مجلة الرسالة/العدد 646/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 646/البريد الأدبي

ملاحظات: بتاريخ: 19 - 11 - 1945



رأي الأستاذ عبد الرحمن الرافعي في كتابه:

من يوميات محام

عزيزي الأستاذ عبده حسن الزيات

قرأت كتابك الجديد (من يوميات محام) فقضيت في قرأته وقتاً غير قصير استوعبت خلاله ما جاد به قلمكم من سديد النظرات، وبديع الأفكار والتأملات، وصادق الأماني والآمال وقضيت وقتاً آخر في الإعجاب بالروح التي أملت عليكم هذا الكتاب، إنها روح الرغبة المتوثبة في الإصلاح والنهوض القومي والبرم بما يعترض هذا الإصلاح من شتى العلل والعقبات. فيا حبذا هذه الروح الطيبة ويا حبذا الكتاب الذي يبرزها ويجليها!

رأيتك أيها الزميل تدون خواطرك وملاحظاتك اليومية عن المحاماة والحياة القضائية والاجتماعية عامة، وما أحوجنا إلى أن نتعرف هذه الخواطر والملاحظات، فإن المحاماة ما هي إلا الحياة الاجتماعية على حقيقتها في معاملات الناس، وعلاقتهم ببعضهم ببعض وما يتخللها من صدق أو غش، ووفاء أو غدر، وشجاعة أو جبن، ونبل أو ضعة، وفضيلة أو رذيلة. إننا نشهد فيها صورة متناقضة من الحياة. ولقد جلوت هذه الصور، ومجدت النواحي السامية منها، واستنكرت نواحي القصص والضعف الخلقي فيها فجاءت يومياتك خير دعاية للمثل العليا.

رأيتك في كتابك تشرح بعض مواطن النقص من حياتنا القضائية عامة، سواء في دور المحاكم أو في ملفات القضايا أو في أقلام الكتاب والمحضرين، ولم يفتك أن تأخذ على زملائك في المهنة ما رأيت موضعاً للنقد، وفي الحق إنها لشجاعة أدبية تحمد عليها، وإنها لملاحظات ومشاهدات جديرة بأن تكون أساساً للنهوض في نواح عديدة من نظمنا القضائية والتشريعية؛ فإن هذه النظم على إنها سائرة إلى الأمام في حاجة إلى معالجة وإصلاح مستمرين لا ينقطعان.

وفي كتابك ناحية أخرى جديرة بالاعجاب، وهي انك ما أردت منه إلا الخير والإصلاح؛ وما قصت إلا وجه الوطن، وعندما انتهيت من قرأته عدت إلى التأمل في مقدمته التي تقول فيها: (إلى مصر الخالدة، التي عاهدت ربي أن أعيش من أجلها، وأفنى في سبيلها، عزيزاً على عداتها، ذليلاً على حمايتها، سيداً حر الضمير في خدمتها، عبداً متقرباً إلى الله بإطاعتها). فعلت وتحققت أن الكتاب يعرف من عنوانه.

فتقبل أيها الزميل الفاضل خالص تهنئتي على هذه التحفة الأدبية والاجتماعية والروحية التي أخرجتها لمصر وللناطقين بالضاد؛ وشكراً لك وألف شكر والسلام.

عبد الرحمن الرافعي

مكتبة الكيلاني للأطفال

. . . وهكذا نجحت - يا أستاذ - في أن تحبب إلى الأطفال مكتبتهم وتغريهم بالمطالعة. ولئن أدراك الأطفال - برياض الأطفال - مرداً بعيداً، لقد فتحت لهم، بمكتبة الأطفال - فتحاً جديداً. أدركت أرب نفوسهم، وأبدلتهم أنساً من عبوسهم، وهجت للمعاني أشواقهم، وحسبت لغتهم وأخلاقهم. والأستاذ الكيلاني منشئ مكتبة الأطفال أديب عالمي جدير بما يهدف إليه من نبيل الأغراض. وانه ليسرني - إذ أتابع مع التقدير هذا الجهد العلمي المتواصل - أن ألاحظ مقدار العناية التي تبذلونها في هذا السبيل، والفائدة التي تعود على النشء منه بتهيئة أذهان الأطفال وعقولهم لتقبل خير الأفكار والمعاني وتقديمها لهم على مثل هذه الصورة الطريفة. وإني قد تتبعت هذا المجهود القيم المتصل لا يسعني إلا الإعجاب بما تساهمون به في سد نقص يشعر به جميع الآباء في تعليمم أطفالهم. فشكر الله لك ما هدفت إليه من تنشئة الطفل: مشبوب الشغف بالقراءة والدرس، موفور الحظ من متاع الفكر، مستقيم اللسان على نهج البيان. فهي تتمشى مع طباع الطفل الشرقي وغرائزه حتى يترعرع، وتجعل الحلقة متصلة بين المدرسة والبيت، في قصص مناسبة متماسكة مع نفسية الطفل وعقليته وبيئته وما يهوى سماعه أو يميل لوعيه بأسلوب صحيح فصيح، إذا حفظه الصبي صغيراً نفعه كبيراً. ومن ثم يشب الطفل، وقد صحت ملكته، وأشرت الفصحى فكرته.

