مجلة الرسالة/العدد 700/نحو عالم جديد:

مجلة الرسالة/العدد 700/نحو عالم جديد:

ملاحظات: بتاريخ: 02 - 12 - 1946



أندريه مالرو

فنه وتفكيره

للأستاذ علي كامل

لعل من النادر أن نرى بين أدباء الغرب المعاصرين أديباً بمثل روح العصر الحاضر مثل الأديب الفرنسي الشاب أندريه مالرو. وهو من هذه الناحية ومن حيث تأثير فنه على عقلية شباب هذا الجيل الذي نعيش فيه يقف إلى جانب الكاتب الكبير أندريه جيد. إلاّ أن كل منهما يتميز من حيث المشكلة التي يطرقها ويسعى لحلها. فأندريه جيد يكاد يقتصر فنه على معالجة المشكلة الجنسية التي يعتبرها مشكلة المشاكل، بينما يطرق مالرو الشخصية الإنسانية بأكملها، بكامل غرائزها ساعياً لتحديد موقفها في هذا العصر المضطرب الطافح بالانقلابات والتطورات.

كان أندريه مالرو منذ ابتداء حياته الأدبية كاتباً اجتماعياً لا يستطيع أن يتصور كيف يمكن للأديب أن يبتعد عن معالجة مشاكل المجتمع الذي يعيش فيه واتخاذ موقف محدد حياله. كان ألد عدو لذلك النفر من الأدباء الذين اتخذوا من خيانة الفكر مذهباً أسموه (الفن للفن) أو (البرج العاجي) يقبعون فيه غير عابئين بما يدور حولهم من مآسي الحياة ونكباتها حتى بلغ الأمر ببعضهم إلى اعتبار أن مجرد المساس بحقائق الحياة المحزنة الدامية تشويه (لجمال) فنهم!!؟ إن هذه الزمرة من الأدباء في نظر مالرو ونظرائه من الأدباء الاجتماعيين ما هي إلا طائفة من المرائين الذين اتخذوا القلم سلماً للوصول والنفعية، وهم قبل كل شيء يعملون - بوعي أو بغير وعي - لخدمة مصالح الطبقات المميزة في المجتمع الإنساني، وهذه الطبقات لا يهمها معالجة مشاكل الحياة القاسية لأنها لا تعاني ويلاتها بل من مصلحتها - إذا لمحتها في طريقها - التغاضي عنها وتعمد تجاهلها؛ لأن أنانيتها لا تتفق وافتضاح الخلل في المجتمع الذي تعيش على حساب تعاسته، وتصعد قمة المجد على جماجم شهدائه

على أن مالرو لم يقتصر على استخدام قلمه لخدمة المجتمع الإنساني، بل كان يهب كلما سنحت الفرصة ليخدم بقوة السلاح المبادئ السامية التي يؤمن بعدالتها. فلم تكد تنشب ثورة الصين التحررية حتى سافر إليها يعمل إلى جانب جيوش الوطنيين في سبيل المثل الأعلى الذين يدافعون عنه. وعندما قامت الثورة الأسبانية الجمهورية بادر بالسفر إلى أسبانيا ليعمل في جيوش الجمهورية الشابة كطيار مدافعاً عن سماء مدريد الشهيدة. وأخيراً لم تكد تخر فرنسا على ركبتيها عام 1940 صريعة الخيانة حتى عاد مالرو إلى حياة الكفاح العملي فأبى أن يهجر وطنه في محنته وانضم إلى العصابات الفرنسية الداخلية ليكافح الغاصب. وعلى رغم هذه الحياة المضطربة الخطرة لم يهمل مالرو قلمه وهو سلاحه الأول للتعبير عن تفكيره فاشتغل في كتابة قصة طويلة من ثلاثة أجزاء بعنوان: (الصراع مع الملاك) ' وانتهى من الجزء الأول وهو (أشجار التبرج) ' الذي نشر في سويسرا عام 1943

