مجلة الرسالة/العدد 577/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 577/البريد الأدبي

ملاحظات: بتاريخ: 24 - 07 - 1944



تفسير الحلم

رداً على سؤال الأستاذ الفاضل محمود عزت عرفة في العدد السابق من الرسالة نحيل حضرته إلى مقالنا المنشور بالعدد 573 من الرسالة بعنوان (العقل الباطن)، وفيه تفسير واف لحلمه؛ فإن العقل الباطن أنشط بكثير من العقل الواعي. ولحلمه هذا، الذي يعده علماء النفس من أحلام اليقظة، تأويلان:

أولهما: أن عقله الباطن سبق عقله الواعي واستدرك عليه ما نقص من مطالعته

ثانيهما: أنه يغلب على الظن أن حضرته طالع الفقرة التي يشير إليها في الكتاب وهو بين اليقظة والنوم في حالة كان الفكر فيها مكدوداً تمر به الحقائق مر الأطياف، فم يدرك أنه قرأها، ومن ثم فسرت القوة الباطنة ما تبهم على القوة الواعية. ولعل القارئ كان تفكيره مصروفاً إلى ناحية أخرى على حين أن نظره كان متشبثاً بالحروف التي تكون الجملة المشار إليها وسنعود إلى علاج هذا الموضوع في شئ من التفصيل إن شاء الله.

(الإسكندرية)

عبد العزيز جادو

عوُدٌ إلى وحدة الوجود

لم يكن في نيتي أن أعود إلى (وحدة الوجود) بعد كلمتي الأخيرة التي كنت أعتقد أن فيها دفعاً لكل شبهة؛ ولكن يظهر أن طريقتي في الإيجاز لا تستقيم مع الأسلوب الجاري عندنا في الجدل، فلا بد لي إذن أن أسهب وأطيل حتى يكون في القول شفاء ومَقْنَع وما دام الأستاذ الفاضل دريني خشبة قد دعانا إلى اتخاذ الصراحة في القول، فلا بأس من أن نأخذ بنصيحته، داعين الله أن يقينا شر العواقب!

ولسنا نريد أن نمضي في دفاعنا عن وحدة الوجود، دون أن نبين الفرق بين هذه النظرية وغيرها، فإن هذه التفرقة من شأنها أن تجلي لنا جانباً كبيراً من المشكلة التي نحن بصددها. ولعل أهم فرق بين مذهب وحدة الوجود ومذهب المؤلهة أن الثاني ينظر إلى الله باعتباره طرفاً مقابلاً للطبيعة، أي باعتباره موجوداً خارجاً عن الكون: يخلقه ويحفظه ويتصرف فيه من الخارج بينما ينظر الأول إلى الله على أنه يكون مع الطبيعة شيئاً واحداً ويعمل في الكون من الداخل باعتباره (قوة) أو (طاقة). فالفرق الجوهري بين مذهب وحدة الوجود ومذهب المؤلهة، ينحصر في مسألة علو الله على الكون ومباينته له. أو بطونه فيه ومحايئته له

وإذا نظرنا الآن إلى هذه المسألة نظرة عقلية خالصة، فإننا نجد أن الأدنى إلى الصواب أن يكون الله باطناً في الكون، لا عالياً عليه: ذلك أن الذات الإلهية لا يمكن أن تكون ذاتاً مشخصة، وإلا كانت محدودة معينة، فلا بد لنا إذا أردنا أن ننزه الله التنزيه الواجب، أن نتجنب كل ضرب من ضروب التشبيه أو التجسيم أو التشخيص، فنقول إن الله ليس كمثله شئ، أي أنه ليس لذاته حد ولا وصف. ولما كانت الصفة الوحيدة التي نستطيع أن ننسبها إلى الله (وهي في الحقيقة صفة سلبية خالصة)، هي أنه غير متناه، فلا يمكن أن يكون هناك شيء غير الله، ولا بد إذن بالتالي أن يكون العالم جزءاً منه.

وعلى ذلك فإن الكون مظهر الله، أو مجلي من مجاليه، إذ لو كان ثمة شيء غير الله، لكان الله محدوداً، ولما وجد في كل مكان هذه هي الحقيقة الجوهرية التي يقوم عليها مذهب وحدة الوجود، وهي عندي حقيقة ثابتة تتأيد بكل وجه من الوجوه، وقد انبرى جيته للدفاع عنها، فقال عنها: (إن من خطل الرأي أن نتحدث عن الله باعتباره منفصلاً أو مستقلاً عن الطبيعة، فإن الفصل بين الله والطبيعة هو بمثابة الفصل بين النفس والبدن. وإذا كنا لا نعرف النفس إلا عن طريق البدن، فكذلك نحن لا نعرف الله إلا عن طريق الطبيعة. فمن التعسف إذن أن نكيل التهم لأولئك الفلاسفة الذين يوحدون بين الله والطبيعة، وليس من شك في أن كل ما هو موجود لا بد أن يكون متعلقاً بالجوهر الإلهي، لأن الله هو الموجود الوحيد الذي يشمل وجوده سائر الموجودات ويستوعبها جميعاً. . . وإن الكتاب المقدس نفسه لهو بعيد عن معارضة هذه الحقيقة، على الرغم من أننا نختلف في تفسير عقائده حسب ما يتراءى لكل واحد منا)

