مجلة الرسالة/العدد 881/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 881/البريد الأدبي

ملاحظات: بتاريخ: 22 - 05 - 1950



الشيخ محمد رفعت

حدثني رجل ذو مكانة أنه بصر بالمغفور له الشيخ محمد رفعت يتقاضى أكبر أجر تقاضاه مرتل للقرآن الكريم، فقد دفع له أحد أعيان الصعيد خمسمائة جنيه لقاء إحياء ليلة واحدة في أسيوط. وهذا المبلغ - فيما نحسب - أكبر مبلغ حصل عليه أحد مرتلي القرآن.

ولم يكن الشيخ رفعت يعنى بالمال عنايته بالحفاظ على كرامته؛ فخلافاته الكثيرة مع إدارة الإذاعة الحكومية إنما كان مردها أن الإذاعة تفضل عليه فلاناً أو فلاناً في المكافأة أو في عدد مرات الإذاعة، فكان الرجل ينسحب محتجاً في سكون، وتقوم من خلفه قيامة الرأي العام، فتضطر الإذاعة إلى استدعائه من جديد!

وكانت الإذاعة تضيف إلى اسم الشيخ محمد رفعت لقب (الأستاذ) ثم حذفته، ولما قيل لها في ذلك أجابت بأن بقية المرتلين في الإذاعة طالبوا بمثل هذا اللقب، فلم تجد بداً من حذفه من إمام القراء.

ولم يبتئس الشيخ رفعت إلا يوم أحس بالفواق يحبس صوته الندي الحنان في تلك الحنجرة الذهبية فلا يعود إلى الانطلاق، ولم يشعر أحد بمحنة الرجل العظيم إلا في صيف العام الماضي، وكل ما استطاع الناس أن يفعلوه أن جمعوا له مبلغا قارب ألفاً من الجنيهات، رده إليهم لم يمسسه سوء. وما كان الرجل - علم الله - على خصاصة موارده في حاجة إلى المال، وكل حاجته أن يعود صوته الندي إلى الانطلاق، وهذا ما عجز عنه الناس!

وبعد، فسوف نرتقب طويلاً حتى يجود علينا الزمان (بمحمد رفعت) جديد، فقد كان - أجزل الله مثوبته - من الأفذاذ الذين لا يجود بهم الدهر إلا على رءوس الأحقاب، فيا طول حزننا على رجل أدخل إلى القلوب حلاوة الإيمان، وجعل من تلاوة كتاب الله فناً من الفنون التي يتطاول إليها الإنسان!

منصور جاب الله

حجة العلماء على الزعماء

جاءتنا هذه البرقية من صاحب الفضيلة الأستاذ حبيب الع مفتى الموصل ننشرها بنصها:

أيها المسئولون عن شرف العروبة والإسلام وعن فشلها إزاء أشد أعدائهما اليهود أو ذل الأمم وأنذل الأقوام إنما يغسلون عار الفشل بالاتحاد وننذ الأنانية والأحقاد، وبإزاحة الستار عن الأسرار بين بريطانيا وأمريكا منذ تمزقت إمبراطورية الوعود والعهود إلى دويلات وصار بأسنا بيننا ولا فرق بين أبطال الرواية لويد جورج وتشرشل وآتلي البريطانيين وروزفلت وترومان الأمريكيين. اقرؤوا كتاب التجربة والخطأ لحايم وايزمان قطب الصهيونية ومذكرات بطرس الناسك أعني الحاج عبد الله فيلبي سمسار الصهيونية لتعرفوا الدسائس والمؤامرات التي مزقت شمل العرب وكانت إحدى ضحاياها فلسطين منذ بضع وعشرين سنة. مصر كناية الله والعراق تراث الخلافة العباسية، وفي الحديث الشريف اللهم بارك لنا في شامنا ويمننا وفيه أيضاً ملحمة فلسطين بين اليهود والمسلمين فاعتصموا بحبل الله جميعاً واحفظوا جامعتكم من كيد الخادعين والخائنين الدين النصيحة وبرقيتي هذه إليكم هي حجة العلماء على الأمراء أمام الله والتاريخ اللهم أشهد.

