مجلة الرسالة/العدد 749/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 749/البريد الأدبي

مجلة الرسالة - العدد 749
البريد الأدبي
ملاحظات: بتاريخ: 10 - 11 - 1947



الشيخ محمد عبدة والطير الأبابيل:

أقول (تعليقاً على المقال القيم (القرآن النظريات العلمية) للأستاذ الكبير العقاد): إن الأستاذ المرحوم الشيخ محمد عبدة لم يقل بأن الطير الأبابيل هي جراثيم الأمراض التي اكتشفت على يد (باستور) وما هذا إلا رأي شاعت نسبته إلى الشيخ محمد عبدة منذ أن هاجمه جماعة من العلماء وعدوا له زلات من جملتها هذا الرأي الذي نسبوه إليه في تفسير سورة الفيل وأخذوا عليه فيه أنه قد ابتدع في التفسير آراء خرج بها على معاني العربية وأساليبها التي نزل بها القرآن ويفهمه بها العرب الخ. ثم عزا الكثيرون هذا الرأي في تفسير الطير الأبابيل إلى الشيخ محمد عبدة دون رجوع إلى كلام الشيخ نفسه رحمه الله في تفسيره لجزء عم الذي هو مرجع القضية.

والواقع أنه رحمه الله بعد أن نقل بعض الروايات التفسيرية غير الثابتة في بيان طريقة انهزام أصحاب الفيل بالطير الأبابيل، وقول بعضهم إن الطير كانت تلقي الحجارة الصغيرة كالعدس فتقع الواحدة على رأس الرجل من جيش أبرهة فتخرج من دبره قال الشيخ محمد عبدة رحمه الله ما خلاصته أن الشيء المروي في التاريخ هو أن جيش أبرهة تفشى فيه مرض الجدري وقضى على معظمه وبدده وتلك الروايات المغربة غير ثابتة، والقرآن في غنى عن تفسيره بها، فالمنهج السديد أن يجمع بين القدر الذي حكاه القرآن من الخوارق وبين الروايات التاريخية، بعد أن تبين أن مرض الجدري وغيره من الأمراض السارية ينشأ عن عوامل حية هي الجراثيم المسماة بالميكروبات.

وإذا علمنا أيضاً أن الطير في اللغة كل ما يطير بجناحيه كبيراً كان أو صغيراً كالذباب والزنابير فإن المناسب في تفسير السورة أن يقال: إن الله تعالى أرسل على جيش أبرهة نوعاً من الطيور تحمل حجارة صغيرة ملوثة بجراثيم حمى الجدري من مكان موبوء بها هدى الله هذه الطير إليه فكانت تلقيها على الجيش فتفشى فيه الجدري من هذه الحجارة الموبوءة بجراثيم المرض.

وبذلك يجمع بين ما حكاه القرآن العظيم وبين الواقع التاريخي، ويكفي لبيان قدرة الله تعالى ونقمته مع التعليل بسبب طبيعي معقول.

فالشيخ رحمه الله لم يفسر الطير الأبابيل بالجراثيم، وإنما أفاد أن الحجارة التي حملتها الطير كانت ملوثة بالجراثيم، أما الطير فطير بالمعنى اللغوي غير أنها لا يعرف نوعها.

وبهذه المناسبة أذكر أن من جملة ما يشاع الآن من آراء عن الشيخ محمد عبدة رحمه الله أنه ينكر وجود الجن الذين جاء القرآن معلناً وجودهم، أو أنه يؤولهم بالجراثيم وغير ذلك، وكثير من الطاعنين يأخذون هذا من الألسنة ثم يناقشون به مع حملهم إياه على الشيخ رحمه الله على أنه رأي صريح له في تفسير سورة الناس كما ينسب إليه اليوم لغرض ما أنه يرى ويقول بأن قصص الأمم الغابرة التي حكاها القرآن إنما هي تمثيل فني مخترع للعظة ولا تدل على واقع تاريخي!!

وقد اشتملتني وبعض هؤلاء قديماً مناقشة حول الشيخ رحمه الله ولما قلت لهم إنه لا يفسر الطير الأبابيل بالجراثيم المرضية ولا ينكر وجود الجن عدوا هذا الزعم مني مخالفاً للحس الظاهر أو دفاعاً غير مشروع حتى أتيتهم بتفسير جزء عم الذي يستندون إليه فقرؤوا بأنفسهم تفسير الشيخ رحمه الله لسورتي الفيل والناس فهتوا وقد كانوا زعموا أنهم إنما يتكلمون عن اطلاع على كلامه، فلم يسعهم بعد ذلك إلا أن يقولوا أنهم لم يفهموا كلامه، وإنما وهموا من نظرة فيه سريعة غير منعمة.

على أنه لا ينبغي أن يتوهم من كلامي إنني أعد الأستاذ الكبير العقاد من هذه الفئة، فهو في نظري - كما هو في الواقع - ذلك المحقق المجلي الذي لا يشق له غبار ولا نزال ننتفع وستنتفع الأجيال من قلمه، ولكن لعله اعتمد في قضية الطير الأبابيل على رواية أحد نسب ذلك إلى الشيخ محمد عبدة أخذاً مما أشيع عنه واشتهر.

