مجلة الرسالة/العدد 896/(كشاجم)

مجلة الرسالة/العدد 896/(كشاجم)



- 2 -

للأستاذ عبد الجواد الطيب

ثقافته:

إذ شئنا أن نتحدث عن ثقافة الرجل والتمسناها في المصادر التي تحدثت عنها، لا نجد إلا كلاماً فيه كثير من التكرار والتهويل على طريقة القدامى في النقد والتقريظ، مثل الذي قال المسعودي في مروج الذهب: وكان (أي كشاجم) من أهل العلم والرواية والمعرفة والأدب فهذه أوصاف أربعة عامة منها اثنان متقاربان هما العلم والمعرفة، وأما الأدب فلا مشاحة فيه، والرواية إذا قصد بها الرواية للأدب فقد لا يكون فيها مشاحة كذلك. وأما إذا قصد بها رواية الحديث، فإنا نستطيع القول بأن كشاجم لم يكن محدثاً، أو حتى عالماً مبرزاً في أي علم من علوم الدين، اللهم إلا أن يكون ذلك هو القدر الذي يلزم تحصيله ولا يسلك به الشخص في عداد العلماء. حقاً إننا نجد في شعر كشاجم إشارة إلى أنه سمع شيئا من الحديث، وذلك يبدو في مدحه لبعض العلماء:

إن سألناك هن حدود كتا ... ب الله أوضحت مشكلات الحدود

أو سمعنا منك الحديث فاسنا ... دك لا بالواهي ولا المردود

وهذا البيت الأخير إن أفاد فإنما يفيد أن الرجل قد سمع شيئاً من الحديث، ولكن لا ينهض دليلاً على أن كشاجم كان من رواة الحديث بالمعنى الصحيح.

ثم إليك هذه الألفاظ البراقة وتلك السجعات المتكلفة التي نجد مثلها كثيرا في تراجم الأدباء والعلماء: (كان رئيسا في الكتابة، ومقدماً في الفصاحة والخطابة، له تحقيق يتميز به على نظرائه، وتدقيق يربى به على اكفائه، وتحديق في علوم التنجيم أضرم في شعلة ذكائه فهو شاعر المفلق، والنجم المتألق

فأما عن الكتابة فنعم، وأما الرياسة فيها فلا شك أنها محل نظر، وأما الخطابة فما أظن أحداً قال بأن كشاجم كان خطيباً ولم تصلنا خطبة واحدة ولو قصيرة تثبت ذلك، ثم إن ديوانه لا يكاد يشير إلى هذا ولو في بيت واحد مجرد إشارة اللهم إلا هذا البيت الذي يقوله ناصحاً - فيما يبدو لبعض المتصلين به:

فرد الكتابة والخطابة والبلاغة والعبارة

وهذا لا يقتضي أن يكون هو نفسه خطيباً وإن كان يستأنس به في ذلك لو قد وجدنا في شعره ما يؤيده، فنحن كثيراً ما نجده يفتخر بشعره وكتابته وعلمه ولكنه لم يفخر مرة واحدة بخطابته

وقد نفهم البيت على أن به فخراً ضمنياً، أو حتى فخراً صريحاً بكتابته هو، وخطابته وبلاغته، ولكن عل كل حال هذه هي الإشارة الوحيدة في ديوانه كله وما قرأت له من شعر خارج الديوان

وبعد هذا لا أدري ما هو التحقيق الذي يتميز به على نظرائه والتدقيق الذي يربى به على اكفائه. . . غلى آخر ما ذكروا من هذه الأوصاف الفضفاضة؟!

