مجلة الرسالة/العدد 649/في إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب

مجلة الرسالة/العدد 649/في إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب

مجلة الرسالة - العدد 649
في إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب
ملاحظات: بتاريخ: 10 - 12 - 1945



للأستاذ محمد إسعاف النشاشيبي

- 19 -

ج17 ص 30: ما أحسن قول العتابي وأحكمه!:

لوم يعيذك من سوء تقارفه ... أبقى لعرضك من قول يداجيكا

وقد رمى بك في تيهاء مُهِلكة ... من بات يكتمك العيب الذي فيكا

قلت: (مهلكة) بفتح الميم، ولامها مثلثة، وهي المفازة، والجمع مهالك. .

ج 13 ص 26: قد وهبناه منك وصفحنا عن ذنبك قلت: قد وهبناه لك. قال سيبويه ج 1 ص160: ولا تقول وهبتك لأنهم لم يعدوه ولكن وهبت لك.

في اللسان: حكى السيرافي عن أبي عمر وأنه سمع أعرابياً يقول لآخر: انطبق معي أهبك نبَلا.

وإن جاز قول الإعرابي فعنده نقف. والأعلى هو قول (الكتاب) المعجز: (رب، هب لي حكماً) (فوهب لي ربي حكماً).

والحكم: الحكمة، (وهو أعم منها - كما قال الراغب في مفرداته - فكل حكمة حكم، وليس كل حكم حكمة، فان الحكم أن يقضى بشيء فيقول: هو كذا أو ليس بكذا).

ج 6 ص 275: قال الأمير أبو الفضل الميكالي: كتب عامل رقعة إلى الصاحب في التماس شغل، وفي الرقعة: إن رأى مولانا يأمر بإشغالي ببعض أشغاله فعل. فوقع الصاحب تحتها: من كتب لإشغالي لا يصلح لأشغالي

وجاء في الشرح: يريد أن كسر الهمزة خطأ، وكان يريد أن يقول شغلي، وفي القاموس يقول: إن أشغل لغة جيدة أو قليلة أو رديئة.

قلت: (من كتب إشغالي) كما روت اليتيمة ج 3 ص 38 ومزاد الصاحب أن المجرد من هذا الفعل هو الجيد، والمزيد رديء. في التاج (شغله كمنعه شغلا - بالفتح - ويضم وهذه عن سيبويه. وأشغله، واختلف فيها فقيل هي (لغة جيدة أو قليلة أو رديئة) قال ابن دريد: لا يقال: أشغلته، ومثله في شروح الفصيح وشرح الشفاء للشهاب والمفردات للراغب والأبنية لابن القطاع، ولا يعرف لأحد القول بجودتها عن إمام من الأئمة، وكتبة بعض الصاحب له في رقعة فوقع عليها: من يكتب إشغالي لا يصلح لأشغالي. قال شيخنا: فإذاً لا معنى لتردد المصنف فيها. قلت: ولعله استأنس بقول ابن فارس حيث قال في (المجمل) لا يكادون يقولون أشغلت، وهو جائز فتأمل ذلك)

ج 2 ص252: جحظة:

أنا خلو من المماليك والأملاك (م) ... جلد على البلا وصبور

قلت: جلد على البلاء صبور

ج16 ص 320: وحق له التأسي على المفقود.

وجاء في الشرح: التأسي: الحزن

قلت: (وحق له الأسى على المفقود) والأسى هو الحزن، وأما التأسي فهو التعزي. في التاج: أساه بمصيبته تأسية فتأسي أي عزاه تعزية فتعزى، وذلك أن يقول له: مالك تحزن؟ وفلان أسوتك أي أصابه ما أصابك فصبر، فتأس به.

وفي ديوان الخنساء:

وما يبكين مثل أخي ولكن ... أسلي النفس عنه بالتأسي

وقال البحتري في السينية العبقرية:

عمرت للسرور دهرا فصارت ... للتعزي رباعهم والتأسي

ج4 ص 183: وكان محباً لإسداء العوارف والاصطناع، وجذب الباع.

قلت: (وجذب الأتباع) في الأساس: وهو له تبع وهم له تبع لأنه مصدر وهم أتباعه وتباعه

ج 19 ص 196:

وما لك غيرُ تقوى الله زاد ... إذا جعلت إلى اللهوات ترقى

قلت (غيرَ) وهو إن لم يكن الأصح فهو المختار.

