مجلة الرسالة/العدد 573/البريد الأدبي
مجلة الرسالة/العدد 573/البريد الأدبي
وحدة الوجود
حضرة الفاضل الأستاذ صاحب مجلة (الرسالة)
أستأذنكم والأستاذ دريني خشبة قول كلمة وضيعة في نقد (رسائل التعليقات للرصافي) للأستاذ دريني خشبة في العددين الأخيرين من المجلة
كان موضوع النقد (وحدة الوجود)، وليس في المقالين تعريف (لوحدة الوجود) ولا اقتباس هذا التعريف عن كتاب الرصافي (إن كان الرصافي قد عرفها)
فعبارة (وحدة الوجود) من غير تعريف مبهمة ولا أعلم كم قارئ من قراء الرسالة فهموا المراد منها. وفيما كنت أقرأ المقال الثالث للأستاذ دريني خشبة كنت أؤمل أن أفهم المراد منها فيما سرده من نظريات فلاسفة اليونان من طاليس إلى أروسطو إلى أفلاطون إلى غيرهم؛ فإذا بوحدة الوجود ازدادت غموضاً بل غابت وراء سحب تلك الفلسفات السفسافية التي يعجز القارئ عن أن يحصل منها معنى معقولاً. وهو معلوم الآن أن نظريات الفلاسفة القدماء في الوجود لا تذكر إلا في تاريخ الفلسفة لكي يعلم المتأخرون ماذا كان تفكير المتقدمين فيها. لأن تلك النظريات سلاسل سخافات كنشوء الكون من (الرطوبة)؟ أو من العدد أو من البخار إلى غير ذلك مما لا تهضمه العقول السليمة
واختلاف الفلاسفة القدماء في شأن الوجود دليل قاطع على أنهم تخبطوا فيه على غير هدى. ولو أصابوا كبد الحقيقة لالتقوا كلهم في مركز الحقيقة وهو واحد، كما أن العلماء العصريين كلما اهتدوا إلى حقيقة علمية التقوا كلهم عندها من غير خلاف كالتقائهم جميعاً عند الجوهر الفرد في الكيمياء وعند كروية الأرض في الجغرافيا وعند (تمركز) الشمس في وسط أفلاك السيارات في الفلك، وعند جميع القوانين الطبيعية المحققة
فإذا كان المراد بوحدة الوجود أن الكون كله من ذرات وأجسام وأجرام نشأ من هيولي واحدة، فهو ما أثبته العلم الحديث ولا يد للفلاسفة القدماء فيه. فقد ثبت للعلم العملي الاختباري التجريبي أن جميع الأجسام والأجرام الأرضية والسماوية مؤلفة من عناصر كيمية متماثلة، وأن العناصر مؤلفة من كهارب (ذريرات متماثلة. وإنما تختلف العناصر بعضها عن بعض بعدد ذريراتها وترتيبها وحركاتها فيها. فالهيولي (أصل المادة) ه الذريرات المتماثلة التي تتألف منها جميع أجزاء الوجود
بهذا المعنى وبه فقط، يعتبر الوجود (وحدة) أي أنه مؤلف من هيولي واحدة لا ثاني لها
ولم ترد وحدة الوجود في فلسفات الفلاسفة المتأخرين إلا نادراً حتى تقابل مع (ثنائية الوجود) والمراد من هذه أن للوجود ضلعين: مادة هيولانية وعقلاً متفاعلين. ولهم في (الثنائية) أبحاث عويصة جداً
وعند أهل العلم، العقل هو كالحياة أحد منتجات تفاعل المادة؛ فهو والحياة والاجتماع وأدب النفس، كل هذه ظاهرات للمادة - الهيولي أصل كل شئ
وما وراء الطبيعة الذي زعمه الفلاسفة وتفلسفوا به كالحرية والجبرية والقدرية والعلة والمعلول الخ ما هو الإنتاج عقلي، والعقل كما قلنا نتاج المادة. فإذن ليس وراء الطبيعة شئ. وما نزعمه (وراء الطبيعة) ونتفلسف به إنما هو ضمن نطاق الطبيعة - طبيعة المادة - الهيولي
الهيول أصل كل شئ، ومنها وحدانية الوجود
وأما مسألة نسبة الله إلى الوجود أو نسبة الوجود إلى الله، فمسألة فقهية لاهوتية لا أتعرض لها بتاتاً.
