مجلة الرسالة/العدد 636/جزر الهند الشرقية
مجلة الرسالة/العدد 636/جزر الهند الشرقية
للأستاذ سوكارنو الصغير
نحاول في هذه الأسطر أن نصور الحياة الحديثة في جزر الهند الشرقية ليطلع القارئ على حياة أمة شرقية يبلغ عددها سبعين مليونا، تجمع شملهم وحدة الآمال والمقاصد نحو حياة حرة!. . .
يطلق التاريخ الحديث على مجموع الجزر المنتشرة بين آسيا واستراليا - إندونيسيا - وهي كلمتان ركبتا تركيباً مزجياً. الكلمة الأولى وهي بمعنى الهند، والكلمة الثانية بمعنى الجزائر. وفي الاصطلاح السياسي، تطلق على المستعمرات الهولندية سابقاً. وأشهر الجزائر الأنودنيسية: جاوا وسومطرة، وبوزنيو، وسليبيس، وبالي، وسمباوا، وغينيا الجديدة، وجزائر الملوك. وهناك جزر تعد بعشرات المئات، ويبلغ سكان إندونيسيا سبعين مليونا.
سكن الشعب الإندونيسي هذه الجزر قبل ميلاد المسيح بخمسة آلاف سنة. شيدوا فيها حكومات ذات حضارة ومدنية؛ وكانت البوذية التي جاءته من جنوب الهند. ويرجح المؤرخون أن سكان إندونيسيا أتوا من الهند. إذ أن الجزر الجزر الإندونيسية الدانية من البر الأسيوي كانت متصلة به. وبقوة الأمواج المتلاطمة على السواحل الأسيوية انفصلت قطع منها وتكونت عدة جزر. واللغة الجامعة للتفاهم هي اللغة السنسكريتية. وتوجد للآن في جزيرة جاوا آثار قديمة من العهد الهندوكي، أشهرها (بوروبودور) وهياكل المعابد البوذية، وتماثيل بوذا. وقد نقبت البعثات الغربية في جزيرة جاوا فوجدت فيها آثار أقدم إنسان نشرتها الصحف بوقتها. ومن أعظم الحكومات التي أسسها الشعب الإندونيسي، إمبراطورية مجافائيد وإمبراطورية سريويجابا وتعدان بالنسبة للظرف الحاضر من كبريات الدول ذوات الاستعمار! ولما بدأ الانحلال الشرقي وأفل نجمه الساطع بعد قرون زاهرة بالعلوم والآداب والحضارة والمدنية أصيبت إندونيسيا بالانحلال والضعف أيضاً. وبدأ دور الغرب في إحياء العلوم وإنشاء حضارة مؤسسة على المادة! فرحل إليها الأوربيون للتجارة عن طريق رأس الرجاء.
وينقسم التاريخ الأوربي في إندونيسيا إلى قسمين: 1 - العصر البرتغالي والأسباني من 1500 - 1600م.
2 - العصر الهولندي - من عهد الشركة الشرقية الهندي 1600 - 1800 ثم عصر الاستعمار من 1800 - 1941 م.
ثم توحدت الشركات الهولندية في شركة واحدة بأمر من السلطات العليا في هولندا لأسباب أهمها: -
1 - إفساح المجال للشركة في إنماء تجارتها والقضاء على التنافس الفردي.
2 - التضييق على الشركات البرتغالية والإنكليزية.
3 - مقدمة لاستعمار إندونيسيا.
4 - القضاء على الشركات الوطنية.
تكونت الشركة كما ذكرنا باسم (شركة الهند الشرقية) وهي الدعامة الأولى في هيكل الاستعمار الهولندي، والعامل الأساسي في اتساع نفوذه في الشرق الأقصى!. . .
