مجلة الرسالة/العدد 60/الإنسانية العليا

مجلة الرسالة/العدد 60/الإنسانية العليا

ملاحظات: بتاريخ: 27 - 08 - 1934


للأستاذ مصطفى صادق الرافعي

من أوصاف النبي أنه كان متواصل الأحزان، دائم الفكرة، ليست له راحة، طويل السكت، لا يتكلم في غير حاجة، ليس بالجافي ولا المَهين، يعظّم النعمة وإن دقت لا يذم منها شيئاً، ولا تغضبه الدنيا ولا ما كان لها، فإذا تُعُدّيَ الحق لم يقم لغضبه شيء حتى ينتصر له، ولا يغضب لنفسه ولا ينتصر لها، وكان خافض الطرف، نظره إلى الأرض أطول، من نظره إلى السماء، من رآه بديهة هابه، ومن خالطه معرفة أحبه، لا يحسب جليسه أن أحداً أكرم عليه منه، ولا يطوى عن أحد من الناس بشْرَه، قد وسع الناس بسطُهُ وخُلقُه، فصار لهم أبا، وصاروا عنده في الحق سواء، يحسن الحسنَ ويقويه، ويقبّح القبيح ويوهيه، معتدل الأمر غير مختلف، وكان أشد الناس حياء، لا يثبت بصره في وجه أحد، له نور يعلوه، كأن الشمس تجري في وجهه، لا يؤيس راجيه، ولا يخيب فيه، ومن سأله حاجة لم يردّه إلا بها أو بميسور من القول، أجود الناس بالخير.

صلى الله وسلم على صاحب هذه الصفات التي لا يجد الكمال الإنساني مذهباً عنها، ولا عن شيء منها، ولا يجد النقص البشري مساغاً إليها، ولا إلى شيء منها، ففيها المعنى التام للإنسانية، كما أن فيها المعنى التام للحق، ومن اجتماع هذين يكون فيها المعنى التام للإيمان.

هي صفات إنسانها العظيم، وقد اجتمعت له لتأخذ عنه الحياة إنسانيتها العالية، فهي بذلك من براهين نبوته ورسالته.

ولو جمعت كل أوصافه ، ونظمتها بعضها إلى بعض، واعتبرتها بأسرارها العلمية - لرأيت منها كوناً معنوياً دقيقاً قائماً بهذا الإنسان الأعظم، كما يقوم هذا الكون الكبير بسننه وأصول الحكمة فيه، ولأيقنت أن هذا النبي الكريم إن هو إلا معجم نفسي حي ألفته الحكمة الإلهية بعلم من علمها، وقوة من قوتها، لتتخرج به الأمة التي تبدع العالم إبداعاً جديداً، وتنشئه النشأة المحفوظة له في أطوار كماله.

ولن ترى في الإنسانية أسمى من اجتماع هذه الصفات بعضها إلى بعض، وإني لأكاد كلما تأملتها أحسب هذا السمو قضاء وقدراً بإنسان على الإنسانية كلها. وهي دليل على أنه الإنسان الذي خلق للدنيا لا لنفسه، فهو لا ينمو بما يكون له على الناس من الحق، ولكن بما يكون للناس عليه من الواجبات، كأنما هو حقيقة كونية تعيش عيشها، فما تكون في الوجود إلا لتقرر وجودها هي، ولا تنتهي حين تنتهي بذاتها إلا لتبدأ معانيها في غيرها، فهو إنسان غُرِسَ في التاريخ غرساً ليكون حداً لزمن وأولاً لزمن بعده، وما كانت حياته تلك إلا طريقة غرسه، وهو أبداً قائم في مكانه الاجتماعي، إذ كان الزمن كلما تقدم زاد في إثباته. وقد أصبح في الدنيا كأنه جهة من الجهات لا إنسان من الناس، فلن يتغير أو يمحى إلا إذا تغير أو مُحي المشرق والمغرب.

