مجلة الرسالة/العدد 714/نقل الأديب
مجلة الرسالة/العدد 714/نقل الأديب
للأستاذ محمد اسعاف النشاشيبي
881 - فلا يسعنا أن نفتي بخلاف ما نعتقده
إعلام الموقعين عن رب العالمين لابن قيم الجوزية:
ليحذر المفتي الذي يخاف مقامه بين يدي الله (سبحانه) أن يفتي السائل بمذهبه الذي يقلده وهو يعلم أن مذهب غيره في تلك المسألة أرجح من مذهبه وأصح دليلا، فتحمله الرياسة على أن يقتحم الفتوى بما يغلب على ظنه أن الصواب في خلافه، فيكون خائناً لله ورسوله وغاشاً له، والله لا يهدي كيد الخائنين، وحرم الجنة على من لقيه وهو غاش للإسلام وأهله. والدين النصيحة، والغش مضاد للدين كمضادة الكذب للصدق والباطل للحق. وكثيراً ما نرى المسألة نعتقد فيها خلاف المذهب فلا يسعنا أن نفتي بخلاف ما نعتقده. فنحكي المذهب الراجح ونرجحه، ونقول هذا هو الصواب، وهو أولى أن يؤخذ به، وبالله التوفيق.
في الأحكام السلطانية للماوردي:
يجوز لمن اعتقد مذهب الشافعي (رحمه الله) أن يقلد القضاء من أعتقد المذهب أبي حنيفة، لأن للقاضي أن يجتهد برأيه في قضائه ولا يلزمه أن يقلد في النوازل والأحكام من اعتزى إلى مذهبه، فإذا كان شافعياً لم يلزمه المصير في أحكامه إلى أقاويل الشافعي حتى يؤديه اجتهاده إليها، فإذا أداه اجتهاده إلى الأخذ بقول أبي حنيفة عمل عليه، وأخذ به، وقد منع بعض الفقهاء من اعتزى إلى مذهب أن يحكم بغيره، فمنع الشافعي أن يحكم بقول أبي حنيفة، ومنع الحنفي أن يحكم بمذهب الشافعي إذا أداه اجتهاده إليه لما يتوجه إليه من التهمة والممايلة في القضايا والأحكام، وإذا حكم بمذهب لا يتعداه كان أنفى للتهمة وأرضى للخصوم، وهذا - وإن كانت السياسة تقتضيه - فأحكام الشرع لا توجيه لأن التقليد محظور، والاجتهاد فيها مستحق. وإذا نفذ قضاؤه بحكم وتجدد مثله من بعد أعاد الاجتهاد فيه وقضى بما أداه اجتهاده إليه وأن خالف ما تقدم حكمه. .
822 - وقدرك خير من وليمة جارك
الأغاني: (قال إسحاق الموصلي) قال لي أبو زياد الكلابي: أولم جار لي يكنى أبا سف وليمة ودعاني لها، فانتظرت رسوله حتى تصرم يومي فلم يأت، فقلت لامرأتي:
إن أبا سفيان ليس بمولم ... فقومي فهاتيِ فلقة من حوارك
فقلت له أليس غيرُ هذا فقال: لا، إنما أرسلته يتيما، فقلت: أفلا أجيزه، قال شأنك، فقلت له:
فبيتك خير من بيوت كثيرة ... وقدرك خير من وليمة جارك
فضحك ثم قال: أحسنت بأبي أنت وأمي، جئت والله به قبلا. . وما ألوم الخليفة أن يجعلك في سماره ويتلمح بك، وإنك لمن طراز ما رأيت بالعراق مثله، ولو كان الشباب يشترى لابتعته لك بإحدى عيني ويمني يدي، على أن فيك بحمد الله ومنة بقية تسر الودود، وترغم الحسود.