قال ابن يعيش في شرح المفصل ج 2 ص 79: وإنما لزم النصب في المستثنى إذا تقدم لأنه قبل تقدم المستثنى كان فيه وجهان البدل والنصب فالبدل هو الوجه المختار، والنصب جائز على أصل الباب فلما قدمته امتنع البدل فتعين النصب. وبيت المفصل:

ومالي إلا آل أحمد شيعة ... ومالي إلا مشعب الحق مشعب

وبيت (الكتاب) وهو لكعب بن مالك (رضى الله عنه) يخاطب (النبي ):

الناس ألب علينا فيك ليس لنا ... إلا السيوفَ وأطراف القنا وزر

ومثله قول الكميت الذي حرم الرواية الصحيحة في هذا الزمان وقد بينتها في الرسالة الغراء في هذه السنة:

وإن لم يكن إلا الأسنةَ مركبٌ ... فلا رأى للمحمول إلا ركوبها

وفي (الكتاب): (وحدثنا يونس أن بعض العرب الموثوق بهم يقولون مالي إلا أبوك أحد) ولم يذكر شاهداً. قال ابن عقيل وأعربوا الثاني بدلا من الأول على القلب. في (همع الهوامع) ج1 ص 225: قال ابن عصفور: (ولا يقاس على هذه اللغة) وقد قاسه الكوفيون والبغداديون وابن مالك، ومن الوارد منه:

فانهم يرجون منه شفاعة ... إذا لم يكن إلا النبيون شافع

قلت: (قال محمد هو ابن مالك):

وغير نصب سابق في النفي قد ... يأتي ولكن نصبه اختر إن ورد

ج16 ص 303

فان قلتمُ إناَ ظلمنا فلم نكن=بدأنا ولكنّا أسأنا التقاضيا

قلت (فلم نكن ظلمنا ولكنا أساأنا التقاضيا) والبيت في مقطوعة للشميد الحارثي من شعراء الحماسة ومطلعها.

بني عمنا لا تذكروا والشعر بعدما ... دفنتّم بصحراء الفُحير القوافيا

ج19 ص 46: وتغير ذهنه بآخرهِ. وفي هذا الجزء ص 55: وانتقل بآخِر إلى غرناطة.

قلت: في الصحاح: جاء فلان بأخَرَة بفتح الخاء وما عرفته إلا بأخرة أي أخيراً. وفي النهاية: كان رسول الله (، يقول بأخرة إذا أراد أن يقوم من المجلس كذا وكذا أي في آخر جلوسه ويجوز أن يكون في آخر عمره، وهي بفتح الهمزة والخاء

وجا في اللسان والتاج. (وجاء بآخرةٍ بالمد) وشكلت الخاء بالفتح ولم يضبطها التاج.

ج7 ص 109: حدث المبرد عن المازني قال: كنت أبي عند عبيدة فسأله رجل فقال له: كيف تقول: عُنيت بالأمر؟ قال كما قلت: عُنيت بالأمر. قال: فكيف آمر منه؟ قال (المازني) فغلط وقال: أعن بالأمر. فأومأت إلى الرجل ليس كما قال. فرآني أبو عبيدة فأمهلني قليلا فقال: ما تصنع عندي؟ قلت: ما يصنع غيري. قال: لست كغيرك، لا تجلس إلي، قلت ولم؟ قال: لأني رأيتك مع إنسان خوزي سرق مني قطيفة. فانصرفت وتحملت عليه بإخوانه، فلما جئته قال لي: أدب نفسك أو لا ثم تعلم الأدب. قال المبرد: الأمر من هذا باللام، ولا يجوز غيره لأنك تأمر غير من بحضرتك كأنه ليفعل هذا.

قلت: (أعن بالأمر) بفتح النون لا ضمها. وما ذهب إليه أبو العباس هو الأكثر. في اللسان: قال البطليوسي: أجاز ابن الأعرابي عنيت بالشيء أعني به فأنا عان وأنشد:

عان بأخراها طويل الشغل ... له جفيران وأي نبل

وفي التاج: عن فلان بحاجته بالضم أي مبنياً للمفعول عناية بالكسر، وهذه اللغة هي المشهورة التي اقتصر عليها ثعلب في فصيحه ووافقه الجوهري وغيره، ويقال أيضاً: عني بحاجتة كرضى وهو قليل، حكاه جماعة منهم ابن دستورية وغيره من شراح الفصيح والهروي في غريبيه قاله شيخنا.

قلت: قال شيخنا في المقامات العلائية (الفصول والغايات) عبقريته النثرية ص 30:

أعْننيِ رب، وأعني واعن بي حتى تغنني عن أمي وأبي).

وقد اقتضى التلاؤم أو الموسيقية - كما يسمى ذلك العلامة الأستاذ أمير النثر - أن يؤثر نابغة الأدب العري القليل في الاستعمال في هذا المقام على الكثير، والموسيقية هي في الفظة وفي الجملة. وأبو العلاء أدرى الناس بصحة الألفاظ واعتلاها.

في القسم - 17 - رويت قول حسان: (تسقي الضجيج ببارد بسام) كما نقلوا، وعندي أنها (تشفي) لا تسقي.