مجلة الرسالة/العدد 933/الأدب والفن في أسبوع

مجلة الرسالة/العدد 933/الأدب والفن في أسبوع

مجلة الرسالة - العدد 933
الأدب والفن في أسبوع
ملاحظات: بتاريخ: 21 - 05 - 1951



للأستاذ عباس خضر

استقبال عضوين في المجمع

أحتفل مجمع فؤاد الأول للغة العربية يوم الاثنين الماضي باستقبال عضوين جديدين، هما الأستاذ عبد الحميد العبادي بك والدكتور أحمد عمار، فألقي الأستاذ إبراهيم مصطفى بك كلمة المجمع في استقبال العبادي بك، فبدأ بالحديث عن الشاب عبد الحميد العبادي الذي كان يلقاه في الجامعة الأهلية القديمة، وقال إن الشباب الذين كانوا يلتقون في الدراسة بتلك الجامعة، إما ممن تلقوا ثقافة إسلامية عربية بحتة، وهؤلاء كانوا يدلون بمعرفتهم للغة العربية وقواعدها وأدبها، أو ممن في المدارس المدينة؛ وهؤلاء كانوا يزهون بتعلم اللغات الأجنبية، وكان كل من الفريقين يسعى إلى التكمل بالثقافة التي تنقصه. وكان عبد الحميد العبادي من الفريق الثاني، وقد جد في تحصيل اللغة العربية، وحفظ الأشعار، وبلغ جده في هذا السبيل أن حفظ القرآن الكريم. ثم تحدث الأستاذ إبراهيم مصطفى بك عن العبادي في حياته العملية منذ أن بدأها مدرسا بمدرسة ثانوية حتى صار عميدا لكلية الآداب بجامعة فاروق الأول وأستاذا للتاريخ الإسلامي بها، وكان فيما بين ذلك أستاذ للتاريخ الإسلامي بدار العلوم، وكانت دراسة التاريخ في هذه المدرسة تتصل باللغة العربية وأدبها وبالشريعة الإسلامية وتعني بالموجات الاجتماعية في العصور الإسلامية فأهتم العبادي بك ذلك ودرسه وأداه أحسن أداء.

ثم قال إن العبادي مدرسة وحده في التاريخ؛ يتخذ المنهج الحديث ويعتمد على النص القديم، وهو ضنين بالنشر وقليل التأليف على شدة الحاجة إلى رأيه وانتظار الباحثين كلمته على أن الأستاذ إبراهيم بك لم يطل في الحديث عن العبادي بك من ناحية اختصاصه بالتاريخ وجهوده فيه، وعلل ذلك بأن المجمع أختار لاستقباله نحويا (يعني نفسه) لا مؤرخاً، وأستطرد من هذا إلى قدرة العبادي بك وبراعته في النحو مستدلا على ذلك بما جاء في تحقيقه كتاب (نقد النثر) لقدامة، إذ يناقش كثيرا من المسائل على أساس الإعراب.

ثم أعقب ذلك الأستاذ عبد الحميد العبادي، فعبر عن شكره أعضاء المجمع وحياهم تحية طيبة، ثم قال إن حلوله محل المرحوم الدكتور محمد شرف بك في عضوية المجم فرصة للحديث عن الطب عند العرب، وبدأ هذا البحث بقوله إن العرب عرفوا الطب علماً إنسانياً بعيداً عن الهوى والغرض من أي نوع خالصاً من الاعتبارات الدينية والجنسية وما إليها، يدل على ذلك اتخاذ الخلفاء أطباء ومترجمين لعلوم الطب من مختلف الديانات والأجناس. وتحدث عن طائفة من الأطباء والمؤلفين في الطب، وبين أتساع اللغة العربية لمصطلحات الطب في القديم، وتحدث عن الجهود الموفقة لتي بذلت، أوائل عصر النهضة العلمية المصرية، في وضع المصطلحات الطبية، وتأليف معاجم في ذلك باللغة العربية، حتى بلغ الحديث عن معجم الدكتور شرف بك فبين خصائصه وأغراضه وأوجز تاريخ حياة سلفه وإبراز جهوده العلمية.

وكانت كلمة المجمع في استقبال الدكتور أحمد عمار للدكتور منصور فهمي باشا فأعتذر في أول كلمته عما عساه يقع في كلامه من أخطاء نحوية لأنه سيرتجل. . على أن الكلام استقام له فلم أسمع منه خطأ إلا مرة واحدة عندما قال (لست لغوى) وما كنت أعني بهذا لولا اعتذاره. . قال الدكتور منصور باشا: لست طبيباً ولست لغوياً حتى أستطيع أن أبرز مكانة الدكتور عمار في الطب واللغة. والدكتور منصور فهمي باشا من أساتذة الفلسفة فلا بد أن يجنح إليها في حديثه عن الدكتور عمار، قال: فلا أقل من التحدث عن ناحية أحسها في الدكتور عمار، وهي العصبية في اللغة التي تعتمد على نوع من الحب هو في نظري اللغة التي تعتمد على نوع من الحب هو في نظري ضرب من ضروب القومية الوطنية. وأفاض متفلسفاً في ماهية هذه الصبية وكيف نشأت حتى وصل إلى هبة من الله.

