مجلة الرسالة/العدد 613/البريد الأدبي
مجلة الرسالة/العدد 613/البريد الأدبي
بين شاعرين
(يعرف القراء فجيعة الأستاذ عزيز بك أباضة في زوجته من
مجموعة أشعاره (أنات حائرة)، وقد عرفوا أخيراً فجيعة
الأستاذ عبد الرحمن صدقي من أشعاره التي يوالي نشرها هنا
وفي الثقافة. وفيما يلي كلمة أرسلها إلى زميله، وهي عامرة
بروح التقدير الكريم والمشاركة في الألم الوجع)
عزيزي الأستاذ عبد الرحمن:
تتبعتُ قصائدك التي تنشر في الرسالة والثقافة. وما أظنها قصائد بالمعنى المفهوم، ولكنها دموع العين والقلب معاً تقطر في أصدق تعبير واشرفه - ولكنها الحشاشة الذائبة والنفس المنصهرة تترقق في أنصع الشعر وأسماه.
وما من شك أن هذه اللوعة التي تحترق بها أنت، قد اهتز لها في آفاقه الشعر الباكي، وابتهج بها في محيطه الأدب الحزين. فلقد أضفت إلى صحفها التي طهرتها الآلام صحفاً أخرى تضيء بأنبل الألم وفي الألم لذة مشرقة تستشعرها النفس وهي تكتوي بناره، وتراح لها الروح وهي تتنزى فوق أواره.
أما أنا، فلي شأنٌ مع دموعك، شأن غير شأن الناس. فلقد رثيت لها أكثر مما رثى الناس. ذلك أنني فهمتها أكثر مما فهمها الناس. ثم إذا دموعك أو قصائدك قد امتزجت بأحناء تفسك وأعراقها حتى لأَوشك أن يتسرب بعضها في بعض.
ثم زدتُ فأوشكتُ أن أدعّي لنفسي منها هذه المقطوعة الدامية أو ذلك البيت الأّيم. . . ولِمَ لا أفعل، إذا كنت أجد فيها صدى نفسي، وأسمع فيها همسها وزفيرها، وأستاف منها رائحة الكبد المحترقة.
هل تظنني قائلا لك: (تماسك واصبر)؟
لن أفعل ذلك فأسيء إلى وفائك وحبّك ولن أفعل ذلك فأحرم الأدب من نفحاتك ولفحاتك
كان الله لك، ورضي الله عنها وعنك
أسيوط
المخلص
عزيز اباظة
الجامعة العربية
أصبحت الجامعة العربية أمراً واقعاً، وحقيقة ثابتة. وقد خلصت الجمعيات التي قامت لأجلها، والكتاب الذين دعوا إليها من التخبط في تعريق غاياتها وتحديد أغراضها وكذلك اطمأنت نفوس من كانوا يتوجسون من تأليفها، لزعيم باطل أو وهم مدخول، بأنها ستكون جامعة إسلامية تناوئ أو تقضي على كل ما هو غير إسلامي. أما الآن فقد وضح أمرها فصار في وسع كل إنسان أن يقول:
(إن الغرض من الجامعة العربية توثيق الصلات بين الدول المشتركة فيها، وتنسيق خططها السياسية، تحقيقاً للتعاون بينها، وصيانة لاستقلالها وسيادتها، والنظر بصفة عامة في شؤون البلاد العربية ومصالحها)
(وكذلك من أغراضها تعاون الدول المشتركة فيها تعاوناً وثيقاً بحسب نظم كل دولة منها وأحوالها في الشؤون الاقتصادية والمالية، والاجتماعية والصحية، والمواصلات والثقافة، والجمارك والجنسية)
وإذا سأل سائل، الرجال الذين وقَّعوا وثيقة هذه الجامعة عن رأيهم فيها سمعنا دولة النقراشي باشا يقول باسم حكومة مصر
(أنها ضرورة تدعو إليها الظروف الدولية في هذا الوقت. لقد أردتم وأردنا أن تكون هذه الجامعة جامعة سلام ووفاق وهي هذه الصورة التي سوف تراها الدول وتستقبل بها عهداً جديداً للبلاد العربية، أساسه التضامن وحسن التفاهم)
ويقول دولة السيد فارس الخوري باسم حكومة سورية:
(نحن مطمئنون إلى أن هذه البداءة المتواضعة تأخذ مجراها في طريق النمو إلى أن تبلغ الهدف الأسمى الذي تتوق إليه نفس كل عربي حريص على وصل مستقبل أمته العتيد بماضيها المجيد)
ويقول دولة سمير الرفاعي عن شرق الأردن:
(أنها الحجر الأساسي للكيان القومي)
ويقول السيد أرشد العمري عن العراق:
(أن هذا الميثاق لهو الطلقة الثانية للعرب، ولكنها طلقة سليمة هذه المرة، بيد أن الطلقة الأولى لفكرة الجامعة العربية كانت للملك حسين بن علي)
ويقول السيد يوسف يس عن الحكومة السعودية:
(إن ميثاقنا سيلقاه الناس بسيطا في مبناه ولكنه سام في أهدافه وغاياته، وأهم ما تستند إليه جامعة دولنا العربية هو حسن ظن بعضنا ببعض)
ويقول السيد كرامي عن لبنان:
(نعلم حق العلم أن هذه الجامعة ليست هي غاية ما يصبو إليه العرب في مختلف أقطارهم، ولكنها خطوة مباركة، بل خطوة كبيرة جبارة نحو تلك الغاية السامية، أي اتفاق على تأسيس جامعة لدولتنا تكون أداة دائمة للتعاون الأخوي الوثيق بيننا)
ويقول عبد الرحمن عزام بك:
(الحقيقة هي أن الجامعة وميثاقها ليست إلا عنواناً لميثاق غير مكتوب، أخذه علينا آباؤنا ورسلنا من قبل وأخذناه على أنفسنا اليوم)
لقد سجلنا على رجال حكوماتنا أقوالهم لنشهد عليهم ونستشهد بها قريباً.
