مجلة الرسالة/العدد 799/الجمال النائم
مجلة الرسالة/العدد 799/الجمال النائم
للأديب محمد محمد علي السوداني
مّرْقد حفته أمال ظماء ... رفت الفتنة فيه والصفاء
وتمشي في دمائي نشوة ... حلوة الهمس وأحلاماً وِضاء
شاد في أعماق نفسي معبداً ... أفرغت أسرارها فيه السماء
فاض منه الطهر وإستذرت به ... مهج حيرى بها جاش الرجاء
سجد الدهر على أعتابه ... خاشع السجدة مهموس الدعاء
رعشة الهيمان في محرابه ... تفعم الدنيا نزوعاً وبكاء
كونه الصوفي روض حالم ... ساحر النضرة نشوان الجواء
خالد البهجة فجرى الرؤى ... في الربيع الطلق أو برد الشتاء
كله حسن وشوق ضارع ... وأمان ظمئات ودعاء
وظلال رقصت أحلامها ... تحت سوق الدوح رمز الكبرياء
وفراشات طراب نهلت ... من رحيق الزهر صرفاً ما تشاء
قبست من لونه ألوانها ... ونضت في حانة ثوب الرياء
فهي شَرب ممعن في غيه ... وهي زهر طائر ملء الفضاء
خضرة المرج غناء عطر ... في فم البلبل مشبوب الغناء
وهدير الماء شكوى عاشق ... وحفيف الروح أنغام الوفاء
عالم كالوهم إلا أنه ... عالم الحسن بأفق الشعراء
ترتمى فيه الأماني زورقاً ... مشرق الطلعة جذاب الرواء
زفه اللحن إلى شط الهوى ... فتهادى في عباب من ضياء
مرت الأحقاب في موكبه ... تنهب المجداف نهباً في خفاء
قرت الظلماء في آفاقه ... وتغشتها سيول من ذُكاء
لست تدري أصباح غارق ... في شفوف الغيم أم ذاك المساء
أيها النائم رفقاً أننا ... لهفة حيرا وأنضاء شقاء
ما لنا في الحسن إلا وحيه ... ومجانيه لقوم سعداء أصرف الأغراء عني مشفقاً ... واحجب الفتنة عنيّ بالرداء
محمد محمد علي السوداني