مجلة الرسالة/العدد 725/الكتب

مجلة الرسالة/العدد 725/الكتب

ملاحظات: بتاريخ: 26 - 05 - 1947



الحجاج في الميزان

(تأليف الأستاذ طه عبد المجيد الشيمي)

تاريخنا لم يكتب بعد، وما هذه الكتب التي بين أيدينا إلا مصادر له، على أنها مصادر يصدر عنها الخير والشر، والصحيح والباطل، وسبب ذلك أن علماءنا لم يعنوا بنقل التاريخ. عنايتهم بنقل السنة، ولم يتعبوا أنفسهم في تصحيح إسناده، وتمحيص رواياته كما أتبعوا أنفسهم فيها. وإن التاريخ دوَّن في عهد العباسيين فكان فيه من التحامل على بني أمية خاصة شئ كثير، لا سيما وأن أكثر الطعن فيهم ينقله مؤلفونا المعاصرون عن مثل المسعودي واليعقوبي وهما شيعيان متهمان ببغض بني أمية ولا بد من إعادة كتابة هذا التاريخ من جديد.

وهذا الكتاب محاولة صالحة لدرس حياة الحجاج دراسة أراد المؤلف أن ينصفه فيها ويدفع عنه تهم أعدائه، ففعل ولكنه بالغ في ذلك حتى كان نظره إليه نظره إلى صديق يمدح لا يؤرخ ينقد ويزن.

والكتاب للأستاذ طه عبد المجيد الشيمي من علماء الأزهر في مائة صفحة من القطع الصغير يطلب من دار مجلة الإسلام في شارع محمد علي بمصر.

علي الطنطاوي

معرض الأدب والتاريخ الإسلامي

(تأليف الأستاذ محمد عبد الغني حسن)

قال لي صديقي الأستاذ محمد عبد الغني حسن وهو يقدم إليَ كتابه الأخير أكتب عن هذا الكتاب وانقده ما وسعك النقد.

فقلت له لقد قرأت هذا الكتاب يوم صدر، ولم يكن في عزمي أن أقرأه كله، ولكني ما كدت أقرأ الصفحات الأولى منه حتى مضيت في قراءته إلى آخره، لأني وجد فيه متعة ولذة وسهولة مع براعة الاستهلال وحسن الانتقال، ولا أذكر أني وجدت فيه مآخذ تستوقف النظر. فإن كتبت عنك فلا بد لي من الرجوع مرة ثانية إلى الكتاب لألتمس فيه المغامز التماساً، فلا تكلفني شطاطا.

فقلت كما قال أرسطو: أحب أفلاطون وأحب الحق، ولكن حبي للحق أعظم.

الكتاب يقع في 234 صفحة، وفيه هذه الموضوعات: قصة الأساطيل الإسلامية، ارتياد جزيرة العرب، التجارة الإسلامية على مر العصور، الوزارة والوزراء في الإسلام، مكتبات عربية في الشرق والغرب، دور التحف العربية، الرحلات العربية. . . ثم أربعة عشر موضوعاً خلاف ما ذكرنا، وهذا هو السبب الذي جعل المؤلف يصوغ عنوانه (معرض الأدب والتاريخ الإسلامي).

وأول ما يستوقف القارئ هو هذا العنوان.

هل الإسلامي صفة للتاريخ أم صفة للأدب والتاريخ. إن كانت الصفة للتاريخ فقط فالعنوان صحيح، وإن كانت لهما معاً، فالواجب أن يقال: معرض الأدب والتاريخ الإسلاميين.

ولست حجة في اللغة العربية وقواعدها، ولكن العقل السليم يقتضي ما ذكرت، على الرغم من أن اللغة تتسع لكثير من التخريج والتأويل.

ثم قال في قصة الأساطيل الإسلامية: (ومن العجب أن عمر بن الخطاب الفاتح العظيم، لم يحب ركوب البحر، بل على الضد من ذلك صرف المسلمين عنه. وكتابه إلى معاوية يؤيد هذا، فقد أقسم بالله الذي بعث محمداً بالحق لا يحمل فيعه مسلماً أبداً. وذلك حينما اقترح معاوية وألح في الاقتراح على عمر بركوب البحر وغزو الروم في حمص.

(وعجيب جداً أن يكون هذا موقف عمر من البحر وهو الذي دوخ البلاد فتحاً وغزواً، ولعله أراد أن يركز قوة المسلمين في البر حتى يتهيأ لهم مع الزمن ركوب البحر).

