مجلة الرسالة/العدد 685/القصص

مجلة الرسالة/العدد 685/القصص

ملاحظات: بتاريخ: 19 - 08 - 1946



قصة من الأدب الروسي الرفيع:

(الملاك. . .)

للفيلسوف الروسي الكبير لوي تولستوي

بقلم الأستاذ مصطفى جميل مرسي

- 2 -

ولم يكادا يفرغان من الطعام، ويقومان عن المائدة. . . حتى أقبلت (مترونا) على (الضيف الغريب). . . تسائله:

- (من أي البلاد أنت؟!) فأجابها في صوت شاعت فيه الوداعة (لست من هذه البقاع!. . .)

فقالت دهشت (ولكن. ما الذي رمى بك إلى الطريق؟)

- (لست أدري.!.)

- (أتعرض أحد لك بسوء؟!.)

- (كلا!. . . لقد عاقبني الله تعالى!. . .)

- (أما كنت ملقى على قارعة الطريق؟!. . .)

- (بلى عرياناً ومثلجاً، وقد لمحني زوجك الكريم (سيمون) فأدركته الرحمة فخلع ما عليه، وألبسني إياه، وأحضرني هنا. . . فأطعمتني من جوع، وآويتني من برد. . . وأشفقت عليَ من التشريد والموت. . . فجزاك الله خيراً).

فنهضت (مترونا) وأحضرت له بعضاً من ثياب زوجها القديمة. . . وأعدت له مناماً على كثب من التنور يقضي فيه ليلته

باتت (مترونا) في مضجعها تتقلب فلم يزر جفنيها الكرى وما فتئت ذكرى (الغريب) تراود مخيلتها. . .

بدا لها كيف أتى على نصيبهم الأخير من الخبز. . . فلم يدع لهم شيئا إلى العند. . . فأحست بالحزن يساور نفسها. . . والألم يتغلغل في قلبها. . . بيد أن تلك البسمة التي رفعها إليها (الضيف الغريب) جالت في صفحة فكرها وجلبت السكينة إلى نفسها وقالت تحدث زوجها في خفوت، وقد كادت أن تأخذه سنة من النوم: -

(سيمون!. . .) فأجابها في توجس وضيق: (ماذا؟!)

- (لقد أتيتما على آخر ما عندنا من الخبز. . . ولست أدري ما الذي نفعله غداً!! ليتني أستعير بعضاً من جارتنا (مارثا!. . .)

- (إذا امتد بنا الأجل إلى الغد. . . فسوف نرزق من حيث لا ندري!. . .)

فلبثت المرأة برهة لا تنبس. . . ثم قالت في رقة (يخيل إلي أنه رجل طيب كريم، ولكن ما الذي يحمله على الصمت فلا يكشف لنا جلية أمره؟!.)

- (أحسب أن لديه علة تمنعه!.)

- (سيمون!.)

- (نعم!.)

- (ما بالنا نعطي! وليس ثمت من يتفضل علينا بعطاء)

فحار سيمون جواباً. . . ثم لم يلبث أن قال لها: - (دعينا من هذا الحديث!. . .) وانقلب على جانبه. . . وراح يغري بعينيه النوم بعد أن جفاه.!

وفي الغداة. . . أفاق (سيمون) من نومه، وكانت الأطفال تعبث في البيت صياحاً ولهواً، وانطلقت زوجته لتسأل جارتها بعضاً من الخبز. . . أما الغريب فكان يجلس على مقعده - في ثياب سيمون الخلقة - يرمي طرفه إلى السماء - وفي عينيه توسل ورجاء، وقد عاد إلى وجهه بهاؤه وضياؤه عن البارحة. . .

فقال (سيمون) في طلاقة ومرح: (هه!. . . أيها الصديق. . . إن السغب يدعو الإنسان إلى السعي وراء القوت، والعرى يضطره إلى طلب الملبس. . . فعليه أن يعمل ويكد. . . فما الذي تعرفه من المهن؟!.)

- (لست أدري شيئاً!.)

