مجلة الرسالة/العدد 554/كتاب الذخيرة

مجلة الرسالة/العدد 554/كتاب الذخيرة

ملاحظات: بتاريخ: 14 - 02 - 1944



للدكتور عبد الوهاب عزام

أخي الأستاذ محمد عبد الغني حسن

اطلعت في مجلة الرسالة على مقال للأستاذ عن كتاب الذخيرة الذي تخرجه كلية الآداب

وإني أبدأ بالاعتذار عن بأخير جواب الأستاذ حتى اليوم. وعذري أني اطلعت على مقاله وأنا على أهبة السفر إلى فلسطين. فاضطررت إلى إرجاء الإجابة حتى أعود إلى مصر. وعدت مستقبلاً أشغالا متتابعة هونت على نفسي هذا التقصير وليس بهين.

وأثني بشكر الأستاذ شكراً مضاعفاً على كلمته في المقتطف وكلمته في الرسالة، إذ أثني على ناشري الكتاب وحمد لهم عملهم وأحسن الظن بهم

وأثلث بأني عند ظن الأخ سعة صدر للنقد، وارتياحا للحق. وأن للناقد الفاضل عندي جزاءه من الثناء والشكر بما اهتم بالكتاب، وقرأه قراءة مدقق، ثم أهدي إلينا ثناءه وعرفنا مآخذه. ونخن ما عشنا طلاب علم و (إنما العلم عند الله).

وقد لقينا نصباً في قراءة الخطوط المغربية المختلفة، ومقابلة النصوص المحرفة؛ وكنا تدرك بعض خفاياها أحيانا بضرب من الإلهام.

وبعد فأكثر هذه المآخذ كما يعلم الأستاذ زلات طبع. والأخ من أخبر الناس بها. ولي حديث عنها سيقرؤه إن شاء الله في مقدمتي لديوان أبي الطيب المتنبي الذي سيخرج للقراء عما قليل. وأحسب الأستاذ قد تنبه إلى أن كلمته في الرسالة في لم تخل من هذا التحريف المطبعي. فقد وقع فيها دوين، والصواب فتح النون. ووقع فيها ص 236، والصواب 236

وقد أكثر الغلط المطبعي فضول في الشكل، وذلك أن الأستاذ المستشرق الذي شاركنا في فاتحة العمل قال: إن المستشرقين يصعب عليهم أن يقرأوا الكلام غير المشكول فلا بد أن يشكل الكتاب شكلاً كاملاً، ورأيت أنا من بعد ألا يشكل إلا مواضع اللبس؛ ولكن زملاءنا الذين يشرفون على الطبع لا يزالون في إيثار الطريقة الأولى؛ فأسرفوا في الشكل وأدى الإسراف إلى شيء من الفضول، وأوقعهم الفضول في مثل: ومن أجلى قتلوه، والصواب فتح النون كما رأيتم. إنما ينبغي أن تشكل النون في هذا الوضع إذا عدل بها إلى الفتح فإن كانت ساكنة فليست حاجة إلى وضع السكون على النون ولو كان صو وكذلك النون في قول الشاعر: وخذ على الريق من أسبابه والصواب الفتح. وأما البيت:

لما رمته العيون ظالة ... وأثَّرَتْ في جماله الحدق

والبيت:

فكم صافحتني في مناها يد المنى ... وكم هبَّ عرف اللهو في عرفانهم

فقد صححا في الجدول آخر الكتاب

وأما ابن فتوح فقد شدد مرة ثم رجحنا التخفيف فجرينا عليه وكان ينبغي أن ينبه على هذا في جدول الغلط. وأما العبارة:. . . . . . . . فقلت لها يا قلبها أحديد أنت أم حجر فهي شطر بيت فزيد عليه الجملة (فقلت لها). وأظن الكاتب لم يرد غير هذا. وهذا الشطر عثرنا عليه في الموشى (ج1 ص 78)

شكوت ما بي إلى هند فما اكترئت ... يا قلبها أحديد أنت أم حجر

وأما قول الأستاذ ضبطنا الفعل (مُتَ) بضم الميم والأعلى كسرها، كما في قراءة حفص، فجوابه أن قراءة حفص فيهم الضم أيضاً في الآية (ولئن مُتًم أو قُتلتم لألي الله تحشرون)

وقد أخذتم مأخذين في (أن) إذ وجدتم الهمزة فوق الألف فقرأتموها مفتوحة وصوبتم الكسر، والحق أن مصححي الكتاب يرسمون الهمزة المكسورة فوق الألف أحياناً ويتركون الفتح والكسر للشكل. ولست أماري في أن التفريق بين الكسر والفتح بموضع الهمزة من الألف فوقها أو تحتها أحسن إذا جرى الاصطلاح عليه

والبيت:

لم أر أن أكون من رواته ... إذ هو معدود في هناته

غير متزن كما قلتم؛ وأحسب صوابه: إذ هو مما عد في هناته

وأما قول القائل: (إن لم أجد التأبين، فأجد البكاء والحنين) فنحن نوافقك على أنه ليس من مواضع فاء الجزاء، ولكن لم نستبح تغيير الكلام وكان ينبغي التنبيه عليه كما قلتم

وبقية الأغلاط الواضحة مثل الكسرتين تحت لام الجهل مع ألف التعريف، ومثل الرخصاء مكان الرحضاء في بيت المتنبي، وابن حَجر مكان ابن حُجر، فهي من الهفوات التي لا ندري كيف وقعت، ولكنا ندري أنها لم تقع إلا سهواً من الطابع أو المشرف عليه الخ

وأكرر للأستاذ اعتذاري وثنائي وشكري.

عبد الوهاب عزام