وفي القرن التاسع عشر فرضت السلطة الهولندية نفوذها السياسي باستعمار البلاد سياسياً، وأصبحت مستعمرة هولندية. وسارت إندونيسيا في طريق محدودة رسمتها السياسة الهولندية وسنت نظما وقوانين تحد من سلطة الشعب، وتضيق ميدان حياته فأمسى الشعب عاجزا عن الدفاع عن سلامة وطنه، وبرغم التضييق الشديد حدثت عدة ثورات لتحرير البلاد من النفوذ الهولندي؛ ففي عام 1821 قام الزعيم المسلم أمام بونجول في جزيرة سومطرة بثورة رهيبة لإزالة الحكم الأجنبي عن إندونيسيا. وذهب ضحيتها عشرات الألوف من الإندونيسيين، كما خسرت السلطة الحاكمة ما يضاهي خسارة الوطنيين. ودامت الثورة حتى عام 1837 لوقوع مشعل نار الثورة في يد الحكومة، ثم نفته إلى جزيرة تيمور وتوفى بها. أما نتائج الثورة فهي أشعار الهيئة الحاكمة أن الشعب الإندونيسي المغلول الأبدي، يستطيع أن يتحرك ليجاهد دفاعاً عن كرامته وشرفه ووطنه.
وفي عام 1825 اشتعلت نار ثورة أخرى بقيادة زعيم آخر، هو الأمير ديفاينغورو، وكان الشعب الإندونيسي يعتقد إنه منقذ إندونيسيا من السيطرة الأجنبية، وقد عصفت هذه الثورة بهيكل النفوذ الهولندي وكادت تقلعه من جذوره لولا سرعة تموين الحكومة الهولندية لجيوشها المنتشرة بالذخائر، واستولى الإدارة الوطنية للثوار. وفي نهاية عام 1830 قذفت السلطة الهولندية بجيوشها إلى ميادين القتال وزودتها بذخائرها الكافية، فدارت معارك حامية كان الثوار يحاربون بالسلاح الأبيض أو بما غنموه. . . ونجحت الحكومة في إخماد الثورة وبلغت خسائرها خمسة عشر ألف جندي وعشرين مليون ربية. وأما ضحايا الثوار فبلغت ضعفي خسائر الحكومة.
وفي عام 1873 حدثت ثورة رهيبة في جزيرة سومطرة بمقاطعة آجيه. وهذه المقاطعة معقل الإسلام في إندونيسيا، وسكانها قوم عاشوا على الحروب والقتال كالأمة العربية. ولما حدثت الثورة امتشق الحسام كل فرد منهم ذوداً عن كرامة الدين الإسلامي وحفظاً لشرف البلاد. والزعيم الذي قاد هذه الثورة هو (تونكو عمر). ولم تستطع السلطة الهولندية منذ استعمرت إندونيسيا أن تخضع هذه المقاطعة لشدة شوكتها؛ وكان يحكمها أمير وطني له السيادة التامة عليها. وفي عام 1904 استطاع الهولنديون التغلب عليها بالقضاء على الثورة وإخمادها بعد أن ضحوا تضحيات هائلة. كما ضحى الوطنيون أضعاف ما ضحاه الهولنديون. ثم أديرت المقاطعة من قبل أمرائها تحت مراقبة السلطة الهولندية في الأمور التي لها مساس بمصالحها.
الحركة الحديثة
في 20 مايو 1908 تأسس أول حزب سياسي هود بودي أوتومو أي النزعة الفاضلة برئاسة الدكتور وحيدين. ويعاونه في إدارته ونشر مبادئه وتحقيق غايته طلبة الطب بمدينة بتافيا. وانضمت إلى عضوية الحزب الطبقة المثقفة والأسر الراقية. وقام بالدعاية له في غرب جزيرة جاوا الدكتور رادين ستومو، وفي شرقها الحاج شكرو أمينوتو وكلاهما من رجالات إندونيسيا البارزين.
ولتحقيق غاية الحزب أنشأ هيئات أولية للإشراف على تنفيذ برامجه الإصلاحية وأهم برامجه:
1 - إصلاح حالة الأمة الثقافية؛ فنشر المدارس والمكاتب وبعث لجانا صغيرة تجوب المدن والقرى لمساعدة المعلمين الصغار، وإرشادهم إلى الطرق التي يلزم أن يسلكوها في أداء رسالتهم الثقافية.
