مجلة الرسالة/العدد 547/البريد الأدبي
مجلة الرسالة/العدد 547/البريد الأدبي
بين الدين والعلم ختان الأنثى
نشر الدكتور الفاضل أسامة في مجلة الرسالة الغراء مقالا له قيمته الطبية في ختان الأنثى، وقد ذكر بعد أن أثبت ضرره أنه ليس من الدين في شيء وإنما هو عادة خاصة بأهل مصر مسلميها وأقباطها. وقد رد عليه بعض الفضلاء بأن ختان الأنثى من الدين، لأن الأئمة نصوا عليه في أحكامهم المستنبطة من السنة، فقال الشافعي وكثير من العلماء إنه واجب، وقال مالك وأبو حنيفة إنه سنة، ومأخذ هذه الأحكام أحاديث كثيرة منها: الختان سنة للرجال مكرمة للنساء. ومنها: يا نساء الأنصار اختضبن غمسا، واختفضن ولا تنهكن. والخفض في هذا الحديث هو ختان المرأة
وإني أرى أن الدين لا يخدم بهذه الطريقة، لأنها تخلق بينه وبين العلم من العداء ما تخلق، وليس من مصلحة الدين معاداة العلم، وقد قرر سلفنا الصالح في مثل هذا أنه إذا تعارض دليل النقل ودليل العقل وجب تأويل دليل النقل بما يوافق دليل العقل. وهذه قاعدة جليلة توفق دائماً بين العلم والدين، ويجب أن نجعلها دائماً نصب أعيننا، وألا نحيد عنها في كل ما يعرض من خلاف بين الدين والعلم
فلنقل للدكتور (أسامة) دعك الآن من التعرض لختان الأنثى من ناحية الدين، فالتعرض له الآن من هذه الناحية سابق لأوانه، لأنه يجب أولا أن نصل إلى قرار إجماعي في هذه المسألة من الأطباء، وبهذا نكون أمام دليل قاطع من العلم والعقل، ويمكننا أن نبحث هذه المسألة على ضوئه من ناحية الدين، والأحاديث التي وردت فيها من أحاديث الآحاد، وأمرها في ذلك أسهل من غيرها من أدلة النقل
عبد المتعال الصعيدي
الإبهام والغموض في التصوف
قرأت كلمة الأستاذ محمد منصور خضر في عدد الرسالة 544 تعليقاً على كلمتي عن الإبهام والغموض في التصوف، وهو في دفاعه عن التصوف يؤيد فكرة الغموض صوناً لأسرار المتصوفين؛ على أن المنطق السليم يأبى أن يكون معرفة الحق احتكار الفئة مخصوصة تلجأ إلى طرق معوجة لإدراك كنهه، وقد قامت الديانات الكبرى اليهودية والنصرانية والإسلام برسالة الحق بأسلوب صريح سهل كان عاملا قوياً في سرعة قبولها. وإني أعيذ الإنسانية أن تكون وسيلتها في تعرف الحق الإلهي طرق المتصوفين، إذ لو كان الأمر كذلك لبات الحق مجهولا إلا من أفراد معدودين.
وقد لاحظت أن الغموض طبيعة في المتصوفين، وأنه غير معتمد، وإذ يرون أنفسهم قد بعدوا عن الطريق السوي، يعمدون إلى تعليل هذا الغموض بأنه مقصود لذاته يصون أسرارهم، وقد وجدت أن كل متصوفي العالم تتخذ للتعبير عن إرادتهم في الحق أسلوب العشاق لا عن مران سابق أو تعمد، بل عن سجية خاصة بهم، وهذا يسقط حجة القائلين بأن الإبهام وسيلة مقصودة لحفظ الأسرار
ويذكر القراء أن المتصوفين لا يتفقون في تأويل لغتهم الملتوية، وحسبي أن أذكر البيتين اللذين نشرتهما الرسالة منذ أكثر من عام؛ وكيف اختلف كل شارح في تأويل معناهما وعارض بعضهم، وكلهم يدعي العلم بالتصوف. وبتنا نحن القراء في حيرة من أمر الشعر الصوفي الذي لم يهتد لمعرفة ما يضمره قائله.
ولنعتبر بكلمة الحق التي تلوكها ألسنة المتصوفين، والتي أطاحت برأس الحلاج عندما قال كلمته المشهورة (أنا الحق)؛ فإن من ينشد الحق لا بد له من الصدق والصراحة والوضوح، ومن يلتمس الحق عن طريق الغموض والإبهام فإنه يناقض نفسه
وقد ذكرت في كلمتي السابقة أمثلة من غموض المتصوفين، وإن بيتاً من شعر ابن الفارض لا تكشف مخابئه آلاف من الصحف. ولعل قولة الحلاج (أنا الحق) مثل من أمثلة الغموض حمل الناس على اعتباره زنديقاً فقتلوه، ولو كان يحسن التعبير عما يضمره لنجا من الخاتمة المشئومة التي جره إليها الإغراق في الغموض.
وختاما أسائل الكاتب الفاضل ماذا يريد المتصوف عندما يذكر الحب والحبيب والدلال والوصال والهجر، ومن اصطناع لغة العشاق في معرض الكلام عن الحق الإلهي، أيعد هذا تنزيهاً لهذا السر الرباني، أم يعد إفلاسا وفقرا في الإيضاح والبيان له سيئات كل قصور؟
أما عن البحث في نفسية المتصوفين فليس هذا مجاله كما قلت
(أسيوط) كامل يوسف
عضو في المعهد البريطاني للأبحاث الفلسفية بلندن
جماعة النهضة العلمية
أنشأ بعض الجامعيين جماعة صغيرة غرضها نقل الثقافة الأوربية إلى اللغة العربية، حتى تكون مادة يمكن استغلالها في تلقيح الثقافة العربية وتزويدها بالعناصر اللازمة. والكتب التي رأت هذه الجماعة أن تنقلها إلى العربية في هذا الموسم هي الكتب التالية:
1 - (الإنسان هذا المجهول) ' لألكيس كارل:
2 - (المتطور الخالق) (أو المبدع) لبرجسون
3 - (لغز الكون) لإرنست هيكل
4 - (إميل أو التربية) ' لجان جاك روسو
5 - (ذكريات الطفولة والشباب) ' لإرنست رينان
6 - (العالم كما أراه) لإينشتين
7 - (الأفكار) لبسكال
8 - (الانتحار) لدور كايم
9 - (الضحك) لبرجسون
10 - (أول الأشياء وآخرها) لويلز
ونحن إذا نظرنا إلى هذه القائمة نجد أن الجماعة قد أحسنت الاختيار، (وإن كان التنويع محدوداً في دائرة صغيرة). . . وكل ما نرجوه لهذه الجماعة الناهضة أن تمضي في تحقيق مشروعها دون أن تتخلف، فإن محك كل شيء هو التنفيذ لا التشريع، التحقيق لا التصميم.
زكريا إبراهيم