مجلة الرسالة/العدد 556/نقل الأديب

مجلة الرسالة/العدد 556/نقل الأديب

ملاحظات: بتاريخ: 28 - 02 - 1944



للأستاذ محمد إسعاف النشاشيبي

518 - ومشى إلى مكة راجلا حافيا

مروءة مصرية مدهشة

في (الغرر الواضحة):

لما ولي صالح بن علي مصر من قبل ابن أخيه أبي العباس السفاح خرج عليه رجاء بن روح بفلسطين مع عمه الحكم بن ضبعان وكان على شرطة مصر. فأرسل إليهم أبا عون ومحمد بن أشعث الخزاعي بعسكر، فهزما الحكم، وبلغ صالح بن علي أن رجاء ابن روح دخل مصر، واستجار بمحمد بن معاوية فأجاره، فأرسل إليه فحضر، فقال: ألم أكرمك؟ ألم أشرفك؟

قال: بلى

قال: فكان جزائي منك أن أجرت عدوي

قال: وما ذاك أيها الأمير؟

قال: رجاء بن روح وابنه

قال: أصلح الله الأمير! اختر واحدة من اثنين، لي فيهما براءة: إما أن أثلج صدرك بيمين، أو ترسل رجلاً من ثقاتك يفتش منازلي

قال: وتحلف؟

قال: نعم. فأحلفه بطلاق زوجته، وعتق عبيده، ومشيه إلى مكة راجلاً حافياً. فحلف له. ثم انصرف إلى منزله، وأعلم زوجته، فاعتزلت عنه، وقالت له لا تنقطع عني لئلا يشعر بك فلما عزل صالح عن مصر، ورجع إلى بغداد أظهر محمد بن معاوية طلاق زوجته، وأعتق رقيقه، ومشى إلى مكة كما شرط عليه: (راجلاً حافياً)

519 - فتنت أهل العراق بقولك

لما اجتاز أبو نواس بحمص قاصداً مصر لامتداح الخصيب سمع (ديك الجن) بوصوله فاستخفى منه خوفاً أن يظهر لأبي نواس أنه قاصر بالنسبة إليه، فقصده أبو نواس في داره، وهو بها، فطرق الباب وأستأذن عليه، فقالت الجارية: ليس هو ههنا. فعرف مقصده، فقال لها: قولي له قد فتنت أهل العراق بقولك:

موردة من كف ظبي كأنما ... تناولها من خده فأدارها

فلما سمع ديك الجن خرج إليه واجمع به، وأضافه

520 - متى عصرت من الورد المدام

أبو الحسن الحصري القيرواني:

أقول له وقد حيّا بكأس ... لها من مسك ريقته ختام:

أمن خديك تعصر؟ قال: كلا ... متى عُصرت من الورد المدام؟

521 - نظرت في ديوان أبي نؤاس. . .

في (كتاب الأذكياء لابن الجوزي: روى أبو الحسن ابن هلال بن المحسن الصابي قال: حكى السلامي الشاعر قال: دخلت على عضد الدولة فمدحته فأجزل عطيتي من الثياب والدنانير وبين يديه حسام خسرواني، فرآني ألحظه، فرمى به إليّ، وقال: خذه، فقلت:

وكل خير عندنا من عنده

فقال عضد الدولة: ذلك أبوك. . .

فبقيت متحيراً لا أدري ما أراد، فجئت أستاذي فشرحت له الحال، فقال: ويحك! أخطأت خطيئة عظيمة؛ لأن هذه الكلمة لأبي نؤاس يصف كلباً حيث يقول:

أنعتُ كلباً، أهُله في كدَّه

قد سعدت جدودهم بجِده

وكل خير عندهم من عنده

فعدت متوشحاً بكساء فوقفت بين يدي الملك، فقال: مالك؟ فقلت: حممت الساعة. فقال: هل تعرف سبب حماك؟ قلت: نظرت في ديوان أبي نؤاس

فقال: لا تخف. لا بأس عليك من هذه الحمى. . .

محمد إسعاف النشاشيبي