ونحن حين نقرأ تلك الصفات وما فاضت به كتب الشمائل من أمثالها - لا نقرؤها أوصافاً ولا حلية، بل نراها صفحة إلهية مصنفة أبدع تصنيف وأدقه، ومن وراء تأليفها تفسير طويل لا يتهدّى الفكر البشري لأحسن منه ولا أصح ولا أكمل، فقد اجتمعت تلك الصفات في إنسانها اجتماع الأجزاء في المسألة الرياضية لا ينبغي أن تزيد أو تنقص، إذ كان في مجموعها ما وجد له مجموعها.

ويكاد الارتباط بين أجزاء هذه المسألة يكون هو بعينه صورة للارتباط بين أجزاء تلك الصفات الشريفة، فان كل جزء منها موضوع وضعاً لا يتم الكل إلا به، حتى لا موضع فيها لقلةٍ أو كثرة، وهذا معنى قوله : (أدبني ربي فأحسن تأديبي) وأنت إذا دققت في هذا الحديث أدركت من معناته أن هناك طبيعة أخلاقية مفردة تجري على قانونها الذي وضعه الله لها وأحكمها به.

وأعجب ما يدهشنا من مجموع صفاته - أن فيها دليلاً بيناً على أنه مخلوق خلقة متميزة بنفسها كخلقة القلب الإنساني، نظامه حياته وحياته نظامه، وكأنما اعترته حالة نفسية كالتي تعتري القلب في استشعار الخطر فتخرجه من طبيعته إلى أقوى منها، فلا يزال يمد أعضاء الجسم بمدد لا ينفد - من القوة والصبر يجعل الحياة فيها على أضعافها كأنها حياة كانت مخبوءة وظهرت بغتة؛ وفي هذه الحالة تتجه غرائز النفس كلها إلى جهة واحدة كأنها مقدرة بميزان، مضبوطة بقياس؛ فترجع على تناقضها واختلافها متعاونة يؤازر بعضها بعضاً، وكان قانونها الطبيعي أن تتجاذب وتتساقط وتفسر الواحدة منها عمل الأخرى، فيجيء بها الشيء وضده معاً: كالصدق والكذب، والطمع والقناعة، والشهوات الثائرة والخمود الساكن، إلى آخر ما تعد من هذه الغرائز؛ ولكنها في استشعار الخطر تكون كالأشباه لا كالأضداد، فيشد بعضها بعضاً، ويتمم النقيض منها نقيضه، وتجري كلها في قانون واحد: هو الدفاع بأجزائها عن مجموعها؛ فترى النازع منها وإنه لمستقر في أشد من القيد، وكأن فيه غير طبيعته.

وهل ينبئك مجموع صفاته إلا أنه يعيش معيشة القلب إذا اختلف ما حوله وفجأته بغتات الوجود فتجاوز أن يكون منبعاً للحياة إلى أن يكون حافظاً للحياة في منبعها. وتلك الحالة - كما مر بك - تجعل وجود الإنسان هو وجود إرادته وعقله، لا وجود شهواته وغرائزه؛ وبذلك نبينا ، فهو مدة حياته في وجود إرادته لا غيرها، حتى ليس عليه سبيل لغميزة أو لائمة، كأنه خُلق تشدّه نية مستيقظة قد نبهها ما ينبه النفس من الغرر والخطر. ولعل هذا الشعور في نفسه هو التفسير لقوله: (نيةُ المؤمنِ خيرٌ من عمله) إلى أحاديث كثيرة مما يجري في معنى هذه الكلمة الجامعة؛ يريد بها: أن نية المؤمن لا تنطوي إلا على الخير الكامل، فهو ما دامت نيته على صلاحها، وسرُّه على إخلاصه - لا يعد اليسير من الشر يسيراً، ولا يرى الكثير من الخير كثيراً؛ فالأصل القائم في تلك النية المؤمنة ألاّ يبدأ الشر كي لا يوجد، وألاّ ينتهي الخير كي لا يفنى؛ فالمؤمن من ذلك على الخير والكمال أبداً، في حين أن عمله بطبيعته الإنسانية يتناول الخير والشر جميعاً، ثم لا يكونون إلا عملاً إنسانياً على نقص واضطراب والتواء.