فقال سيمون في صوت ملئ بالدهش.

- (إن كان للإنسان رغبة في التعلم فسيتعلم؟!)

- (وإن لفي نفسي رغبة إلى ذلك.!) - (ماذا تدعى؟!. . .)

- (ميشيل. . .)

- (حسناً يا ميشيل. . . إن لم تكن في نفسك ترغبة إلى أن تحدثنا عن نفسك، فهذا من شئونك. . . غير أنه يجب أن تتكسب رزقك، فإن عملت بما سأشير عليك به.! فسوف تجد عندي طعاماً طيباً، ومأوى حسناً. . .)

- (جزيت خيراً. . . وإني لمطيع لما تقول!. . .)

- (إن ذلك غاية في البساطة. . . فانظر إلي.) ثم أمسك (سيمون) بخيط، ولفه حول إبهامه وراح يجدله في براعة. . . فراقبه (ميشيل) ثم أخذ قطعة من الخيط وثناها على إبهامه وانفك يجدلها كما فعل سيمون وفي براعته وإجادته، وعلمه سيمون كيف يشمع الخيط ويقطع الجلد ثم يخيطه. . . فبرع (ميشيل) في كل ذلك. . . حتى أصبح ماهر البنان كأنه مارس تلك الحرفة طيلة حياته. . .

كان لا يبرح يعمل ويعمل دون توقف، ولا يطعم غير القليل، حتى إذا ما انتهى من عمله، جلس صامتاً يحدق في سماء الغرفة وفي عينيه ذلك الرجاء وذلك التوسل. . . ولم يكن يخرج إلى الطريق، بل يظل حبيس الدار، رهين العمل، لا ينطق إلا بكلمات قلائل يضطر إليها. . . وما ضحك يوماً، وما ارتفع لسانه بفكاهة. . . ولم ترتسم على وجهه ابتسامة أبداً، إلا تلك التي أضاءت على جبينه يوم أن قدمت إليه (مترونا) العشاء. . .!

وتتابعت الأيام وتعاقبت الشهور. . . وميشيل يعيش ويعمل جهده مع (سيمون). . . وجرى اسمه على كل لسان، وطبقت شهرته في كل مكان. . . حتى طفق الناس يأتونه من كل صوب وفج يعاملونه. . . حتى ازدهر حاله. وزال عنه بؤس الحياة وعسرها.

كان (سيمون) وميشيل يعملان ذات يوم حينما جلجلت بباب دارهم الأجراس فأسرع كل منهما إلى النافذة، يستجلي الأمر. . . فأبصر بعربة (زلاقة على الثلج) يجرها ثلاثة من الجياد المطهمة الصافنة. . . تقف بباب الدار، وخف تابع إلى بابها ففتحه. . . فظهر منه سيد جليل مهيب - عليه جبة من الفرو الثمين - ووقف بباب الكوخ، فسارعت (مترونا) إليه تفتحه على مصراعيه، وترحب بمقدم الضيف الجليل فطأطأ الرجل رأسه عند ولوجه الباب. . . فلما انتصبت قامته الممشوقة كاد أن يمس رأسه سقف الغرفة فنهض سيمون وانحنى إجلالاً للضيف وقد سرى إلى نفسه الدهش. . . فما رأى مثل هذا الرجل في عظمته ورفاهيته فقد كان سيمون هزيلا نحيفا، وميشيل صدعا رفيعاً. . . كما أن (مترونا) كانت ضاوية الجسد جافة العود. . .

أما هذا السيد، فيخيل لمن يراه أنه من عالم آخر وجنات مكتظة مليئة. . . ووجه مطهم شاعت فيه الحمرة الوردية، وجسد زهم كالفيل في هيئته وبدانته، وعنق أقمد كعنق الثور وما أن جلس على المقعد حتى قال (من منكم صاحب العمل؟!) فدنا منه سيمون وقال في صوت أصحل من الرهبة (أنا يا صاحب السعادة!!)