وليس يبعد عن هذا كثيراً ما يحيكونه خول لقبه من قولهم كان من الشعراء المجيدين، والفضلاء المبرزين. حتى قيل إن لقبه هذا منحوت من عدة علوم كان يتقنها فالكاف للكتابة، والشين من الشعر، والألف من الإنشاء، والجيم من الجدل، والميم من المنطق) وقولهم في هذا المعنى تقريباً مع خلاف يسير: (لقب نفسه بكشاجم فسئل عن ذلك فقال: الكاف من كاتب والشين شاعر، والألف من أديب، والجيم من جواد، والميم من منجم) وقد زاد على ذلك أبن العماد الحنبلي في شذراته: (قال في تثقيف اللسان: كشاجم لقب له جمع أحرفه من صناعته، ثم طلب علم الطب حتى برع فيه وصار أكبر علمه (كذا!!) فريد في اسمه طاء من طبيب وقد مت فقيل طكشاجم ولكنه لم يشتهر).

وكل من كتب من المحدثين - عرضاً في كشاجم تابعوا القدامى في ذلك دون أن يلفت نظرهم هذا الكلام؛ فينظروا فيه نظرة دقيقة فاحصة، ولكن لعل عذرهم في ذلك أنهم لم يفردوا بحثاً خاصا لكشاجم؛ وإنما جاء الحديث عنه في غمار حديث عام ربما لا يحتمل الوقوف كثيراً عند كشاجم وحده.

وقد ذكر صاحب أعيان الشيعة من المحدثين إن كشاجم مأخوذ من أربع كلمات: كاتب شاعر، منجم متكلم، مجيد للأوصاف كلها لا عديل له في عصره) فهو يذكر أن كشاجم كاتب شاعر مع أنه هو نفسه لم يذكره فيمن ذكر من الكتاب وإن كان قد عده في الشعراء، فهو في هذا أشبه بمن يناقض نفسه إلا أن يكون قد رأى أن كشاجم الكاتب ليس هنالك فأسقطه من عداد الكتاب؛ وهذا شيء آخر!!

بقي أن نقول إن هذه الأوصاف الأربعة: كاتب شاعر منجم متكلم لو سلمنا بها جدلاً، فقد كان يجب الوقوف عندها مادامت قد حددت بأربعة ومع هذا فقد يكون فيها ما فيها، إذ لم يحدثنا أحد عن كشاجم كما لم يحدثنا هو عن نفسه أنه كان (متكلماً) ومع ذلك فقد كان يجب الوقوف عند هذا الحد.

ولكن الرجل يأبى إلا أن يكون كشاجم بعد هذا (مجيد الأوصاف كلها؛ لا عديل له في عصره)!!

فلننظر إذن في ثقافة الرجل في شكل تعقيب على تحليلهم لهذا اللقب الذي قد حللوه على طريقهم مثل قولهم: الكاف من كاتب والشين شاعر. . . إلى غير ذلك مما سبق الحديث عنه، والإفاضة فيه.

فأما عن الكتابة فقد نظرت في بعض كتب الإنشاء مثل صبيح الأعشى فلم أجد لكشاجم الكاتب فيه ذكر بينا تراه يعرض رسائل بعض كتاب الدواوين القريبين من عصر كشاجم مثل أبن عبد كان، وأبن الداية، كما نراه في الاخوانيات ينقل إلينا رسائل لأبي الفرج الببغاء - المعاصر لكشاجم في التهنئة بولاية عمل والتهنئة بالعودة من الحج، وبالقدوم من السفر وبالصوم وبالعيد كما يثبت له رسائل في التعازي والاستهداء والشكر. . . ولكن لم ترد إشارة ما إلى كشاجم الكاتب في أي جزء من أجزاء الكتاب؛ ومع هذا فصبح الأعشى لا يهدف إلى إحصاء الكتاب في كل عصر حتى يكون المصادر الأساسية في إثبات الكتابة لكشاجم أو نفيها عنه، فإذا كان هذا الكاتب أو غيره لم يشر إلى كشاجم كاتباً، فإن جميع من ترجموا له صرحوا بأن الكتابة كانت شيئا بارزاً عنده، وربما لا تقل في ذلك عن الشعر، وقد يستدل على هذا بأن ترجمته على ظهر ديوانه تبدأ بهذه العبارة التي تلفت النظر، والتي لها دلالتها الخاصة. هو محمود بن الحسين بن السندي بن شاهك الكاتب) ومثل ذلك ما قاله المسعودي: فأخبرني أبو الفتح محمود بن الحسين بن السندي أبن شاهك الكاتب المعروف بكشاجم. . . فكل هذه إشارات لا يصح إهمالها ولا بد من تحقيقها. . . وإذا كان شعر الشاعر هو سجل حياته فمن الطبيعي أن يكون مصدرنا الأول الذي نهتدي بهديه ونسير على سننه:

يقو لكشاجم في سكين سرقت له:

يا قاتل الله كتاب الدواوين ... ما يستحلون من سرق السكاكين

لقد دهاني لطيف منهم ختل ... في ذات حد كحد السيف مسنون

فابتزنيها ولم اشعر به عبثا ... ولست لوساء في ظن بمغبون

يقد يفهم من هذا أن الرجل من بين كتاب الدواوين هؤلاء الذين حصل منهم هذا العبث، ولكن هذا مجرد احتمال يقلل من قيمته ما يحتمل من أن هؤلاء الكتاب ربما كانوا مجرد أصدقاء، وأن هذا العبث كان في بيته مثلاً أو في مكان آخر غير الديوان.

ولكنا نراه في موطن آخر يرثي غلاماً له بهذه البيات

من لدواة كنت تعنى بها ... عناية تعجز عنها القيون

تغدو مع الكتاب غلمانهم ... وأغتدي وحدي ومالي قرين

فالدار والديوان من بعده ... كرسم دار خف منها القطين

فهذا كلام يثبت أنه كان كاتباً بالفعل وأنه كان من كتاب الدواوين. واليك نصاً آخر ينطق في وضوح وجلاء بأن الرجل كان من كتاب الديوان في مصر ذاتها:

قد كان شوقي إلى مصر يؤرقني ... والآن عدت وعادت مصر لي دارا

أغدو إلى الجيزة الفيحاء مصطحباً ... طوراً وطوراً أرجي السبر أطوارا

بينا أسامي رئيساً في رئاسته ... إذ رحت أحسب في الحانات خمارا

فللدواوين إصباحي ومنصرفي ... إلى بيوت دمي يعملن أوتارا

وهذا وقد عثرت في ديوانه على نص صغير قي يمثل رسائله الاخونية، فقد ذكر في ثنايا الديوان: وقال في أبي الحسن الاسكافي، وقد وجد به علة، وقد أهدى إليه طيور حجل وكتب إليه رقعة نسختها: لم يدع منظوم هذه الرقعة لمنثورها حظاً في المعنى الذي اشتملت عليه، وسيدي يقف على الأبيات فيتطول بتشريفي بما التمسته فيها، وجعلتها سبباً له، إذ كان الغرض إسعافه بما لا يزال يستدعيه، ويرتاح له من لطيف المذاكرة والمفاكهة للأدب الذي وفر الله من حظه وحبب إليه أهله، لا أزال الله عنهم ظله، ولا سلبهم سيادته ورياسته

ولو قد صح أن تكون هذه الفقرة الصغيرة عنواناً لنثر كشاجم لقلنا أن كتابته سهلة، مرسلة.

سليمة من التعقيد، خالية من السجع والبديع إلا ما جاء من ذلك عفواً، ولكن هذا النص وحده - كبر أو صغر - لا يكفي في الواقع في إثبات حك أو نفيه ولهذا فمن حق البحث علينا أن نرجئ هذا الحكم حتى ندرس فيما بعد ما يمكن أن تصل إليه يدنا من آثاره الأدبية النثرية الأخرى مثل كتاب (المصائد والمطارد) وكتاب (خصائص الطرب) وكتاب (أدب النديم) فإن بعضها في متناول اليد وبعضها الآخر لا تعرف عنه إلا أسمه أو ما جاءنا من فقر وعبارات متناثرة في بطون الكتب وأمهات المراجع.