وقد لا يستطيع المؤمن أن يأتي الخير في بعض أحواله، ولكنه يستطيع دائماً أن ينويه ويرغب فيه ويعزم عليه ليحقق ضميره الطيب في كل ما يهم به، ويحصر أفكاره في قانون نيته المؤمنة. وهذا هو الأساس في علم الأخلاق، لا أساس من دونه.

والنية من بعد هي حارس العمل، فكل إنسان يستطيع أن يذعن وأن يأبى، ومن ثم تكون هذه النية رداً ومدافعة من ناحية، واستجابة ومطاوعة من الناحية الأخرى؛ فهي على الحقيقة متى صلحت كانت استقلالاً تاماً للإرادة. وكانت مع ذلك ضبطاً لهذه الإرادة على حال واحدة هي التي ينتظم بها قانون المبدأ السامي.

ثم إنه لا ضابط لصحة العمل واستقامته إلا النية الصحيحة المستقيمة؛ فالتزوير والتلبيس كلاهما سهل ميسور في الأعمال، ولكنهما مستحيلان في النية إذا خلصت.

وهي كذلك ضابط للفضائل توجه القلوب على اختلافها وتفاوتها اتجاهاً واحداً لا يختلف، فيكون طريق ما بين الإنسان والانسان، من ناحية الطريق ما بين الإنسان وبين الله.

وأشواق الروح بطبيعتها لا تنتهي، فيعارضها الجسم بجعل حاجاته غير منتهية، يحاول أن يطمس بهذه على تلك، وأن يغلّب الحيوانية على الروحانية، فإذا كانت النية مستيقظة كفّتْه وأماتت أكثر نزعاته، ووضعت لكل حاجة حداً ونهاية؛ وبذلك ترجع النية إلى أن تكون قوة في النفس يخرج بها الإنسان عن كثير مما يحدُّه من جسمه، ليخرج بذلك عن كثير مما يحده من معاني الأرض.

وهي بعد هذا كله تحمل الإنسان أن ينظر إلى واجبه كأنه رقيب حي في قلبه، لا يرائيه ولا يجامله، ولا يخدع من تأويل، ولا يُغر بفلسفة ولا تزيين، ولا يُسكته ما تسول النفس، ولا يزال دائماً يقول للإنسان في قلبه: إن الخطأ أكبر الخطأ أن تنظّم الحياة من حولك الفوضى في قلبك.

وجملة القول في معاني النية أنها قوة تجعل باطن الجسم متساوقاً مع ظاهره، فتتعاون الغرائز المختلفة في النفس تعاوناً سهلاً طبيعياً مطرداً، كما تتعاون أعضاء الجسم على اختلافها في اطراد وسهولة وطبيعة.

وكل صفات النبي - مما ذكرناه وما لم نذكره - متى اعتبرت بذلك الأصل الذي بيّناه انتظمها جميعاً، فجاء بعضها تماماً على بعض في نسق رياضي عجيب، وظهرت حكمة كل منها واضحة مكشوفة، ورأيتها في مجموعها تصف لك عمراً هندسياً دقيقاً قد بلغ الغاية من الكمال والروعة والدقة، لا يُعَدُّ جزءٌ منه جزءاً، بل كله أجزاؤه، وأجزاؤه كله؛ كالوضع الهندسي؛ إما أن يكون بكله، وإما ألا تكون فيه الهندسة كلها.

وليس مجموع تلك الصفات في معناه إلا صنعة الإنسان صنعة جديدة تخرجه موجوداً من ذات نفسه، وتكسر القالب الأرضي الذي صب فيه وتفرغه في مثل قالب الكون، فإذا هو غير هذا الإنسان الضيق المنحصر في جسمه ودواعي جسمه، فلا تخضعه المادة، ولا يؤتى من سوء نظره لنفسه، ولا تغرّه الدنيا، ولا يمسكه الزمان؛ إذ كانت هذه هي صفات المستعبَدِ بأهوائه لا الحر فيها، والخاضع بنفسه لا المستقل بها، والمقبور في إنسانيته لا الحي فوق إنسانيته. ومثل هذا المستعبد الخاضع المقبور لا وجود له إلا في حكم حواسه، فعمله ما يعيش به لا ما يعيش من أجله؛ ويتصل بكل شيء اتصالاًُ مبتوراً ينتهي في هوى من أهواء الحيوان الذي فيه.

