مجلة الرسالة/العدد 791/فصيلة المخلوقات الخبيثة
مجلة الرسالة/العدد 791/فصيلة المخلوقات الخبيثة
للأستاذ نقولا الحداد
لقي أحد معارفي أحد أفراد أسرتي ونصح له أن ينصح لي بالعدول عن الكتابة في الصهيونية، وكانت نصيحته تتضمن شيئاً من التهديد. ولهذا الصديق علاقة مالية مع يهودي. فهو إذن تحت رحمته، واليهود لا يعرفون الرحمة. ويلوح لي أنه يريد من هذه النصيحة أن يستعطف شريكه، حتى إذا فعلت النصيحة فعلها حسبها ذلك اليهودي خدمة جليلة. . . وما تعلم صاحبنا حتى الآن من علاقته بذلك اليهودي أنه لو سفك دمه لأجل خاطره لما حسب هذا السفك إلا واجباً لا يكافأ عليه إلا بأن يجعل جثته عند عتبة داره مداساً لنعليه.
لا يعلم صاحبنا أن هذه الفصيلة من المخلوقات الحية ليست من جنس البشر ذات قلوب رقيقة وعواطف شريفة وضمائر حية حتى تقدر المعروف حق قدره. إنما هي بلا ضمير ولا عاطفة ولا قلب ولا إحساس ولا شرف - فصيلة الأحياء الخبيثة.
وقد بلغ اللؤم من هذه الفصيلة أن جازت إنكلترا المغفلة على وعد بلفور جزاء سنمار. وكلنا يعلم حوادث بغيهم ولؤمهم من مقتل اللورد موين، إلى خطف القاضي من المحكمة، إلى صلب الضابطين البريئين اللذين خطفوهما، إلى غير ذلك من رذائلهم مع أسيادهم الإنكليز من غدر وخيانات الخ. ففصيلة كهذه لا تحسب حساباً للمعروف والفضل.
وفيما كان الناس يستغربون استخذاء الإنكليز لليهود في فلسطين كان اليهود في مصر وغير مصر يقولون: لا تعجبوا. فإن الإنكليز يخافوننا مضطرين إلى احتمال عدواننا برغم أنوفهم.
والآن إذا ذكرنا أمام يهودي أو يهودية أن اليهود المعتقلين عندنا يعاملون معاملة أفضل مما لو كانوا في منازلهم قال لك:
وهل تجسر الحكومة أن تعاملهم إلا أفضل معاملة؟
لا عجب، لأن ما نحسبه نحن إنسانية في معاملتهم يحسبونه هم واجباً محتوماً، لأنهم لا يفهمون معنى الإنسانية والشرف والضمير.
ألا فليعلم العرب أنه لو قامت لهذه الفصيلة الحيوانية قائمة لصاروا جميعاً أذل من العبيد لها! أليس أفضل للعرب أن تسفك دماؤهم في حرب شريفة من أن يسفكها هؤلاء الأنذال؟ أو ليس أشرف للعرب أن ينهزموا في حرب تكون الدول الكبرى فيها نصيرة لهذه الفصيلة الطاغية من المخاليق؟.
يتهددني هؤلاء الأنذال بعد أن عجزوا عن إغوائي بالأموال لكي أكف عن فضح سرائرهم وشجب تعاليمهم في كتبهم. فليعلموا أني لن أبقى في الحياة إلى ذلك اليوم المشئوم الذي يستتب فيه أمرهم، إن استتب لا سمح الله، لكي ينتقموا مني. وليفهموا أني لم أذكر إلا الحقائق الصريحة عن غايتهم وتاريخهم ومقاصدهم مما هو واضح في ثوراتهم وتلمودهم.
