مجلة الرسالة/العدد 658/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 658/البريد الأدبي

ملاحظات: بتاريخ: 11 - 02 - 1946


1 - هذى دمشق!

ما بدا حب دمشق أختها الكبرى مصر، وتعلقها بها، وتمسكها بالعروبة وكرهها لهذه الشيوعية الآثمة كما بدا في هذين اليومين، أثر تلك البرقية الوقحة التي بعث بها النفر الضالون المنكرون من رجال وزارة المعارف، ولم يقتصر الأمر على البرقيات والاحتجاجات بل لقد أضربت مدارس دمشق كلها يوم الخميس وخرج تلاميذها يقدمهم طلاب الجامعة السورية، في مواكب لها أول وليس لها آخر يهتفون للعروبة ولمصر، ويبرؤون من هذه النحلة والداعين إليها. وتبعتهم مظاهرات العمال، تهتف مثل هتافهم، وتنادي بندائهم، ولم يبق الجمعة منبر مسجد في دمشق إلا هبطت من فوق أعواده اللعنات على الشيوعية وعلى أذنابها في المعارف، أما الصحف الشامية، فلقد قرأ الناس في مصر ما كتبت ونشرت، وكان أول من انتدب نفسه من الصحفيين لدرء هذا الشر الأستاذ نجيب الريس صاحب (القبس) ونائب دمشق في المجلس، وأبن عمه الأستاذ منير الريس، المجاهد ذو المواقف صاحب (بردي)، فيسجل هذا لهما في (الرسالة) سجل العرب.

وما كان ذلك اهتماماً بأصحاب تلك البرقية، فهم أقل وأذل من أن تهتم بهم دمشق، ولكن اعتذارا إلى مصر، ومحاربة لهذه الشيوعية المدمرة، واحتجاجاً على وزارة معارف الشام إذ تجعل كُبْرَ أمر التعليم إلى مثل هؤلاء، مع مجاهرتهم بالدعوة إلى الشيوعية، والعمل لمصلحة دولة أجنبية، والتدخل في شؤون المملكة المصرية، ومع ما هم عليه من الخفة والرعونة والطيش، ولقد وعدت الحكومة وعد الصدق بطردهم من وظائفهم ومحاكمتهم، وأنا لمنتظرون!

2 - تأديب السفهاء:

أما وقد عرف قراء الرسالة بداية خبر تلك البرقية التي تطاول فيها النفر الشيوعيين على حكومة مصر، فليعرفوا نهايته، وهي أن وزير المعارف الأستاذ صبري العسلي بك قد أحال هؤلاء النفر إلى (لجنة تأديب الموظفين) - وكذلك يؤدب الكبار إذا فعلوا مثل ما فعل الصغار. . .

وإنا لنشكر الوزير على أن أنقذ أبناءنا من مربين ومؤدبين، لا يزالون محتاجين إلى التربية والتأديب!

دمشق

(علي)

إلى الأستاذ الفاضل محمد محمود شاكر:

سلام عليك. وبعد فقد قرأت مقالك في مجلة الرسالة المباركة في العدد الخاص بالعام الهجري فأعجبت به كثيراً. إلا أني دهشت في أوله من عبارتك (السلام عليكم) موجهة للأستاذ الزيات، ذلك أن القاعدة التي ذكرتها كتب اللغة لاستعمال هذه العبارة، هي أن نبتدئ في أول الكتاب بـ (سلام عليك أو عليكم بدون (أل) التعريف، ثم ننتهي بـ (والسلام عليك أو عليكم) بذكر (أل)، وتكون أل هنا نهاية العهدية، وهذا نظير قولك: (جاءني ضيف فأكرمت الضيف)، ولك يا أستاذ أن ترجع إلى كتاب أدب الكاتب لتقف على حقيقة الأمر.

وفي القرآن الكريم شواهد كثيرة تشير إلى صحة قسم من القاعدة. قال تعالى: (سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين) وقال تعالى: (قال سلام قوم منكرون). . . الخ فالملاحظ هنا أنه لا حاجة إلى تعريف (سلام عليكم) بالألف واللام.

وقال ذو الرمة:

أمنزلتي ميٍّ سلام عليكما ... هل الأزمن اللائي مضين رواجع

وقال البحتري:

سلام عليكم لا وفاء ولا عهد ... أما لكم من هجر أحبابكم بدُّ

والواقع أن هذه غلطة شائعة في الوقت الحاضر، وما كنت أستغرب لو وجدتها عند بعض الكتاب، إلا أن ثقتي القوية بعلمك في اللغة العربية وتبحرك بها هي التي دفعتني إلى الاستغراب.

وأخيراً: أرجو التفضل بإبداء رأيك في هذا الموضوع، ففي ذلك خدمة للأدب العربي وأدبائه. والسلام عليك.

بغداد صبحي البصام

صحف طرابلس الغرب:

كانت في طرابلس الغرب قبل احتلال الطليان لها نهضة أدبية مباركة، وكان للأدباء فيها رابطة كما لهم صحف ومجلات، وقد نبغ الكثيرون من الشعراء والأدباء الذين لولا استعمار إيطاليا لبلادهم - كان لأدبهم شأن يذكر في البلاد العربية. وقد كانت جريدة (الرقيب العتيد) رسولة هذه النهضة وحاملة لوائها. وكان صاحبها المرحوم الأستاذ محمود فهمي نديم بن موسى من قادة الرأي والفكر يسانده نخبة من الشباب المثقف الحر.

