مجلة الرسالة/العدد 814/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 814/البريد الأدبي

ملاحظات: بتاريخ: 07 - 02 - 1949



عود على بدء:

بين الأستاذ أنور المعداوي وبيني خلاف حول (إنسانية محمد) مرجعه إلى أن الأستاذ لا يقر التعليل الذي علل به الأستاذ العقاد مواقف النبي الإنسانية؛ وهو أنه إنما وقف هذه المواقف لأنه أكبر من أن يلقي الأمور لقاء الأنداد، وأعذر من أن يلقاها لقاء القضاة، وأخبر بسعة آفاق الدنيا التي تتسع لكل شيء بين الأرض والسماء، لأنه يملك مثلها آفاقاً كآفاقها هي آفاق الروح.

فالأستاذ المعداوي يرى أن هذا التعليل ينطبق على الرجل العظيم دون الإنسان العظيم؛ لأنه يجعل النبي صاحب طبيعة خلقية تنبع فيها الرحمة من منابع العظمة النفسية. بينما يرى أن مصدر الرحمة عند الإنسان العظيم هو (الضعف الإنساني) لا العظمة النفسية.

وأنا أخالفه في هذا لأني لا أجد تناقضاً بين العظمة النفسية والعظمة الإنسانية، بل إن الأولى في رأيي لازمة للثانية. لأن الإنسان العظيم الذي يرحم في غير مواضع الرحمة إنما يفعل ذلك لأنه يربأ بنفسه أن يقصر رحمته على مواضعها، شأن الرجل العادي ذي النفسية العادية.

وينصب الخلاف من ناحية أخرى على قول العقاد (أن النبي لا يكون رجلاً عظيماً وكفى بل لا بد أن يكون إنساناً عظيماً) فإذا كان الأستاذ المعداوي لم يقصد بتعليقه عليه سوى قوله (إن اشتراط الإنسانية لنبوة محمد أمر لا داعي لإثباته، لأن محمداً كان إنساناً بأدق معاني الكلمة قبل أن يبعث رسولاً إلى الناس)، إذا كان لم يقصد سوى هذا فأني أخالفه فيه أيضاً. فهل كون النبي إنساناً عظيماً قبل نبوته يمنع من اشتراط الإنسانية له؟ ما دخل إنسانية ما قبل النبوة هنا؟ إننا بصدد تبيين خصائص النبي، فلا يكفي أن يكون رجلاً عظيماً، بل يجب أيضاً أن يكون إنساناً عظيماً. هذا ما قاله العقاد. فما معنى دفعه بأن لا ضرورة لاشتراط الإنسانية للنبي لأنه كان إنساناً قبل أن يكون نبياً؟ هل الإنسانية قبل النبوة تمنع من جعلها من خصائصه بعد النبوة؟؟

وبعد، فهذه كلمة (عجيبة!!) أخرى، ولكنها الأخيرة، أبعث بها للأستاذ المعداوي مع تحياتي.

محمد محمود عم المحامي

ما أكثر ما يخطئ الكتاب والشعراء المعاصرون في العربية.

قال الشيخ جمال الدين بن هشام الأنصاري في كتابه (مغني اللبيب): (قط) على ثلاثة أوجه (أحدها) أن تكون ظرف زمان لاستغراق ما مضى، وهذه بفتح القاف وتشديد الطاء المضمومة في أفصح اللغات. وتختص بالنفي؛ يقال ما فعلته قط، والعامة يقولون لا أفعله قط، وهو لحن. واشتقاقه من قططته أي قطعته؛ فمعنى ما فعلته قط: ما فعلته فيما انقطع من عمري، لأن الماضي منقطع عن الحال والاستقبال.

وقال عميد الأدباء في كلمته المنشورة بعدد الرسالة رقم 813 بالصفحة رقم 152:

(وما أعرف أني بايعت شاعراً أو كاتباً قط، وما أظن أني سأبايع شاعراً أو كاتباً قط). وقال أيضاً في كلمته المذكورة:

وما أكثر ما يخطئ الشعراء والكتاب المعاصرون في العربية

وقلت أنا: لقد حق القول قوله والسلام

(الروضة)

محمد فؤاد عبد الباقي

رواية بيتين:

نشرت الرسالة الغراء بالعدد 807 قطعة من فرائد الشعر للأستاذ الشاعر إبراهيم الوائلي بعنوان (أيها العابرون) جاء فيها هذا البيت:

موجة إثر موجة تترى ... كجبال قد اقتلعن اقتلاعا

وصدر هذا البيت ينقصه (وتد مفروق) قبل قوله (تترى)، إذ أن البيت من بحر الخفيف وكذا في البيت:

وقلوباً من الحديد تشظت ... فاكتسحت قوة وجلت صراعا

زيادة في التفعيلة الأولى من عجزه. وهذه هنات لا تغض من قيمة القطعة ولعلها من آثار التطبيع (فرشوط)

عبد الفتاح حماد

بالمدارس النموذجية

ابن المقفع وكليلة ودمنة:

قرأت في العدد 806 من مجلتكم الغراء مقالة الأستاذ محمد رجب البيومي (الصداقة في رأي ابن المقفع) كان لها أثر كبير في نفسي، وقد لاحظت أن الأستاذ الفاضل يعرض أفكاره ثم يعقبها بشواهد من كتاب (كليلة ودمنة) وينسبها إلى ابن المقفع مع أن الكتاب المذكور - كما يخبرنا التاريخ - ليس لابن المقفع فيه غير الترجمة. أما مؤلفه وصاحب ما فيه من الآراء والأمثال والحكم، فهو (بيدبا) الفيلسوف الهندي الكبير.

