مجلة الرسالة/العدد 855/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 855/البريد الأدبي

ملاحظات: بتاريخ: 21 - 11 - 1949



تعبير جزل وليس فيه مجانية:

(يا ابنة الله) (ويا عين الله) تعبيران وردا في مناجاة الأستاذ الراعي للشمس في العدد 840 من الرسالة. . . وإذا كان لي أن أعقب بكلمة لذينك التعبيرين من الرائعين فإنما الدافع لذلك كلمتان للأستاذين الفاضلين دسوقي حنفي وثروة أباظة. . في الأول سؤال للتبيين. فصاحبها يطلب ما غمض عليه وأعجم من التعبير خدمة للحقيقة والأدب كما يقول. وفي الثانية استنكار لهذا التبيين (بعد أن أوضحه الأستاذ الراعي في العدد 847 من الرسالة) فصاحبها هو الأستاذ ثروة يقول: قلم شط في التعبير وكان الله غفوراً رحيماً. . . ويسترسل في استنكاره مستغفراً ربه لهذه اللغة طالباً منه الهداية والتوبة والرحمة. . . ويبدو لي من ثنايا كلمته أنه أراد أن يتوكأ على هيكل التفسير للأستاذ الراعي ليتسنى له الأصل الممثل في التعبيرين السالفين. مهما يكن الأمر غير ذلك فقد يكون الأستاذ ثروة محقاً فيما يذهب إليه ويستنكره إلى حد ما إذا نظرنا إلى الأمر من زاوية واحدة ونعني بها المنطقية في متناولها السهل القريب التي تعتمد بها على المألوف وحده. ولو حومنا طويلاً وبذلنا المجهود في التعبير وأعملنا الفكر والخيال إن أردنا التحليق في أفق المعنى البعيد فيستبان ما لم يكن ليدركه العقل إذا أقتصر على أفقه المحدود للحكم الأول على الأشياء لما همّ بنا العجب إذ اتأدّت لنا (يا ابنة الله) - وهي موضع الخلف مع زميلتها الأخرى - أو بمعنى يا نفحة من الله ويا شعاعاً من عظمته وآية من قدرته وعملً من معجزاته واستخراج ذهن إلهيّ جبار. . . ألسنا نعبر عن إنتاج الأديب والفنان بقولنا (هذا من بنات أفكاره؟) فلا تعني سوى المبتكر المستخرج من مصنع الفكر ومستودع الذهن ومنبع الإلهام. . فما أقمن الشمس أن تكون من بنات الله المصنوعة المخلوقة من قدرته وإرادته. جل شأنه في الخلق والإبداع والتكوين. . ففي هذا المجال الممرع الفسيح يسهل التعليق ويلين التبيين وينظق المستغلق. . . وإذا قلنا إن الله واحد لم يلد ولم يولد كما عبر الأستاذ ثروت فالمعنى بعيد عما نحن بسبيله. ويكفي أن تفهم ما يعنيه الكاتب ويهدف إليه وإذ ذاك يبطل العجب. أما أن الشمس عين الله في المعنى الآخر فلست أقول في مجال التعليل واستنهاض المجاز إلا أنها عين الحقيقة. والحقيقة هي الله. وكذا يقولون ولك ما تشاء بعد ذلك من تمحيص وتح واستقصاء للمعنى السامق الجليل.

(السويس)

محمد عبد الرحمن

حضرة صاحب التعليقات:

قرأت في العدد 844 من مجلة الرسالة بحثاً للأستاذ عبد المنعم عبد العزيز المليجي بعنوان الفلسفة الصامتة، وقد أثار انتباهي قوله: بعد أن أنها كلامه عن بوذا وفلسفته التي استوحاها من تلك القصة التي عبرت: إن الحياة أعظم الشرور وأن الخير يقضي بالتحرر منها، كما أنه قال إن هذه القصة ترمز إلى فلسفة الهند الزاهرة في الحيات المتعلقة بالروحانية: هي عين الفلسفة التي يعبر عنها سليمان الحكيم في الكتاب المقدس. وهنا أتساءل كيف قال الأستاذ المليجي إن فلسفة بوذا هي التي عبر عنها سليمان الحكيم. وكيف يكون هذا مادام بوذا يدعو إلى التخلص من هذه الحياة التي قال عنها إنها أعظم الشرور، وهل يدعو إنسان عاقل إلى التخلص من شر إذا علم أنه سيعود إليه فيما بعد؟

ومن خلال دعوته تظهر اللهفة على التخلص من هذه الحياة كما إنها تظهر من خلال كلماته أن الحياة أعظم لشرور. ومن هذه اللهفة يفهم المرءأنلا عودة إلى هذه الحياة إن خلص منها، وبما أنه لا عودة إليها تنتهي فلسفته إلى الجمود.

