مجلة الرسالة/العدد 768/من ديوان (الشرق)

مجلة الرسالة/العدد 768/من ديوان (الشرق)

ملاحظات: بتاريخ: 22 - 03 - 1948



موت فنان

للأستاذ حسن كامل الصيرفي

رثاء فنان مسجى على فراش الموت وقد سكن كل شيء في الليل إلا من نحيب الباكين من حوله وقد حمل الأثير على أجنحته صدى صوته في أغنية من أغنياته

غناؤك العذْبُ الظلامْ ... يرنُّ في مِسمع الزَّمن

وأنت في قبضة الحِمامْ ... كالحُلم في قبضة الوَسنْ

أَأَنتَ يا صامتاً تؤوبْ ... أيامُه للمَدى البعيدْ

الصادحُ المرقصُ القلوب ... الساحرُ الفاتنُ النشيدْ؟!

أَأَنت. . .!؟ لا. . . أَنت غيرُه ... فأين لي شدوُكَ الجميلْ؟

قد فارَق العُشَّ طيرُهُ ... وهام كالحائر الضَّلُول

كم خيم الحُزنُ في رحابكْ ... ونام في ساحك الرنينْ

تمزَّقُ الليلَ بانتحابكْ ... وتُرعِشُ النجمَ بالأنين!

يا مُغرقَ الكون في الأغاني ... الكونَ يشتاقُ للهَزارْ

غرقتَ في لُجَّة الزمان ... فهل تعمقت للقرارْ؟

هجرتَ ألحانك العِذاب ... وعِشتَ في صمتك الحزين

تجرَّع اليأسَ والعَذابْ ... وتشربُ السُّقمَ والمنون

أأنت من حرَّك النفوس ... بصوته الساحر لرؤوم؟!

أأنت من أرقص الكؤوس ... أأنت من أرَّق النجومْ؟!

أأنت. . .؟! لا. . . أنت غيرُه ... فأين لي صوتُك الحنون؟

قد بانَ لِلَّيل فجرُه ... وأنت مُستلم الجفون!

أصمتك الموحشُ الكئيب ... يا هاتف الأمس سُخريَةْ

بعالَمٍ مُغرم يذُوبْ ... على ترانيم أُغنيهْ؟

قد غالك السُّقم واستبدْ ... وأنت في ميْعَة الشَّبابْ

سلمتَ قيثارة الأبدْ ... لجاهل لحنُه اضطراب يطوف في ساحك القدر ... مُجعَّدَ الجبهة اكتئابا

يضمُّ من كوبك الزَّهَرْ ... ويَحطمُ الفنَّ والشَّبابا

قد خفَّ في صمتك المنون ... برُوحك الحيَّة الصَّدى

فمتَّ في الليل. . والسكون ... يكفكفُ الطلَّ والندى

غناؤك العذبُ في الظلام ... يرنُّ في مسمع الزَّمن

وأنت في قبضة الحِمام ... كالحُلم في قبضة الوَسنْ

حسن كامل الصيرفي