883 - المسألة دولية لا دليلية
العلم الشامخ في إيثار الحق على الآباء والمشايخ لصالح بن مهدي المقبلي اليمني (المتوفى سنة 1180):
مثال ما استصغر في الفروع ما فعله الزيدية في عصرنا هذا ولم يكن في أوائلهم، وهو تحريم الفاطميات على من ليس بفاطمي. وجهه الغلو في الرياسة، ولا ينبغي أن يذكر ما تشبثوا به فإنما هو كذب ومخرقة وقد أستدل بعضهم بأن نكاح الفاطمية بمن ليس بفاطمي - بحسب العرف الطارئ - كالهتك لحرمة أهل البيت والوضع من شأنهم فلا يجوز فعله. والتطبيق منذ عصر الصحابة إلى الآن على التزويج بهن في جميع الأرض حتى رأينا وضعاء يترفع عنهم آحاد الناس يتزوجون بالفاطمية ولم يقع استنكار، وإن أردتم، في بقعتكم هذه من جبال اليمن فأما علماء الدين فليس عندهم إلا اتباع الدليل، ولا يستنكرون إلا مخالفته وأما العامة أتباع كل ناعق فإنهم نشئوا في منع الدولة لذلك ودعوى تحريمه وتهويله وظنوه كذلك، فإن المسألة دولية لا دليلية. ثم صرن (يعني الفاطميات) الآن في اليمن يشيب أكثرهن بلا زواج، وتفسد من تفسد، ويتفرع على فساد من تفسد منهن مفاسد أخرى، لأن الرفيع يحاذر مالا يحاذره الوضيع فيقتحم في تستيره نفسه كل هول، وقد علم أن النساء أكثر من الرجال فمن أين لنا فاطميون يقومون بهن؟ وليتهم مع هذا حملتهم النخوة الحمية على القيام بهن وإيثارهن ولكن يعدلون إلى ما يقضي به هواهم من بنات السوقة والحبش! فترى الفاطميات اليوم في اليمن متجرعات لهذه المظلمة مع ما علم من الأمر الشرعي من المسارعة إلى التزويج (إلا تفعلوه تكن في الأرض فتنة وفساد كبير).
884 - وإنما الشأن في الحار جداً والبارد جداً
البيان والتبيين للجاحظ: أنا أقول: إنه ليس في الأرض كلام هو أمتع ولا أنفع. . . ولا ألذ في الأسماع ولا أشد اتصالا بالعقول السليمة. . . من طول استماع حديث الأعراب الفصحاء والعقلاء العلماء والبلغاء. . . إلا أني أزعم أن سخيف الألفاظ مشاكل لسخيف المعاني، وقد يحتاج إلى السخيف في بعض المواضع، وربما أمتع بأكثر من إمتاع الجزل الفخم ومن الألفاظ الشريفة الكريمة المعاني كما أن النادرة الباردة جداً قد تكون أطيب من النادرة الحارة جداً، وإنما الكرب الذي يخيم على القلوب ويأخذ بالأنفاس النادرة الفاترة التي لا هي حارة، ولا هي باردة، وكذلك الشعر الوسط والغناء الوسط، وإنما الشان في الحار جداً والبارد جداً. . .
885 - قاد الجيوش لسبع عشرة حجة
عيون الأخبار لابن قتيبة: قال أبو يقظان: ولي الحجاج محمد بن القاسم الثقفي قتال الأكراد بفارس فأباد منهم، ثم ولاه السند فافتتح السند والهند، وقاد الجيوش وهو ابن سبع عشرة سنة، فقال فيه الشاعر:
إن السماحة والمرؤة والندى ... لمحمد بن القاسم بن محمد
قاد الجيوش لسبع عشرة حجة ... ياقرب ذلك سودداً من مولد
وفي معجم الشعراء للمرزباني: وله يقول زياد الأعجم أو غيره:
قاد الجيوش لخمس عشرة حجة ... ولداته عن ذاك في أشغال
قعدت بهم أهواؤهم وسمت به ... همم الملوك وسورة الأبطال
وكان محمد بن القاسم من رجال الدهر.
886 - . . . وإن أفطر قالوا معذور
نهاية الأرب: قال سعيد بن جبير: لم تر عيناي أجل من فضل عقل يتردى به الرجل؛ إن انكسر جبره، وإن تصدع نعشه، وإن ذل أعزه، وإن اعوج أقامه، وإن خاف أمنه، وإن حزن أفرحه، وإن تكلم صدقه، وأن أقام بين أظهر قوم اغتطبوا به، وإن غاب عنهم أسفوا عليه، وإن بسط يده قالوا: جواد، وإن قبضها قالوا: مقتصد، وإن أشاروا قالوا: عالم، وإن صام قالوا: مجتهد، وإن أفطروا قالوا: معذور. . .
887 - الحلواء، اللوزيتج، القطائف
محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء للراغب الأصفهاني:
قال بختيشوع: الحلواء كلها، حقها أن تؤكل بعد الطعام لأن للمعدة ثوراناً عقب الامتلاء كثوران الفقاع، فإذا صادفت الحلاوة سكنت. وقول الناس: إن في المعدة زاوية لا يسدها إلا الحلاوة على أصله والآكل إذا اشتهى الحلاوة ثم فقدها وجد في حواسه نقصاً.
اللوزينج قاضي قضاة الحلوات.
قيل لبعض الناس: إن التمر في البطن، فقال: إذا كان التمر يسبح في البطن فإن اللوزينج يصلي فيها التروايح.
ألذ شيء على الصيام ... من الحلاوات في الطعام
قطائف نضدت فحاكت ... فرائد الدر في النظام
منومات على جنوب ... في الجام كالصبية النيام