كانت أول أعمال مالرو إصداره كتاباً صغيراً بعنوان: (إغراء الغرب) ' وهو عبارة عن رسائل يقارن فيها الكاتب بين المدنيتين: الشرقية والغربية، ونحس حين قراءتها بألمه وخيبة آماله في مدنية الغرب. وسرعان ما لفت هذا الكتاب الأنظار إلى مؤلفه الذي أحس النقاد بنواحي التجديد في تفكيره وما يختزن في صدره بما يبشر بظهور لون جديد من ألوان الأدب العالمي. وفي عام 1928 ظهر كتاب مالرو الثاني الفاتحون وهو أقرب إلى تحقيق صحفي منه إلى قصة. وفي عام 1931 ظهر كتابه الثالث (الطريق الملكي) وفي عام 1933 أخرج مالرو قصته: (الطبيعة الإنسانية) التي نال بها جائزة جونكور لذلك العام؛ وهي أكبر الجوائز الأدبية الفرنسية.

وتفكير مالرو الذي يسيطر على جميع أعماله يتحدد منذ صدور كتابه الفاتحون ثم يجلو ويبلغ أقصى وضوحه في (الطبيعة الإنسانية). كانت هاتان القصتان حدثاً جديداً في الأدب الغربي إذ لم يسبق أن عالج الفن القصصي مشاكل المدنية الغربية بالطريقة التي عالجها بها مالرو في هذين الكتابين، وسار على نهجهما في كتبه التالية؛ وذلك من حيث التجديد في الفكرة وحرارة الأسلوب وطهارة الإخلاص.

يرى مالرو أن الإنسان منذ فجر التاريخ يميل (بطبيعته) إلى الثورة على الأمر الواقع وتحسين الحالة الراهنة واكتشاف ما يحيطه من المجهول، وكانت الأديان أقوى وسيلة لتهدئة هذا الجموح الطبيعي وإطفاء هذا الغليان الغريزي، وظل تأثيرها قويّ المفعول مدى قرون طويلة وأحقاب عديدة. ولكن الآن والمدنية الغربية قد بلغت مرحلة لا احترام فيها للعقائد ولا مراعاة لسنن الأديان، بل ولا اعتبار للأسس التي قامت عليها هذه المدنية التي أوشكت أن تنهار دعائمها بعد أن طفحت القلوب بالشك في قيمتها. الآن، ما هو موقف (الإنسان) و (النفس الإنسانية)؟ ما هو موقف الفرد الأوروبي أو غير الأوروبي إذا كان من أبناء المدنية الحديثة المتأثرين بتياراتها المتحررين من كل قيد تقليدي؟ يرى مالرو أن الإنسان الجديد يقف أمام أمرين لا ثالث لهما: فإما الاستسلام للأمر الواقع والتردي في هذه الفوضى الغاشمة التي لا ضابط لها ولا حياد فيها؛ وإما التعلق بمثل أعلى لخدمة نفسه وخدمة المجتمع البشرى كما يتعلق الغريق المحتضر بقارب النجاة.

أما الأمر الأول فهو طريق الضعفاء فضلا عن أنه لا يتضمن جمال الإحساس بالقيام بعمل سام جميل. وأما الأمر الثاني فهو الطريق السويّ الطبيعي لذوي النفوس العالية، والإنسانية الواسعة، وهو الطريق الذي اختاره أندريه مالرو لأبطاله مصوراً حياتهم وطريقة تفكيرهم، وضروب تضحيتهم وسمو إيمانهم. فنرى (جارين) في قصة (الفاتحون) و (كيو) في قصة (الطبيعة الإنسانية) شخصيتين من تلك الشخصيات التي لا تستطيع الخضوع لحياة لا غرض لها إلا قضاء أيام متشابهة مملة. فهما يعانيان ذلك المرض الذي لا يختلف كثيراً عن المرض الذي يسمونه مرض القرن والذي - كما يرى مالرو - هو بالنسبة لفئة من الناس مرض جميع القرون. . . إن هذه الدنيا لا تكفيهم. إنها لا قيمة لها إذا لم تمنحهم الفرصة لانفجار كل نواحي الكفاح والنشاط فيهم. إن حياتهم لا مبرر لها ولا قيمة إذا لم يحققوا للإنسانية أفكاراً سامية.