إلى الأستاذ علي الطنطاوي

تفضلت أيها الأخ الكريم فكتبت كلمة جريئة موفقة في نقد (النشيد السوري)؛ وقد أعجبني هذا الشعور الوطني الجميل الذي يدعوك إلى أن تجدد للوطن أناشيده وأهازيجه كما تجددت فيه روح الحرية والاستقلال، ولكني لاحظت أنك عندما تعرضت لنقد هذين البيتين:

حماة الديار ... عليكم السلام

أبت أن تذل ... النفوس الكرام

قد قلت: (ثم هذا السلام المنكرَّ، من منكر القول، وهو بلهجة أروام الإسكندرية وأرناؤوط الشام أشبه، وليس يليق بهذا المكان، ولا محل له في البلاغة). . . قرأت هذه الفقرة من حديثك فتوقفت، وتفكرت، فذكرت أن قول الشاعر (عليكم السلام) تعبير بليغ لا غبار عليه، وقد اقتدى فيه صاحبه بالقران الكريم - المثل الأعلى لكل بليغ - ففي سورة هود (ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى، وقالوا سلاماً، قال سلام) وفي سورة الذاريات: (هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين، إذ دخلوا عليه فقالوا سلاماً، قال: سلام). ولا شك أن إبراهيم قد أراد أن يكون جوابه أبلغ من تحية الملائكة، اقتداء بأمر الحق تبارك وتعالى: (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها) فاستعمل الاسم المرفوع الدال على الدوام والثبوت؛ ولذلك نرى الإمام جار الله الزمخشرى حينما تعرض لتفسير آية الذاريات السابقة القول (م 4 ص 29 الكشاف): (سلاماً) مصدر ساد مسد الفعل، مستغنى به عنه، وأصله نسلم عليكم سلاماً؛ وأما (سلام) فمعدول به إلى الرفع على الابتداء، وخبره محذوف معناه عليكم سلام، للدلالة على ثبات السلام كأنه قصد أن يحيهم بأحسن مما حيوه به، أخذا بأدب الله تعالى، وهذا أيضاً من إكرامه لهم)!. . .

ومن هذا يتضح للأخ المفضال أن تعبيره السابق عربي قرآني بليغ، ولولا أن نقد الأستاذ لتعبير الشاعر يمس تعبير القران الكريم من قريب أو من بعيد لما قوى الداعي الذي دعاني إلى توجيه هذا الحديث، وجل المتعالي عن النسيان!

أحمد الشرباصي

من علماء الأزهر الشريف

مجلة كلية البوليس:

صدر العد الثالث من مجلة كلية البوليس الملكية ويشرف على تحريرها الأمير الاي علي بك حلمي. وهى حافلة بالأبحاث القيمة المتصلة بحياة رجال البوليس وعلاقتهم بالمجتمع فضلا عما حوته من البحوث التشريعية والبحوث الاجتماعية الصلة بعمل البوليس. وقد اشترك في الكتابة بها طائفة من كبار رجال القانون والإدارة ممن أشهروا بضلاعتهم في العلم واكتسبوا خبرة عظيمة في شئون الأمن، ولذلك فسحت المجلة صدرها لفريق من طلا ب الكلية فظهرت بها آثار أقلامهم الناهضة.

ومن ذلك نرى أن هذه المجلة تعد نهضة ثقافية جليلة الأثر في حياة الكلية. ومرد الفضل في ذلك إلى مديرها الأمير الاي على بك حلمي الذي اشتهر بهمته في كل ما يلي من عمل والذي عرف ببحوثه القيمة في كثر من نواحي الاجتماع.

ونحن إذ ننوه بفضله نستحث رجال البوليس جميعا على الإفادة من هذا الأثر الطيب، ونستزيد محرري هذه المجلة بحوثاً جديدة في الأعداد القادمة، ونرجو لها التوفيق الدائم فيما ترمي إليه من غرض كريم.

م. ف

تصويب:

وقع (أيضا. . .) في مقالة (هذيان مجنون) في العدد 642 تطبيعات، هذا صوابها:

صفحةعمود سطر خطأصوابه

11421 16 برفقبرفقه

11422 19 على خفقانه عليه خفقانه

أما من ظن أني أسخر بالجمعيات الإسلامية فليسأل الله أن يرزقه الفهم!

علي الطنطاوي