حبيب الزحلاوي
الإسكندرية في العصور الوسطى
الدكتور عزيز سوريال عطية، خير من يجلو لأبناء الإسكندرية ما غمض من تاريخ مدينتهم في العصور الوسطى، فقد عرض لمستمعي الحلقة الثانية من سلسلة المحاضرات الإسكندرية، التي تقيمها وتشرف على الدعاوة لها جمعية الشبان المسيحيين. أقول عرض الدكتور سوريال كيف كانت الإسكندرية في تلك الآونة كعبة الدنيا، وعروس الزمان.
ومن أهّم ما حدّثنا عنه الدكتور الحاضر مسألة الامتيازات الأجنبية، فقال: إنّ لهذه الامتيازات التي تخلصنا من ربقتها أخيراً، أصلا في تاريخ الإسكندرية الوسيطة، وهو أنْ قد كان ما يعرف في تلك الآونة، بالفنادق، وقصة هذه الفنادق، تصور لنا كيف كانت تنشأ بأموال النزلاء الأجانب، على أن تعود ملكيتها إلى السلطان، وللسلطان بعد ذلك أن يصدر أمره إلى كلّ فئة يُقيم كلّ منها في فندق يشرفون منه على مصالح بلادهم الاقتصادية، على إلا يعترف لهم بأكثر من صفة الضيافة!! فهل يرى الدكتور سوريال أوجه شبه بين هذه الفنادق، وبين ما يعرف اليوم بنظام السفارات؟
أما تخطيطات الإسكندرية في العصور الوسطى، فقد شرحها لنا الدكتور المحاضر شرحاً وافياً، مستعيناً بخرائط كان يُعنى بلفت الأنظار إلى ملاحظتها عند كل نقطةٍ من نقاط بحثه، فكانت فرصة طيبة ليتابع المستمعون قصة مدينتهم في إحاطة وعمق، وكانت آيةً على حرص الدكتور سوريال، على أن يحيط متتبعوا محاضرته بعناصر الموضوع المختلفة من شتى الجهات، ولقد كان الدكتور سوريال دقيقاً أجلّ الدقة، في تحفظه حين كان يحدث عن رأى لم يقل العلم بَعْدُ كلمته الفاصلة فيه.
ومن أمتع ما حدثنا عنه الدكتور سوريال، حضارة الإسكندرية الوسيطة، تلك الحضارة التي تتجلى في أروع ظواهرها حين نستعرض مراحل الديانات المختلفة، فيحدثنا الدكتور عن مسجد النبي دانيال حديثاً طلياً عذباً، متتبعاً تاريخه منذ كان معبداً في العهد القديم، إلى أن أصبح مقبرة للاسكندر - فيما يقال - ثم يحدثنا عنه في صورته الحديثة، حديث الأستاذ المحاضر الذي ألمّ بأطراف موضوعه.
- وإني اعتقد أن في هذا النشاط الفكري الذي نلمسه في الإسكندرية الآن، ظاهرة حيوية جديدة، توحي بأن ليس من البعيد أن يعيد التاريخ نفسه، فتصبح الإسكندرية كما كانت، مشعل الحضارة الجديدة، حيثما تستقر النفوس، وحين يتطلع الناس إلى مثل عليا جديدة.
الإسكندرية
علي حسن حموده
أكاديمية مصرية للعلوم تألفت في القاهرة أكاديمية مصرية للعلوم، على نظام الأكاديميات العلمية في أوربا وأمريكا، وقد جعل مقرها (دار الحكمة) وتشمل بحوثها الآن العلوم الرياضية والطبيعية وعلوم الاحياء.
ويبلغ عدد أعضائها الحاليين تسعة، رؤى أن يكون كل منهم ممثلا لفرع خاص وحاصلا على درجة الدكتوراه في اختصاصه، وممن لهم أبحاث علمية مبتكرة معترف بها في العالم.
وهؤلإء الأعضاء هم - بحسب ترتيب الحروف الأبجدية - الدكاترة: إبراهيم فهمي رجب، وأحمد زكي بك، وحسن صادق باشا، وسعد الله مدور، وعلي مصطفى مشرفه بك، وكامل منصور، ومحمد خليل عبد الخالق بك، ومحمد رضا مدور، ويونس صالح ثابت.
وستعقد الأكاديمية أولى جلساتها العلمية في 3 ابريل القادم، ويستطيع من تعنيه المحاضرات التي ستلقى فيها أن يحضرها، بوصفه زائراً.
وقد وافق معالي وزير المعارف على نشر البحوث التي ستتلى في الأكاديمية على نفقة الوزارة.