ولما كانت كل مصائب المجتمع الحاضر مبعثها الظلم الاجتماعي وعلاجها إيجاد مجتمع بشري تسوده العدالة الاجتماعية والإخاء الإنساني. لهذا تعمد مالرو اختيار أبطاله من رجال المثل العليا في السياسة والاجتماع. فإصلاح المجتمع في نظره وتسييره في الطريق الذي تفرضه روح العصر هو الأساس الذي بغيره لا يرجى إصلاح في العلم أو الفن أو الأدب أو الأخلاق أو غيرها.

كان (جارين) ثائراً على كل شيء. كان ثائراً على المجتمع، كان ثائراً على الغرب وماديته فهجره إلى الصين حيث الملايين الحاشدة ينشر بينها تعاليمه الاشتراكية ويبين لها حقها في الحياة. كان ثائراً على الدين لأن الأديان في نظره كانت دائماً على مر القرون هي الميناء الذي تهدأ عنده ثورة النفوس البشرية ويخمد جموحها. كانت العزاء والملاذ الأخير لكل منكوب (إذ كيف يمكن لمصاب بالبرَص - كما يقول - أن يستسلم لمصيره ولا يسمم الآبار التي يقترب منها إذا لم يَفِض قلبه بالأمل في حياة ثانية حيث تعوّضه العدالة عن مصيبته وينال النعيم الأزلي؟).

فجارين يريد أن يعيش واقعياً بكل ما في هذه الكلمة من معان. إنه يريد أن يحقق الجنة الأرضية لأنه مثالي يؤمن بالمثل العليا ويوقن بإمكان تحقيقها بالجهاد والتضحية. إنه يستهين بالمخاطر ويواجه الموت إلى جانب الأحرار الصينيين في ثورة كتنفرن راضياً مطمئناً. ومثل شخصية جارين نرى شخصية (كيو) وشخصية الطالب (تشن) في قصة (الطبيعة الإنسانية). هذين الشابين الصينيين اللذين آمنا إيمان المؤمن بدينه بعدالة قضية الصين في جهادها التحريري. هذه الشخصيات الثلاث نراها جميعاً تلقي بنفسها في ذلك المحيط الثوري بقوة عنيفة ودافع خفي مستعذبين كل تضحية؛ لأن المثل الأعلى عندهم دين كسائر الأديان، والدين في حاجة إلى شهداء. ومن ذلك نرى أن أندريه مالرو لا يعتقد أن هناك فرقاً بين هؤلاء المثاليين وأولئك المتدينين الأوائل الذين كانوا يحطمون الأوثان وأقصى آمالهم في الحياة أن يتعذبوا من أجل عقيدتهم الدينية. فتصوير هذا النوع الشائع من الشبان المثاليين المتحمسين هو أهم ما يطبع كتب مالرو بطابع القوة والعظمة.

