مجلة الرسالة/العدد 556/النسر. . .

مجلة الرسالة/العدد 556/النسر. . .

ملاحظات: بتاريخ: 28 - 02 - 1944



للأستاذ عمر أبو ريشة

أصبح السفح ملعباً للنسور ... فاغضبي يا ذُرَى الجبال وثوري

إن للجرح صيحة، فابعثيها ... في سماع الدُّنَى فحيح سيعر

واطرحي الكبرياء شِلْوًا مُدمَّي ... تحت أقدام دهرك السِّكِّير

لملمي يا ذُرَى الْجبال بقايا ... النّسر وارمي بها صدور العصور

إنه لم يعد يكحِّل جَفْنَ الن ... جم تيهاً بريشه المنثور!

هجر الوكرَ ذاهلاً وعلى عي ... نيه شيء من الوَداع الأخير

تاركاً خلفه مواكب سُحْب ... تتهادى من أُفْقها المسحور

كم أكبَّتْ عليه وهي تُندِّي ... فوقه قُبلة الضحى المخمور!

هبط السفح طاوياً من جنا ... حيه على كل مطمح مقبور

فتبارت عصائب الطير ما بي ... ن شَرود من الأذى ونَفور

لا تطيري! جوابةَ السفح فالنس ... ر إذا ما خَبَرْتِه لم تطيري

نسل الوهنُ مخلبيه وأدْمت ... منكبيه عواصف المقدور

والوقار الذي يشيع عليه ... فضْلة الإرث من سحيق الدهور

وقف النسر جائعا يتلوى ... فوق شِلْوٍ على الرمال نثير

عِجافُ البُغاث تدفعه بالمخ ... لب الغض والْجناح القصير

فسرَت فيه رِعشة من جنون ال ... كبر واهتز هزة المقرور

ونزا ساحباً على الأفُق الأغْ ... بَر أنقاض هيكل منخور

وإذا ما أتى الغياهبَ واجتا ... زمدي الظن من ضمير الأثير

جلجلت منه زعقة نشَّت الآ ... فاق حري من وهجها المستطير

وهوى جثة على الذَّروة الشما ... ء في حِضن وكره المهجور!

أيها النسر هل أعود كما عد ... ت، أم السفح قد أمات شعوري

عمر أبو ريشة