مجلة الرسالة/العدد 650/في إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب

مجلة الرسالة/العدد 650/في إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب

مجلة الرسالة - العدد 650
في إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب
ملاحظات: بتاريخ: 17 - 12 - 1945



للأستاذ محمد إسعاف النشاشيبي

- 20 -

ج 16 ص 169:

الصبر أولى بوقار الفتى ... من قلق يهتك ستر الوقار

من لزم الصبر على حالة ... كان على أيامه بالخيارِ

قلت: الوقارْ، وبالخيارْ

ج19 ص 67، 69:

فلما وقفتَ الخيل ناقعة الصدى ... على بردي من فوقها الورق النصر

فمن بعد ما أوردتها حومة الوغى ... وأصدرتها والبيض من علق حمر

علا النهر لما كاثر الغَصَبُ القنا ... مكاثرة في كل نحر لها نحر

وقد شرقت أجرافه بدم العدى ... إلى أن جرى العاصي وصحضاحه عُمر

إذا سار نور الدين في عزماته ... فقولا لليل الفجر قد طلع الفجر

مليك سمت شم المنابر باسمه ... كما قد زَهت تيها به الأنجم الزهر

قلت: (فإما وقفت الخيل) وجواب الشرط في الثاني:

(فمن بعد) وقد رِبط بالفاء.

(لما كأثر القَصَبَ القنا).

(وضحضاحه غمر) في النهاية: مثل الصلوات الخمس كمثل نهر غمر، الغمر بفتح الغين وسكون الميم: الكثير أي يغمر من دخله ويغطيه. والضحضاح - كما في التاج -: الماء اليسير يكون الغدير وغيره.

(فقولا لليل الإفك قد طلع الفجر).

(كما زُهِيت تيها به الأنجم الزهر).

الأبيات من قصيدة لمحمد بن نصر المعروف بابن القيسراني في البطل الخالد العظيم الملك العادل (نور الدين) حين أسر (جوسلين) (وكان أسره من أعظم الفتوح على المسلمين، فإنه كان شيطاناً عاتياً من شياطين الإفرنج، شديد العداوة للمسلمين، وكان هو يتقدم على الإفرنج في حروبهم لما يعلمون من شجاعته وجودة رأيه وشدة عداوته للملة الإسلامية وقسوة قلبه على أهلها وأصيبت النصرانية كافة بأسره، وعظمت المصيبة عليهم بفقده، وخلت بلادهم من حاميها وثغورهم من حافظها. وسهل أمرهم على المسلمين بعده. وكان كثير الغدر والمكر، لا يقف على يمين، ولا يفي بعهد. طالما صالحه نور الدين وهادنه، فإذا أمن جانبه بالعهود والمواثيق نكث وغدر، فلقيه غدره، وحاق به مكره، ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله. فلما أسر تيسر فتح كثير من بلادهم وقلاعهم. . . وكان نور الدين (رحمه الله) إذا فتح حصناً لا يرحل عنه حتى يملأه رجالا وذخائر تكفيه عشر سنين خوفاً من نصرة تتجدد للفرنج، فتكون الحصون مستعدة غير محتاجة إلى شيء).

وفي هذه الرائقة الرائية:

فسر واملأ الدنيا ضياء وبهجة ... فبالأفق الداجي إلى ذي السني فقر

كأني بهذا العزم لا فل حده ... وأقصاه ب (الأقصى) وقد قضي الأمر

وقد أصبح (البيت المقدس) طاهراً ... وليس سوى جاري الدماء له طهر

وقد أدت البيض الحداد فروضها ... فلا عهدة في عنق سيف ولا نذر

وصلت ب (معراج النبي) صوارم ... مساجدها شَفع وساجدها وتر

ج11 ص46: السيوف القلعية.

وجاء في الشرح: القلعية نسبة إلى القلعة وهي ببلاد الهند ينسب إليها الرصاص والسيوف.

قلت: في القاموس: والقلعة بلد ببلاد الهند، وقيل وإليه ينسب الرصاص والسيوف. وفيه: ومرج القلعة محركة موضع بالبادية إليه تنسب السيوف.