وللقارئ أن يتساءل لم اختار مالرو حوادث قصته (الفاتحون) و (الطبيعة الإنسانية) في الصين النائية كما ذكرنا. أليس في بلاد الغرب مجال لظهور هذه الشخصيات؟ ألم يجد في غير الصين مجالا لظهور الأبطال وأعمال البطولة؟ إن مالرو العالمي التفكير يتبع النهضات القومية أينما ذهبت. فكما اشترك بنفسه في كفاح الصينيين القومي مما أوحى إليه كتابة قصتيه هاتين، كذلك حارب في صفوف الجمهوريين الأسبان كما عرفنا، وكتب عن الجمهورية الشابة قبل أن تتئدها الرجعية الفاشية كتابه المشهور (الأمل) (1957). لقد وجد مالرو في هذه البلاد الحية بحركاتها الشعبية مجالا خصباً لذلك النوع من الأبطال الذين اختارهم لقصصه. فهو يرى أن العالم الغربي أصبحت تسوده للأسف الوطنية المتعصبة. فالحدود مغلقة، والمادية تطغي على كل شيء، والفردية يلمسها المرء أينما حلّ. فأوروبا الحاضرة في نظر مالرو لم يعد فيها إلا نوعان من الكفاح: الأول كفاح العالِم الذي يفني السنين في اكتشاف علمي وهذا الأمر ليس في متناول غير العلماء المتخصصين، والثاني كفاح رجال الأعمال لتكوين الأموال مما صبغ الحياة كلها بالمادية البذيئة التي لا تعرف الرحمة. أما هناك، هناك في الشرق البعيد حيث ألّف بين الناس البؤس المشترك والشقاء العميم، حيث وحّد بين قلوب الملايين الغفيرة الإيمان القوي والقلق العام والحساسية المرهفة؛ هناك الحقل اليانع لأصحاب المبادئ السامية والمثل العليا الجريئة التي سرعان ما تتشبث بها الجماهير وتتفانى في خدمتها بمجرد إحساسها بأنها طريق الخلاص، واقفة منها موقف المؤمن بدين جديد جاء ليغير حياته ويبعثه بعثاً جديداً.

ولقد كانت في الحرب الحاضرة ومحنة فرنسا مادة غزيرة أمام أندريه مالرو ولدراسة الشخصية الإنسانية في ظروف جديدة وأماكن غير الأماكن التي وقعت فيها حوادث قصصه السابقة. فكتب كتابه الأخير (أشجار التنبرج) وهو كما ذكرنا الجزء الأول من قصة طويلة في ثلاثة أجزاء بعنوان (الصراع مع الملاك).

و (أشجار التنبرج) عبارة عن ثلاثة أقسام: القسم الأول تقع حوادثه في يونية عام 1940 في أحد السجون في بلدة شانز بفرنسا. وفي القسم الثاني يصف الكاتب حياة والده حتى الحرب العالمية الأولى فنعرف منه أن والده ألزاسي المولد بقي في الألزاس حتى عام 1870 ثم عين مدرساً في جامعة استانبول اختير بعد ذلك مستشاراً للجنرال أنور باشا، ثم أُرسل في مهمة إلى أفغانستان وبعد سنين طويلة في تلك البلاد الشرقية يعود إلى وطنه الألزاس حيث يموت والده (جدّ الكاتب) بعد وصوله بفترة قصيرة. وفي الألزاس يشترك في (أحاديث التنبرج) وهي أحاديث تدور على موضوعات معينة في كنيسة قديمة حيث يجتمع تحت زعامة عمه (والتر) نخبة من المثقفين والعلماء والأساتذة من مختلف البلدان، وفي عام 1915 تقوده الحرب إلى جبهة الفستولا، حيث يشترك في هجوم بمساعدة الغازات السامة. وهناك يترك المؤلف والده مغشياً عليه في ساحة القتال؛ منهك القوى أثر المناظر الوحشية التي شاهدها ومن تأثير الغاز. يتركه ليعود إلى نفسه، وعندئذ يبدأ القسم الثالث من القصة فنرى أنفسنا في عام 1939 نصحب المؤلف في سيارته المدرعة حيث يواجه مع رفاقه الموت الحاصد الذي يخرجون منه بأعجوبة فينظرون إلى العالم تحت ضوء فجر جديد لامع، وبعيون جديدة، عيون نسيت الماضي ولم تعد تعرف غير الحاضر.

وهنا تنتهي قصة (أشجار التنبرج) أول جزء من قصة (الصراع مع الملاك).

ومنذ بداية هذه القصة أيضاً في ذلك السجن الموحش المعزول عن العالم الخارجي، نرى أندريه مالرو يعود إلى موضوعه الرئيسي وشاغله الأول في كل ما كتبه وهو (الإنسان). . .