فصاح السيد بتابعه (هيا. . . أحضر الجلد. . . يا (فدكا) فلما أحضره، ووضعه على المائدة. . . قال السيد مشير إليه: - (أنظر أيها (الأسكاف) أترى هذا الجلد؟.)

- (أجل يا صاحب السعادة. . . إنه أثمن جلد رأيته في حياتي!.)

- (أبمقدورك أن تصنع لي حذاء منه؟!)

- (أجل يا صاحب السعادة!.

- (أتستطيع!؟ حسناً. . . فلا يغب عن بالك لمن سوف تصنع هذا الجلد الثمين. . . أستمع. . . ينبغي أن تجعل لي منه حذاء أحتذيه عاماً كاملا. . . لا يبلى ولا يخلق. أفهمت إن لم يكن بمقدورك هذا، فصارحني. . . فإني أود حذاء أحتذيه عاما بأكمله. . . وإني لأحذرك الآن وإلا فسوف يكون مستقرك السجن وإذا لم يبل في مدى عام. . . فسوف أمنحك عشر روبلات نظير ذلك. . .)

فارتعدت فرائص (سيمون) وعجز عن الكلام. . . والتفت إلى (ميشيل) ووكزه قائلاً في همس وحسيس (أنأخذ هذا العمل على عاتقنا؟!) فأومأ (ميشيل) برأسه موافقاً. . . فانفرجت أسارير (سيمون) وسرى عنه همه وجزعه. . . وراح يقيس قدم السيد. . . يتعرف عسيبها ويقدر أخمصها. . . ويسجل ذلك على وريقة تعنيه على صنع الحذاء. . . فلما انتهى من ذلك قال له السيد وهو يجول طرفه في أرجاء الكوخ.

- (لا تجعلها تضيق بقدمي!.). . . فلما وقع طرفه على (ميشيل) قال في تساؤل:

- (من هذا؟!)

- (إنه عامل عندي. . . وسوف يتشرف بخياطة حذاءك) فتحدث السيد الجليل إلى ميشيل قائلا (أنت يا ذا. . . لا يغيب عن بالك أني أود حذاء مريحاً. . . يمكث عندي سنة. . . هه. . . سنة بأكملها!.)

نظر (سيمون) إلى (ميشيل). . . وكان هذا يحدق في ركن الغرفة فوق السيد. . . وقد شرد خياله عما هم فيه. . .

. وكان يحدق. . . ويحدق، وعلى غرة ارتسمت على ثغره تلك الابتسامة العذبة، وأشرق وجهه وأضاء. . . فزمجر السيد قائلا:

- (فيم تحملق أيها الأبله؟! خير لك أن تنظر إلى ما يدر عليك رزقك!.)

فقال سيمون (سيعد لك الحذاء يا صاحب السعادة. . . في الحال. . .) فنهض السيد وهم بالخروج والغضب يحمر في عينيه، واستقر في عربته فانطلقت تجلجل أجراسها. . . فلما اختفت في منعطف الطريق. . . قال سيمون - وما زال الدهش يسيطر على نفسه - (هذا مثال لإنسان جبار. . . لا يقتله المرؤ ولو بمطرقة. . . وأحسب الموت يتخوف من جبروته. . . فلا يمس له جسداً!.) ثم حدث ميشيل قائلاً:

(حسناً لقد أخذنا على عاتقنا أن نصنع حذاء له. . . ولكن ينبغي ألا يكون ذلك سبباً في متاعب جديدة. . إن الجلد لثمين وإن صاحبه لجاد في طبعه. . . فيجب ألا نخطئ معه هيا. . . يا ميشيل، إن عينيك أدق من عيني، ويديك أبرع من يدي، فهاك الجلد، فقطعه حسب المقياس. . . وسوف أخيطه أنا!.)

فبسط (ميشيل الجلد على المقطع ثم طواه طية واحدة. . . وراح يقطعه بالأزميل. . .