وإذا كان الأستاذ عبد الغني قد اعتمد على هذا النص الموجه إلى معاوية، فهناك نصوص أخرى تفيد هذا المعنى. من ذلك - وأنا أرجع الآن إلى الذاكرة - قول عمر (علموا أولادكم الرماية والسباحة). والسباحة لا تكون إلا بحراً لا براً، وقد قال عمر ذلك في معرض الفروسية وتربية العرب على الحرب والقتال. والذي ينصح بالسباحة لا يمتنع من النصح بركوب البحر.

ومن جهة أخرى لا ينبغي تفسير التاريخ بالنظر إلى وثيقة واحدة. والواقع في المسألة أن الحروب التي قام بها عمر في فارس والشام، ما كانت تقتضي ركوب البحر، ولو أن الله مد في حياته، لفعل كما فعل عثمان بن عفان.

وقال الأستاذ عبد الغني عند الكلام على (التجارة الإسلامية على مر العصور) ما يأتي (وكانت روح الإسلام المتحرجة من التجارة باقية عند الأمويين، ولم تترك لهم المنازعات السياسية والحزبية مجالا للبيع والشراء. فلما جاء العباسيون تغيرت نظرة الناس إلى الأشياء وأصبح التاجر الغني موضعاً للتبجيل والاحترام).

ويبدو كذلك أن هذا الحكم سريع لا يستند إلى الواقع من التاريخ. فالقول بأن المنازعات السياسية والحزبية لم تترك للأمويين مجالا للبيع والشراء، قول يصح بالنسبة إلى الدولة العباسية فقد كثرت فيها المنازعات السياسية والحزبية.

ومهما يكن من شئ فهذه وجهات من النظر في تفسير التاريخ، ولن تجد في التاريخ تفسيراً واحداً.

ولا أحب في ختام هذه الكلمة أن اذكر المواطن التي أعجبتني في هذا الكتاب، وأن أنبه عليها، حتى لا يقال هذه تحية صديق

أحمد فؤاد الأهواني

1 - نظرة العجلان في أغرض القرآن

(تأليف محمد كمال الخطيب المحامي)

إذا كان القرآن الكريم قد ظل على طول القرون مقصد العلماء يتناولونه من سائر نواحيه بالدراسة والبحث، فإن هذا الكتاب يلم بناحية فنية من تلك النواحي إذ قصره مؤلفه الفاضل على البحث في وحدة الموضوع في السور وتناسب الأغراض بين الآيات، وعلى هذا تحدث عن جميع سور القرآن مبتدئاً بفاتحة الكتاب حتى بلغ النهاية، وهذا الذي عناه المؤلف مما تناوله المفسرون ورجال البلاغة ولكن في مواضع متفرقة وفي مناسبات استطرادية. فكان من الفضل للمؤلف أن جعل من ذلك وحدة شاملة هي موضوع كتابه النافع وإن كان قد اضطر إلى إجمال الكلام إجمالا لا يشبع.

أما مؤلف هذا الكتاب فهو الأستاذ محمد بك كمال أحمد الخطيب المحامي ومدير مجلة التمدن الإسلامي التي تصدر بدمشق، وهو معروف بصدق الغيرة الإسلامية، وليس كتابه هذا إلا مظهراً من مظاهر هذه الغيرة الكريمة، ولا شك أن كتابه بما له من جلالة الموضوع سيقع عند القراء موقع الرضا والتقدير.

2 - ألغاز الحياة والموت

(ترجمة الأستاذ علي عبد الجليل راضي)

الخلق. الروح. البعث. الذرة. الأثير. الأحلام. الضمير، هذه الموضوعات التي تتصل بعالم الكون وعالم الإنسان قد حيرت الأفهام وأرهقت عقول العلماء على أنها لا تزال مورد التساؤل والاستفهام، ومبعث الحيرة والارتباك.

ولقد أحسن الأستاذ الفاضل علي عبد الجليل راضي إذ عني بنقل ما كتبه العلماء الأخصائيون في هذه الموضوعات وما وصلوا فيها من آراء هي نتيجة الدراسة العميقة والخبرة التي تقوم على مدلول التجربة ومنطق العقل، كما أحسن إذ عني بتبسيط المسائل المعقدة وشرح الاصطلاحات الغامضة، فجاء كتابه هذا ثمرة طيبة في الإفادة بالموضوعات العلمية والتعريف بهذه الناحية التي لا تزال مجهولة من الشبان وطلاب المعرفة.

محمد فهمي عبد اللطيف