أما عن الشعر فنحن نسلم بالمبدأ، وهو شاعرية كشاجم ونرجئ الكلام المفصل عن هذه الشاعرية في ذاتها ومقدار حظها من العمق أو السطحية؛ ومن التقليد أو الاصالة، ومن توفر الصدق النفي أو عدم توفره. . . لأن هذا كله جدير بالعناية الخاصة بعد الفراغ من هذه الفصول التمهيدية في البحث.

أما ما يختص بالحديث عن كشاجم المنجم، فقد عده صاحب (أعيان الشيعة) - من المحدثين - من منجمي الشيعة ونقل ذلك عن كتاب معالم العلماء لابن شهر اشوب، كما أن التراجم التي سردناها تكاد كلها تجمع على ذلك. ولا ندري مبلغ هذا القول من الصحة، فقد يكون من قبيل التكثر والتزيد، لا سيما أن كشاجم لم يترك في هذا العلم أثراً ولم يؤلف فيه كتابا ولكن مهما يكن من شيء فإن الرجل لابد وأن يكون قد ألم نشئ من ثقافة المنجمين ظهر أثره في شعره:

قال يصف اسطرلابا:

ومستدير كجرم الشمس مسطوح ... عن كل رائعة الأشكال مصفوح

ملء البنان وقد أوفت صفائحه ... على الأقاليم في أقطارها الفيح

كأنما السبعة الأفلاك محدقة ... بالنار والماء والأرضين والريح

تنبيك عن طالع الأبراج هيئته ... بالشمس طوراً وطوراً بالمصابيح

فإن مضت ساعة أو بعض ثانية ... عرفت ذاك بعلم فيه مشروع

وإن تعرض في وقت تقدره ... لك التشكك جلاه بتصحيح

مميز في قياسات النجوم به ... بين المشائم منها والمناجيح

وفي الدوائر من أشكاله حكم ... تنقح العقل منها أي تنقيح لا يستقل لما فيه بمعرفة ... الحصيف اللطيف الحس والروح

حتى يرى الغيب فيه وهو منغلق ... الأبواب عمن سواه جد مفتوح

نتيجة الذهن والتفكير صوره ... ذوو العقول الصحيحات المراجيح

وقال يصف تخت الحساب والرمل:

وقلم مداده تراب ... في صحف سطورها حساب

يكثر فيه المحو والإضراب ... من غير أن يسود الكتاب

حتى يبين الحق والصواب ... وليس إعجام ولا إضراب

فيه ولا شك ولا ارتياب

وأما ما قيل من أنه كان من المتكلمين، ومن علماء الجدل والمنطق؛ فهذا ملتمسته رغبة الوقوع على ما يؤيده صراحة أو استنتاجاً فلم أعثر عليه، وقد تتبعت صلات الرجل فلم أجد نصاً واحداً يؤيد أنه درس الجدل أو المنطق أو علم الكلام، أو جلس من أحد الأعلام المشهورين في هذه العلوم مجلس التلميذ من أستاذه ثم أنه لو كان له في ذلك حظ لا نعكس في شعره شأنه في ذلك شأن النواحي الأخرى التي أخذ منها بطرف؟ فشعر الرجل لا يعطينا ولو خيطاً دقيقاً يتعلق به القائلون بأن كشاجم كان له حظ من هذا النوع من الثقافة.