هذا ما ذكره المجد. وقد جاء في الأساس: وسيف قلعي بفتح اللام عتيق نسب إلى معدن بالقلع وهو جبل بالشام، قال أوس: (يعلون بالقلع البْصري هامهم) وهو جمع القلعى كاعرك والعركى والعرب العربي. وجاء في نهاية. سيوفنا قلعية منسوبة إلى القلعة بفتح القاف واللام وهي موضع بالبادية تنسب السيوف إليه. ونقل اللسان ما قالته النهاية. وجاء فيه: وسيف قَلعي. وذكر مرج القلعة ولم ينسب إليه شيئاً. وقال القلْعى الرصّاص الجيد، والقلْع اسم معدن الذي ينسب إلى الرصاص الجيد. ولم يذكر (اللسان) السيوف.

ج17 ص292: قلت: قصة حوَيْصَة ومُحيْصَة. . . قال: فيحلف لكم يهودٌ. قلت: هذه هي القصة كما رواها الإمام مسلم في جامعه وقد ضبطت فيها الأسماء:

. . . عن سهيل بن أَبي حَثْمَة أنه أخبره عن رجال من كبراء قومه أن عبد الله بن سهل ومُحَيِّصة خرجا إلى خيبر من جهد أصابهم، فأتى محيصة فأخبر أن عبد الله بن سهل قد قُتل وطرح في عين أو فقير. فأتى يهودَ فقال: أنتم والله قتلتموه، قالوا: والله ما قتلناه، ثم أقبل حتى قدم على قومه فذكر لهم ذلك ثم أقبل هو وأخوه حُوَيِّصة وهو أكبر منه وعبد الرحمن ابن سهل فذهب محيصة ليتكلم، وهو الذي كان بخيبر، فقال رسول الله () لمحيصة: كبّر كبِّر (يريد السن) فتكلم حويصة ثم تكلم محيصة: فقال رسول الله () إما أن بدوا صاحبكم وإما أن يؤذنوا بحرب، فكتب رسول الله () إليهم في ذلك، فكتبوا أنا والله ما قتلناه. فقال رسول الله لحويصة ومحيصة: أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم؟ قالوا: لا. قال: فتحلف لكم يهودُ. قالوا: ليسوا بمسلمين. فوداه رسول الله من عنده، فبعث إليهم رسول الله مائة ناقة حتى أدخلت عليهم الدار. . .).

وقال في يهود، وهو من أبيات (الكتاب).

أولئك أولى من يهودَ بمدحة ... إذا أنت يوماً قلتَها لم تُؤنبِ

ويهود مثل مجوس قال وهو من أبيات (الكتاب):

أحار، أريك برقا هب وهنا ... كنار مجوس تستعر استعارا

بل لمجوس ما ليس ليهود. قال الشنتمري في هذا البيت: الشاهد فيه ترك صرف مجوس حملا على معنى القبيلة وهو الغالب عليها في كلامهم، وصرفها على معنى الحي جائز وليس بالكثير. وقال في البيت الأول، الشاهد في جعل يهود اسما علماً، والقول فيه كالقول في مجوس إلا أن الزيادة في أوله تمنعه من الصرف أن جعل اسماً للحي.

ومن أبيات (اللسان):

فرت يهود وأسلمت جيرانها ... صَمّى لما فعلت يهود صمامِ

وفي بيتي (الشيخ) المشهورين: (ويهود حارت، والمجوس مضللة).

ج5 ص33: وله (لأحمد بن محمد السهيلي) أشعار، منها في شعاع القمر على الماء:

كأنما البدر فوق الماء مطلعاً ... ونحن بالشط في لهو وفي طرب مَلك رآنا فأهوى للعبور فلم ... يقدر فمد له جسر من الذهب

قلت: ملك بالتسكين للوزن. المخصص ج2 ص 133: (ملِك ومالك ومليك وملْك والجمع أملاك وملاك وملوك وملكاء، والأملوك جماعة الملوك كالأمعوز) وفي الصحاح: (وملك وملك مثل فخذ وفخذ كأن الملك مخفف من ملك، والملك مقصور على مالك).

ج16 ص264: حدثني من أثق به أن الحريري لما صنع المقامة الحرامية وتعاني الكتابة فأتقنها وخالط الكتاب أُصعد إلى بغداد، فدخل يوماً إلى ديوان السلطان وهو منغص بذوي الفضل والبلاغة، محتفل بأهل الكفاية والبراعة. وقد بلغهم ورود ابن الحريري إلا أنهم لم يعرفوا فضله. ولا أشهر بينهم بلاغته ونبله، فقال له بعض الكتاب: أي شيء تعاني من صناعة الكتابة حتى نباحثك فيه، فأخذ بيده قلما وقال: كل ما يتعلق بهذا وأشار إلى القلم، فقيل له: هذه دعوى عظيمة. فقال: امتحنوا تخبروا. . .

