مجلة الرسالة/العدد 656/البريد الأدبي
مجلة الرسالة/العدد 656/البَريدُ الأدَبيَ
مقاطعة الصهيونية:
كان الأستاذ عادل حمزة بدير من المحامين المعروفين في دمشق وكيلاً لجماعة من يهود فلسطين في قضية مهمة في محكمة الاستئناف في دمشق موضوعها ملكية قرية على حدود سورية له منها فائدة ومنفعة وأجر كبير، فلما قُررت مقاطعة الصهيونية، رأى أنه لم يعد يجوز له السير في القضية، فكتب إلى موكليه أنه قد عزل نفسه من الوكالة تنفيذاً لقرار الجامعة العربية وأبلغهم وجوب حضورهم بأنفسهم المحاكمة، أو توكيل غيره، وأنه مُرجع إليهم الأجر المقدم الذي دفعوه له.
أخبرني بذلك، فرأيت فيه مأثرة تستحق أن تنشر في الرسالة مجلة العرب، وقدوة صالحة يقتدي بها، فأنا أنشرها وأبعث إليه بإعجابي وإكباري.
علي الطنطاوي
زرقة العين يمن:
نقل الأستاذ العلامة النشاشيبي (في عدد الرسالة 655) قول الزمخشري: (إن الزرقة أبغض شيء من ألوان العيون إلى العرب. . .).
والحافظ السخاوي والمحدث العجلوني يقولان: زرقة العين يمن، ذكره في الجامع الصغير عن أبي هريرة بلفظ: الزرقة في العين يمن، قال المناوي: أي بركة. . . قال الشاعر:
وما عليك أن تكون أزرقاً ... إذا تولى عقد شيء أوثقا
كما في (كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس للعجلوني) والمقاصد الحسنة للسخاوي
محمد شفيق
1 - النفاق في الأدب:
النفاق في الأدب يجري على سنن النفاق الاجتماعي سواء بسواء، فكما أن الناس أسرفوا في مجاملاتهم الكلامية الكاذبة، أسرف الأدباء في مراعاة التجمل، ولجئوا إلى الكناية والمجاز، واستعملوا المحسنات البديعية ليخفوا المعنى الصريح الذي يريدون.
ولا كان كذلك الأدباء في عهود الأدب الزاهرة، وما زلنا نقع كلما شققنا كتاباً من الكتب القديمة، على المعاني تلتمع صريحة واضحة. ولا مشاحة في أن العهود الماضية كانت عهود تماسك خلقي، والوازع الديني أشد ما يكون أخذاً للناس في أسباب الحياة، فإذا نزع الأدباء في هاتيك الأزمان إلى الصراحة التي نستهجنها اليوم في كتب الأدب الحديث، فإنما يحمل ذلك على أن الكتب لم تكن متداولة قديماً إلا بين الخاصة، فلا خطر ولا ضرر من شيوع بعض ما فيها من ألفاظ قد يأباها الذوق أو يأباها العرف.
أما الآن، ونحن في عصر تزايل خلقي، فلا مرية في أن الذوق لا يستسيغ كثيراً من الألفاظ كالتي استعملها الجاحظ مثلاً في كتاب الحيوان أو كتاب المحاسن والأضداد، ذلك لأن هذه الكتب أمست في متناول الناس جميعاً، يطالعها الأستاذ ويطالعها تلميذه، ومن ثم يكون الضرر في الشيوع.
غير أن للتاريخ حرمة، فينبغي ألا تحل كلمة محل أخرى، ولا يحذف لفظ ليظهر مكانه خاوياً ويكتب في هامشه مثل هذه العبارة (كلمة تنافي الأدب) أو غير ذلك، فالحذف هنا لا يتفق والأمانة الماضية، وقد يذهب القارئ مذاهب شتى في تأويل اللفظة المحذوفة، فيجئ الضرر على حين قصد الناشر النفع.