ولا يتغير الموقف كثيراً إزاء ما ذكره بعض أصحاب التراجم من أن كشاجم طلب علم الطب حتى مهر فيه وصار أكبر علمه إذ لو كان ذلك كذلك لكان قد ترك لنا في هذا العلم شيئاً مما تركه العلماء فيما مهروا فيه من علم، أو على الأقل قد كان يستطيع أن يخلد اسمه بين الأطباء الذين حمل ألينا التاريخ أسماءهم وإن لم تصلنا آثارهم، ولكن شيئا من ذلك لم يحدث؟ فهذا كتاب إخبار العلماء بأخبار الحكماء للقفطي يحدثنا عن بعض الأطباء المعاصرين لكشاجم مثل أبي الحسن بن كشكرايا بينما لم يرد فيه ذكر لكشاجم. وهذا طبقات الأطباء لابن أبي أصيبعة يحدثنا عن كثير من الأطباء المعاصرين للرجل مثل أبي الحسن أبن كشكرايا هذا الذي قال عنه أنه كان طبيباً عالماً مشهوراً بالفضل والإتقان لصناعة الطب وجودة المزاولة لأعمالها وكان في خدمة سيف الدولة بن حمدان ومثل البالس الذي (كان طبيباً فاضلاً متميزاً في معرفة الأدوية المفردة وأفعالها، وله من الكتب كتاب التكميل في الأدوية المفردة ألفه لكافور الإخشيدي) ومثل أبي جعفر أحمد بن إبراهيم المعروف بابن الجزار. . . هذا ول يرد ذكر لكشاجم بين هؤلاء جميعاً. وكل ما هنالك أنه قد وردت إشارة إليه لا على أنه طبيب، بل شاعر يثنى على هذا الطبيب أبي جعفر ويصف كتابه المعروف بزاد المسافر:

أبا جعفر أبقيت حياً وميتاً ... مفاخر في ظهر الزمان عظاما

رأيت على زاد المسافر عندنا ... من الناظرين العارفين زحاما

سأحمد أفعالاً لأحمد لم تزل ... مواقعها عند الكرام كراما

فكل ما في الأمر أن كشاجم ربما قد قرأ هذا الكتاب فألم بشيء منه. ثم إنه من المحتمل أن يكون قد عرف شيئاً من هذا عن طريق تعارفه ببعض الأطباء الآخرين ممن مدحهم في شعره ولكن ليس في هذا ما يدل على أنه مهر في علم الطب حتى سار أكبر علمه!!

ثم إذا كان كشاجم قد حاول أن يعرف شيئا من الثقافات المختلفة في عصره فهو ليس بدعاً في هذا وإنما شأنه شان غيره من الكتاب الذين عاصروه أو تقدموا عصره بقليل فقد كانت الحياة تموج من حولهم بألوان الثقافات الدينية والعقلية في العصر العباسي الثاني مما ظهر أثره في شعر الشعراء ونثر الكتاب في حاضرة الخلافة أولاً، ثم في الولايات الإسلامية المختلفة، وقد كان أبن عبد كان كاتب أحمد بن طولون، وأول كاتب ديواني في مصر من هذا الطراز من الكتاب. فنحن لا نغمط كشاجم حقه، وإنما نود أن نقول أنه واحد من هؤلاء الكتاب، الذين كانت تفرض عليهم مهنتهم أن يتصلوا اتصالاً ما بمختلف الثقافات.

وهكذا نرى أن المسألة شيئاً من المبالغة التي نجدها كثيراً عند القدامى من النقاد وأصحاب التراجم، وهذا الطابع طابع المبالغة قد تأثر به كشاجم نفسه فهو الآخر يقول في صديق له من الأطباء

الحمد لله قد وجدت أخاً ... لست مدى الدهر مثله واجد

أسكن في صحتي إليه فإن ... مرضت كان الطبيب والعائد

طباً يعيا منجماً جدلاً ... يجمع منه الكثير في واحد

ينظر في الجزء والخطوط ولا ... ينتقد النطق مثله ناقد

وقد يقف هذا الموقف حتى من نفسه ولا ندري أهو سذاجة أم غرور أم هو شيء بين بين أم إنها المبالغة الأدبية لا أكثر.

وما زلت أبغي العلم من حيث يبتغي ... وافتن في أصنافه وتطر

فقد صرت لا ألقى الذي أستزيده ... ولا يذكر الشيء الذي لست أعر

وليت شعري هل وقف الرجل على هذه الحكمة المأثورة لا يزال الرجل عالماً ما طلب العلم. فإن ظن أنه قد علم فقد جهل!

ولكن لعل في هذا ما يدل على أن الرجل كان يحاول كما قلت أن يأخذ من كل شيء بطرف وإن لم يصل في الواقع في شيء إلى القمة أو ما يقرب منها.

عبد الجواد الطيب