أسمعه وهو يقول: (منذ عشر سنوات لا يشغلني ككاتب غير موضوع واحد هو الإنسان. ذلك هو الموضوع الأساسي في فني). وهذا الشاغل نلمسه يتملك والده أيضاً حين يقص علينا مالرو حياته ويروي لنا (مقابلاته) مع الإنسان، وهي مقابلاته الشخصية مع الموت والقسوة الإنسانية والقدر الغامض. يقول والده: (إن اللغز الأكبر ليس في أنه أُلقى بنا دون حساب بين المواد المتفجرة الغزيرة وبين الكواكب. بل إننا ونحن في هذا السجن كنا نستمد من أنفسنا صوراً قوية لتكذب واقع حياتنا وهو أننا كائنات لا وجود لها) وهذا اللغز هو ما تريد (أحاديث التنبرج) أن تكشفه. فكل المناقشات تدور حول هذه المسألة. هل يمكن إيجاد تحديد معين لمعنى كلمة إنسان؟ (إن الإنسان بمعناه الحقيقي ما هو إلا أسطورة. هو حلم في ذهن المفكر). فما الذي نعرفه عن الإنسان؟ إننا لا نكاد نعرف شيئاً (فحتى الثقافة لا تعلمنا شيئاً عنه. إنها تعلمنا بكل بساطة ماهية الرجل المثقف بقدر ما هو عليه من ثقافة) إننا نعرف فقط (أننا لم نخَيَّر حين ولادتنا وأننا سوف لا نخَيَّر عند موتنا، وأننا لم نختر والدينا، وأننا لا نستطيع شيئاً حيال الزمن، وأن بين كل منا وبين العالم فاصلا معيناً. وعندما أقول إن كل إنسان يحس بقوة بوجود القدر فأنني أقصد أنه يحس - بحرارة ومن وقت لآخر على الأقل - باستقلال الكون عنه وإهمال المجتمع لشأنه).

هذا الإحساس المرير من جانب الفرد بعزلته في هذا العالم مما دفعه إلى التعلق بالقدرة والاستعانة بالخيالات والأوهام لتبرير حياته والرضى بما هو فيه من هو إن هو في نظر مالرو نتيجة تفكك الروابط الاجتماعية في حياتنا الحاضرة، وطغيان المادية على كل اعتبار حتى هانت القيم البشرية، وأصبح الاستهتار بكرامة الإنسان وحياته وتضحيتهما هشيما سهلا في سبيل المآرب الذاتية، أمراً ما أهونه في هذا العصر الذي سماه أندريه مالرو بحق وأطلقه عنواناً لأحد كتبه الخالدة (عصر الازدراء) للمخلوق البشري!

ما القَدر الذي نصادفه دائماً في قصص مالرو؟ هو ذلك الملاذ الغامض الذي يلجأ إليه الإنسان حين يحس بوحشيته في هذا العالم وتتوالى المظالم والنكبات عليه دون أن يعرف لها مبرراً أو تفسيرا. . . فلكي ننتزع الإنسان من استعباد القدرية ونحرر شخصيته ونرد له اعتباره يجب كما يرى مالرو أن نخلق له مجتمعاً واقعياً تسوده قوانين العلم والمنطق؛ مجتمعاً يحس فيه بوجوده ويدرك بين أحضانه أنه يعمل للمجموع ويعمل المجموع له. وهذا المجتمع لا يتحقق إلا بنظام اجتماعي تسوده العدالة والإخاء البشري وتبرز في ظلاله قوى الفرد ونواحي نشاطه لتتسلط بقوة العقل على قوى الطبيعة الغاشمة وتخضعها لخدمة الإنسان بدل أن تخضعه هي لطيشها وعتوها.

وأسلوب مالرو أسلوب حزين، عميق كتفكيره، جامح كفنه الرائع. ذلك الفن الذي يضعه في مقدمة كتاب العصر التقدميين والذي تنبض أرجاؤه بتلك العالمية الواسعة وذلك الهم الذي يحمله فوق ظهره في سبيل الإنسانية وخيرها.

علي كامل