مجلة الرسالة/العدد 623/في إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب

مجلة الرسالة/العدد 623/في إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب

مجلة الرسالة - العدد 623
في إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب
ملاحظات: بتاريخ: 11 - 06 - 1945



للأستاذ محمد إسعاف النشاشيبي

- 4 -

في ج 8 ص 181 وهذا شيء (يعني تفسير كتاب سيبويه لأبي سعيد السيرافي) ما تم للمبرد ولا للزجاج ولا لابن السراج ولا لابن درستويه مع سعة علمهم وقبض بنانهم.

وجاء في الشرح: وقبض بنانهم هو من قبض على الشيء بيده أمسكه وضم عليه أصابعه وهو إشارة إلى تمكنهم.

قلت: أغلب الظن أنه (فيض بيانهم) والمبرد بفتح الراء كما ضبط ابن خلكان في (وفيات الأعيان) وبين ابن عبد ربه في (العقد) ودل عليه خبران في (تاريخ بغداد) وللخطيب و (شرح المقامات) للشريشي. وكنت قد ذكرت كل ذلك في (الرسالة الغراء). ولما اطلع العلامة إبراهيم مصطفى الأستاذ في جامعة فاروق الأول على النصوص التي أوردتها نشر كلمة في الرسالة (205) وذكر فيها أن الشيخين اللغويين الشنقيطي والمرصفي كانا يذهبان إلى كسر الراء ثم قال:

(ولعمري لو أنهما شهدا وهدى إليهما ما قدم في الرسالة من النصوص لما رأيا إلا الفتح. . . فما كان لهؤلاء من العلماء من التشدد في الحق إلا ريثما تنكشف لهم الحجة في غير ما بأيديهم، فهم أتباع الحق أبداً. . .)

وهذه طرائف جديدة تنصر الفتح:

روي ابن حجة في (خزانة الأدب) لشيخ الشيوخ عبد العزيز الأنصاري الحموي:

ويلاه من نومي المشرد ... وآه من شملي المبدد

يا (كامل) الحسن ليس يطفي ... ناري سوى ريقك (المبرد)

وجاء في الأساس: فلان يفصل كلامه تفصيل الفريد، وهو الدر الذي يفصل بين الذهب في القلادة المفصلة، فالدر فيها فريد والذهب مفرد، والواحدة فريدة، وقيل: الفريد الشذر، ويقال لبائعه: الفراد. وتقول: كم في تفاصيل المبرد، من تفصيل فريد ومفرد.

ومن عرف أسلوب الزمخشري في سجعات الأساس أيقن أنه لم يقصد إلا الفتح. ومثل تلك السجعة هذه المقطوعة لسلمان ابن عبد الله الحلواني النهرواني: تقول بُنيَّتي: أبتي، تقنع ... ولا تطمع إلى الأطماع تعتدُ

ورض باليأس نفسك فهي أحرى ... وأزين في الورى، وعليك أعود

فلو كنت الخليل وسيبويه ... أو الفرّاء أو كنت المبرد

لما ساويت في حي رغيفاً ... ولا تُبتاع بالماء المبرد

وقال شاعر لا أتذكر الآن اسمه:

ومليح إذا النحاة رأوه ... فضلوه على (بديع الزمان)

برضاب عن (المبرد) يروي ... ونهود تروي عن (الرماني)

وقال الثعالبي في (خاص الخاص):

(أبو العباس المبرد قال: اجتزت يوماً بسذاب الوراق وهو قاعد على باب داره، فقام ألي، ولاطفني، وعرض علي القرى. فقلت: ما عندك؟ قال: عندي أنت، وعليه أنا. يعني أن عنده لحم السكباج المبرد، وعليه السذاب المقطع. فاستظرفت هذه النادرة ونزلت عنده)

وما كان أمثال الجاحظ والأعمش والمبرد والأخفش يكرهون ألقاباً شهروا بها.

روى ياقوت في أخبار علي بن سليمان (الأخفش الصغير): حدث أبو عبيد الله: حضرت يوماً أبا الحسن الأخفش ودفع كتاباً إلى بعض من كان في مجلسه ليكتب عليه اسمه، فقال له أبو الحسن: خَفّشْ، خفش. يريد أكتب الأخفش. ثم قال أنشدنا أبو العباس المبرد:

لا تكرهن لقباً شهرت به ... فلرب محظوظ من اللقب

وبعد فالفضل في تحقيق ذلك الاسم وضبطه إنما هو لرسالة العرب والعلم والفضل والأدب، وللعلامة الأستاذ إبراهيم مصطفى، وللأديب البارع الأستاذ محمد فهمي عبد اللطيف.

في ج10 ص212

إن هشاماً جده هشام ... مقابِل مدابِر هضام

قلت: كسرت الباء في مقابل ومدابر وهي فيهما بالفتح. ورجل مقابل مدابر كريم الطرفين من قبل أبيه وأمه كما في اللسان والتاج وهو من المجاز كما ذكر الأساس. والبيتان من أرجوزة لحفص الأموي في الخليفة هشام بن عبد الملك.

