مجلة الرسالة/العدد 577/سلام على أسمهان!

مجلة الرسالة/العدد 577/سلام على أسمهان!

ملاحظات: بتاريخ: 24 - 07 - 1944



للأستاذ علي أحمد باكثير

غرقتْ؟ كيف يغرق النُّور والحس ... نُ وفنَّ الخلود في شبر ماءِِ

ما تقولون؟ هل تجدُّون أم تا ... هون أم هل يجد صرف القضاء؟

لو حواها البحر العريض أضق ال ... بحر ذرعاً عن روحها الشّماءِ

أو حوتْها الصحراء لاَنْتفَضتْ ظ ... لاَّ وماء في جنة خضراءِ!

لَِم لَمْ تغرق الكواكب والشُّهب ... وشمس الضُّحى وبدر السماء؟

صوتها العبقري قد كان يُغْني ... عن ضياء ينير في الظلماء!

مَم شَدَا بعد أسمهان بحن ... فَلأُذنِ عن لحنه صّماْءِ

ما عزائي من بعدها بنشيد ... أو غناء ولات حينَ عزاء؟

ضلَّةً قيل إنها بُلبلٌ أو ... كروانٌ أو عندليبُ غناءِ

أين من صوتها حناجر طير ... أو أرانين آلة خرساءِ؟

صوتها الصوت للخلود وللفر ... دوس لا للدُّنيا ولا للفَناء!

أسمع اللهُ منه للناس حيناً ... ليحنُّوا شوقاً لدار الجزاءِ

ليَروْا أنْ ما على الأرض فان ... والنعيم النعيم في الفيحاء!

ليت عيني تذهبان ويُضْحِى ... خطبُها كاذباً من الأنباء!

شهر يوليوَ مَنْ ذا يردُّك ابري ... لَ وأعطيه مهجتي وذَمائي؟

شهر يوليو لا كنت يا شهر يوليو ... أنت شهر الدموع والأرزاء

آه يا أسمهان! يا بهجة الدُّني ... اوأغنية السنَّا والسّناءِ

خرست بعدكِ البلابل في الرو ... ض وجفت جداول السّرّاءِ

وظلال الفن الرفيع اضمحلّت ... وتولّت بشاشة النُّدماء!

كنت أبكي - إذا سمعتُك تش ... دين - بدمع يندى على أحشائي

صرت أبكي - إذا سمعتك تش ... دين - بدمع مُرورّد بالدماء!

ليت عيسى يعود حيَّاً فُيحيي ... ك لتُحيي موتى من الأحياء!

أنت أولى بمعجزات رسول ... بثَّه صوتُ الله في العذراء فاذهبي كالربيع. . . كالكوكب الها ... وي. . . كساى النسيم. . . كالأنداء!

واخلدي في القلوب ما خلد الفنُّ ... وجاشَتْ بلابلُ الشعراء

وارقدي في ثَرَى الكنانة واقضي ... ما تشائين من هَوًى ووفاء!

نضَّرَ اللهُ بالنعيم مُحيّا ... كِ وأولاك منزل الشُّهداء

(المنصورة)

علي أحمد باكثير