مجلة الرسالة/العدد 752/ربيعي في قلبي. . .

مجلة الرسالة/العدد 752/ربيعي في قلبي. . .

ملاحظات: بتاريخ: 01 - 12 - 1947



للأستاذ حسين محمود البشبيشي

أضاءت زماني نشوةً ومكانيا ... حياةُ المنى رفّت بقلبي أغانيا

ربيعي في قلبي ونفسي وخاطري ... أسير به حياً. . . وأحياه هانيا

طريقي أعطارٌ تضوعُ ... تشيعُ وطير طاف بالسعد شاديا

وحولي من معنى الربيع أزهار ... وفي النفس عطرُ الزهر قد فاض صافيا

وقد كنت قبل اليوم أسوان شاكيا ... وقد كنت قبل اليوم لهفان باكيا

وقد كنت قبل اليوم وهماً مشرداً ... إلى أمل يُمسي ويُصبح كابيا

إذا أشرقت في الأفق أنوار بُغيتي ... رجعت وفي عيني من الليل ما بيا

فمن ذا الذي أحيا رمادي والذي ... أضاء زماني نشوةً ومكانيا

فعدت كما أهوى. . وتهوى مشاعري ... ترف بعينيَّ الحياةُ أمانيا

ربيعك يا أبن الشعر قد لاح فانطلق ... ربيعاً. . . وفجّر بالنشيد دمائيا

ففي الروح موجٌ من نعيمٍ تفجرت ... ينابيعه سعداً. وفاضت تهانيا

تطالعك الأيام. . . وهي بواسم ... ويا طالما مرت عليك ماسيا

وترنو لدنياك البشائر حيَّة ... وقد كنت في دنيا البشائر فانيا

وحولك جنّات فقم وانطلق بها ... حياةً وإحساساً وشعراً مواتيا

لدنياك. يا روح الربيع مشاعري ... تفيض قصيداً طاهراً اللحن ساميا

من الأمل البسام في جلوة المنى ... يبدد يأسي. . . أو يقبل عثاريا

من الدوح فيناناً، من الزهر عاطراً ... من النور فتّاناً يُضيء طلاميا

من الروضة الخضراء، من جنة الربى ... من البلبل الشادي، من النهر جاريا

من الظل والأنوار والزهر والشذا ... من الحب , , , من روحي وطهر فؤاديا

أصوغ لك الأشعار يا جنة الدنا ... تُضي زماني نشوةً ومكانيا!

إذا رفّت الأعطار حولي. . . تفتّحت=أزاهير نفسي واستنارت سمائيا

وأحسست أني صرتُ روحاً يقودهُ ... ويلهمه الأسرار وحْياً نقائيا

أحس دبيب العطر في الزهر قبلما ... تحس به الأزهار نشوان ساريا وأسمع همس اللحن في كل نغمة ... وأدركه نعسان في الطير خافيا!

كأن بنفس عالمٌ لا يحدُّه ... كيانٌ ولا تحدُوه بالحسى ذانيا

أكاد أرى بالروح ما كان خافيا ... وأدرك بالإلهام ما كان نائيا

تساميت عن دنيا الرغائب وانتهت ... حياتي. لآفاق تسامت معانيا

وآمنت حتى خلت أني نبضة ... بقلب الدنا قد باركتها صلاتيا

وأدركت أني والربيع يقودني ... أسير بأعماق الحياتين هاديا!

فتلك حياةُ الناس تنساب خدعة ... توارت ولكن أراها كما هيا

وتلك حياةُ الروح من طهر مهجتي ... تُضيء ضميري عفةً وكيانيا

ينادمني منها سموٌّ ونشوةٌ ... ويسكرها مني الحنين الذي بيا

حميمي لأعماق الحياةِ وسرها ... وإني لأحياها هُدى وتساميا

فبارك حياتي يا ربيع وطف بها ... على نبعك الفياض واسكب حياتيا

ربيع المنى، يا جنة الناي، يا صدى ... لأنشودة الفردوس يهتز شاديا

ربيع المنى، يا جنة العمر، يا سناً ... من الله، يا هدياً يُضيء الدواجيا

زمانك أضحى فرحة سرمدية ... ودنياك أحيت يا ربيع البواليا

وسهلك غذته الحياة، وأرضعت ... ورباك الصوادي فاستحالت مغانيا

أرى روحك النشوى تألق في الربى ... ظلالا. . وأنواراً. . وخمراً. . وساقيا

فيا حانة الأزمان! لا تنسي أنني ... وكأسي في كفي أتيتك ساعيا

فإن أنت لم تغمر حياتي نشوة ... لديك. . . فلا ذنب على ولاليا

وحسبك أني جئتك اليوم شاديا ... نعم واسقني واشرب وبارك شرابيا!

فلي فيك شعر طاهر الخمر خالد ... أضاء زماني نشوةً ومكانيا

حسين محمود البشبيشي