المفتي العبيدي

التبرج

عثرنا على قصيدة عصماء من شعر نابغة الأدب مصطفى صادق الرافعي رحمه الله وصف فيها تبرج النساء وصفاً بليغاً لاذعاً وقد أخرجها على هذا الروى اللين الناعم الظريف حتى يكون خطابه للجنس اللطيف في أسلوب رقيق يوافق مزاجهن ورقتهن وهي من القصائد التي لم تنشر في ديوانه.

محمود أبو ريه

دلالك في التبرج من ضلالك ... وما عاب الدلال سوى دلالك

كملت تبرجاً فكملت حسناً ... ولكن جاء نقصك من كمالك

لمن تتبرجين وذي سبيل ... وما هي أفق شمسك أو هلالك

أما تخشين أنك في طريق ... يرف بها الحرام على حلالك وأن ذئاب هذا الحسن تمشي ... مسعرة اللحاظ على غزالك

وأن الناس قد شهدوا نساء ... سواقط كلهن على مثالك

عرضت لكي نرى فلقد رأينا ... هناك الحسن إلا في فعالك

أهذى مشية الحفزات أمقد ... غداً الشرف المفدى في فعالك

كأنك لست بنتأبوإلا ... فما لأبيك لم يخطر ببالك

أأخت أنتأمزوج وأم ... فما منهن واحدة كذلك

وحالك للأبوة كل عار ... وعار للبنوة كل حالك

(برزت) لقتل ذلك أم لهذا ... فما هذا وذلك (من رجالك)

وماذا في اختيالك من معان ... يصورها شبابك في اختبالك

أيثبت ذا الحياء على أساس ... وقد ملكته زلزلة أخبتالك

قبيح أن تسير في اعوجاج ... على أن العدالة كاعتدالك

نقاب ذلك أم لون رقيق ... نراه بين ألوان احتيالك

كأنك إذ صبغت الوجه روضاً ... جعلت لنا نقابك من ظلالك

وما هذا (الدهان) لناظريه ... سوى روح التلون في خلالك

ألا إن الغبار أدى فمن ذا ... يظن (غبار وجهك) من جمالك

عليك حجاب دينك فالزميه ... فأنك في الحياة حياة آلك

وقار أب وعرض أخ وزوج ... ومرآة السجايا في (عيالك)

وأنت إذا هفوت فكل مجد ... لهم طرا يؤول إلى مآلك

ولم يحجبك دين الله الا ... ليحجب كل سوء عن جلالك

فأن الناس ناس حيث كانوا ... وأعينهم وألسنهم مهالك

ومالك تسألين الحق منا ... وخلقتك الجواب على سؤالك

يريد الله منك الأم أما ... سواء في رضاك وفي ملالك

وخصك في الطبيعة بالمزايا ... تعين كل ما هو في احتمالك

فلا تتعلقي بمحال أمر ... سيذهب ممكناتك في محالك

سهول الخصب أنت لذا سهول ... الا فدعى التخشن في جبالك أغرك فتية هم عار قوم ... إذا قيسوا بفتيان الممالك

حبالهمو مهيأة لكيد ... فكيف إذا التففن على حبالك

تراهم ههنا وهناك دعوى ... وهم ليسوا هناك ولا هنالك

وكل قائل فالقول حي ... وكل عاجز فالفعل هالك

وظنوا الدين قد أمسى (طريقاً) ... فكل (شارع) في الدين (سالك)

وفقه (الشافعي) بلا شفيع ... ولا نعمى (لنعمان) بذلك

أهم أحرار هذا الدين فينا ... وما بلغوا عبيداً عند (مالك)

أأعمى ثم يفتى في طريق ... بفتوى (عن يمينك عن شمالك)

بربك يا مهندس أن حمدنا ... حسابك وافتتانك في مجالك

وقبل الدين ضاق بسالكيه ... فلا تقل افتحوا فيه مسالك

مصطفى صادق الرافعي