وأوجز الدكتور منصور باشا تاريخ حياة الدكتور عمار منذ حفظ القرآن الكريم في المكتب بالقرية، ذاهباً إلى أن هذا اليوم الذي يستقبل فيه المجمع عضوين حفظاً القرآن الكريم هو يوم البركة التي حلت به. .

ومما قاله أن الدكتور عمار وجه إلى الدراسة العلمية الطبية على رغم شغفه باللغة والأدب، فبرع فيها براعته في اللغة والأدب، وهذا يجلنا نعود إلى تاريخ الحضارة الإسلامية العربية، إذ كان يقال إن العالم أو الطبيب فلان ثبت في اللغة، فالعضو الجديد يذكرنا بذلك الماضي ويحملنا على الأمل في أن يستفيد المجمع من هؤلاء العلماء الذين يتذوقون اللغة العربية.

وبعد ذلك وقف الدكتور أحمد عمار فألقي كلمته، وكان يعني فيها بالإعراب وصحة النطق عناية ظاهرة إلى مافي أسلوبه من قوة وجزالة. شكر المجمع على اختياره واستقباله، وأعرب عن شعوره المتواضع إزاء اختياره خلفاً للمغفور له الأستاذ إبراهيم عبد القادر المازني، وتحدث عن سلفه بما هو أهله من الإكبار وخص فنه في كتابة المقالة قائلاً إن مقالات المازني مجد أدبي عريق. واقترح الدكتور عمار في - ختام كلمته - على المجمع أن ينسج في ترجمة المصطلحات الطبية المنحوتة على نفس المنوال، أي يترجمها إلى كلمة منحوتة من كلمات غربية ذات دلالة كدلالة الكلمات التي نحت منها الأصل، ووعد بأن يبسط هذا المقترح في بحث جديد.

إقرار كلمات محدثة:

أتينا في الأسبوع الماضي بأربعة وعشرين لفظاً من الألفاظ التي أستعملها المحدثون في معان لم تسمع عن العرب الأولين، وأقرها أخيراً مجمع فؤاد الأول للغة العربية بعد أن عرضها عليه الأستاذ أحمد حسن الزيات طبقاً لما أرتاه من حق المحدثين في الوضع اللغوي وقبول السماع منهم وهو حق بعد إقراره، كما تعد الألفاظ التي أقرت، حدثاً في تاريخ اللغة العربية، وطالما اشتجرت الأفلام في هذه الألفاظ، وطالما حمي الوطيس بين الناقدين والمنقودين بشأنها وقد هدأت تلك الحرب ثم جاء إقرار المجمع بمثابة عقد الصلح فوضحت الحدود اللغوية وصار لكل كلمة اعتبارها الذي لا يجوز الطعن فيه وهاك بقية تلك الكلمات:

25 - الثقافة: مصدر ثقف صار حاذقاً والمحدثون يستعملونها اسماً من التثقيف وهو التعليم والتهذيب، ومنه قول القائل (ولولا تثقيفك وتوفيقك لما كنت شيئاً) فهي عندهم تقابل لفظ عند الفرنج.

26 - ينقصه كذا - يستعمل المحدثون (بنقصه) بمعنى يعوزه، فيقولون هو عالم ولكن تنقصه التجارب، والعرب يقولون: نقصت الشيء أذهبت منه شيئا بعد تمامه.

27 - المقاولة والمقاول: قاوله في أمره مقاولة: فاوضه وجادله: ومن المفاوضة والمجادلة أطلق المحدثون المقاولة على عملية يتعهد فيها طرف بتنفيذ مشروع لقاء أجر معين يؤديه الطرف الآخر والمتعهد بالتنفيذ مقاول.

28 - الإخراج والمخرج: يقولون أخرج الرواية: أظهرها بالوسائل الفنية على المسرح أوالشاشة فهو مخرج،

29 - الحماس: سمع من المحدثين استعمال الحماس بدون تاه والمسموع عن العرب الحماسة.

30 - المران: كذلك يقول المحدثون (مران) بدون تاء، والمسموع عن العرب مرانة.

