مجلة الرسالة/العدد 670/محمد عبده

مجلة الرسالة/العدد 670/محمد عبده

ملاحظات: بتاريخ: 06 - 05 - 1946



لفضيلة الأستاذ الأكبر الشيخ مصطفى عبد الرزاق

للأستاذ محمد عبد الحليم أبو زيد

شيخ الأزهر الحالي شخصية لها جهادها الحافل في خدمة الفلسفة، والأدب، والتاريخ، والدين. ولها تأثيرها القوي في هذا الازدهار العلمي المتوثب، وفي تقديمه اليوم لشخصية - محمد عبده - من معاني الوفاء، والتقدير ما يعد مأثرة من مآثره العديدة في ميدان الوفاء، ومن أولى بالاحتفاء بأنجب أبناء الأزهر من الأزهر، وشيخ الأزهر، وهو المكان الذي غذاه - الإمام - بعلمه، وتعهده بجهاده؛ حتى صار متجه فكره، وهدف إصلاحه ومسرح نشاطه. . .

لقد أقدم شيخ الأزهر على دراسة شخصية الإمام دراسة علمية ترتكز على إبراز تلك العوامل المختلفة التي لها أثرها الفعال القوي في تكوين شخصيته، وصقل رأيه وقوة منطقه، وتزويده بتلك الخصائص التي كان لها في مجرى سياسة أمته، وعقليتها، ودينها أقوى المؤثرات، وشخصية الإمام لها أكثر من جانب، فعلى من يأخذ في تصويرها أن يسرح طرفه في كل تلك النواحي ويعمل عقله حتى يتهدى له الإلمام بها؛ فكان لها مجالها في الثورة العرابية، ولها رأيها في المبادئ الوطنية، ومذاهب الإصلاح، وفي ميدان التدريس والصحافة. وهذا النضج العلمي الذي يطالعك في كل ما يتناوله، وصلته بالأفغاني، وكفاحه في الأزهر ونشأته، كل هذا يتطلب من يجلوه، ويكشف عنه بدراسة الأسباب التي انتهت إلى المسببات، أو المقدمات التي أنتجت هذه النتائج، وليس هذا بالمركب الذلول؛ بل هو مزلة الأقدام ومضلة الإفهام، فتحليل الظواهر الفكرية والخلقية، والرجوع بها إلى مصادرها الأولى؛ دونه كل مشقة وعسر. ولقد وفق الأستاذ الأكبر في إعطائنا تلك الصورة على تعدد جوانبها، واختلاف نواحيها، على أتم ما تكون جلاء، وأوفى ما تكون دقة ودراسة وتمحيصاً، فعرفنا الإمام في نشأته ودراسته، وفي الأزهر، ومع الأفغاني، ودعوته إلى الإصلاح، والتقينا به في ميدان التدريس والصحافة، وتبينا مبادئه الوطنية، ومنهجه في الإصلاح، وموقفه من الثورة العرابية.