كانت (مترونا) ترقبه في عجب ودهش. . . فقد طالما كيف تحذي النعال وأدركت أن (ميشيل) لا يقطع الجلد على طريقة الأحذية. . . بل لشئ آخر لا تعرفه هي، فقالت في نفسها (لعلي لا أعرف شيئاً عن صناعة الأحذية للسادة والأشراف!. وأحسب أن ميشيل يعرف المزيد عنها. . . سوف لا أتطفل عليه!.)

فلما فرغ ميشيل من القطع. . . أمسك بخيط واحد وراح يخيط الجلد - كأنه من الخفاف - لا بخيطين كما تخيط الأحذية فعاد الدهش إلى (مترونا) من جديد. . . غير أنها أمسكت عن تدخلها. . .

ومكث ميشيل يعمل حتى وافت الظهيرة. . . وقام سيمون يلقي نظره إلى ما أتمه ميشيل. .

فلم يلبث أن راعه ذلك وقال في أحيح وعجب: (آه!. كيف تفعل هذا يا ميشيل؟! لقد لبثت معي سنة بأكملها - لم تأت أثناءها بخطأ قط فكيف تقع في هذه الغلطة التي ستوردنا مورد الهلاك!. لقد قال إلينا السيد أنه يود حذاءاً. وها أنت قد جعلت له من جلده الثمين خفاً. . . سوف يثير حنقه علينا. . . وما في قدرتنا أن نأتي بجلد مثله. . . لقد حطمت حياتي يا ميشيل!.)

فما وفيما هو يعلك ألفاظاً من التوبيخ والعتاب. . . حتى سمعوا طرقاً على الباب وأبصروا من النافذة رجلاً يترجل عن جواده ويربطه في حلقة الباب. . . ففتحت له (مترونا). . . وكان ذلك الرجل هو التابع الذي صحب (السيد الجليل) في الصباح. . . فقال لهم: (لقد بعثت بي سيدتي في أمر الحذاء!.) فقال سيمون في جذع:

- (ماذا عن الحذاء؟!)

(إن سيدي ليس في حاجة إليه!. فقد مات.!)

- (هه!. أحقاً هذا؟!)

- أجل. . . لقد دهمه الموت وهو في مركبته!. فلما بلغنا المنزل. . . جاء الخدم يعاونونه. . . فقد حرجت جثته على الأرض كالكيس الممتلئ. . . وقد بعثت بي سيدتي لأقول لكم إن السيد الذي أتاكم هذا الصباح ليس بحاجة إلى الحذاء. . . بل ينبغي أن تعجلوا بعمل خف لجثته. . . كي أحمله إليها الآن.)

فقام ميشيل. . . وضم بقايا الجلد إلى الخف بعد أن مسحه بمئزرته وسلمه إلى الخادم الذي انطلق به قائلا: (وداعاً أيها السادة!. . .)

كرت السنون. . . وها هو ذا ميشيل يعيش عامه السادس مع سيمون وعائلته لم يتحول عما درج عليه. . . ولم يتغير شئ من طبعه. . . لا يخرج أبداً من الدار. . . ولا يتحدث إلا بمقدار ولم يرتسم الابتسامة على شفتيه إلا مرتين لا تثلثهما أخرى. . .

واحدة حينما تفضلت عليه (مترونا) بالطعام. . . والثانية حينما كان يحدق في ركن من الغرفة فوق (السيد الجليل) وكان سيمون على وفاق مع عامله. ولم يسأله يوماً من أين أتى بل كان في خشية من أن يرحل ميشيل عنه. . .

وبينما هم جميعاً في الدار ذات يوم. . . وكانت (مترونا) تضع إناء على النار، والصغار يمرحون في لهوٍ وعبث، وسيمون جالس يخيط حذاء في يده. . . أما ميشيل مستغرقاً في عمله على كثب من النافذة. . .