في ج11 ص76

وقبلك داوي الطبيب المريضْ ... فعاش المريض ومات الطبيبْ فكن مستعداً لدار الفناء ... فإن الذي هو آت قريب

قلت: سكنت ضاد المريض وفتحها واجب، والقبض هنا كثير، وليس البيت مصرعاً ولا مقفى حتى يجوز التسكين. وعندي أن القائل وهو الخليل بن أحمد لم يستعمل إلا الضرب الصحيح وإن جاء قصره وجاز.

وقوله (فكن مستعداً لدار الفناء) هو (فكن مستعداً لدار الفناء) أي للموت كما روي الأنباري في (نزهة الألباء في طبقات الأدباء) ومعلوم أن تلك الدار التي يستعد لها المؤمنون هي دار البقاء لا دار الفناء. . .

في ج9 ص179

يلذ له طعم الكماة كأنما ... جرى الشنب المعسول فوق العواسل

قلت: يلذ له طعن الكماة لا طعمهم. . . والبيت للحسن بن محمد العسقلاني في صارم الدولة بن معروف.

في ج11 ص204 وتهم قُرونتي أن أرفع عقيريتي. . .

قلت: جاءت قرونتي بضم القاف وهي بالفتح كما ضبط القاموس المحيط. . . وضبط في المخصص، وقد جاء فيه: سامحت قرونه وقرونته وهي النفس، وهي القرينة وهي القرين، وحكى ابن الأعرابي: أسمحت قرونه أي لانت وانقادت.

في ج14 ص16 وكان الشيخ عبد القاهر الجرجاني (صاحب دلائل الإعجاز وأسرار البلاغة) قد قرأ عليه (يعني على ابن عبد العزيز الجرجاني صاحب الوساطة بين المتنبي وخصومه) واغترف من بحره، وكان إذا ذكره في كتبه تبخبخ به، وشمخ بأنفه بالانتماء إليه.

قلت: وردت (بخبخ) ولم تجيء (تبخبخ) واليقين أنها تبجح به. في التاج: تبجح به. فخر، قال اللحياني. فلان يتبجح ويتمجح أي يفتخر ويباهي بشيء ما، وقيل يتعاظم.

في ج2 ص81 وله (للصابي) إلى الصاحب:

لما وضعت صحيفتي ... في بطن كف رسولها

قبلتها لتمسها ... يمناك عند وصولها

حتى ترى وجهك ال ... ميمون غاية سؤلها قلت: سولها بالتخفيف ضرورة هنا.

في ج7 ص106

سُرج لقوم يهتدون بها ... وفصائل تنمي ولا تجري

قلت: (تنمي) بكسر الميم، و (تجري) هي تحري بالحاء، وهي كرمى يرمي. في النهاية: في حديث وفاة النبي () فما زال جسمه يحرى أي ينقص، يقال: حري الشيء يحرى إذا نقص، ومنه حديث الصديق: فما زال جسمه يحرى بعد وفاة النبي () حتى لحق به.

في ج8 ص135

ومثالث العيدان يُس ... عد جَسها بِم وزير

قلت: بم بالفتح وأبم الغليظ من أوتار العود، والزير الدقيق منها

في ج8 ص141 وكانوا يفدون على محمد بن يحيى بن أبان فيضربون خيامهم في باغ سلم بن عود.

وجاء في الشرح: باغ اسم مكان فيه دار ابن عود

قلت: الباغ البستان بالفارسية، وهو في شعر أبي الفتح علي ابن موسى ألبستي، رواه الثعالبي في مقدمة (كتابه فقه اللغة):

لا تنكرن إذا أهديت نحوك من ... علومك الغر أو من آدابك - النتفا

ففيم الباغ قد يهدي لمالكه ... برسم خدمته من باغه التحفا

في ج10 ص139

أتطلب الفصاحة من الغنم، والصباحة من المغتم؟

قلت: من الأغم. والغمم كما جاء في الصحاح أن يسيل الشعر حتى تضيق الجبهة أو القفا، ورجل أغم، وجبهة غماء، قال هدية بن الخشرم:

فلا تنكحي أن فرق الدهر بيننا ... أغم القفا والوجه ليس بأنزعا

والأنزع الذي ينحسر شعر مقدم رأسه مما فوق الجبين كما في النهاية. وفي اللسان: وامرأة نزعاء، وقيل: لا يقال نزعاء، ولكن يقال زعراء، وفي صفة علي (رضي الله عنه) البطين الأنزع. والعرب تحب النزع وتتيمن بالأنزع، وتذم الغمم، وتتشاءم بالأغم، وتزعم أن الأغم القفا والجبين لا يكون إلا لئيما، ومنه قول هدية: البيت. وفي (الكامل): الغمم كثرة شعر الوجه والقفا، وأورد البيت، ثم قال: والعرب تكره الغمم.