مجلة الرسالة/العدد 881/رسائل ضائعة!

مجلة الرسالة/العدد 881/رسائل ضائعة!

ملاحظات: بتاريخ: 22 - 05 - 1950



للأستاذ إبراهيم محمد نجا

- 1 -

وكنت وإياها على البعد تلتقي ... رسائل حب ليس يخبو أوارها

فكنت كأني - وهي مني بعيدة ... أرى وصلها يدنو، ويدنو مزارها

فلما انتهت تلك الرسائل أصبحت ... إذا رمت لقياها تناءت ديارها

وصارت رسالاتي إليها مدامعاً ... أرى ليلها يبكي، ويبكي نهارها

فيا قلب دعها؛ ليس لي من وسيلة ... إليها فألقاها، ولا أنا جارها

ويا حبها. . . هب لي سلوا أريقة ... على كبدي الحري، فتبرد نارها

- 2 -

وقيدني حبي لها واسترقني ... فصرت لها عبدا وقد كنت سيدا

وكانت على قلبي نشيداً مرنماً ... فصارت على قلبي نشيجاً مرددا

وكانت لقلبي فرحة أبدية ... فصارت لهذا القلب حزناً مخلدا

وكنت سعيداً حين كانت مقيمة ... على عهدها. . . ترعى الفؤاد المقيدا

فلما أضاعت عهدها وتغيرت ... تغير قلبي في الهوى وتمردا

وقلت لها إن كنت أشركت في الهوى ... فشيمة حبي أن يكون موحدا

وإن كان شيء قد بدا لك فانطوت ... أمانيك في حبي، فأنت وما بدا

ظلمت الهوى! ما أنت أهل لناره ... ونار الهوى أسمى من النور محتدا

وأسرفت في لومي بريئاً، وإنما ... أحق بهذا اللوم من جار واعتدى

وأنت التي غنى فؤادي بحبها ... وناح. . . فلم تحفل بما ناح أوشدا!

وأنت التي أغريت بي السهد والأسى ... فهاأنذا أحيا حزيناً مسهدا

وأشقيت أحلامي، وكانت سعيدة ... وحيرت أيامي، وكانت على هدى

وجئت إلى زهر الهوى وهو ناضر ... فأذويته بالهجر حتى تبددا

وكانت حياتي في يديك وديعة ... تمنيتها تبقى، فضيعتها سدى فيا محنتي! ياسر يأسى وغربتي ... عن الناس! يا حزناً بقلبي توقدا!

ويا ألماكم رعته بتجلدي ... فما زال بي حتى عدمت التجلدا!

لقد آن أن أحيا كطير مرفرف ... يرى بهجة الدنيا، فيمضي مغردا

سأوليك مهما عشت هجراً وسلوة ... وقد كنت لا أوليك إلا تعبدا

غداً ينتهي الحب الذي كان بيننا ... فليس له بقلبي ولا صدى

فلا تعجلي أن تصبحي اليوم فتنة ... لغيري، وصبرا. . إن موعدنا غدا

وأقسم إني أوثر الموت طائعاً ... إذا كان لا ينسى هواك سوى الردى

- 3 -

غداً سوف أنساك فيمن نسيت ... وأطوي غرامك فيما انطوى

غداً سوف أنسى عذاب البعاد ... وشجو السهاد، ونار الجوى

وأنسى الهوى كله صارخاً ... كفاني عذابا بهذا الهوى!

غداً. . . غير أن غدا طائر ... هنالك في وكره قد ثوى

سيبعثه الغيب من وكره ... أكون انتهيت. . . كغصن ذوى!

إبراهيم محمد نجا