نقولا الحداد
حول مذهب وحدة الوجود
ليس أيسر على الناس من أن يقرفوا الفلاسفة والمفكرين بالكفر والإلحاد، فإن من دأب العامة أن تتمرد على كل ضرب من ضروب الامتياز؛ وهؤلاء قد تفردوا بالامتياز العقلي، فلابد أن يكونوا موضعاً لاتهام العامة. ويظهر أن الناس أسخياء في منح لقب (الإلحاد) سخاءً ما بعده سخاء، فإن واحداً من المفكرين لم ينج من هذا اللقب الذي لا يكلف الناس كثيراً! وقد كان أصحاب القول بوحدة الوجود - من بين سائر المفكرين - أكثرهم تعرضاً لهذا الاتهام، فحكم على الفيلسوف الإيطالي جيوردانو برونو بالحرق، وحكم على الفيلسوف اليهودي أسبينوزا بالطرد من الكنيسة اليهودية، وكفر غيرهما ممن قال بوحدة الوجود كابن عربي في الإسلام، وسكوت إربجين في المسيحية. ولكن على الرغم من هذا الطعن الشديد الذي لقبه مذهب وحدة الوجود، فقد استمر الفلاسفة والمفكرون ينظرون إلى وحدة الوجود على أنها أعلى صورة من صور (الواحدية) وذهب نفر منهم إلى حد أبعد. فأعلن (أن وحدة الوجود هي النظرية الكونية الوحيدة التي لابد أن يأخذ بها العالم المحدث)
بيد أن ثمة فريقاً آخر من الفلاسفة قد نظر إلى (وحدة الوجود)، على أنها تتضمن إنكاراً لوجود الله، فذهب شوبنهور - مثلاً - إلى أن (مذهب وحدة الوجود ليس إلا صورة مهذبة لمذهب الإلحاد، لأن حقيقة مذهب وحدة الوجود تنحصر في أنه يهدم التعارض الثنائي الموجود بين الله والكون، وأنه يقرر أن الكون موجود بفضل قواه الباطنة الخاصة به. فالمبدأ الذي يقول به أصحاب وحدة الوجود من أن الله والكون شئ واحد، إنما هو وسيلة مهذبة للاستغناء عن الله، أو تعطيل عمله). وعلى الرغم من هذا النقد، فإن مذهب وحدة الوجود يعتبر من أمعن المذاهب الفلسفية توحيداً وتنزيهاً. وليس من الصحيح ما يقوله شوبنهور من أن هذا المذهب يتضمن إنكاراً لوجود الله، بل الصحيح أنه يتضمن إنكاراً لوجود العالم وحسبنا أن نرجع إلى كتاب (فصوص الحكم) لابن عربي، حتى نتحقق من صحة هذا الحكم، فإن هذا المفكر الإسلامي قد انتهى إلى القول بأن (العالم متوهم ماله وجود حقيقي)، لأنه ليس ثمة غير حقيقة واحدة لا تتكثر ولا تتغير، وهذه الحقيقة الواحدة هي الله أو (الحق)؛ وهو قد أظهرنا في مواضع كثيرة من هذا الكتاب، على أن الله هو عين الوجود (فما ثم إلا الله الواجب الوجود، الواحد بذاته. . . منه وإليه يرجع الأمر كله)، فمن التعسف إذن أن نصف مذهب وحدة الوجود بأنه إفك ينطوي على كثير من الأراجيف (كما ذهب إلى ذلك أحد الكتاب في (الرسالة))، ومن قلة الإنصاف أن نحكم على الفلسفة، باسم الدين، حكما هذا قدره من الخطأ والمجازفة والتعسف
زكريا إبراهيم
ليسانسيه في الآداب والفلسفة
بدرجة الشرف الأولى
إلى الأستاذ محمد أحمد الغمراوي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد، فإني يسرني أن أرسل إليكم وقد فرغتم من نقد كتاب النثر الفني في تعرضه للقرآن الكريم، أجمل عبارات الشكر على ما كتبتم؛ فإنه والله قد شفى غيظ قلوب المؤمنين، وقمع شياطين الضلال والإلحاد بعد أن كثرت هذه الأيام في كل واد
وقد قمتم بهذا الواجب الديني عنا جميعاً، فلكم من الله الجزاء الحسن والثواب الأوفى، وقد كان من بركات ما كتبتم أن حيل بين مؤلف الكتاب وبين مجلتنا المحبوبة (الرسالة) التي نقدرها وصاحبها المفضال
وسلامي وتحياتي وإجلالي لكم وللأستاذ الزيات الجليل
محمد يوسف موسى
المدرس بكلية أصول الدين
حول قصيدة
جاء في الأديب إبراهيم محمد نجا (أغنية روح) المنشورة بالعدد الماضي من الرسالة هذان البيتان:
وإذا الدنيا كما كنت أرَاها ... في رؤى الحب وأحلام الكرى
فكأن الفن بالحسن كساها ... أو براها الله خلقاً آخرا
ويلاحظ القارئ أن في الشطر الثاني من البيت الثاني خطأ عروضي: يسمى سناد التأسيس. وقد أشار إلى مثله الأستاذ محمد محمود رضوان في قصيدة الأستاذ الخفيف. فإلى متى يقع الشعراء في مثل هذا الخطأ
محمد عبد الفتاح إبراهيم
شجر المشمش وميعاد إزهاره
جاء في العدد 569 من الرسالة الغراء شرحاً لكلمة (المشمش) الواردة في قصيدة الأستاذ العوضي الوكيل بأنه أسبق الأشجار إزهاراً وإيراقاً. والذي أعرفه أن أول الأشجار إيراقاً وإزهاراً هو شجر اللوز، ثم الجارنيك، ومن ثم المشمش. ترى هل يختلف زمن الإزهار والإيراق في مصر عن الشام؟
(حماه)
محمد كيلاني