مجلة الرسالة/العدد 663/نقل الأديب

مجلة الرسالة/العدد 663/نقل الأديب

ملاحظات: بتاريخ: 18 - 03 - 1946



للأستاذ محمد إسعاف النشاشيبي

673 - عزله بنقرة

ولى عبد الله بن طاهر بعض بنى أعمامه مرو، فاشتكاه أهلها، ووفد جماعة منهم على عبد الله وشكوه إليه وأكثروا القول فيه. فقدر أنهم يتزيدون عليه فلم يعزله، فلما انصرفوا قال بعض المشايخ أنا أكفيكموه، وورد على عبد الله فسأله عن حال البلد، فأخبر بالهدو والسكون، ثم سأله عن خبر واليهم، فوصفه بالفضل والأدب وما يجمعه والأمير من النسب، وبالغ في ذكر الجميل ثم قال: إلا أنه، ونقر بإصبعه على رأسه نقرة (يعني أنه خفيف الدماغ).

فقال عبد الله: ما للولاة والطيش: اعزلوه فعزله.

وأنصرف الشيخ إلى مرو فأعلمهم انه عزله بنقرة. .

674 - أبو نؤاس والعباس بن الأحنف

في (المثل السائر) لأبن الأثير:

لما دخل أبو نؤاس مصر مادحاً للخصيب، جلس يوماً في رهط من الأدباء وتذكروا منازه بغداد فأنشد مرتجلاً:

ذكر الكرخ نازح الأوطان ... فصبا صبوة ولات أوان

ثم أتم ذلك قصيدة مدح بها الخصيب. فلما عاد إلى بغداد دخل عليه العباس بن الأحنف وقال: أنشدني شيئاً من شعرك بمصر، فأنشده (ذكر الكرخ نازح الأوطان) فلما استتم الأبيات قال له: لقد ظلمك من ناواك، وتخلف عنك من جاراك، وحرام على أحد يتفوه بقول الشعر بعدك.

فقال له أبو نؤاسوأنت أيضاً يا أبا الفضل تقول هذا، ألست

القائل:

لا جزى الله دمع عيني خيراً ... وجزى الله كل خير لس نم دمعي فليس يكتم شيئاً ... ووجدت اللسان ذا كتمان

كنت مثل الكتاب أخفاه طي ... فاستدلوا عليه بالعنوان

ثم قال ومن الذي يحسن أن يقول مثل هذا!

675 - العيوق

أبو تمام:

إن لله في العباد منايا ... سلطتها على القلوب عيون

البحتري:

قال بطلا وأفال الرأي من ... لم يقل: إن المنايا في الحدق

676 - هذا لا يدعها أبداً

قيل لعبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز: إن بنيك يشربون الخمر. فقال: صفوهم لي. فقالوا: أما فلان فإذا شرب خرق ثيابه وثياب نديمه. فقال: هذا سوف يدعها. قالوا: وأما فلان فإذا شربها تقيأ في ثيابه. قال: وهذا سوف يدعها. قالوا: وأما آدم فإذا شربها فأسكن ما يكون، لا ينال أحداً بسوء. فقال: هذا لا يدعها أبداً. ومن قول آدم بن عبد العزيز:

شربنا الشراب الصرف حتى كأننا ... نرى الأرض تمشي والجبال تسير

إذا مر كلب قلت قد مر فارس ... وإن مر هر قلت ذاك بعير

تسايرنا الحيطان من كل جانب ... نرى الشخص كالشخصين وهو صغير

677 - وعيس بنى الدنيا لقاء بناتها

في (ثمار القلوب): بنو الدنيا هم الناس، وقيل لعلى (رضى الله تعالى عنه): أما ترى حب الناس للدنياء؟!

فقال: هم بنوها.

وسمعت الخوارزمي يقول: أحسن ما قيل في مدح النساء، قول الشاعر:

ونحن بنو الدنيا وهن بناتها ... وعيش بنى الدنيا لقاء نباتها

678 - فلم يفتلذك المال إلا حقائقه

نصيب: إذا المال لم يوجب عليك عطاَءه ... صنيعةٌ تقوى أو صديق توامقه

بخلت وبعض البخل حزم وقوة ... فلم يفتلذك المال إلا حقائقه

679 - فنفشت أذنابها

في (خزانة الحموي): كتب ابن جلنك الحلبي إلى قاضي القضاة كمال الدين بن الزملكاني. رقعة يسأله فيها شيئاً فوقع له بخبز، واستحى أن أقول: انه رطلان، فتوجه ابن جلنك يوماً إلى بستان يرتاض فيه، فقيل: أنه لقاضي القضاة المشار إليه فكتب على حائط البستان:

لله بستان حللنا دوحه ... في جنة قد فتحت أبوابها

والبان تحسبها سنانيراً رأت ... قاضي القضاة فنفشت أذنابها

680 - اتفاق عجيب

قال صاحب المسهب: كنت بمجلس القاضي ابن حمدين وقد أنشده شعراء قرطبة وغيرها وفي الجملة هلال شاعر غرناطة ومحمد ابن الاستجى شاعر استجه الملقب بحركون. فقام الاستجى وأنشد قصيدة منها:

إليك ابن حمدين انتخلت قصائدا ... بها رقصت في القضب ورق الحمائم

أنا العبد لكن بالمودة اشترى ... إذا كان غيري يشترى بالدراهم

فشكره ابن حمدين ونبه على مكان الإحسان، فحسده هلال البياني، فلما فرغ من القصيدة قال له هلال: أعد على البيت الذي فيه ورق الحمائم، فأعاده. فقال له: لو أزلت النقطة عن الخاء كنت تصدق.

فقال له محمد الاستنجى في الحين: ولو أزلت أنت النقطة عن العين كنت تحسن (وكان على عين هلال نقطة) فكان ذلك من الاتفاق العجيب والجواب الغريب.

681 - من زاوية إلى زاوية

كان مهيار الديلمي الشاعر الأديب صاحب المحاسن والشعر العذب الرائق مجوسياً فأسلم على يد السيد المرتضى وكان يتشيع.

قال له القاسم بن برهان يوماً: يا مهيار قد انتقلت بإسلامك في النار من زاوية إلى زاوية.

قال: وكيف ذلك؟ قال: لأنك كنت مجوسياً، فصرت تسب أصحاب محمد في شعرك. . .

682 - فلا يسب أبا بكر ولا عمر!

قال ابن قطرال: كنت بالمدينة إذ أقبل رجل بفحمة في يده، فكتب بها على جدار هناك:

من كان يعلم أن الله خالقه=فلا يحب أبا بكر ولا عمرا

وأنصرف، فألقى على من الفطنة وحسن البديهة ما لم أعهد مثله من نفسي قبل، فجعلت مكان يحب يسب. ورجعت إلى مجلسي، وجاء فوجده كما أصلحته، فجعل يتلفت يميناً وشمالاً، كأنه يطلب من صنع ذلك ولم يتهمني، فلما أعياه الأمر أنصرف.

محمد اسعاف النشاشيبي