصري كثيراً من جهود المجاهدين. ولقد ذكرنا في الفصل الأول من فصول الشعر المرسل أن الشعراء الإيطاليين والشعراء الإنجليز قد انتهوا من تجاربهم على أن البحر الأيامبي ذي المقاطع العشرة هو اسلس البحور للنظم المرسل، فهل أجرينا نحن أيضاً تجاربنا على بحورنا كلها لنكشف أفضالها لهذا الغرض؟

وبعد، فهل تصلح مأساة سيدنا عثمان لمسرحنا المصري؟ وهل لا نزال نشفق على إظهار شخصياتنا الدينية، شبه المقدسة على خشبة المسرح؟ وهل عندنا الممثلون الصادقون الذين يصح أن نكل إليهم تمثيل هذه الشخصيات؟ وإن صح أن لدينا الممثلين، فمن منهم يؤدي دور سيدنا عثمان أحد العشرة الأولى من صحابة الرسول ؟ عثمان. . . هذا الرجل (الطيب!) الذي أجاد أبو حديد تصويره، كما أجاد تصوير علي. هذا الناصح الحازم الأمين؟ ثم عبد الرحمن بن عوف! هذا الصحابي العظيم الصريح. . .

أما صلاحية المأساة لمسرحنا فأمر لا مراء فيه، فهي حافلة بالمشاهد الجليلة التي تزلزل القلب، والتي صورها أبو الحديد، فأحسن تصويرها، وإن يكن عجل في بعض المواقف التي كانت تقتضي الإطالة، وأوجز حيث كان ينبغي الإطناب

أما مظنة الإشفاق من إظهار شخصياتنا الدينية على المسرح فلم يعد هناك ما يبررها، وما دمنا نأخذ بأن الأعمال بالنيات وأن لكل امرئ ما نوى؛ وما دمنا، كما ذكرت في مناسبة سابقة، نستثني شخصيات الأنبياء استثناءً مؤقتاً. . . ولعل الجامعة الأزهرية التي أخذت تفهم روح العصر وتستجيب للنداء الجديد الذي هو في الأصل نداء الإسلام الحق، أن يكون لها مسرحها الديني في المستقبل القريب، فتكفينا شر الخلاف في هذا الموضوع

أما ممثلونا، فأنا شديد الإيمان بمقدرتهم خصوصاً إذا مثل معظمهم دور مروان بن الحكم والأدوار الأموية!!. . . على أن لدينا من المخرجين المثقفين الذين أشربوا الروح الإسلامي ما يضمن لنا خلق الملائكة من أولئك الشياطين!

بقيت كلمات عن لغة المأساة، وعن مطابقة وقائعها لما انتهى إليه المحققون من مؤرخي التاريخ الإسلامي، وعن الروح التي أملت على المؤلف اختيار هذا الموضوع بالذات فأما لغة المأساة فمتوسطة؛ ولن يضير أبا حديد الشاب الذي نظمها سنة 1918 أن يقال هذا في لغة مأساته. وسنقول إنه كتب خسرو وشيرين بأسلوب أحسن سنة 1933 ويسرنا أن نقرر مع هذا أنه لا يوجد في أسلوب أبي حديد الشاب إسفاف قط

وأما مطابقة وقائعها للحقائق التاريخية فقد حاك في نفسي شيء من ذلك، ولو أنني أكتب في غير موضوع الشعر المرسل لخضت في هذا الحديث. وقد يكون في كلامي على هذا النحو شيء من التشكيك أظلم به المؤلف. . . ولكن. ليطمئن. . . فلم ينته المؤرخون في أمر عثمان وعلي ومعاوية بشيء، ولا يزالون مختلفين. . .

أما الروح التي أملت المأساة، فهي من غير شك فخر الشباب المصري المؤمن المسلم الحديث. . . الشباب الذي يؤمن بأن مأساة عثمان هي مأساة العالم الإسلامي كله.

(يتبع)

دريني خشبة