مجلة الرسالة/العدد 944/البريد الأدبي
مجلة الرسالة/العدد 944/البريد الأدبي
تحية باريس لمعالي الأستاذ العميد:
إلى العميد وارث (العميد) ... أزجي تحياتي مع النشيد
هواتف في الشدو والتغريد ... وإن لبسن حلة القصيد
حرائر من صنعة التقليد ... كأنهن من بنات البيد
لم تنتظم من زهر نضيد ... ولم تصغ من لؤلؤ فريد
وإنما من قلبي الودود ... ومن دم يجري مع الوريد
النعمة الخضراء طوق جيدي ... لقد ملكتم بعدها وجودي
إلى العميد وارث العميد ... أزجي تحياتي مع النشيد
باريس حيت فيك يوم العيد ... واستقبلت في الشرق صنو (جيد)
المرسل البيان في الوجود ... أجمل من موشية البرود
من تالد في رقة الجديد ... وطارف في روعة التليد
والباعث الفصحى على التجديد ... كشأنها في زمن (الرشيد)
فخورة بعهدها المجيد ... عزيزة بملكها العتيد
موهوبة كدولة الحديد ... مقصودة كالمنهل المورود
وللبيان دولة في الجود ... تزحم في السلطان ملك الصيد
أقلامها خوافق البنود ... وكتبها بواسل الجنود
أنعم بها رسالة العميد ... وإنها رسالة الخلود
من (طارق) تجري إلى (بيرود) ... ومن ربا (الفسطاط) للنجود
علي شرف الدين
باريس
دكتور من جامعة باريس
ملاحظة أم غفلة: قرأت في العد (941) الرسالة، كلمة بعنوان (ملاحظة على مقال) خلاصتها أني أخطأت الطريق حين نشرت مقالي (سؤال الناس) في الرسالة، لأني وجهت (نصائحي الغالية!) إلى المتسولين المحترفين، وهؤلاء - بالطبع - لا يقرءون الرسالة، ولا يسمعون إلا نداء معداتهم
وكنت أحب للكاتب الفاضل أن يتعمق في فهم المقال وأن يقراه متبصراً، وأن يوسع أفق نظرته في الناس، ولو فعل ذلك لأدرك أن هذا مقال لم يوجه إلى المتسولين المحترفين. وإنما وجه إلى أصناف من الناس، كلهم ممن يحتمل أن يقرئوا الرسالة وغير الرسالة
فجمهور المسلمين الذين يعطفون على هؤلاء المتسولين من المخاطبين بها المقال، وذلك في الفقرات التي أغفل عنها الكاتب فظن أنها وجه إلى السؤال، فعندما أقول (إن العلاج الوحيد هو أن يفهم الناس دينهم على حقيقته) ثم أردفه بالحديث عن الإعطاء، وأن المعطى يجب أن يتلمس صاحب الحاجة، لم أكن اقصد الآخذين، وإنما كنت أقصد المعطين، وأظن أنه لا يحق لنا أن نجرد قراء الرسالة من فضيلة الإعطاء!
وعندما قلت (وهناك جماعة يعيشون على كسب غيرهم، وهم - في نظري - لا يختلفون عن هؤلاء السؤال في شيء) كنت أقصد إلى أصناف من اناس، منهم (مشايخ الطرق) وفي هؤلاء المثقفون، بل والعلماء، بل والمدرسون في الأزهر الشريف، ولعل الكاتب لا يخالفني في ان بعض هؤلاء يجوز أن يقرأ - ولو مصادفة - مجلة كالرسالة
ولو كان الكاتب الآن بجانبي لهمست في أذنه بحقائق مرة، وذكرت له كيف يعيش بعض المثقفين، ولكني أكتفي - دائماً. . في هذه الأمور بالتلميح وإني لأعرف أشخاصاً بأعيانهم يقرئون مجلة الرسالة باستمرار، وهم ممن يعتمدون على غيرهم - وهم قادرون - في تحصيل القوت
ثم ليعلم الكاتب أن مثل هذه المقالات الاجتماعية لا توجه - فقط - إلى المعنى بها، وإنما توجه إلى رجال الحكم ورجال الإصلاح الاجتماعي. وليس بضروري فيما أظن - أن تكتب عيادة الإهداء في أول المقال، على وزير الشؤون الاجتماعية، حين نقصد أن نوجهه إليه
أما قول صاحب الملاحظة (إن المعد الخاوية لا تفهم إلا منطق الطعام) فدليل واضح على أنه غفل الغفلة الكبرى عن روح المقال، فأنا لما قصد الحديث عن أصحاب المعدات الخاوية، وإنما قصدت إلى أولئك الذين يسألون وهم تجار لا سؤال
وأخيراً اوجه نصيحة غالية أيضاً إلى الكاتب عبد الفتاح الجزار صاحب الملاحظة، أن يفهم أولاً ثم ينقد ثانياً، ولعلها تنفعه فلا يدعونا إلى أن نمسك نصائحنا
علي العماري
1 - نسبة شعر
جاء في الصفحة (42) كتاب (الشعر العربي في بلاطات الملوك) في صدد البحث عن سعر النابغة أن الأستاذ نسيم نصر مؤلف الكتاب نسب البيات التالية إلى النابغة وهي:
المرء يأمل يعيش وطول قد يضره
تفنى بشاشته ويبقى بع طوال العيش مرة
وتخونه الأيام حتى لا يرى شيئا يسره
كم شامت بي إن هلكت وقال لله دره
