مجلة الرسالة/العدد 76/كلمة وكليمة

مجلة الرسالة/العدد 76/كلمة وكليمة

ملاحظات: بتاريخ: 17 - 12 - 1934


2 - كلمة وكليمة

للأستاذ مصطفى صادق الرافعي

رب قانون تحكم به أمة؛ ولو أنهم حاكموه لاعتبروه كالشروع في قتل هذه الأمة

إذا كان القاضي صاحب دين وذكاء وفهم وضمير؛ فكثيراً ما يرى نفسه محكوماً عليه أن يحكم على الناس. . . .

أصبحت الأخلاق الشرقية في هذه المدينة الفاسدة كمرقعة الفقير المعدم، حيث لا تجد رقعة لا بد أن تجد فتقا. . . .

أضيع الأمم يختلف أبناؤها. فكيف بمن يختلفون حتى في كيف يختلفون. . . .؟

من مضحكات السياسة إنشاؤها أحزابا يقوم بعضها كما تغرس الخشبة لتكون شجرة مثمرة. . . .

يأتي الغرور من ضعف النظر إلى الحقيقة؛ لو أن للنملة عيناً وسئلت عن الذبابة كيف تراها؟ لقالت هذا فيل عظيم. . . .

في الضرورات السياسية لا يحفل أهل السياسة أن يصدقوا أو يكذبوا فيما يعلنون إلى الناس؛ ولكن أكبر همهم أن يقدموا دائماً الكلمة الملائمة للوقت

إذا كانت المصلحة في السياسة هي المبدأ؛ فمعنى ذلك أن عدم المبدأ هو في ذاته مصلحة السياسة

ليس الفقر اختلالاً في الناس؛ إن الفقر على التحقيق هو اختلال في القوانين

معنى فرض الزكاة في الشريعة الإسلامية أن أفقر الصعاليك في الدنيا له أن يقول لأعظم ملوك المال: قدم لي دفاترك. . .

مثل مذهب الاشتراكية في وهم توزيع المال، ومذهب الإسلام في الزكاة، مثل رجلين مر أحدهما بغريق يختبط في اللج، فاستغاثة الغريق، فنظر فإذا حبل ملقى على الشاطئ، ولكنه صاح بالهالك: أنت والله في نفسي أكبر منزلة من أن أخرجك بالحبل فأنا ذاهب أبحث لك عن زورق. . . . ومر الثاني فألقى له الحبل فنجا

التمدن والفقر كصاحبين معا ذي رجلين وأعرج يمشيان في طريق؛ كلما انفسحت خطوات الأول زادت عثرات الآخر التلسكوب العظيم في استكشاف معاني الحب قد يكون دمعة

ينظر الحب دائماً بعين واحدة، فيرى جانباً ويعمى عن جانب؛ ولا ينظر بعينيه معاً إلا حين يريد أن يتبين طريقه لينصرف. . . .

تتكبر المرأة على كل ما يشعرها بضعفها؛ فمن هنا تبلغ المرأة آخر كبريائها في أوائل حبها

إذا صاحبت عاشقاً فليس لك أن تبدأه كلما لقيته إلا بأحد سؤالين: ما هي خرافتك اليوم؟ أو ما هي حماقتك اليوم. . . .؟

متى نظرت المرأة إلى رجل تعجب به كانت نظراتها الأولى متحيرة قلقة غير مطمئنة؛ معناها: هل هو أنت؟

فإذا داخلها الجب واطمأنت جاءت نظراتها مسترسلة متدللة، متأنثة، معناها: هو أنت

لا يضحك الحيوان إذ كان لا يفهم إلا فهماً واحداً؛ ويضحك الإنسان لأنه حرم هذا الفهم الواحد. أهو البلاء وعلاجه؛ أم النعمة وبلاؤها؛ أم هذا مرة وهذه مرة؟

لا يكثر الضحك إلا الأبله الذي يفهم الشيء فهما يمسخه شيئا آخر؛ وإلإ العامي الفارغ الذي لا يفهم الأشياء إلا ممسوخة؛ وإلا الفيلسوف الساخر المركب في طباعه من الفيلسوف والأبله والعامي. . .

يمنع الهم ونحوه من الضحك إذ كانت هذه حقائق صريحة في النفس لا تفهم أبداً على وجهين

لا تكون امرأة معشوقة رجل إلا وهو يراها وحدها النساء جميعاً؛ ولا يكون رجل معشوق امرأة إلا وهي تراه وحده كل الرجال. فالحب وحدانية لا تقبل الشرك، ومن ههنا يتأله

يولد المولود من رجل وامرأة ولن يكون من ثلاثة؛ ولهذا لن يكون في الحب الصحيح ثلاثة أبداً

قد تحب المرأة رجلين، أو يحب الرجل امرأتين، ولكن هذا ليس حباً، إن هو إلا كبر في العربة جعلها تحتاج إلى جوادين. . .

لعل من حكم الحجاب في الإسلام أن العشق إذا انتهى إلى الزواج فقلما يكون إلا تمهيداً لولادة إفراط عصبي في قوة أو ضعف أو بلادة أو. . أو رذيلة

ابن المرأة العجوز عجوز حتى في الطفولة، وابن الشابة شاب حتى في الكهولة؛ فيا ضيعة الإنسانية من تأخير الزواج!

أكثر النساء على نصف الذكاء الساحر في الرجل ينبغي أن يكون في عقله، ويكون النصف الآخر في البنك. . .

عندما ما تكون الساعة هي ساعة انتظر الشيء المحبوب، يكون قلب المنتظر من زحمة الدقائق كالذي يشق طريقاً زاحمه الناس فيه

الذليل في رأي الحب من إذا هجرته المرأة كان هجرها إياه عقوبته، والعزيز في رأي الجب من إذا هجرته المرأة كان هجرها إياه عقوبتها

اليوم الذي يكون قلبياً محضاً يبقى له دائماً باق لا ينتهي؛ ولهذا لا يزال الحب الطاهر كأنه في بقية من أوله مهما تقادم

لا يعرف الطفل تاريخه من الزمن وما فيه، ولكن من بيت أهله ومن فيه؛ فأمس واليوم وغدا هي كلها عنده أمس الذي يكبر شيئا فشيئا. . . ابن الطفولة إنما هو ابن حالة من حالات الحياة لا ابن زمن، وهذا سر السعادة

يالها عجيبة! إن الصوفي إذا فاز في حبه الإلهي رأى نفسه باقياً في الزمن بلا بقاء يعلمه، وفانياً عن الزمن بلا فناء يشعر به؛ وذلك بعينه ما يراه العاشق إذا خاب في حبه الإنساني. . .

الفرق بين كاتب متعفف وبين كاتب متعهر أن الأول مثقل بواجب، والآخر مثقل به ذلك الواجب. . .

كانت الشفقة هي الأصل في كل موضع استهزاء فما تستهزئ إلا بخطأ أو ضعف أو عجز؛ ولكن شعور الحيوان بقدرته على حيوان آخر، أو بانتصاره، أو بامتيازه؛ هو في الإنسان أصل ذلك الاستهزاء

كما يضر أهل الشر غيرهم إذا عملوا الشر، يضر أهل الخير غيرهم إذا لم يعملوا الخير

طنطا

مصطفى صادق الرافعي