وهناك جريدة (العدل) وصاحبها الأستاذ محمود بانون التي كانت نبراساً للوطنية والحق. وما احتل الإيطاليون هذه البلاد حتى خمدت هذه النهضة الأدبية، وخارت عزائم الأدباء، ولكن الإيطاليون بدءوا يدفعون فاقدي الضمائر ومريضي القلوب من الأدباء إلى تمجيدهم والإطناب بذكرهم، وأجبروا صاحبي الرقيب والعدل على السير بموجب سيادتهم، وأصدروا مجلة مصورة سموها (ليبيا المصورة) كانت هي المجلة الرسمية للإيطاليين، تعبر عن رغباتهم وتشيد من ذكرهم ومجدهم، وظلت الحال هكذا حتى كانت الحرب الأخيرة، إذا اضمحلت الروح الأدبية تماماً، واختفى ذلك البصيص الضئيل من الشعر والنثر، وساد القطر جهل وصمت وسواد! فهل نرى الآن وقد بدأ طائر السلام يرفرف بجناحيه نهضة جديدة في طرابلس الغرب تقوم على أكتاف وسواعد شبابه العربي ونرى مجلاته تشق طريقها في الحياة كزميلاتها صحف العروبة؟ فلعل ذلك قريب.

(دمشق - دار المعلمين)

صلاح الدين بن موسى

الشيخ نصر الهوريني وتيمور باشا:

ذكر الأستاذان أحمد أمين بك، ومحمد كرد علي بك في كتاب (ذكرى أحمد تيمور باشا) الذي ظهر حديثاً في 30صفحة وص77 أن العلامة أحمد تيمور باشا كان في جملة أساتذته الشيخ الهوريني وأنا أعلم أن وفاة الشيخ نصر الهوريني كانت سنة1291، كما ذكره العلامة تيمور في كتابه (تصحيح القاموس) ص42، والأستاذ الزركلي في (الأعلام). والعلامة تيمور ولد سنة1288، فتكون سنه ثلاث سنوات عند وفاة الشيخ الهوريني. وممتنع أن يكون الباشا تيمور في هذا السن صديقاً للهوريني أو تلميذاً له. فذكره في معارف أحمد تيمور خطأ، وجل من لا يخطئ.

عبد الفتاح غدة

حول سناد التأسيس

أخذ الأستاذ - رضوان - على قصيدة الشاعر الغزالي في عدد652 أن في بيتين منها ما يعده العروضيون سناد التأسيس.

فقال الأستاذ - عدنان - بل هو سناد الإشباع عدد 654 والواقع بأن في البيتين سناد التأسيس لأن الإشباع إنما يعرض الدخيل ولا يكون الدخيل إلا بعد التأسيس وقد أنعدم التأسيس فلا دخيل فضلاً عن سناد الإشباع فليس في البيتين إلا سناد التأسيس. وقد حاول الشاعر الغزالي أن يدفع عن البيتين مستنداً إلى أن ما استشهد به - الكافي وعمي العروض والقوافي - لسناد التأسيس من قول العجاج:

يا دار سلمى يا أسلمي ثم أسلمي ... فخندف هامة هذا العالم

يختلف عن بيتيه؛ والواقع أن بيت العجاج وبيتي الشاعر متساويان في سناد التأسيس.

وبعد فاستكملا للفائدة نقول: الاستشهاد على سناد التأسيس بيت العجاج لأن روايته المشهورة همز ألف. فقد استشهد به الزمخشري - في فصله لهمز الألف في باب الإبدال. وكذا - الرضي - في شرحه للشافية

محمد الطنطاوي

أستاذ بكلية اللغة العربية

1 - تصوير الأنبياء:

رأينا في مجلة (الطالب) التي تصدر في القاهرة صورة على غلاف العدد (70) صورة تمثل سيدنا إبراهيم الخليل وأمامه أبنه إسماعيل الذبيح عليهما الصلاة والسلام، وفوقهما ملك ذو جناحين يمثل سيدنا جبريل وأمامهما كبش. . .!

ثم رأينا على غلاف العدد (71) صورة تمثل ناقتين أمامهما رجلان، والصورة تشير إلى الهجرة. فاستنكرنا واستنكر معنا الكثيرون هذه الطريقة الجديدة في تمجيد الذكريات المجيدة والأعياد الإسلامية. . .

أنها طريقة لا يقرها الشرع ولا العقل ولا الذوق؛ وفي العدد نفسه صورة متخيلة للأمام الجليل أحمد بن حنبل. وإن مجلة لا تحترم الأنبياء ولا الأئمة، ولا تعرف لهم مكانتهم، لهي مجلة جديرة بالوأد في المهد. . .

2 - وقاحة الشيوعيين:

ثارت في هذا الأسبوع في دمشق ضجة كبرى بشأن الكتاب الذي أرسلته إلى مصر فئة ضالة من أذناب الشيوعيين تحتج فيه على حكومة مصر لمكافحتها لجماعة الشيوعيين ومقاومتها إياهم، وكانت النقمة شديدة على موقعي الكتاب، وهم من أبرز موظفي وزارة المعارف، وقد اهتمت الحكومة السورية بهذا الأمر وقررت أن تفصل هؤلاء الموظفين عن مناصبهم، وأن تحيلهم على لجان التأديب لينالوا جزاء وقاحتهم وخيانتهم. ولا يزال هياج الشعب على أشده، وهو يطالب باتخاذ التدابير الفعالة للقضاء على الشيوعية الخبيثة قضاء مبرماً لا قيامة لها بعده.

(دمشق)

ناجي الطنطاوي