وفي استطاعتنا أن نضيف إلى عبارة جيته، أن الكتاب المقدس ينطوي على أقوال تؤيد وحدة الوجود بصراحة، فإننا نجد عبارة للقديس بولس يقول فيها: (إننا في الله نحيا ونتحرك ونوجد)، وعبارة أخرى يقول فيها: (إن منه (أي من الله) وبه، وله كل الأشياء)، فليس مذهب وحدة الوجود إذن وقفاً على الفلاسفة والمفكرين، بل إن هذا المذهب شائع في كثير من الديانات كما يظهر بالنسبة إلى المسيحية التي تقول إن الله حي في كل شيء، وكل شيء في الله

بقي لنا بعد هذا أن نتعقب الاعتراضات التي وجهت إلى هذا المذهب، فنرد على كل اعتراض منها على حدة. وقد سبق لي أن كتبت بحثاً عن (الاتحاد والحلول ووحدة الوجود) عرضت فيه لنقد ابن تيمية الذي هاجم فيه هذا المذهب، فلعلي أستطيع أن ألخص طرفاً منه في كلمة أخرى إن شاء الله.

زكريا إبراهيم

الفهم والشعر والمال

قرأت (إلى زائرة) وليست (إلى زائرة) من أجود قصائد بشر فارس ولكنها على كل حال ترمز إلى ترجرج العاطفة عند الشاعر وقد تولته نوازع الغريزة فكتب بها فكانت قصيدته تلك ظلاًّ لحالته النفسية

وبعد ليس الشعر ألهية عارضة يقرأ كما يقرأ الخبر المحلي في الصحيفة

فليعد الأستاذ الزحلاوي إلى إعادة قراءة زائرة فلعله يكون أول الفائزين. ولي رجاء أن لا يتبرع الزحلاوي بعد اليوم بالمال من أجل الفهم

بهذه الفقرات ختم (صلاح الأسير) كلمته التي نشرها في مجلة الأدب البيروتية عن (الجائزة الأدبية) واعتقد أنه لم ينل ناقد من أديب بمثل ما نال (صلاح الأسير) من صديقه بشر فارس في تصديه للدفاع عن شعره واجتهاده في تفسير حالته النفسية عندما نظم قصيدته إلى زائرة، وهل من سلاح أقتل من سهم مسموم يريشه عدو إلى صدر شاعر يدافع عنه فيقول فيه: إنه (مترجرج العاطفة تتولاه نوازع الغريزة) فكانت قصيدته المشؤومة تلك ظلاًّ لحالته النفسية؟

كنت ولا شك، رءوفاً بالشاعر بشر فارس عندما تظاهرت بالتواضع فنسبت لأداة فهمي الركود والعي، فاستنجت بأرباب الفهم، في مصر والبلاد العربية، حتى لا أنسب إليه عيوب ترجرج العاطفة، والتواء الذهن، والحمي الحيوانية التي تنتاب من تتولاهم نوازع الغريزة

ما كنت أود أن أقول إن الدكتور بشر فارس ليس بشاعر ولا يمت إلى الشعر بصلة، وأن ليس بينهما إطلاقاً أواصر قربى ووشائج تعارف، ولكن الأستاذ الأسير - عافاه الله - قالها على طريقته هو، طريقة الصداقة والعداوة، الجاهلة والعاقلة، فلينعم إذن بشر فارس المتهم بصلاح الأسير المدافع

أي أديب يا صاحبي لا يعرف أن الشعر ليس بألهية عارضة؟ بل يجب أن تعلم يا صاحبي أن الأديب لا يعرف أن الشعر صدق، ووضوح، وملاحظة، ونقد، وإنسانية، وعطف، وفلسفة وحب، إنما هو أديب مشكوك فيه. بل يجب أن تعلم مرة ثانية أنه لا يكفي الشعر المعنى المبتكر، ولا الديباجة الرائعة بل يجب فيه الاتساق الفني بين المعنى والديباجة يربطهما الجرس الموسيقي، وعندها تحس النفس بجمال لدنى وبطرب ونشوة تعجز عن تحليل عناصرها، فكيف به إذا خلا من كل هذه العناصر الأساسية؟

رجاني الأستاذ الأسير أن لا أتبرع بعد اليوم من أجل الفهم، فأنا أطمئن الأستاذ على أني وقفت حياتي (من المهد إلى اللحد) على العلم والفهم، فهل أضن بمالي من أجل الفهم؟ وليفهم الأستاذ الأسير (أن كل ما في الأرض من مال لا يكفي لتفتيح ذهن من الأذهان ليفهم مثل هراء بشر فارس)

حبيب الزحلاوي

مكتبة نقابة الصحفيين

أهدي إلى مكتبة نقابة الصحفيين 12 كتاباً من رياسة مجلس الوزراء و47 من وزارة الأشغال و7 من إدارة المطبوعات و7 من المتحف الحربي و8 خرائط وأطالس كبيرة من مصلحة المساحة والمناجم و5 مجلدات من مصلحة الإحصاء والتعداد و8 من مرصد حلوان و10 من لجنة التأليف والترجمة والنشر (هدية أولى) و3 من الاتحاد المصري للصناعات و63 من مكتبة المعارف و5 من مكتبة العرب و23 من المطبعة العصرية