ومن المقابلة العجيبة أن يكون في الإنسان الاجتماعي حيوان تقابله الحكمة في الحيوان الأليف بإنسان؛ وحكمهما واحد ومنطقهما لا يختلف. فلو أنك سألت حيوان الأعصاب عن صاحبه الإنسان لقال لك: هو غلّتي ومزرعتي. ولو سألت كلباً عن حبّه صاحبه ومبلغ هذا الحب في نفسه لما زاد في جوابه على أنه يحبه حبّ اللقمة والعظمة. . .

ومتى كان الإنسان في حكم حواسه لم تعد الأشياء عنده كما هي في نفسها بمعانيها الطبيعية المحدودة، وانقلبت كما هي في وهمه بمعان متفاوتة مضطربة، فلا يشعر المرء بائتلاف الوجود وتعاونه، ولكن باختلافه وتناقضه، فمن ثم لا تكون أسباب اللذة إلا من أسباب الألم، ويدخل في كل حب بغض، وفي كل رغبة طمع، وفي كل خير شر، وفي كل صريح خبئ، وهلم جراً؛ إذ لابد من هذا كله متى غلب الفاني على الباقي، ولابد من كل هذا في تمثيل رواية الحواس الخادعة التي أساسها التغّير والتقلّب، حتى لكأن النفس إنما تعيش بها في ظاهر من الحياة لا في الحياة نفسها.

وهذا الخداع جاعل كل شيء من أشياء النفس لا يبدأ إلا لينتهي، ثم لا ينتهي إلا ليبدأ؛ فما تزال هذه النفس طامعة فيما لا تناله، ولا يزال من ذلك مصدر لآلامها الحسية؛ ثم إذا هي نالت منالها سئمت، فلا يزال من ذلك مصدر آخر لآلامها المعنوية. ولن يجئ الصحيح من غير الصحيح، فالكون كله ليس إلا كذباً في النفس الكاذبة بحواسّها.

ولذا كان أخص أوصافه راجعاً إلى خروجه من سلطان نفسه، فلا يغضب لها، ولا يطلقها من الدنيا فيما تذمه أو تمدحه، ولا يحب فيها، ولا يبغض من أجلها، ولا يهاونها، ولا يستلين لها في مأكل ولا ملبس، ولا يأخذها إلا من ناحية الإيمان بالله والإيمان بالإنسانية؛ فأفراحها أحزانها، وآمالها أشواقها، وأملاكها أعمالها، وحسابها في طبيعتها، وحوادثها من العقل لا من الحواس، وعظمتها إثبات ذاتها في غيرها، لا إثبات غيرها في ذاتها؛ وغايتها في الباقي لا الزائل، وفي الخالد لا الفاني. وما دام الحاضر متحركاً فهو طارئ عابر أو شكُ أمورِ الدنيا زوالاً، والعمل له على مقداره في قلة لبثه وهوان أمره، والاهتمام أبداً بما وراءه لا به.

فأول النفس النية العاملة لآخرتها، وآخر النفس ما تؤدى إليه أعمال هذه النية؛ فليس في إنسان الدنيا إلا إنسان العالم الآخر؛ وبهذا يقدّر صمته وكلامه، وحركته وسكونه، وما يأتي وما يدع، وما يحب وما يكره؛ إذ كل شيء منه على الاعتبار إنما هو صورة الحقيقة العاملة فيه.

وجماع الأمر ألا يكون مستقبل الإنسان علامة استهزاء بجانب ماضيه، ولا علامة استفهام، ولا علامة إنكار.