ووضع أحد الأطفال يده على كتف ميشيل. ونظر من النافذة وصاح قائلاً:

(أنظر. . . يا عم ميشيل، هناك سيدة معها بنتان صغيرتان يظهر أنها تريد دارنا إن واحدة من البنات تعرج في سيرها!) فألقى ميشيل بما معه وسارع ينظر من النافذة إلى الطريق. . . فتعجب سيمون، فما رأى (ميشيل) ينظر يوماً إلى الطريق في هذه اللهفة. . . فدعا ذلك سيمون إلى أن ينظر هو أيضاً كي يستبين ذلك الشيء الذي أثار ميشيل. فرأى سيدة حسنة الهندام تتجه حقاً إليهم وتقود طفلتين عليهما أردية من الصوف وشمائل من الفرو. . . يعجز المرء عن أن يميز إحداهما عن الأخرى إلا تلك التي يعتري ساقها اليسرى شئ من العرج.

وولجت السيدة بطفلتيها الغرفة. . . وقالت في صوت رقيق

- (سعدتم صباحاً. . . أيها القوم الطيبون؟!)

فقال (سيمون):

- (سعدتي صباحاً. . . سيدتي الفاضلة. . . ماذا في مقدورنا أن نعمله لك؟!)

فجلست السيدة على مقعد. . . وقد التصقت بها الطفلتان في خوف ممن في الكوخ.

- (أود. . . حذاءين من الجلد لهاتين الطفلتين، للربيع!. . .)

- (إننا لم نصنع من قبل مثل هذه الأحذية الصغيرة. . . غير أننا قادرون على ذلك. . . إن مساعدي (ميشيل) أستاذ صناع في هذا!.)

وألقى سيمون بنظره إلى ميشيل. . . ليرى أثر الإطراء والثناء عليه. . . فوجد هذا جالساً يحدق في الطفلتين الصغيرتين فانتاب سيمون العجب وتولاه الدهش. . . حقاً كانت الطفلتان جميلتين لهما وجنتان وردية وشعر معقوص وعيون نجل. . . ترتدي كلتاهما ثياباً فاخرة من الصوف والفراء. . . بيد أن سيمون لم يفطن إلى سر تحديق ميشيل إليهما كأنه يعرفهما من قبل!

كان في حيرة من أمره. . . فانطلق يحدث السيدة ويقدر الثمن معها. . وبعد مساومة وإقرار. . . هم أن يأخذ مقياسهما فقالت السيدة وهي ترفع قدماً للبنت العرجاء (إن هذه القدم عرجاء فاعمل لها حذاء على حدة. . . أما القدم الأخرى وقدمي الطفلة الثانية. . . فهي صحيحة متشابهة وحجمها واحد. . . إنهما توأمتان. . .)

فسجل سيمون ما قاسه على وريقة صفراء. . . وقال يحدث السيدة: -

- (ما الذي حدث لها؟! فأصابها بهذا العرج. . . إنها تبدو جميلة. . . أو ولدت هكذا؟!)

- (كلا. . . فلقد حصرت أمها قدمها فالتوى. . .)

فتعجبت (مترونا) وتساءلت من تكون هذه السيدة؟! ومن تكون هاتان الطفلتان. . . فقالت في صوت شاع فيه ما يجول في نفسها من دهش.

- (الست أمها إذن؟!)

- (كلا. . . يا سيدتي الفاضلة. . . لست أمها، ولست إحدى قريباتهما. . . لقد تبنيتهما. . .)

فزاد عجب (مترونا) وهي تقول:

- (ليستا طفلتيك. . . وتحبينهما هذا الحب؟!)

- (ليس لي حيلة في ذلك؟! أطعمهما وأربيهما. . . ولقد رزقني الله ولداً ولكنني احتسبته. . . وما كنت أحسبه مثل حبي هاتين الطفلتين!.

وطفرت من عينها دمعة حارة. . . تألقت في مقلتها. . . ثم لم تلبث أن انحدرت على وجنها. . . فمسحتها في هدوء وحزن فقالت مترونا في أسف وتأثر: -

- (معذرة. . . ما كنت أحسب أن هذا يجلب إلى نفسك الحزن والألم. . . ولكن من هي أم هاتين الطفلتين؟.)

(البقية في العدد القادم)

مصطفى جميل مرسي