مصطفى أحمد الزرقا

الفرق بين سنة وعام:

جاء في مقال الأستاذ علي الطنطاوي (من شوارد الشواهد) المنشور في عدد الرسالة 746 الصادر في 20 أكتوبر سنة 1947 - السنة الخامسة عشرة، صفحة 1144 ما أعيد نقله هنا بالحرف الواحد وهو (يخلط الناس في الاستعمال بين العام والسنة، وهما مترادفتان ولكن ليس في اللغة كلمتان بمعنى واحد - انظر في كتاب الصاحبي وكتاب الفروق اللغوية - ولا بد من اختصاص كل لفظة بشيء لا تدل عليه الأخرى.

فالسنة في الأصل للشدة والقحط والعام لليسر والرخاء - اقرأ آيات سورة يوسف - والسنة عند العرب مرادفة الشدة والبلاء تقول أصيبوا بالسنين وأصابتهم السنة ومن تتبع كلام العرب وجد ذلك مستفيضاً وقد نبه عليه شيخنا المغربي في الرسالة من أمد بعيد). انتهى كلام الأستاذ الطنطاوي ومن تتبع الكتب يجد

1 - إن السنة لأي يوم عددته إلى مثله فقد يدخل فيه نصف الشتاء ونصف الصيف. وأما العام فلا يكون إلا صيفاً وشتاء - ذيل الفصيح ص4.

2 - وقد نقل محمد عبد الجواد ذلك في الصفحة 21 من كتابه البحاثة اللغوية.

3 - الفرق بين العام والسنة أن العام كالسنة لكن كثيراً ما نستعمل السنة في الحول الذي يكون فيه الشدة والجدب. ولهذا يعبر عن الجدب بالسنة، والعام لما فيه الرخاء والخصب.

وقيل سمي السنة عاماً لعوم الشمس في جميع بروجها والعوم السباحة. ويدل قوله تعالى وكل في فلك يسبحون. ص161 فروق حقي.

4 - العام أربعة فصول من السنة كاملة متوالية. يبدأ من أول أحدها ويدوم إلى مثله من القابل. وأما السنة فتبدأ من أي يوم اتفق إلى مثله من القابل فربما بدأت من بعض الفصول لا من أوله. وعلى هذا فالعام أخص من السنة فكل عام سنة وليس كل سنة عاماً. مجلة الضياء لليازجي 7 ص353.

5 - وبعبارة أخرى أن العام هو السنة كاملة تبدأ من أول فصل من فصولها. فإن لم تبدأ من أحد الفصول فلا تسمى عاماً بل سنة وحولا كتاب مغلط الكتاب للأب جرجي جنن البولسي. هذا ما يحضرني الآن من فوارق بين السنة والعام.

عمان

أحمد الظاهر

القاضي في محكمة الاستئناف

إلى الأستاذ (خلف الله):

في مقال لك في (الرسالة) طلبت إلى القراء وكل ذي رأي الاشتراك في موضوع الجدال حول رسالتك (الفن القصصي في القرآن) ولما كانت الرسالة - أعني رسالتك - محجوزة في يد الحاجزين للنظر، فقد صار من اللازم الحتم - لإشراك القراء معك - جوابك على هذين السؤالين، وهما:

1 - هل تعتبر القصة القرآنية (فناً) من الفنون كالقصص الفنية في هذا الزمان؟

2 - هل تنكر (واقعية) القصص في القرآن، وأنها - كما قال الأولون - من أساطير الأولين؟

وبجوابك على السؤالين يصح النقاش، وينحسم - من بعد - الجدال، ولا جدال.

(الزيتون)

عدنان أسعد

إنجلترا في مرآة حافظ:

تحية فقد اطلعت في العدد رقم 747 من مجلتكم الغراء على

مقال (إنجلترا في مرآة حافظ) وفيه يشيد الأستاذ الكاتب

بوطنية حافظ الصادقة، وعدائه للمحتل البريطاني وعميد

البريطانيين في مصر بما أورده من شعر حافظ، ولست أدري

إذا ما كان الأستاذ البيومي قد اطلع على ما كتبه الأستاذ

محمود محمد شاكر بعنوان: (أوطان) بمجلة الكتاب وفيه يقطع

بأن حافظاً إنما كان يمالئ البريطانيين وعميدهم وأنه لم يكن

وطنياً صادقاً في شعره.

وإذن فلا مناص من أن يبين لنا كل من الأستاذين وهما من كتاب (الرسالة) وجهة نظرهما الصادقة في هذا الموضوع. ونحن في الانتظار، والسلام عليكم ورحمة الله، أحمد محمد حلمي

إلى رحمة الله:

نُعي إلى الرسالة، وهي على المطبعة الشاعر العالم الرواية البليغ الشيخ أحمد الزين.

ولئن عقدت روعة المفاجأة اللسان، وحبست لوعة الرزية القلم، وضاق المجال اليوم عن قيام الرسالة بواجب الوفاء للصديق، والتأريخ للأديب، فلن تضيق صفحاتها غداً إن شاء الله.

رحم الله الفقيد، وعوض على الأدب ما خسر بفقده، وعلى البيان ما خسر بمعناه.