مجلة الرسالة/العدد 593/على هامش النقد
مجلة الرسالة/العدد 593/على هامش النقد
5 - في عالم القصة
الذئاب الجائعة. . . محمود البدوي
للأستاذ سيد قطب
هنا قصاص من لون جديد. وهنا قصة ذات طعم خاص. . . لهذا القصاص عيوبه، ولهذه القصة هنواتها. ولكن هذا كله شئ آخر. وليس هو بأفضل قصاص، وليست هي بأرفع قصة. ولكن هذا كله شئ آخر كذلك!
هنا (لذعة) حارة تحسها وأنت تقرأ مجموعة (الذئاب الجائعة) كلها أقصوصة أقصوصة. وهنا (جوع) دائم في كل قصة، وفي كل شخصية - جوع إلى شئ ما: حسي أو معنوي - وهنا (تفزع) دائب في كل موقف وفي كل خاطرة - تفزع من شئ ما موجود أو مرقوب.
والقارئ يحس بهذا كله يلهب حسه، ويلذع أعصابه، فإذا فتر في بعض الأحيان أحس بخدر لذيذ، كأنه في بحران. . .
ولأول مرة - فيما أعتقد - تظهر هذه الخصائص في قصة باللغة العربية. وهذا ما يوجب تسجيل هذا اللون الخاص.
وأعود مرة أخرى لأقول: إن الخاصية ليس معناها الأفضلية؛ وإنني لا أرفع هذا اللون فوق الألوان الأخرى؛ وإن هذه الخصائص لا تنفي نواحي النقص في اللون الجدي. وكل ما يهمني هو تسجيل هذه الجدة؛ بخيرها وشرها، وتنبيه القارئ إليها في مجموعة (الذئاب الجائعة).
تحتوي هذه المجموعة على ثماني أقاصيص: الذئاب الجائعة، وساعات الهول، والنفوس المعذبة. ورجل مريض. وفي القرية. وحياة رجل. وقلب عذراء. وفي القطار.
في (الذئاب الجائعة) و (في القرية) لوحتان خاصتان من حياة الريف المصري الصميم. وفي كلتيهما ذلك الجوع الحار وذلك التفزع العنيف. فالأولى تصور منسراً من مناسر اللصوص حياة (أبناء الليل) كما يسمونهم في الريف، أو ذئاب البشر.