لقد قرأنا كثيراً من الكتب القديمة التي أعيد طبعها وتصويبها ففزعنا لكثرة ما حذف منها من العبارات (النابية) أو (التي تنافي الأدب)، فاضطررنا إلى الرجوع إلى الطبعات القديمة الممسوخة الطبع والمشوهة الحروف، فوقعنا منها على الأصل القريب. ولعلنا لا نعدو الحقيقة إذا ما قلنا إننا في كثير من الأحيان لم نر نبواً ولا خروجاً على الأدب المألوف.
على أن للعلم حقه، وهو فوق الأدب، وفوق الذوق، والناس لا يجترئون على حذف لفظ من ألفاظ القرآن الكريم أو الكتب المقدسة الأخرى، ولا يطمسون ألفاظاً في الحديث الشريف بحجة قصاراها أنها لا تتسق والعصر الحديث. فأحرى بالناسخين أن يبقوا على أمانتهم تلك في نشر الكتب القديمة، وليس شيء أولى بالاتباع من الحق الصريح.
2 - فيشر ومعجمه:
قالوا: إن إرادة مجمع فؤاد الأول للغة العربية أرسلت تستفسر عن مصير المستشرق الألماني الدكتور فيشر عضو المجمع منذ نشأته.
ولقد عرفنا الدكتور فيشر عن كثب يوم كان كاتب هذه السطور في عداد موظفي المجمع، فإذا هو رجل ذرًّف على السبعين ضربه الشلل في فكه الأسفل، إذا تكلم فلا يكاد يبين.
ولقد كان الدكتور فيشر أظهر الأعضاء المستشرقين، حين مهد لوضع معجم لغوي تاريخي يبدي تحولات الألفاظ العربية خلال القرون.
ولقد نذكر أن كثيراً من اللغويين شجبوا عمل هذا المستشرق الكبير وسمعنا المرحوم الشيخ أحمد الإسكندري يقول عنه إنه عمل لا يتم، وقال غيره متهكما إنه (مشروع نازي)! بيد أن كل أولئك لا يذهب بجلال هذا العمل، ولو أنه تم لكان مفخرة لمصر ولمجمعها. ولا نريد أن يصرف غياب الدكتور فيشر المجمع عن إكمال عمل يستحق الكمال.
3 - ديوان ابن الرومي:
أصدرت وزارة المعارف قراراً بتأليف لجنة لجمع ديوان ابن الرومي ونشره مصححاً. وهذه اللجنة مؤلفة من الأساتذة: كامل كيلاني، ومحمد شوقي أمين، ومحمد جبر، ومحمود لطفي.
والأدبيان الأولان غنيان عن التعريف، وأما الآخران، فقد غلب عليهما التواضع العلمي فلا يكادان يظهران للجمهور في كتاب أو مقال. ولعل هذه هي الساعة الأولى للتعريف بفضلهما ونشر أدبهما بين الخاصة والجمهور.
وأول ما قرأنا ديوان ابن الرومي إنما طالعنا النسخة التي نشرها صديقنا الأديب الكبير الأستاذ كامل كيلاني، أذاعها على الناس أيام الشباب والفراغ، يوم انصرف هو للأدب، وانصرف غيره لملاذ الحياة وأطايبها. فإذا اقتنص له الكاشحون بعض المآخذ فحسبه أنه كان أول المتصدين لعمل لا يقدم عليه سوى المغامرين الشجعان.
(الرمل)
منصور جاب الله
لجنة النشر الفلسفية:
تكونت هيئة من بعض خريجي قسم الفلسفة بجامعة فؤاد الأول قوامها الأساتذة: أنور فريد، وسعيد زايد، ومحمد إمام الحوت، ومحمد محمد وهبة، باسم (لجنة النشر الفلسفية)، تهدف إلى نشر الدراسات الفلسفية التي ترتبط بحياتنا الواقعية ارتباطاً وثيقاُ، وذلك عن طريق ترجمة وتأليف بعض الكتب وإذاعة بعض المحاضرات. وستظهر باكورة أعمالها قريباً، وهي ترجمة سلسلة الكتب السيكولوجية التي تصدرها مجلة (بسيكلوجست) تحت عنوان