2 - إصلاح الحالة الاقتصادية، فأنشأ بنوكا ومحلات تجارية لمساعدة التجار والزراع الوطنيين وإرشادهم إلى أقوم السبل إلى استثمار أموالهم وزراعة أراضيهم
3 - إصلاح الحالة السياسية، فأنشأ النوادي والصحف. وأقام المحاضرات في المحلات العامة لإرشاد الشعب إلى سير الحالة الخارجية وتطور السياسة العالمية وعلاقة البلاد بالحكومة الهولندية
ولما كانت الأداة الحكومية في يد الموظفين الهولنديين سعى الحزب إلى اشتراك الأمة في إدارة شئونها، فتعين كثير من الرجال المثقفين والشبان في عضوية المجالس البلدية والمحلية وفي المحاكم وفي إدارة الشؤون المالية والثقافية والصحية والمواصلات والتعدين. وطالب الحزب بإنشاء مجلس نيابي، ولكن السلطة الهولندية رفضت طلبه بدعوى أن الجو مكفهر في ابتداء الحرب العالمية الأولى، ومضطرب لاشتداد الأزمة السياسية العالمية. وبعد مضي الحزب في عمله أصبح الشعب كالبركان الثائر يطالب بحريته التامة!
نمت الروح القومية وانتشرت انتشارا رائعاً، وكان أقوى عامل لنموها هو شعور الإندونيسي بالحب العميق لإندونيسيا الحديثة؛ إندونيسيا الكلمة الساحرة التي جذبت سبعين مليونا من النفوس نحو حبها! فسعوا بجد نحو إعادة ماضيها على أساس الحياة الحديثة. وتفرق الشعب في طرق متعددة للوصول إلى الهدف القومي. وهناك في ميادين الثقافة والاقتصاد والتجارة والملاحة والزراعة فرق ترشد الجماهير إلى أحسن الطرق لإصلاح حالتها العامة، وقد أنشأتها الحكومة الهولندية مدارس عالية ومتوسطة وابتدائية، ولكنها لا تكفي لارواء ظمأ شعب يلح في طلب الحرية المؤسسة على العلم والعرفان. وفي إندونيسيا كليات أسستها الحكومة الهولندية، وهي كلية الطب، وكلية الحقوق، وكلية الهندسة، وكلية التجارة، وأكاديمية حربية، وإزاءها مدارس عالية أهلية أسستها الجمعيات والأحزاب. وأشهر المؤسسات القومية التي قامت بالإصلاح الديني والاجتماعي والثقافي مؤسسة المحمدية والعائشية وأساسها ديني قومي، ثم مؤسسة (تامن سيسوا) وأساسها قومي، ومؤسسها البروفيسوركي هاجر ديوانتارا، ونال لقب الأستاذية من أكبر معهد للتربية في الولايات المتحدة في عام 1938 ويبلغ عدد المدارس التابعة للمحمدية والعائشية ثلاثة آلاف مدرسة ما بين عالية وثانوية وابتدائية ورياض للأطفال. ولها أيضاً مكاتب عامة ومساجد ومستشفيات وفرق كشافة تدعى باسم (حزب الوطن) ثم أبدل في السنوات الأخيرة باسم (شباب المحمدية). وللجمعية المحمدية والعائشية فروع كثيرة منتشرة في كل مدينة وقرية في إندونيسيا. وفي عام 1938 طلبت المحمدية من السلطات الهولندية السماح لها بشراء باخرتين لنقل الحجاج الإندونيسيين إلى الحجاز، ولكن السلطات المحلية رفضت طلبها! وتأسست هذه الجمعية في عام 1912 بمجهود الحاج أحمد دحلان. وللجمعية أيضاً جريدة ومجلة لسان حالها. وهما (عادل) و (صوت المحمدية) وتعقد الجمعية مؤتمراً سنوياً في كل مدينة في إندونيسيا، يحضره مندوبون من جميع فروعها. ويستمر في الانعقاد أسبوعا كاملا تستعرض الجمعية خلاله أعمالها الماضية ثم درس الاقتراحات والقوانين المقدمة من فروعها. وعقد المؤتمرات السنوية سنة تبعتها الأحزاب السياسية والجمعيات المختلفة المقاصد. وأما مدارس تامن سيسوا فيبلغ عددها الألف. وكانت أكبر خطر على السياسة الاستعمارية كما صرح بذلك البروفيسور جب الهولندي في كتابه (وجهة الإسلام) إذ أن هذه المدارس مؤسسة على القومية. والتعليم فيها على أحدث المناهج الغربية. وتبعث تامن سيسوا بعض متخرجيها إلى الولايات المتحدة وفرنسا وهولندا والفلبيين والهند لإتمام دراساتهم العمالية في جامعتها. وتصدر مجلة شهرية تعبر عن آرائها باسم (العائلة)
وأشهر الأحزاب السياسية التي ظهرت بعد حزب (بودي أوتومو) حزب الشركة الإسلامية في عام 1912 بزعامة الحاج سكرو أمبوتو. وانتشرت فروعه في المدن والقرى. وفي أثناء سير الحزب رفضت السلطة المحلية الاعتراف بفروعه، لتستطيع إيجاد الخلاف بين الحزب وفروعه. ومنعت السلطة أيضاً قبوله أعضاء جددا، وتجاه هذه السياسية المحلية أضافت إدارة الحزب كلمة واحدة إلى اسم الحزب وهي (سنترال) وأصبح الحزب يدعى باسم (سنترال الشركة الإسلامية) وبذلك اعترفت السلطة بفروع الحزب
وأما برامج الحزب فهي:
1 - الدفاع عن كرامة الدين الإسلامي واشتراك الشعب الإندونيسي في تخفيف الآلام والمحن النازلة بالأمم الإسلامية.