وتدل صفات النبي باجتماعها وتساوقها على حقيقة عظمى لم يتنبه إليها أحد؛ وهي أن جميع خصائصه النفسية مرهفة متيقظة، وهذا مما يندر وقوعه وإمكانه؛ فان الرجل من الناس ليكون حياً بالحياة، ولكن جوانب كثيرة من نفسه قد طاح بها الموت، أو هي مريضة، وذلك أول الموت؛ أو غافلة، وذلك شبه الموت. أما الحيّ العظيم فهو الذي يحيا بأكثر خصائص نفسه، وأما الحي الأعظم فهو الذي يحيا بجميع خصائصها، تملؤه الحياة فيملأ الحياة، ويتمدد السر فيه ليريه حقائق الأشياء، ويهديه ويدلّه، فيكون بنفسه رؤية للناس وهداية ودلالة؛ ومثل هذا يعظم ثم يعظم حتى ليرى الفرق بينه وبين غيره كالفرق بين نور لبس اللحم والدم، وبين تراب لبس الدم واللحم.

وذلك لا يكاد يتفق إلا في مراتب أعلاها الامتياز في النبوة، ثم النبوة؛ ثم تنزل إلى الامتياز في الحكمة، ثم تهبط إلى عبقرية الشعر. فأكبر الشعراء قاطبة كالنبي في معناه إلا أنه نبي صغير، وإلا أنه في حدود قلبه.

وهذه القوى الثلاث هي التي أبدعتها الحكمة الإلهية لتحويل الحياة والسموّ بها؛ فالشاعر يستوحي الجمال إذا تألّه الجمال في قلبه، والحكيم يستوحي الحقيقة إذا تألّهت في نفسه، والنبي يستوحي الألوهية نفسها.

(كان متواصل الأحزان) ولكنها أحزان النبوّة تكسو الحياة فرح النفس الكبيرة، وهو فرح كله حزن وتأمل، وفكرة وخشوع، وطهر وفضيلة. وما فرح أعظم الشعراء بطرب الوجود وجمال الموجودات إلا شيء قليل من حزن النبي.

(وكان دائم الفكرة ليست له راحة) إذ هو مكلّف أن يصنع الإنسان الجديد وينقح الآدمية فيه. وفكرة النبي هي معيشته بنفسه مع الحقائق العليا، إذ لا يرى أكثرها تعيش في الناس. وهي الفردية واستقلالها وسموّها لأنها إطاقة النفس الكبيرة لوحدتها، بخلاف الأنفس الضعيفة التي لا نطيقها، فدأبها أبداً أن تبحث عما تستعبد له، أو تنسى ذاتها فيه، أو تستريح إليه من ذاتها. ومتى كانت النفس فارغة كان تفكيرها مضاعفة لفراغها، فهي تفر منه إلى ما يلهيها عنه. ولكن العظيم يعيش في امتلاء نفسه، وعالمه الداخلي تسميه اللغة أحياناً: الفكرة، وتسميه أحياناً: الصمت.

(وكان طويل السكت لا يتكلم في غير حاجة) ومن الصمت أنواع، فنوع يكون طريقة من طرق الفهم بين المرء وبين أسرار ما يحيط به؛ ونوع يغشى الإنسان العظيم ليكون علامة على رهبة السر الذي في نفسه العظيمة، ونوع ثالث يكون في صاحبه طريقة من طرق الحكم على صمت الناس وكلامهم، ونوع رابع هو كالفصل بين أعمال الجسد وبين الروح في ساعة أعمالها؛ ونوع خامس يكون صمتاً على دويٍّ تحته يشبه نوماً ساكناً على أحلام جميلة تتحرك.

على هذا النمط يجب أن تفسر كل أوصافه ؛ فهي بمجموعها طابع إلهي على حياته الشريفة يثبت للدنيا بكل براهين العلم والفلسفة أنه الإنسان الأفضل، وأنه الأقدر، وأنه الأقوى.

طنطا

مصطفى صادق الرافعي