31 - الرصيف: يستعمل المحدثون الرصيف بمعنى الإفريز فيقولون رصيف المحطة الثاني مثلاً، والرصيف في اللغة ضم الحجارة بعضها إلى بعض ثبات ونظام وإحكام، وعمل رصيف؛ محكم رصين ومن المادة أن يكون رصف الشارع أوالمحطة كذلك.

32 - الجرد: بالفتح بقية المال، والمولودون يستعملونه في إحصاء ما في المخزن أو الحانوت من البضائع وقيمها، وقيمها.

33 - التصفية: صفي الماء نقاه، وقد استعار المحدثون التصفية لتنقيح الحساب وتحرير الدين وحل الشركة وتأدية ديونها وتفريق مابقي من أموالها على أصحابها وهي ترجمة لكلمة في الفرنسية والإنجليزية.

34 - السباكة والسباك: سبك الفضة ونحوها أذابها وأفرغها قالب وقد توسع المحدثون في هذا المعنى فأطلقوا السبك على معالجة المعادن المختلفة بقطعها ووصلها وإصلاحها واشتقوا منها السباكة للحرفة والسباك للصانع.

35 - الجو: العرب يجمعون الجو على جواء والمحدثون يجمعونه على أجواء.

36 - بائس: يجمعه العرب على بائسين، ويجمعه المحدثون على بؤساء.

37 - زهر: يجمعه العرب على أزهار، ويجمعه المولودون كذلك على زهور.

38 - الكوز: يطلقها المحدثون على مطر الذرة، ولم يسمع على العرب.

39 - الجسر: ما يعبر عليه كالقنطرة ونحوها، وقد توسع فيه المحدثون فأطلقوه على ضفة الترعة وعلى الحد الفاصل بين أرضين وإتماماً للفائدة نورد في ما يلي مما أحيل إلى لجنة الأصول لبحثه ثم نتبعه بذكر ما رفض.

1 - السمك والسميك: السمك بالفتح الارتفاع ومن أعلى البيت إلى أسفله والثخن مطلقاً ويشتقون منه السميك بمعنى الثخين.

2 - المتحف: القياس (متحف) ضم الميم والمحدثون يؤثرون الفتح للتخفيف،

3 - الشبهة: الشهية مؤنث الشهي والشهي المشتهى والشهوان، يقال رجل شهي أي شهوان، وشيء شهي أي لذيذ، والمحدثون يستعملون الشهية بمعنى الشهوة، ويخصصونها للرغبة في الطعام، فيقولون أصبح موعوكاً لا يجد الشهية للطعام، أما الشهوة وهي حركة النفس طالباً للملائم فقلما تستعمل في هذا المعنى.

4 - الصدفة: يستعملها المحدثون اسم مصدر بمعنى المصادفة ولم تسمع عن العرب.

5 - التقاوي: يستعملها المحدثون في الحبوب التي تبذر النبات، والعرب لا يفهمون منها إلا تقاوي الشركاء في المتاع تزيدهم فيه.

6 - موس: وجمعه أمواس: يطلقه المحدثون - من باب التخفيف - على الموس وجمعه مواسي.

7 - قراءة الأعداد المركبة مع المائة فما فوق: يقرأ العرب الأعداد المركبة مع المائة فما فوق من اليمين إلى الشمال فيقولون نحن في سنة إحدى وخمسين وتسعمائة وألف والمحدثون يقرءونها من الشمال إلى اليمن تأثراً بلغات الغرب فيقولون نحن في سنة ألف وتسعمائة وإحدى وخمسين.

8 - غيور: العرب يجمعون غيوراً على غير والمحدثون يجمعونه على غيورين.

أما الأربعة الألفاظ التي رفضت فهي:

1 - أمجاد الأمة: يريد المحدثون بأمجاد الرجل والأمة مناقبه ومفاخره ومآثره، والعرب يريدون أشراف الناس وكرامهم، قال معالي الرئيس الأستاذ احمد لطفي باشا هذا التعبير لا ضرورة له.

وقال الدكتور إبراهيم مدكور إن اللغة العربية غنية بالكلمات التي تؤدي هذا المعنى.

2 - المقهى: القياس في (مقهى) ضم الميم ولكن المحدثين يفتحونها من باب التخفيف وخير منها لفظ (القهوة) رأي الرئيس أن تحذف هذه الكلمة لثقلها والاكتفاء بكلمة القهوة التي أقرت.

3 - العضو: سمع من المحدثين إدخال التاء على العضو فيقولون فلانة عضوة في الاتحاد النسائي قال الأستاذ أحمد العوامري بك لا أرى إدخال تاء التأنيث على كلمة (عضو) فلماذا لا نقول: هي عضو في الاتحاد النسائي مثلاً؟

4 - حفيد: يجمعه العرب على حفدة ويجمعه المحدثون على أحفاد.

عباس خضر