2 - نشر الثقافة الإسلامية والعمل بأحكام القرآن مع الاقتباس من القانون الدولي لمسايرة التطور العالمي.
3 - إيجاد حياة اقتصادية ليستطيع الشعب أن يعيش بها في مركز متوسط يستغل موارد البلاد.
4 - تربية الشعب تربية سياسية حتى يستطيع أن يدير أموره بنفسه. وكون هيئات تشريعية وتنفيذية وقضائية من أعضاء الحزب البارزين. وتعتبر هذا الحزب أكبر حزب سياسي إسلامي في جزر الهند الشرقية، وبلغ عدد أعضائه بعد الحرب العالمية الأولى مليوني عضو.
ولما سمحت السلطة الهولندية بعقد الاجتماعات والاشتغال بالسياسة تحت شروطها المعينة، ظهرت على المسرح السياسي الهولندي الإندونيسي أحزاب كثيرة كلها ترمي إلى تحرير البلاد. وفيما يلي نضع للقارئ أهم الأحزاب التي ظهرت وتواريخ ظهورها بصورة مختصرة:
1 - الحزب الوطني الديمقراطي برئاسة الدكتور دوبزديكر في عام 1912.
2 - حزب فاسوندان في عام 1914.
3 - الحزب الشيوعي الإندونيسي بزعامة الدكتور سمعون في عام 1920.
4 - هيئة ائتلاف الأحزاب السياسية الوطنية برئاسة المستر تمرين في عام 1927.
5 - الحزب الوطني الإندونيسي برئاسة المهندس سوكارنو في عام 1927.
6 - حزب الشعب الإندونيسي بزعامة المستر محمد طبراني في عام 1930.
7 - اتحاد الشعب الإندونيسي بزعامة الدكتور رادين ستومو في عام 1930.
8 - الحزب الإندونيسي برئاسة المستر سرتونو في عام 1931.
9 - حزب التربية الإندونيسي بزعامة الدكتور محمد حتى في عام 1931.
10 - حزب إندونيسيا الكبرى بزعامة الدكتور رادين ستومو، وهو مكون من حزب بودي أوتومو وحزب اتحاد الشعب الإندونيسي في عام 1905.
11 - حزب النهضة الإندونيسية برئاسة المستر أمير شرف الدين في عام 1936.
12 - الحزب الإسلامي الإندونيسي برئاسة المستر ويووهو النائب بمجلس النواب في عام 1936.
13 - رابطة الأحزاب السياسية الإندونيسية في عام 1939.
والأحزاب التي استطاعت أن تصمد أمام التيار، وتقف كالصخرة الصماء لا تزحزحها العواصف ولا الرياح هي:
1 - حزب الشركة الإسلامية الإندونيسية.
2 - حزب إندونيسيا الكبرى.
3 - حزب النهضة الإندونيسية.
4 - الحزب الإسلامي الإندونيسي.
5 - رابطة الأحزاب السياسية الإندونيسية.