وما كانت هذه الثورة الصهيونية إلا سبباً في كشف مساوئ هذه الفصيلة من المخلوقات والعالم كله يشهد الآن غدرها وخيانتها وخبثها. كم مرة تزيوا بزي الضباط الإنكليز لكي يخدعوا العرب ويغدروا بهم؟ وكم مرة تزيوا بأزياء العرب ليغشوا العرب! وأمس تزيوا بزي رقباء هيئة الأمم لكي يحتلوا مركز الصليب الأحمر وعمله إنساني محض كما هو معلوم. إن جميع أفعالهم في الحرب والسلم غش وخداع وغدر. والعالم يشهد الآن حقيقة أخلاقهم التي لم يعودوا يستطيعون سترها. لم يعد هؤلاء الذئاب يستطيعون أن يتزيوا بجلود الحملان.
لقد انفضح أمرهم حتى للأمريكان الذين يستنصرون بهم، وشرع هؤلاء منذ الأمس يسخطون على ترومان الغبي الذي حملهم تحت إبطه وهو يتوهم أنه يتأبط حملاناً وديعة. لقد انفض الأمريكان عن ترومان. وسيفشل ترومان في الانتخابات. وحينئذ يعرف العالم أجمع أن من يناصر اليهود فاشل لا محالة. وبذلك تحبط كل دعابة يهودية على وجه الأرض.
ولسوف يندم الأمريكان الذين ناصروا اليهود على العرب وهو قليلون. وسيقولون حقاً: (لقد أسأنا للعرب بمناصرة اليهود) إذ يشعرون أن وطأة مساوئ اليهود في بلادهم أثقل عن وطأة أبالسة الجحيم. وسيعانون في طردهم من بلادهم ما عانى الألمان من قبلهم وما يعاني الإنجليز الآن.
هل يعلم القراء أنه مكتوب على أبواب بعض الفنادق الأمريكية: (ممنوع دخول اليهود والكلاب إلى هذا الفندق)، ذلك لأن فريقاً من البشر لم يعودوا يطيقون ثقل هذه الفصيلة الحيوانية التي ليس لها من البشرية إلا الوجه واللسان دون الروح والجنان.
لقد اتضح لكل ذي عينين أن هؤلاء المخاليق لا يقيمون وزناً للعهد ولا للشرف ولا للإنسانية ولا لهيئة الأمم ولا لمجلس الأمن، وجامعتنا العربية سامحها الله لا تزال تتمسك بصدق الوعد وشرف الكلمة في حين أنه لا هيئة الأمم ولا مجلس الأمن ولا برنادوت يحسبون هذه المحمدة للعرب ولا يقيمون لها وزناً.
وما رقباء هيئة الأمم بأشراف كلمة وأطهر ذمة من هؤلاء اليهود. فقد صرحوا أمس بكل وضوح أن اليهود هم الذين احتلوا دار الصليب الأحمر متنكرين في أثواب الرقباء وشاراتهم وقد أرسلوا هذا الإقرار إلى برنادوت. واليوم يقولون لقد تيقظنا صباحا فإذا في الدار عرب ويهود، فلا ندري من دخلها أولاً! فانظر المكر الذي ليس بعده مكر! هل يدخل العدوَّان معاً!.
وإذا علمنا أن بعض هؤلاء الرقباء يهود أمريكيون فلا غرابة في هذا النفاق. وقد سأل بعض الصحفيين العرب أحد الرقباء: هل هو يهودي؟ فأجاب نعم إني يهودي، ولكننا لم نأت بهذه المهمة باعتبارنا يهوداً. بل أمريكيين فتأمل هذا الكلام الفارغ أو اللغو البارد.
أيها العرب! إن سياسة: (أحسنوا إلى من أساء إليكم) لا تنفع شيئاً مع هذه الفصيلة الحيوانية حتى ولا مع جماعة الدول، فإن كنتم تنوون خلاصاً من هذه الكارثة فلا تسألوا عن هدنة مفروضة عليكم فرضاً، وقد فرضها اليهود لكي يستغلوها لأنفسهم. فافتحوا عيونكم وانظروا ما أمامكم.
نقولا الحداد