وكذلك نسبتها للذبياني صاحب كتاب (الشعراء الجاهليون) الأستاذ محمد عبد المنعم خفاجي اعتماداً على بعض كتب الأدب. والأصوب نسبتها إلى لبيد بن ربيعة حيث نشرها جامع ديوانه مع شعره، وقد طبع هذا الديوان سنة 1905 في أوربا، كما أن البيت الأول كما ذكره صاحب كتاب (الشعر العربي في بلاطات الملوك) ناقص الوزن وصوابه:
المرء يأمل يعيش وطول قد يضره
وهي بشعر لبيد انسب من شعر النابغة. لأن لبيدا من المعمرين الذين سئموا طوال الحياة. كما يقو ل
ولقد سئمت من الحياة وطولها ... وسؤال هذا الناس كيف لبيد
2 - تصحيح لابد منه:
في العدد 937 من مجلة الرسالة الغراء قصيدة لصديقنا الأستاذ الشاعر محمود فتحي المحروق بعنوان (في لجة الصمت) وجدت فيها بعض الهنات وأحببت أن أشير إليها مع العلم بان قصيدة الشاعر المحروق تستحق الإعجاب. وها أنا أدرج تلك الأخطاء قال الشاعر:
أنا - يا صمت - لو علمت فؤادا ... سادرا في اللجاج ضيع لحنا
وصوابه: أنا فؤاد سادر، لأن (فؤاد) خبر أنا و (سادر) صفة لفؤاد وقال:
ليس في الحياة أي أمال. . فوا خيبة المنى والرغاب
وفي هذا البيت خطأ أولهما في الوزن وأقصد صدر البيت ليس في الحياة أي آما
وثانيهما في فقه اللغة واقصد كلمة (الرغاب) فقد أوردها الشاعر مرادفة لكلمة منى وهي جمع وهذا الجمع خطأ فقد جاء في لسان العرب ما يلي:
إن رغبة بمعنى الأمنية والمطلوب جمعها رغائب ورغبات، أما رغاب فجمع للفظة رغيب ورغيب بمعنى واسع، ومنه حوض رغيب ومال رغيب. قال الرصافي وهو حجة في فقه اللغة وضبط المفردات بالرغم من أنه لا يصل غلى أفق المرحوم شوقي بك في الإبداع الفني:
ألا إن بطنا واحدا أنتج الورى ... كثيرون في أفعالهم لرغيب
ووزن هذا البيت هو الخفيف والشاعر الشاب محروق معذور إن جعله زاحفا فقد كان المرحوم جميل صدقي الزهاوي كثير الوقوع في هذا الزحاف الشأن
عبد القادر رشيد الناصري
بغداد - أمانة العاصمة
أول من أمس (لا أمسى الأول)
(حلف الأستاذ عبد الحميد بك علي عطية. . . أمس الأول
اليمين القانونية الخ) هذه عبارة وردت بجريدة الأهرام بتاريخ
11751 وقلما تخلو من مثلها صحيفة يومية أو أسبوعية.
وهي مع شيوعها وانتشارها تخالف ما نقل عن العرب وورد
في كلامهم؛ فقد جاء في (فصيح ثعلب) باب حروف منفردة: (وتقول ما رأيته منذ أول من أمس. فإن أردت يومين قبل ذلك
قلت ما رأيته منذ أول من أول من أمس)
وجاء في (اللسان) مادة (وأل). (وتقول ما رأيته منذ أمس فإن لم تره يوماً قبل أمس قلت ما رأيته منذ أول من أمس الخ)
فيكون الصواب إذن أن يقال (حلف الأستاذ. . . أول من أمس اليمين القانونية)
أحمد مختار عمر
محنة التواضع
أرأيت كيف تحال الفضائل في الزمن المعوج إلى محن تكاد أن تقارب الرذائل!
أرأيت المجتمع الذي أشكلت عليه الأمور، فجعل بين الأضداد مشاكله!
أرايت التنافي بين الصفات جعل المرء محيراً بين أصالة الخلق وتكلف التخلق!
هذا هو منطق الحياة الأخرس، لكن الناس استنطقوه فكان ذا (نشاز) وشذوذ!
إن التواضع طريق المحبة، ومنهج الألفة، ومشرق الأنس. لكن الناس فهموم فهماً ملتوياً، فألحقوه بالسذاجة، والمطاولة وعدم الاعتبار وضياع الشخصية، والمساواة في الأقدار!
نرى الرجل الفاضل يتبسط في الحديث مع الحاهل السوقي، فيلوى الناقص رقبة ذليله جلس فوقها رأس خغيض فارغ!
ونرى ذا القدر المحاط بالمهابة قد أزال الفوارق لينزل إلى المجتمع، فيجد من كان يتهيبه قد توعده، ومن يباعده داناه وطلب المساواة!
ونرى الكبير يأنس إلى الصغير بدعة طبعه، وصفاء سريرته ولطف معاملته، فنجد الشيطان قد أفرخ في روع غرور القميء انه معه على تساو، وتدفعه وقاحة الجرأة إلى مساجلته ومطاولته!
فليس عجباً - بعد هذا التصوير - أن نسمي التواضع محنة؛ لأنه يجلب إلى صاحبه عنت القحة، وحطة السليقة، ورداءة التربية!
يجب ألا يكون الحصيف (على نياته) حتى لا يطمع فيه الذليل، ويبيح حرمه الرذل الفدم! الحياة سهلة، لكن ذوي الطبائع المعقدة جعلوها ذات تعقيد! والتواضع بين النظراء تسامح، لكنه مع الأخساء خسة!
نرى أن نحيا في نور المثالية. . . لكنها اليوم ليس لها مثال!
أحمد عبد اللطيف بدر
بور سعيد