وجاء في الشرح: وتعاني الكتابة: قاساها وعالجها وتناولها. وهو منغص الضمير للديوان أي ممتلئ بهد ضيق عليهم.

قلت: (وعانى الكتابة) (أي شيء تعاني منه صناعة الكتابة) و (معاناة الشيء ملابسته ومباشرته) كما قال اللسان. ولم أجد في كلام أو معجم نعرفه (تعاني يتعانى تعانيا) واليقين أن التعاني في قول أبي الطيب في طبعة (شرح العكبري)

ج2 ص 436:

ومراد النفوس أصغر من أن ... نتعادى فيه وأن نتعانى

هو تصحيف أو تطبيع. واللفظة هي (نتفانى) في (ديوان أبي الطيب) في النسخة الفائقة التي حققها العلامة الدكتور عبد الوهاب عزام. وفي (ديوان المتنبي) الذي نشره الشيخ عبد الرحمن البرقوفي (رحمه الله) ورجع فيه إلى شروح كثيرة.

و (أشهر) يقول فيها المصباح: (وأما أشهرته بالألف بمعنى شهرته فغير منقول) والذي نقلوه هو شهره شهراً وشهره تشهيراً واشتهر وهذا لازم ومتعد.

و (منغص) هي (مغتص). في التاج: ومنزل غاص بالقوم أي ممتلئ يقال: الإنس في المجلس الغاص لا في المحفل الخاص واغتص المجلس بأهله كغص.

قلت: أوقن أن صاحب التاج لم يرو (الإنس الخ) بل روى: (الأنس في المجلس الخاص لا في المحفل الغاص) والوارد في الطبعة هو أنس الدهماء والغوغاء لا أنس صاحب التاج ولا أنس العلماء والعظماء والفضلاء.

ج16 ص 37:. . . فاعتمدت على القول مجملا لا مفصلا وضربة لا مبوباً فأقول. وجاء في شرح ضربة: يريد خلطا من ضرب الشيء بالشيء كضربه بالتشديد خلطه.

قلت: قوله ضربة لا مبوباً مثل قوله مجملاً لا مفصلاً. في المصباح: وأخذته ضربة واحدة أي دفعة. وفي التاج: والدفعة بالفتح المرة الواحدة. وفي الأساس. وأعطاه ألفا دفعة أي بمرة.

ج16 ص 79: ولكن الأيام لا تصلح منك لفساد طويتك ورداءة داخلتك وسوء اختيارك.

قلت: في الأساس: وإنه لخبيث الدِّخلة وعفيف الدخلة وهي باطن أمره، وأنا عالم بدخلة أمرك.

ج17 ص113:. . فرأى الرسول لي علماناً روَقة وفرشاً جميلا.

قلت: في الأساس: هؤلاء شباب روقة جمع رائق كفأره وفُرهة، وفي اللسان والتاج: والروقة الجميل جداً من الناس وكذلك الاثنان والجميع والتأنيث وقد يجمع على ورق. وفي المقامات الحريرية: فلما انتهيت إلى ظل الخيمة رأيت غلمة روقة، وشارة مرموقة.

ج14 ص148: أبو علي بن مقلة: كنت أحقد ابن بسّام لهجائه إياي

قلت: في القاموس: حقد عليه كضرب، وفرح أمسك عداوته في قلبه وتربص لفرصتها. وفي الأساس: رئيس القوم محسود أو حاسد، ومحقود أو حاقد.

ج19 ص227: ابن قَلاقِس:

سدّدوها من القدود رماحاً: وانتضوها من الجفون صفاحاً

يا لها حلَّةٌ من السقم حالت ... واستحالت ولا كفاها كفاحا

صح إذ أذرت العيون دماء ... أنهم أثخنوا القلوب جراحا

وجاء في الشرح: في الديوان يا لها حالة من السلم.

قلت: حالة ومن السقم الرواية الصحيحة وربما كانت حالة حلية والحلية الخلقة والصورة. وحالة ابن قلاقس من الجهة النحوية مثل ليل المتنبي في قوله:

فيا لك ليلا على أعكُش ... أحمّ البلاد خفيّ الصوى قال ابن مالك: (وبعد كل ما اقتضى تعجباً ميّزْ) فخطة تمييز في الدالية المتنبية:

ويلُمهَّا خطْة ويْلُمّ قابلها!!!