مجلة الرسالة/العدد 678/رباعيات عثمان. . . .!

مجلة الرسالة/العدد 678/رباعيات عثمان. . . .!

ملاحظات: بتاريخ: 01 - 07 - 1946



للأستاذ عثمان حلمي

آذنتْ آيةُ الدجى بالزوال ... وسرى كالمنى نسيم الشمال

حاملاً للحياة نفحاً من العط ... ر وروحاً جديدة الآمال

مُعلنا في براءةٍ آية الفج ... ر كما في براءة الأطفال

وكأن النجوم حيرى وقد أد ... ركن في صمتهن قربَ المآل

وبدا الصبح ساكناً في ظلال ... من جلال عجيبة الأشكال

رافعا رأسه المضيئة في الكو ... ن على كل مستقرْ وعال

ساحباً ذيله على النجم حتى ... لم يدعْ منه غير مثل الذبال

فتوارى من السماوات نجمٌ ... سار في إثره من النجم تال

وتجلت على الربى والمروج ... لمحات من الصفاء البهيج

فعلى جانب السماء من الشر ... ق شبيهٌ بالنار ذات الأجيج

ذات لونُ موردّ أَرجوا ... نيٍ وروحٍ في الشمْ ذات أريج

هتفتْ بالرجاَء همساً بذات ال ... صدْع لما هفت بذات البروج

ورنا حاجب من الشمس ساج ... صامتٍ في لهيبه الوهَّاج

فتراءى لكل عين على الأف ... ق منيراً كشعلة من سراج

واستحالت لآلىُّ الطلَّ في الدو ... ح إلى محض سائل رجراج

وسرتْ موجة من النور يتلو ... ها سواها من هذه الأمواج

صورة إثر صورة تتوالى ... شهد الطير حسنها أشكالا

فتغنى ما شاء للصبح إكبا ... راً وغنَّى لنوره إجلالا

وأفاق الإنسان من موته الأص ... غر واستقبل الحياة نضالا

فمضى في طلابه الرزق يسعى ... وتمادى ضجيجه وتعالى

وبدا في الحياة يوم جديدُ ... صارمٌ وجهه الجديد المجيدُ

كلما عجَّ في الوجود على الصم ... ت على الصمت عج فيه الوجودُ

وتجلى النهارُ واستعلت الشمس ... وكدَّ الشقيُّ والمجدودُ ومن الغيب خلفه وهو يجرى ... كيفما كانت الحياة شهودُ

ومضى في الزمان هذا النهار ... وتوالت بما جنى الأخبارُ

وطوى الغيب صفحة في سجل ... سطرته بكفَّها الأقدار

ولكم أضمرت سواها من الما ... ضي ومرَّت فما لها آثار

هكذا فات ذلك اليومُ في العم ... ر وفاتتْ بمثله الأعمارُ

ما ترى الشمس بعد طول اللغوب ... كيف مالت هزيلة للمغيب

وهي تهوى بين السحاب إلى البح ... ر وتخطو إليه خطو الهيوب

وكأني بها على الدهر ملَّتْ ... سعْيَها بين جيئة وذهوب

صورة لو فطنتَ تأخذ بالأل ... باب من حسنها العجيب المهيب

صورة تلك نمّقتها السماء ... كم تغنى بحسنها الشعراءّ

فلقد تبعث السرور وقديها ... تاج منها لدى الشجيَّ البكاء

والتقى البحر بالسماء مع الشم ... س ولكن هيهات هذا اللقاء

خدعة في العيون أم ضلت الأب ... صار أم قد أصابها إعياء

ها هي الشمس مسَّت الأفق مساً ... وارتضى قرصهُا من البحر رمسا

فهوى فيه صامتاً وانتهى الأم ... ر فما تستبين في الكون جرسا

غير همس في الأذن لم تدر معنا ... هـ وخافٍ في النفس يهمس همسا

ربما مال بالنفوس إلى اليأ ... س وإن لم تصب من العمر يأسا

ها هي السحب بين بيض وحمر ... رابضات وبين دُكن وصُفر

لوَّنتها كما تشاء يد الغي ... ب ولم تستعن بدهن وحبر

فتوالت شتى المناظر حتى ... لم تقع مقلة على مستقر

يا لها من يد أجادت لعمري ... ما أجادته بين طي ونشر

فوداعاً أيا رفاق شبابي ... ووداعي الأخير يا أحبابي

ربما دارت الليالي علينا ... فالتقينا من بعد طول اغتراب

إنما نلتقي شخوصاً سوى أش ... خاصنا من بعد هذا الغياب

بدلتنا يد الزمان سوانا ... إن قضت بعد غيبة بالإياب لم هذا التغير والتبديل ... وإلام التحوير والتحويل

فجسوم على المدى وعقول ... ونفوس على الليالي تحول

كل حب إلى زوال وان جد ... لعمري وكل حسن يزول

ما نجا الميت الجماد ولا الح ... ي ولا سالم ولا معلول

لم لا نلتقي لغير فراق ... ربما شاقنا لغير تلاق

ما لنا من يد على البعد والقر ... ب وكل الأمور محض اتفاق

لم هذا والعمر يوم إذا ما ... طال بين الغروب والإشراق

طال مني على الحياة سؤالي ... لم لا نلتقي لغير فراق

عثمان حلمي