مجلة الرسالة/العدد 792/شاعرة مصرية

مجلة الرسالة/العدد 792/شاعرة مصرية

ملاحظات: بتاريخ: 06 - 09 - 1948



مهداة إلى (الأستاذ العباس) بمناسبة قوله في (عدد الرسالة

784): هل عندنا شاعرات.

شمس الدين السخاوي المؤرخ النقاد للقرن التاسع الهجري أفرد جزءاً خاصاً من تاريخه (الضوء اللامع لأهل القرن التاسع) لتراجم النساء في الشرق، ومنه أنقل بإيجاز ترجمة الشاعرة المصرية فاطمة ابنة القاضي كمال الدين محمود بن شيرين: ولدت بالقاهرة سنة 855، ونشأت فتعلمت الكتابة وما تيسر، وتزوجت الناصري محمد بن الطنبغا، واستولدها ابنتها فاطمة وغيرها، ثم مات عنها، فتزوجها العلاء علي بن محمد بيبرس حفيد ابن أخت الظاهر برقوق، فاستولدها بيبرس، ولاحظ لها في ذلك مع براعتها في النظم وحسن فهمها وقوة جنانها حتى كانت فريدة فيما اشتملت عليه. وقد حجت سنة 884 سنة حج الملك، ثم سنة 886، ثم سنة 894 وجاورت في هذه بجوارنا، ثم في سنة 898 مع ابنها وجاورا في التي تليها.

ومما كتبت به إلى من نظمها بعد مجيء الخبر بموت أخوي:

قفا واسمعا مني حديث أحبتي ... فأوصاف معناهم عن الحسن جلت

تجمعت الخيرات فيهم وقد حبوا ... من الله مولاهم بأعظم منة

وأما التي أدعو لها الله دائماً ... فآمنة فيكم لآخر مدة

وإن كرهت من حادث الدهر فرقة ... فجنة عدن بالمكاره حفت

أثابكم ربي وأعظم أجركم ... على فقد أحباب وأحسن جيرة

كرام سموا علماً وحلماً وسوددا ... وكنتم بهم في غبطة ومسرة

قطعتم لذيذ العيش وصلا بقربكم ... فوا أسفا عند الفراق وحسرة

نعم هكذا أيدي المنية لم تزل ... تفرق إخواناً على حين غفلة

فكرر لذكراهم على السمع ربما ... به سيدي عن رؤية العين أغنت

فهم في سويداء الفؤاد وإن نأوا ... ومنزلهم مني مكان سريرتي

لهم برسول الله إذ ذاك أسوة ... أثابهم الله الجزاء بمنة

وإن أفلت تلك البدور التي زهت ... فها شمس دين الله خير ذخ هو العالم الحبر الإمام الذي له ... بفضل علوم شهرة أي شهرة

فليس له في حضرة غير منحة ... وليس له في خلوة غير خلوة

فأنتم خيار الناس حقاً بلا امترا ... فديتكم من كل سوء بمهجتي

حماكم إله العرش من كل حادث ... لتنفع بالآداب كل الخليقة

بحق نبي جاء للخلق رحمة ... محمد المبعوث من أرض مكة

عليه صلاة الله ما هبت الصبا ... وتحمل أشواقي إلى نحو طيبة

وكتبت إلي بغير ذلك، ومنه وقد بلغها عن بعضهم كلام:

يا سيداً ما له مثيل ... من في المهمات أرتجيه

ماذا ترى في امرئ خبيث ... يحسد ذا سودد عليه

فاسمع كلام امرئ لبيب ... لجاهل رام يزدريه

ما ضر بحر الفرات يوماً ... لو خاض بعض الكلاب فيه

ومنه حين طالعت كتابي (ارتياح الأكباد) لتتسلى عن بنت أثكلتها، سائلة عن شئ من الأبيات التي أوردتها فيه فقالت:

يا إماماً قد حاز علماً وفهماً ... وله في الورى محاسن جلت

ما رأي الشاعر اللبيب بقول ... جرح القلب والدموع استهلت

فاصطبر وانتظر بلوغ مداها ... فالرزايا إذا توالت تولت

لم أطق سيدي بلوغ مداها ... ضعفت قدرتي لذلك وكلت

أخبروني عن نطقه ببيان ... نلت أجراً ورتبة قد تعلت

ثم كتبت إلى سائلة أيضاً:

يا أيها الحبر وبحر الندى ... يا حافظاً نقل حديث قديم

يا منحة في دهره لم يزل ... ممتدحاً من كل (فاء وميم)

يا غاية الآمال يا منيتي ... يا من به أضحى غرامي غريم

يا شمس دين الله يا من غدا ... بكل علم في البرايا عليم

ويا سخاوي يا إمام الورى ... من خصه الله بعلم جسيم

أسألك يا شيخ شيوخ النهى ... ومن ثوى في فيه در نظيم فيمن أناها عائق عاقها ... عن أمل صارت به في حميم

قيامها إذ ذاك يا سيدي ... بين مقام زمزم والحطيم

في ليلة أخبرنا أنها ... يفرق فيها كل أمر حكيم

يا من فتاواه إذا أبرزت ... يكاد ذو فهم بها أن يهيم

يهنك شعبان الذي قدره ... ما زال عند الله قدر عظيم

بجاه من أسرى به في الدجى ... وهُو للمولى كليم نديم

صلى عليه الله طول المدى ... ما ناح قمري بصوت رخيم

وكتبت إلي بلغز في اسمي ونسبي في 25 بيتاً أوله:

ألا يا إمام الناس يا أوحد الورى ... ويا من حوى كل العلوم ولم يزل

ثم بلغز آخر في اسم (محمد) أوله:

يا مفرداً علومه مجمله ... وعالماً مولاه قد جمله

وقالت بديهاً في الزين سالم:

أيا سيداً عم الخلائق بره ... وإحسانه فرض تضاعف لازم

أعن سائلا يأتيك والدمع سائل ... ولا تخشى من سوء فإنك (سالم)

ذلك، وفي (نزهة الجلساء في أشعار النساء للسيوطي): عائشة الإسكندرية المعروفة بزهرة الأدب، دار محلها يعرف بالروض، ولها شعر. . .

أسامة