وأن سليمان الحكيم يقول في الكتاب المقدس: إن ما كان سوف يكون وما حدث سوف يحدث، وليس تحت الشمس من جديد. هل هناك شيء نستطيع أن نقول عنه، أنظر هذا جديد؟ كلا!

إذن. سليمان يقول أن الحياة تعيد دورها والتاريخ يعيد سيرته من ماض إلى حاضر، ومن حاضر إلى ماضي فكل ما يراه الناس جديد يستمد حياته من الفناء كطبيعة الكون في الفصول الأربعة تنتقل من فصل إلى فصل.

ما دام بوذا يقف بفلسفته عند الروحانية وهي الرتبة العليا لأبناء الدنيا، وسليمان لا يقف عند حد، بل الحياة مستمرة في دوراتها تعيد الماضي إلى الحاضر وبالعكس، فلا يمكن أن يقال إن فلسفة بوذا هي نفس الفلسفة التي عبر عنها سليمان الحكيم في الكتاب المقدس.

وإن كلمة (عين الفلسفة) هي التي جعلتني أكتب إلى صاحب التعقيبات مستفهماً عن هذه القطة أملاً أن يغنيني عن السؤال عنها ثانياً، وله الشكر سلفاً.

اللازقية - سوريا

محمد بدر

إلى وزارة المعارف

في كتاب (المطالعة العربية) ص4 المقرر هذا العام على طلبة السنة الرابعة الابتدائية ترجمة للأمام الشافعي، وقد جاء فيها ما نصه: (وفي سنة خمس وتسعين ومائة من الهجرة سافر إلى بغداد أيام الرشيد فرحب به علماؤها) (ص35 مطبعة بولاق سنة 1949).

ولقد أجمعت كتب التاريخ على أن الرشيد توفى سنة ثلاث وتسعين ومائة من الهجرة، فكيف تكون سنة 195 هـ في أيام الرشيد؟

هذا وقد ألف الكتاب لوزارة المعارف ليدرس في مدارسها رسمياً - الأساتذة إبراهيم مصطفى بك، ومحمد عطية الأبراشي، وعبد المجيد الشافعين والدكتور عبد الوهاب عزام بك، وحامد عبد القادر، وراجعه الأساتذة الدكتور طه حسين بك، والدكتور أحمد أمين بك، ومحمد أحمد جاد المولى بك.

فهلا غيرت وزارة المعارف هذه العبارة مصححة إياها بما يتفق وحقائق التاريخ المجمع عليها؟ أو تبين لنا المصدر التاريخي الذي أعتمد عليه أساتذتها المؤلفون والمراجعون فيما تضمنته العبارة المنقولة؟

محمد خليفة التونسي

إلى الأستاذ أحمد شفيق حلمي:

قرأت ما كتبته في (الرسالة) العدد 854 تحت عنوان (الوفاء المذبوح) فأكبرت قوة الأسلوب ومتانة العبارة ورقة المعنى ودقة المبنى ولطافت الجوهر وحسن الحبكة؛ وما إن بلغت قولك في الفصل الرابع عندما سقطت سهام على الملاءات البيضاء: (هل تذبل الورود وهي تختال بين المروج) لم استسغ هذا التعبير - لأن الموقف حينئذ يبرن عليه الحزن والكدر، ويخيم عليه الانزعاج والكآبة والدهشة من هول ما حدث؛ ففي هذا الموقف، موقف المرء وهو يرى ميتاً يحتضر أمامه - بل بين ذراعيه - في هذا الموقف يفزع الإنسان إلى ربه أن يسلط عليه نوراً يبدد حريته، ويسكب في قلبه ضياء يوقظه من غمرته! لا ليقول عبارة هي إلى الغزل أقرب من تعزية النفس وحريتها؟!

وكيف يكون (وحيد) مجنوناً يحب عروسه وشريكته، ثم يفقدها في غمضت عين بين ذراعيه ليلة العرس؛ أنه يصرخ كالأطفال، ويولول كالنائحات - إلا ليظهر مكنون قلبه - وفقكم الله.

الزقازيق

سعيد عبد الراضي حجازي