مجلة الرسالة/العدد 569/نقل الأديب
مجلة الرسالة/العدد 569/نقل الأديب
للأستاذ محمد إسعاف النشاشيبي
557 - أنا آكل الكبش بصوفه
قال الطبري: كان للفصل بن الربيع (وزير الأمين) خال يستعرض أهل السجون ويتعاهدهم ويتفقدهم ودخل في حبس الزنادقة فرأى فيه أبا نؤاس - ولم يكن يعرفه - فقال له: يا شاب، أنت مع الزنادقة؟ قال: معاذ الله قال: فلعلك ممن يعبد الكبش
قال: أنا آكل الكبش بصوفه. . .
قال: فلعلك ممن يعبد الشمس
قال: إني لأتجنب القعود فيها بغضاً لها
قال: فبأي جرم حبست؟ قال: حبست بتهمة أنا منها برئ، قال: ليس إلا هذا
قال: والله لقد صدقتك. فجاء إلى الفضل فقال له: يا هذا لا تحسنون جوار نعم الله (عز وجل) أيحبس الناس بالتهمة؟
قال: وما ذاك؟ فأخبره بما ادعى (أبو نؤاس) من جرمه فتبسم الفضل، ودخل على محمد (الأمين) فأخبره بذلك، فدعا به وتقدم إليه أن يجتنب الخمر والسكر؛ إن قال نعم، قيل له: فبعهد الله، قال: نعم، فأخرج
558 - غريم وقاض كريم
في (جمع الجواهر في الملح والنوادر) لأبي اسحق الحصري: قال الصولي: كنت يوماً بين يدي (أمير المؤمنين الراضي بالله) إذ دخل عليه بعض الخدم برقعة دفعها صاحب الخبر الملازم لمجلس أبي عمر القاضي: يذكر أن رجلاً أحضر خصما للقاضي، وادعى عليه مئة دينار، فألزم القاضي الغريم اليمين إذ لم يجد الخصم بينة، فأخذ الدواة، وكتب بيتين، ودفعهما إلى القاضي، فأمر القاضي غلامه فأحضر مئة دينار، ودفعها إلى الرجل، والبيتان هما:
وإني لذو حلف كاذب ... إذا ما اضطررت وفي الأمر ضيق
وهل من جناح على مسلم ... يدافع بالله ما لا يطيق؟ فعجب الراضي من الرجل وديانته، وعجب من كرم القاضي وحسن ما فعله
559 - بما رضى به لنفسه ولأنبيائه
كان لشريك القاضي جليس من بني أمية، فذكر شريك في بعض الأيام فضائل علي بن أبي طالب، فقال ذلك الأموي: نعم الرجل علي! فأغضبه ذلك وقال: ألعلي يقال: نعم الرجل، ولا يزاد على ذلك. فأمسك حتى سكن غضبه، ثم قال: يا أبا عبد الله، ألم يقل الله تعالى في الإخبار عن نفسه (فقدرنا فنعم القادرون)، وقال في أبوب (إنا وجدناه صابراً نعم العبد إنه أواب)، وقال في سليمان (ووهبنا لداود سليمان نعم العبد) أفلا ترضى لعلي يما رضى الله به لنفسه ولأنبيائه؟
فتنبه شريك منذ ذلك لوهمه، وزادت مكانة ذلك الأموي في نفسه.