الحكومة الذاتية والبرلمان
منذ ابتدأت النهضة الإندونيسية بنمو الروح القومية في عام 1908 طالبت الأحزاب السياسية الحكومة الهولندية بإنشاء حكومة ذاتية ومجلس نيابي. وكانت أهداف الحركات القومية الوصول إلى تحرير البلاد مبدئياً عن سبيل إنشاء حكومة ذاتية بمجلس نيابي، ففي أوائل الحرب العالمية الأولى طالبت الأحزاب السلطة المحلية بإنشاء مجلس نيابي إندونيسي، ثم أجل الطلب إلى ما بعد الحرب. ولما وضعت الحرب أوزارها أنشأت الحكومة الهولندية مجلساً نيابياً مختلطاً من الوطنيين والهولنديين والأجانب واستاء الشعب من هذه السياسة. وأعلنت الأحزاب الوطنية السياسية اللاتعاونية، وكان تأسيس المجلس النيابي المختلط في عام 1918.
وفي عام 1937 قدم النائب المستر سو ترجو العضو بالمجلس النيابي مذكرة إليه بإعطاء إندونيسيا استقلالا كاستقلال الحكومات الدومنيوتية في الإمبراطورية البريطانية، وقام بصدده مباحثات طويلة بين رجال الأمة والحكومة الهولندية، وأخيراً رفض الطلب بدعوى أن الشعب لم ينضج سياسياً!
وفي شهر مايو 1939 تكونت رابطة الأحزاب السياسية، وكان أول ما قامت به هو الدعاية بين طبقات الأمة وفي دوائر السلطات الهولندية بإنشاء برلمان وطني بمعناه الصحيح، كما قامت واللجنة الإندونيسية الوطنية، بالمجلس النيابي الدعاية للبرلمان بين أعضاء المجلس. . . وفي 27 سبتمبر سنة 1939 أذاعت (رابطة الأحزاب السياسية) بياناً إلى الأمة تدعوها إلى بذل جهودها وإعطاء ثقتها للرابطة لإنشاء برلمان وطني، وفيما يلي خلاصة البيان: (منذ تطورت الأزمة العالمية، والرابطة الوطنية تخطو خطوات موفقة نحو رفع مستوى البلاد السياسي وإشعار العالم الخارجي أن الشعب الإندونيسي يرنو إلى حياة حرة تحت ظل حكومة وطنية متمتعة باستقلالها التام. وإن الرابطة تسعى سعياً قوياً لتحقيق مطالب الشعب الرئيسية. وهي تنظر إلى الحركات الأوربية بعين اليقظة والحذر. وأن الظرف الحاضر الدقيق حيث يضطرب حبل السياسة العالمية يدعو الرابطة أن تضحي بمجهودات عظيمة في سبيل تحقيق البرلمان وإنشاء حكومة وطنية مسؤولة أمامه
إن الرابطة تدعو كافة الجمعيات والأحزاب والمؤسسات القومية وطبقات الشعب إلى تعضيدها في مطالبها في إنشاء برلمان للشعب الإندونيسي المجيد، للوطن الإندونيسي الواحد!)
وفي 23 ديسمبر 1939 أقامت الرابطة مؤتمراً شعبياً باسم المؤتمر القومي الإندونيسي بمدينة بتافيا عاصمة إندونيسيا، للبحث عن الأسس الأولية لإنشاء البرلمان ورفع مذكرة إلى الحكومة الهولندية بتأسيس البرلمان حسب رغبات الشعب. وقد حضر المؤتمر مندوبون من كافة الأحزاب والجمعيات الوطنية. ورجال السياسة والصحافة والأدب والأعمال. ودام المؤتمر لنهاية يوم 25 ديسمبر سنة 1939. ثم رفعت الرابطة مذكرتها إلى السلطات الهولندية بإندونيسيا ومنها أرسلت إلى الهيئات العليا بهولندا لدراستها. وبعد دراسات دقيقة أشعرت الحكومة الهولندية رابطة الأحزاب بتأجيل الطلب لأن الشعب لم ينضج سياسياً أيضاً. فضلا عن أن الحرب العالمية الثانية دائرة رحاها.
ولعلنا في هذه الكلمات الموجزة استطعنا أن نعطي القارئ صورة مصغرة مختصرة عن الحياة الحديثة في جزر الهند الشرقية أو إندونيسيا، وهي حياة أمة شرقية تعدادها سبعون مليوناً. لا نستطيع أن نغضي الطرف عنها وهي همزة وصل بين استراليا وأمريكا وبين آسيا وأفريقا وأوربا، ووجودها ضروري لتحفظ توازن القوى في الشرق الأقصى!
سوكارتو الصغير