هذا ما عن لي، فأرجو إن كنت على حق نشره لأرى رأي الأستاذ صاحب المقال فيه. فلعل عنده من العلم ما نجهله عن كتاب (كليلة ودمنة).

(المدينة المنورة)

محمد العامر الرميح

1 - مكتبة الكيلاني للأطفال:

أخي الكاتب الكبير الأستاذ كامل كيلاني

تحية طيبة مباركة. وبعد، فإني لا أحاول في هذا الخطاب الموجز أن أصف كل ما يخالج نفسي من تقدير بالغ لأدبك العالي وبيانك الرفيع، أو أن أصور فضلك على الأدب والشعر والتاريخ

وماذا أقول في وصفك وقد أجمع العظماء والكبراء، واتفق فحول الكتاب والشعراء على فضلك، والإشادة بعظم ما قدمت لرجال أمتك (وأطفالها) من أدبك، لا أريد أن أتزيد اليوم بالكلام عن فضلك وما سبق من عملك. وإنما أتحدث في عبارة موجزة عن المجموعة النفيسة المسماة (مكتبة الكيلاني للأطفال) تلك التي جعلتها لتأديب الأطفال وتثقيفهم وضمنتها الخيال البعيد والفكر السديد، والحيل الغريبة، والمحاورات المفيدة، وزينتها بالحكم الغالية، والفلسفة العميقة، والفكاهة الحلوة، والنادرة المستملحة، وغير ذلك من الأغراض التي يرمي إليها كبار علماء التربية في هذا العصر، والتي يجب أن تحملها كل كتب التربية، كل ذلك في معرض مشوق أخاذ. والتشويق أنجع دافع إلى القراءة والانتفاع بما في الكتب والأسفار، يستوي في ذلك الكبار والصغار، أما طبع هذه المجموعة والشكل والعرض والأسلوب والصور التي تزينها، فهي كذلك مما لا يكاد يوجد مثله في مطبوعات أخرى.

وإذا كان لي من قول أذكره لأخي بعد تجارب تقرب من أربعين سنة قضيتها في الدرس والتحصيل، فهو اعترافي بأنك قد وفقت أعظم توفيق في إخراج هذه المجموعة النفيسة التي بدت تختال في هذا الشكل الرائق والموضوع الفائق، وأستحثك على أن لا تني في الاستزادة منها ليدوم النفع وتستمر الإفادة.

وإني تلقاء هذا العمل الجليل أتوجه لأخي الكريم بالتقدير العظيم على ما بذل ويبذل من جهد وتعب في سبيل تثقيف الناشئين وغير الناشئين، وبالشكر الجزيل على سائر الممالك الأدبية والعلمية التي أخرجتها وتخرجها كل يوم لنفع الناس أجمعين.

أعانك الله وأدام توفيقه لك، ومتعك بكمال الصحة وموفور العافية. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

(المنصورة)

محمود أبو ريه

2 - من طرائف حافظ إبراهيم:

كان المويلحي الكبير إبراهيم بك المويحلي يمدح الإنجليز ويثني عليهم، أما حافظ إبراهيم فكان يمقتهم ويثلبهم، ومما قال في ذلك:

وحبيب لي عزيز ... وهو في حرز حريز

ليته يحتل قلبي ... كاحتلال الإنجليز

وفي مجلس بمنزل عبدة الحمولي في سنة 1898 حضره الكاتبان الكبيران الشيخ إبراهيم اليازجي وابن أخته الشيخ نجيب الحداد أنشد حافظ إبراهيم - وكان حينئذ ضابطاً بالجيش - هذين البيتين:

يا ساهر الليل هل للصبح من خبر؟ ... إني أراك على شيء من الضجر

أظن ليلك قد طال الوقوف به ... كالقوم في مصر لا ينوي على سفر

فطرب اليازجي طرباً شديداً، وبخاصة لقوله (على شيء)، وشهد لحافظ بالشاعرية.

(م. أ)

استدراك سهو:

جاء في نقدنا لكتاب (عالم الذرة) للأستاذ نقولا الحداد والمنشور في العدد الماضي من الرسالة الغراء أن:

الكتلة السرعة=العزم، والصحيح أن الكتلة السرعة=الدفع. وإنا نستدرك هذا السهو مع الاعتذار للقارئ

كامل محمود حبيب